منتدى مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية

منتدى مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية (http://www.m-a-arabia.com/vb/index.php)
-   نقاشات لغوية (http://www.m-a-arabia.com/vb/forumdisplay.php?f=31)
-   -   84- عالم ورأي-أ.د. أحمد فؤاد باشا، ورأيه في الخطوات الإجرائية نحو تنمية لغة العلم: (http://www.m-a-arabia.com/vb/showthread.php?t=33211)

د.مصطفى يوسف 08-10-2018 09:09 PM

84- عالم ورأي-أ.د. أحمد فؤاد باشا، ورأيه في الخطوات الإجرائية نحو تنمية لغة العلم:
 
سلسلة (عالم ورأي)
تهدف هذه السلسلة إلى استجلاء رأي عالم من علمائنا حول قضية من القضايا، أو عقبة من العقبات التي تواجه أبناء العربية، أو طرح رؤية لاستنهاض الهمم وتحفيز العزائم. فإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر.
https://s3.amazonaws.com/new.contrib...s/15937192.jpg
84- الأستاذ الدكتور أحمد فؤاد باشا أستاذ الفيزياء بكلية العلوم جامعة القاهرة، وعضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ورأيه في الخطوات الإجرائية نحو تنمية اللغة العلمية العربية:
(أ‌) فاقد الشيء لا يعطيه:
1- دونما دخول في مناقشة التحليل الإحصائي لنسبة الأمية الأبجدية وأخواتها في البلدان العربية المختلفة وبعيدًا عن الجدل العقيم الذي يدور بين مدعي الثقافة وأنصاف المفكرين حول قضايا مفتعلة عن قدرة اللغة العربية على تمثيل علوم العصر الحاضر، وكيفية مواكبتها للتيار العلمي الحضاري، في مفرداتها وفي تراكيبها، أرى – توفيرًا للوقت والجهد اللذين كثيرًا ما نضيعهما سدى، برغم حاجتنا الماسة إليهما – ضرورة البدء في تنفيذ خطوات عملية لا تحتمل التأجيل أو التأخير. وأولى هذه الخطوات تعليم اللغة العربية "الصحيحة" على جميع المستويات، وخاصة في المؤسسات التعليمية والتربوية والإعلامية والثقافية، التي تتحمل – أكثر من غيرها - مسئولية إصحاح اللغة العربية، بعد أن كانت – وما تزال – من أهم أسباب ضعفها عند أهلها، وانعزالها عن التفاعل الميداني مع حضارة العصر وثقافاته، على أن يتم تنفيذ هذه الخطوة وفق أسس وضمانات منهجية مدروسة، مع الأخذ في الاعتبار تجارب الماضي ودروسه، وظروف الواقع الراهن.
2- ليس معنى تعليم اللغة العربية "الصحيحة" على جميع المستويات أن نجهل غيرها، فما زالت معرفة اللغات المختلفة هي السبيل إلى استيعاب العلم العالمي المعاصر، واستكناه أسراره، ولا حرج على من يعشق لغته القومية أن يتعلم إلى جوارها لغة أجنبية أو أكثر ليفيد لغته ويزودها بكل مستحدث جديد. وقد كان الأقدمون من علماء هذه الأمة أساتذة الدنيا، يؤلفون، ويدرسون بالعربية ما ينقلونه عن اللغات القديمة التي أجادوا معرفتها والترجمة عنها.
وأهمية هذه الخطوة تنبع من تعدد اللغات الحضارية التي تتبع مراكز القوة والتأثير في العالم المعاصر، وإن كانت اللغة الإنجليزية لا تزال هي المتقدمة بين هذه اللغات، فيما يتعلق بتمثيل المقومات الحضارية؛ ومن ثم فإن الإلمام الكافي بها وبغيرها يُعد – في نظرنا – شرطًا ضروريًّا لا يقل أهمية عن واجب الترجمة والتعريب لمختلف فروع العلم والتقنية، ومواصفات المترجم الكفء، تستلزم إجادته التامة للغات التي ينقل منها وإليها، بالإضافة إلى إدراكه الواعي لأبعاد إشكاليات الترجمة العلمية والمعجمة اللغوية التي تكشف عنها الدراسات الأكاديمية المتأنية.
3- غني عن القول إن تعليم اللغة العربية "الصحيحة" بصورة عامة، ومواجهة تغلغل العامية، يحقق أهدافًا غالية يأتي في مقدمتها غرس محبة هذه اللغة الجميلة في قلوب أبنائها، وتحقيق الإفادة الكاملة من وظائفها المختلفة في توثيق الترابط بين أفراد المجتمع الواحد فكريًّا ووجدانيًّا.
(ب‌) تدريس العلوم والتقنية بالعربية:
إن معظم الجامعات العربية، إن لم يكن كلها تقريبًا، تقوم بتدريس العلوم الأساسية والتطبيقية بلغة أجنبية ( الإنجليزية أو الفرنسية في الأغلب)، بالرغم من أن قوانينها تنص صراحة على أن لغة التدريس هي العربية، وتسمح باللغة الأجنبية كلغة تعليم في ظروف خاصة، وقد انعكس هذا الوضع على مردود الجامعات، وأدى إلى انحدار متتابع في مستوى أجيال الخريجين، ترك آثاره السلبية على المسيرة التنموية في مختلف البلدان العربية، ويزيد من استفحال الأزمة واستحكامها عجز مراحل التعليم قبل الجامعي عن أن تقدم للجامعة طالبًا مؤهلًا للتعلم باللغة الأجنبية كما يجب، فضلًا عن ضعف إجادته للغة العربية، وانقطاعه عنها طوال سنوات تعليمه العالي.
من ناحية أخرى، يؤدي تعدد المنابع الثقافية لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات العربية إلى إضعاف إتقانهم للغة العربية؛ الأمر الذي أدى بدوره إلى إيجاد مواقف متباينة انعكست سلبًا على وضع المناهج وسير الدراسة، ومستوى الخريجين، على أن عامل تعدد المنابع الثقافية يمكن أن يتحول إلى مصدر إثراء في عملية الترجمة والتعريب، بدلًا من أن يكون نقطة ضعف ومصدر تشقق في عملية التدريس.
من هنا تأتي أهمية الدعوة إلى تدريس العلوم والتقنية في الكليات العلمية والتطبيقية باللغة العربية، مع التركيز على الخطوات التالية:
1- ضرورة تدريس اللغة العربية في مختلف الكليات الجامعية والمعاهد العالية بهدف تحقيق الإحاطة الواعية بأساسيات هذه اللغة في إدراك تطبيقي يجعل منها أداة سهلة الاستعمال بالنسبة للأساتذة والطلاب على حد سواء.
وينبغي التركيز على هذه الخطوة لمواجهة سيادة العامية المنتشرة حاليًّا على حساب الفصحى، ولإعداد أجيال قادرة على توسيع دائرة التعليم تدريجيًّا باللغة الأم. وهذا يتطلب تبسيط النحو والصرف دون خرق للقواعد والأطر يُخْرِج اللغة عن سلامتها، ويعيقها عن تحقيق غرضها الأساسي في التعبير والتواصل بأسلوب أبسط وأعمق وأغنى، كما يتطلب الأمر انتقاء المحتوى الثقافي المناسب لمقررات اللغة العربية بحيث يخدم اللغة والعملية التعليمية والتربوية معًا، ويبعد عن الأنماط الجامدة، ويستشهد بأمثلة محببة من تاريخ العلوم والثقافة العلمية، في إطار التجديد والتحديث، وترويج المصطلحات الجديدة التي حظيت باتفاق عام ووافقت الذوق السليم.
ولابد أن يرتبط تدريس اللغة العربية عمومًا بالتدريب الجيد والمستمر على ضبط الخط والكتابة، وبيان الأخطاء اللغوية والإملائية الشائعة (مثل وضع التاء والهاء في نهاية الكلمة، والهمزة الواقعة في وسط الكلمة... والألف التي تُكتب ولا تُلفظ أو تُلفظ ولا تُكتب، وقواعد العدد ومطابقته أو مخالفته للمعدود، وعدم مراعاة عمود اللغة وبنيتها الداخلية وخصائصها الأسلوبية والتعبيرية، وعدم مراعاة علامات الترقيم، وتقسيم الفقرات، إلى آخره).
2- يعزز من تدريس العلوم والتقنية باللغة العربية التوسع التدريجي الذي يبدأ بتدريس مقررين على الأقل في كل فصل دراسي بصورة مرحلية، على أن تُخصص نسبة (20 – 25%) من الدرجة النهائية لكل مقرر لاعتبارات اللغة والخط والكتابة السليمة، ويُخصص الباقي للاعتبارات العلمية. ولا شك أن توسيع دائرة تعليم العلوم بالعربية يساعد على الارتفاع بأداة التعبير، وتحسين اللغة، والتخلص من العامية في شكلها الفج على الأقل. وينبغي أن يقوم بتدريس هذه المقررات من يجيد اللغة العربية من أعضاء هيئة التدريس أو من أهل الاختصاص.
3- ينبغي أن يكون اجتياز امتحان في قواعد النحو والصرف شرطًا لتعيين عضو هيئة التدريس في درجة مدرس.. وأن تُعتمد الكتب العلمية المترجمة كعامل مرجِّح للترقية عند التقدم لدرجتي أستاذ مساعد وأستاذ.
المصدر: لغة العلم العربية وتحديات البقاء الحضاري، بحث مقدم إلى مؤتمر: اللغة العربية وتحديات البقاء، ص 163- 166.
إعداد: د.مصطفى يوسف


الساعة الآن 07:01 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by