![]() |
الفتوى (140): أيهما الصواب أن نقول: "مُرفَق بكتابي" أم "مُرافِق له"؟
شيخنا العزيز: عبد العزيز الحربي - وفقه الله -
المشهور في الكتابات أن يكتب (وهو مرفق بكتابي هذا)، وبعضهم يكتب (مرافق له). ماذا ترجحون من الصيغتين؟ |
.
الجواب مرفق به ما سألت عنه هو من الألفاظ التي عمّت بها البلوى ، كما نقول في الفقه ، والأيسر لحذّاق العربية في مثل هذا أن يوجدوا للناس مخرجَاً ينجون به من تحريج الضائقة صدورهم من التيسير والتوسّع فيما له وجه من وجوه التأويل المقبول ، لاسيما إذا كانت مادة اللفظ عربية وصيغتها على وزن من أوزان العرب .. ولعلّ كثيرا من إخواني من المجمعيين وغيرهم من الغيارى على لغة الضاد يعلمون أن أكبر ما ننهى عنه وننأى عنه في ألفاظ العربية على نوعين : أحدهما : تحريف الكلم عن مواضعه ، بإبدال حرف مكان حرف لم يسمع إبداله عن العرب كإبدال الثاء سينا ، والذال دالا أو زايا ، والظاء زايا ، وكإبدال حركة مكان حركة كضم راء تجرِبة وتجارِب ، وما التجارب ( بضم الراء ) إلا تبادل الجرب . فهذا من باب التحريف والإفساد . الثاني : أن يُدخل في اللغة العربية ما ليس منها جهلا أو تلبيسا أو تدسيسا ، وقد حفظ الله اللسان العربيّ فأرصد الله على مدارج من سلك ذلك السبيل جنده الذين يرصدون كل ما يلقى مما ليس من العربية ، وإنك لتعجب من صنع الله في ذلك وكيف سخرهم لتدوين كلّ دقيق وجليل .. أولئك لهم نصيب من قوله سبحانه : http://www.qzal.net/01/2012-05/13402246021.png إذ كانوا جندا من جنوده سبحانه في حفظ سياج القرآن العربي وحِماه .. فأما ما أدخل في العربية وقد علم أصله وصار من الدّخيل أو المعرّب أو من المولّد وغلبت شهرته واستعمل للحاجة إليه أو تقصير علماء العربية في البحث عن لفظ عربي مكانه ، أو كان اسم آلة أو شيء سماه به صانعه ومخترعه .. كل ما كان من هذا الباب فلا حرج في استعماله ، ولا يخلو لسان من الألسنة من نحو ذلك ، فإن الإنسان مدنيّ بطبعه ، اجتماعيّ في خيره ونفعه ،لايقدر أن يَردَّ ما يردُ على سمعِه ، وكيف يقدر على دفعه ، وهو ميّال بطبعه إلى نوعه . و إنما الكلام وليد السماع ، واللغة بنت المحاكاة .. وفي هذه المقدّمة توطئة منبئة عن الجواب ؛ لأن قولهم " مُرفَقٌ به " ونحو ذلك لم ينقل عن العرب بمعناه اليوم ، نعم ، يوجد (رَفَق) ولكن اسم المفعول منه (مرفوق) لا مُرفق ، كما يوجد (أرفق) ولكنه بمعان أخر ، منها : أرفقه بمعنى نفعه . فتحصل من هذا أصلان عتيدان = ثبوت المعنى المراد في استعمال اللفظ المحدث من أصل المادة ، ووجود اللفظ بصورته لكن على معنى آخر . لهذا فقد هدى الله أصحاب مجمع اللغة القاهري لما اختلفوا فيه ورجحوا جواز استعماله ، وقالوا في تعلِيلِ حكمهم : ترى اللجنة جواز التعبير بقولهم : "ومع كتابي كل المرفقات ، وترون أن المذكرات مرفقة بكتابي هذا .. أو مع كتابي هذا " وكان الأستاذ محمد شوقي أمين قد قدم مذكرة انتهى فيها إلى إجازة الكلمتين : إما على أن الفعل (أرفق) تعدية قياسية للفعل (رفق) الذي يأتي بمعنى صاحَبَ ، و إما على تضمين (أرفق) معنى (ألحق) والقرار صادر في الدورة الثانية والأربعين . وكان إبراهيم اليازجي اللغوي الشهير قد ندّد باللفظ المذكور ، وشهّر به ، وقام وقعد ، ومن أجل ذلك بحثه المجمع وأصدر قراره . وإني ومن معي من المجمعيين نؤيد ما أقرّه أسلافنا – رحمهم الله – رِفقا وإرفاقا .. وإن الله رفيق يحب الرفق .. ومن أراد الخروج من الخلاف والنجاة من التنديد فسيجد في العربية ألفاظا أخر تقوم مقام الإرفاق بالمعنى المذكور ، كأن يقول : مع كتابي هذا كل المصاحِبات ، أو المودَعات . واختار شوقي أمين أن يقال : الملحقات أو المدرجات .. وفي كل خير . . |
الساعة الآن 07:27 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by