السائلة: سها فطاني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
عندي سؤال في اللغة العربية أجيبوني عليه أسعدكم الله.
لماذا قال الله تعالى في سورة الكهف (فراقُ) بضمة واحدة ولم يقل (فراقٌ) بتنوين ضم؟ ما السبب؟
الفتوى (1532):
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
جاءت لفظة فِراق بالضم من غير تنوين في قوله سبحانه: {قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ۚ}[الكهف:78]؛ لإضافتها إلى بَيْن، والإضافة إلى (بين) وردت في أكثر من موضع في القرآن الكريم، منها: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا}، {مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ}، {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ}، {فلمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا} . ومما يُوجَّه في إضافة فراق إلى (بين) في آية الكهف الآتي:
1-التوسع في إجراء الظرف (بين) مجرى المفعول به، فيُعامَل معاملة الاسم غير الظرف، ويُستعار فيه اللفظ (بين) من الظرفية، ويُستعمَل استعمال الأسماء غير الظرفية، فيضاف المصدرُ (فِرَاق) العاملُ في الظرف إليه مِن باب إضافَةِ المَصْدَرِ العامِلِ في الظَّرْفِ إلى مَعْمُولِهِ، كَما يُضافُ المَصْدَرُ إلى مَفْعُولِهِ في نحو: عجبتُ من أَكْلِ الخبزِ زيدٌ؛ أي من أن يأكل الخبزَ زيدٌ.
2-هو من بابِ إضافَةِ المَوْصُوفِ إلى الصِّفَةِ، وأصْلُهُ: فِراقٌ بَيْنِي؛ أيْ حاصِلٌ بَيْنَنا.
3-الحمل على معنى الوصل للفظة بين، ومنه فول الشاعر:
* وجِلْدَةُ بين العيْنِ والأنْفِ سَالِمُ *
وقد حُكِيَ عن بعض أهل العربيَّة أنَّ البين هو الوصل؛ ومن هذا المعنى قوله سبحانه: ﴿لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ﴾، فيكون المعنى هذا فراقُ وَصْلِنا؛ أي فراقُ اتصالِنا.
مع التنبيه على أنه قد قُرِئ في غير المتواتر بتنوين (فراق):{هذا فراقٌ بيني وبينَك} ونُسِبَت هذه القراءةُ إلى ابن أبي عبلة. وهذه القراءة يبقى فيها اللفظُ (بين) على أصل ظرفيته منصوبًا بالمصدر فِراق، غير أن في قراءة الجمهور بإضافة فراق إلى (بين) التلازمَ بين المضاف والمضاف إليه الدالَّ على تحقيق الفراق وثبوته وتأكيد وقوعِه.
والله الموفق للصواب.
اللجنة المعنية بالفتوى:
المجيب:
أ.د. أحمد البحبح
أستاذ اللغويات المشارك بقسم اللغة
العربية وآدابها بكلية الآداب جامعة عدن
راجعه:
د. وليد محمد عبد الباقي
أستاذ مساعد بكلية اللغة العربية
والدراسات الاجتماعية بجامعة القصيم
رئيس اللجنة:
أ.د. عبد العزيز بن علي الحربي
(رئيس المجمع)