![]() |
"أصل الكتابة العربية" للدكتور علي إبراهيم محمد محمد
يكتسب البحث في نشأة الكتابة العربية ومصدرها قيمته وأهميته البالغة من أن معرفة أصل الكتابة العربية ومصدرها الأصلي يساعد في تفسير كثير من المشكلات التي تواجه الكتابة العربية إذ إن أكثر هذه المشكلات ما هي إلا مورثات ورثتها الكتابة العربية عن الأصل الذي أخذت منه([i]) ولا غرابة في ذلك فمن أشبه أباه فما ظلم، كذلك يفيد البحث في نشأة الكتابة العربية في معرفة تطور رموز الكتابة منذ الأصل الذي أخذت عنه إلى ما يكتب به الناس اليوم وهذا التطور يفيد في تفسير بعض مشكلات الكتابة كما في مشكلة تشابه صور الحروف ، وتعدد صور الحرف الواحد .
كذلك من فوائد دراسة أصل الكتابة العربية تفسير كثير من ظواهر الرسم المصحفي فأكثره ورثته الكتابة العربية عن مصدرها الأصلي ، كذلك تفيد هذه الدراسة في معرفة تاريخ رموز الأصوات الصائتة ، كذلك معرفة تاريخ نقط الحروف إلى غير ذلك مما تعالجه هذه الدراسة. ومع هذه الثمرات وتلك الفوائد لدراسة أصل الكتابة العربية إلا أن طريق دراسة هذا الأصل طريق تعتوره بعض الصعوبات لاسيما إذا ما علم أن مصدر الكتابة العربية من الموضوعات التي كثرت فيها الأقوال واختلف فيها الآراء، وكان الدافع وراء هذا الاختلاف قلة النقوش التي تحمل تفسير هذا المصدر يضاف إلى ذلك أن تلك النقوش (القليلة) قد تم العثور عليها مؤخراً وعليه فقد تأخرت دراسة هذه النقوش مما دفع إلى اختلاف الآراء في هذا المصدر مصدر الكتابة العربية وقد أخذت الآراء صفة النظريات ومن ثم فقد عبر عنها بالنظريات لذلك للباحث أن يسأل عن هذه النظريات وعن أدلة كل نظرية وموقف البحث العلمي منها؟ فيما يأتي أحاول التعرف على كل نظرية مع أدلتها وبيان موقف البحث العلمي منها. 1-نظرية التوقيف: يتلخص مفهوم هذه النظرية في أن الكتابة والخط وحي من الله- عز وجل- فقد أنزل الحق ـ سبحانه وتعالى ـ فيما أنزل ـ تلك الطريقة، التي يعبر بها الإنسان بواسطة الخط أو الحروف وأوقف المولى عبادة على ذلك([ii]). يقول أصحاب هذه الطريقة "روى عن كعب الأحبار أنه قال: أول من كتب الكتاب العبري والسرياني وسائر الكتب آدم ـ r ـ قبل موته بثلثمائة سنة كتبها من طين ثم طبخه فلما أغرق الله ـ عز وجل ـ الأرض أيام نوح ـ عليه السلام ـ بقي ذلك فأصاب كل منه كتابهم وبقي الكتاب العربي إلى أن خص الله به إسماعيل([iii]) ـ عليه السلام ـ وقالوا أيضاً: "أول من وضع الخط ـ آدم ـ عليه السلام ـ كتبه من طين وطبخه ليبقى بعد الطوفان وقيل إدريس([iv])". ثم يوضح هؤلاء مصدر الكتابة بالنسبة لآدم فيقولون: "والذي نقول فيه: إن الخط توقيف وذلك لظاهر قوله تعالى: " الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ " وقوله تعالى: "ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ" وإذا كان كذا فليس ببعيد أن يوقف آدم ـ عليه السلام ـ أو غيره من الأنبياء ـ عليهم السلام ـ على الكتاب([v]). واستدل القائلون بهذه النظرية بعدة أدلة منها: أولاً : قوله تعالى ـ: " الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" ثانياً: قوله تعالى: " ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ" ثالثاً: استدلوا أيضاً بما روى عن أبي ذر الغفاري ـ t ـ أنه قال: سألت رسول الله ـ r ـ فقلت: يا رسول الله كل نبي مرسل بما يرسل؟ قال: بكتاب منزل قلت: يا رسول الله أي كتاب أنزل على آدم؟ قال: أ. ب. ت. ث . ج. إلى آخره فقلت يا رسول الله كم حرف؟ قال: تسع وعشرون، قلت: يا رسول الله عددت ثمانية وعشرين فغضب رسول الله r حتى احمرت عيناه ثم قال: يا أبا ذر والذي بعثني بالحق نبياً ما أنزل الله تعالى على آدم إلا تسعة وعشرين حرفاً قلت: يا رسول الله فيها ألف لام فقال ـ عليه السلام ـ لام ألف حرف واحد أنزله على آدم في صحيفة واحدة ومعه سبعون ألف ملك من خالف لام ألف فقد كفر بما أنزل على آدم ومن يعد لام ألف فهو برئ مني وأنا بريء منه ومن لم يؤمن بالحروف وهي تسعة وعشرين حرفاً لا يخرج من النار أبداً مكانه([vi]). رابعاً: استدلوا بما أخرجه ابن اشته من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس ـ t ـ قال: أول كتاب أنزله الله من السماء أبو جاد([vii]). خامساً: أخرج الإمام أحمد بن حنبل في مسنده عن أبي ذر ـ t عنه قال: إن النبي r قال: أول من خط القلم إدريس عليه السلام([viii]). هذه هي الأدلة التي ساقها أصحاب هذه النظرية للاستدلال على رأيهم فما موقف البحث العلمي من هذه النظرية وأدلتها؟. مع أن معظم الإخباريين والرواة العرب أورد هذا الرأي في نشأة الكتابة العربية إلا أنه رأي لا يقوم على دليل مادي واحد. لذلك وصف بعضهم موقف ابن فارس حامل لواء هذا الرأي بأنه موقف غريب([ix]). ويضاف إلى عدم وجود أدلة مادية تؤيد هذه النظرية أن الأدلة التي ساقوها للاستدلال لرأيهم أدلة يتطرق إليها الاحتمال وبالتالي يسقط بها الاستدلال، فمثلاً قول الله ـ تعالى: "الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" يحتمل أن يكون الإنسان جنس الإنسان عموماً، ومن ناحية أخرى إذا صح أن الإنسان المراد في الآية هو آدم عليه السلام فما هو القلم الذي كتب به وهل تجزم بأنه القلم العربي ولم يحدثنا القرآن ـ وهو أصدق مصدر ـ عن ذلك بأية صريحة([x]). كما أن ابن النديم يستبعد ما جاء به كعب الأحبار وهو أحد مصادر هذا الرأي ويبرأ إلى الله منه([xi]) يقول ابن النديم: "وقال كعب وأنا أبرأ إلى الله من قوله إن أول من وضع الكتابة العربية والفارسية وغيرها من الكتابات آدم عليه السلام وضع ذلك قبل موته بثلاثمائة سنة في الطين وطبخه فلم أصاب الأرض الطوفان سلم فوجد كل قوم كتاباتهم تعلم فكتبوا بها([xii])" ويذهب بعض الدارسين إلى أن هذا الرأي ـ القائل بالتوقيف ـ قد وضع لتفسير الآيات القرآنية التي يستدل بها القائلون بهذا الرأي " الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ" " ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ" وضع للتوفيق بين هذه الآيات وبين النظرية العربية المشهورة التي تقول بأن إسماعيل ـ عليه السلام ـ هو أبو العرب المستعربة وأنه أول من تعلم العربية التي تعلمها من العرب المتعربة لذلك قالوا بأن الله قد علم آدم ـ عليه السلام ـ الكتابة فكتب الكتب كلها قبل موته بثلاثمائة سنة فلما كان الطوفان ... إلخ الرواية التي تذكر أن إسماعيل ـ عليه السلام ـ وجد الكتابة العربية فكتبها وتعلمتها منه العرب المستعربة ولما لا يكون إسماعيل ـ عليه السلام ـ هو أول من كتب الكتابة العربية وهو أول من تكلم العربية([xiii]). ويضم الباحث رأيه إلى الذين لا يعتمدون هذه النظرية في تفسير أصل الكتابة العربية نظراً لتلك النقود التي وجهت لها والتي تضعف من صحتها إضافة إلى أن الأحاديث التي ساقوها للاستدلال على هذه النظرية غير قطعية الثبوت بل إن بعضها وصل إلى درجة الوضع كما في حديث أبي ذر الذي يزعمون فيه أنه سأل الرسول r عن الكتاب الذي أنزل على آدم ـ عليه السلام ـ ولو افترض أن هذه الأحاديث صحيحة فإنها "تكتفي ببيان مصدر الكتابة الأولى دون أن تبين لنا صفتها أو هيئتها وكيفية انتقالها من المصدر الذي تلقاها أولاً إلى غيره من أولئك الذي استعملوها وأقاموا عليها نظم حياتهم العلمية والاجتماعية([xiv]). 2- النظرية الحميرية يتلخص مفهوم هذه النظرية في القول بأن الكتابة العربية ترجع إلى مصدر بشري هو الخط "المسند" الذي كانت تكتب به "حمير" في جنوب الجزيرة العربية ومن المعروف أنه كان في جنوب الجزيرة خط قديم ينتمي إلى ما سمي بالكتابة الحرفية ويعد نظيراً لتلك الأنواع من الكتابات القديمة مثل الكتابة المصرية والسينائية وغيرها، لكن القائلين بهذه النظرية لا يعنون بالطبع ذلك الخط القديم وإنما يفهم من كلامهم أنهم يرجعون الكتابة العربية إلى نوع من الكتابة اليمنية الحديثة إلى حد ما وهو الخط الذي سموه "بالمسند"([xv]). وقد ذكر هذا الرأي أو أشار إليه كثير من القدامى والمحدثين، فمن القدامي ذكره ابن حنى الذي يقول: "واعلم أن العرب قد سمت هذا الخط المؤلف من هذه الحروف" الجزم" قال أبو حاتم: إنما سمي جزماً لأنه جزم من المسند أي أخذ منه قال: والمسند خط حمير في أيام ملكهم وهو في أيديهم إلى اليوم في اليمن فمعنى جزم أي قطع منه وولد عنه ومنه جزم الإعراب لأنه اقتطاع الحرف عن الحركة ومد الصوت بها للإعراب([xvi]). وممن تناولوا هذه النظرية شرحاً وتوضيحاً ابن خلدون الذي لم يكتف بعرض هذا الرأي بل علل له وحاول توضيح مسار ذلك الخط من مصدره القديم إلى موطنه الحديث ومركزه الذي انتشر منه بعد ذلك إلى كثير من أنحاء الأرض يقول: "وقد كانت الخط ا لعربي بالغاً مبلغه من الإحكام والإتقان والجودة في دولة التبابعة لما بلغت من الحضارة والترف وهو المسمى بالخط الحميري وانتقل منها إلى الحيرة لما كان بها من دولة آل المنذر نسباء التتابعة في العصبية والمجددين لملك العرب بأرض العراق ولم يكن الخط عندهم من الإجادة كما كان عند التبابعة لقصور ما بين الدولتين وكانت الحضارة من الصنائع وغيرها قاصرة عن ذلك ومن الحيرة لقنه أهل الطائف وقريش"([xvii]). وقال بها الرأي من القدامى أيضاً الفيروز آبادي الذي يقول: والجزم: في الخط تسوية الحروف والقلم لا حرف له وهذا الخط المؤلف من حروف المعجم لأنه جزم أي قطع ن خط حمير([xviii]) وقد أشار ابن النديم إلى الخط المسند الحميري وذكر مثالاً لبعض ما اطلع عليه منه يقول: "زعم الثقة أنه سمع مشايخ أهل اليمن يقولون: إن حمير كانت تكتب بالمسند على خلاف أشكال ألف وباء وتاء ورأيت أن جزء من خزانة المأمون ترجمته ما أمر بنسخه أمير المؤمنين عبد الله المأمون أكرمه الله في التراجم وكان في جملته القلم الحميري فأثبت مقاله على ما كان في النسخة([xix]). ولكن ابن النديم لم يكن من مؤدي هذه النظرية بل ذكرها ضمن آراء مختلفة حول مصدر الخط العربي([xx]). ومن المحدثين قال بهذه النظرية أحمد حسين شرف الدين حيث يقول: "وكانت هذه الأبجدية (أبجدية المسند) هي الأصلية للعرب الشماليين والجنوبيين إلا أن الجنوبيين ظلوا يستخدمونها كما هي حتى قبيل الإسلام كما استخدمها الشماليون حتى القرن الثاني للميلاد ثم بدأت تتأثر بجارتيها الفينيقية والآرامية وتأثرت هذه الأبجدية أيضاً بالأبجدية البنطية، التي جاءت حاملة عقيلة وصل الحروف مما غير وضعية الحروف تغييراً تاماً([xxi]). وقد كانت هناك دوافع دفعت القائلين بهذا الرأي إلى اعتناقه منها: (1) "أن العرب في عصر التدوين كانت تعرف عن طريق الروايات المتواترة أن اليمن قد فرضت خطها المسند على بعض الأمم الشمالية، فاشتقت منه قلما تكتب به والمقصود بذلك اللحيانيون والثموديون والصفويون لأنهم قد اقتطعوا خطوطهم من المسند الحميري فظنت العرب أن المقصود بهذه الروايات هو خطها الذي تكتب به وذلك لأنها كانت تجهل هذه الخطوط السابقة ، كما أنها لا تعرف شيئًا عن النقوش وتفسيرها ومقارنة الكتابات ببعضها([xxii])". (2) قد يكون من هذه البواعث أيضاً ما يرجع إلى معرفة العرب من أن مؤسسي هذه الدولة "السبئية" في اليمن أصلها من إقليم "الجوف" في شمال نجد والحجاز وهو الإقليم الذي كان الآشوريون يعرفونه باسم "عريبي" وكانت تحكمه ملكات من بينهم ملكة سبأ لهذا لا يستبعد أن تكون هذه العلاقة السياسية وعلاقة الهجرة بين جنوبي البلاد العربية وشمالها سبباً في هذا الاعتقاد([xxiii]). ويتضح من تلك البواعث أن أدلة القائلين بهذه النظرية كانت كما يأتي: أولاً: التأثير الحضاري لليمن في الأقاليم الشمالية في الجزيرة العربية مما أدى إلى نقل الكتابة. ويظهر هذا واضحاً في كلام ابن خلدون. ثانياً: الهجرات العربية من اليمن إلى الشمال. ثالثاً: العلاقات النسبية بين أصل السبئيين وعرب الشمال وقيام بعض الدول في شمال الجزيرة العربية علي أيدي أبناء اليمن أو جنوب الجزيرة. رابعاً: استدلوا أيضاً بأن هناك صورة متشابهة بين الخط المسند حيث ذكر ناجي زين الدين أن المشابهة موجودة في أربعة عشر حرفاً من حروف المسند([xxiv]). خامساً: استدلوا بكتابة النقوش الثمودية والصفوية حيث يقولون: "إن من يدرس هذه النقوش بمعرفة وإمعان وتجرد يدرك أن أصل الأبجدية العربية هو الخط المسند وأن العلاقة بين الأبجدية العربية والأنباط إنما هو من التأثر بعد النشأة([xxv])". سادساً: استدل بعضهم بما روى عن ابن عباس ـ t ـ من أن الخط العربي وصل إلى الحجاز من أهل الحيرة والأنبار ووصل إليهما من طارئ طراً عليهم من أهل اليمن من كنده وقد تعلم هذا الطارئ من الخلفجان كاتب الوحي لهود ـ عليه السلام([xxvi]). "فيدل هذا على أن الخط المسند هو أصل الخط العربي لأن نبي الله هود ـ عليه السلام ـ أرسل إلى قوم عاد وكان مسكنهم الأحقاف باليمن وهم من العرب البائدة([xxvii])". هذه هي الأدلة التي ساقها أصحاب هذه النظرية فما موقف البحث العلمي منها؟. يبدو أن هذه النظرية كسابقتها لا يستند أصحابها إلى دليل مادي فليست هناك علاقة ظاهرة بين خطوط "حمير" في اليمن والخط العربي الذي انتهي إلينا([xxviii]) والعلاقة بينهما لا تتجاوز كونهما قد اشتقا من أصل سامي واحد كما يظهر من مقارنة هذه الحروف الحميرية بما يقابلها من الحروف العربية القديمة التي تختلف عن بعضها اختلافاً شديداً. عربي: أ د ذ جــ ى م ء ف ص س حميري: وفضلاً عن اختلاف الأشكال فقد: أثبتت الدراسات العلمية عن طريق مقارنة الأبجديات السامية الجنوبية بالأبجديات السامية الشمالية بعد العلاقة بين الخط السند والخط العربي الحجازي، فالخط المسند تكتب حروفه منفصلة كما تكتب من أعلى إلى أسفل بينما الخط العربي تتصل حروفه وتتجه في رسمها من اليمين إلى الشمال([xxix]). هذا مما جعلنا نؤيد هذا الرأي الذي لا يقبل هذه النظرية كتفسير لأصل الكتابة العربية. |
أصل الكتابة العربية
3- النظرية الحيرية:
لم يكتف المؤرخون لأصل الكتابة العربية بذكر الرأيين السابقين بل جاءوا بنظرية ثالثة مفادها أن الخط العربي قد اشتق من خط الحيرة ويرجعون أصل الكتابة العربية إلى رجال من هذا الإقليم إقليم الحيرة، وقد ذكر هذه النظرية من القدامى البلاذري حيث قال: "حدثني عباس بن هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن جده وعن الشرقي بن القطامي قال: "أجمع ثلاثة نفر من طيء ببقه وهم: مرامر بن مرة وأسلم بن سدرة وعامر بن جدرة فوضعوا الخط وقاسوا هجاء العربية على هجاء السريانية فتعلمه منه قوم من أهل الأنبار ثم تعلمه أهل الحيرة من أهل الأنبار وكان بئر بن عبد الملك أخو أكيدر بن عبد الملك بن عبد الجن الكندي ثم السكوني صاحب دومة الجندل يأتي الحيرة فيقيم بها الحين، وكان نصرانياً فتعلم بشر الخط العربي من أهل الحيرة ثم أتى مكة في بعض شأنه فرآه سفيان بن أمية بن عبد شمس وأبو قيس بن مناف بن زهرة ابن كلاب يكتب فسألاه أن يعلمهما الخط فعلمهما الهجاء ثم أراهما الخط فكتبا ثم إن بشرا وسفيان وأباقيس أتوا الطائف في تجارة فصحبهم غيلان بن سلمة الثقفي فتعلم الخط منهم وفارقهم بشر ومضى إلى ديار مضر فتعلم الخط منه عمرو بن زرارة ابن عدس فسمى عمرو الكاتب ثم أتى بشر فتعلم الخط منه ناس هناك وتعلم الخط من الثلاثة الطائيين أيضاً رجل من طانجة كلب فعلمه رجلاً من أهل وادي القرى فأتى الوادي يتردد فأقام بها وعلم الخط قوماً من أهلها([xxx])". ويسوق أبو داود السجستاني في كتابه "المصاحف" ما يقرب من هذا حين يقول: "عن الشعبي قال: سألت المهاجرين من أين تعلمتم الكتابة؟ قالوا: من أهل الحيرة، وسألنا أهل الحيرة من أين تعلمت الكتابة؟ قالوا: من أهل الأنبار([xxxi])". وذهب إلى هذه النظرية بعض المحدثين منه عبد العزيز سالم و علي حسين الخربوطي([xxxii]) هؤلاء هم القائلون بها فما هي أدلتهم؟ وما موقف البحث العلمي منها؟ والواقع أن أحداً ممن قالوا بهذا الرأي لم يأت بأية أدلة مادي يمكن الاعتماد عليها في تقويم هذه النظرية ومن غير المعقول أن يعتمد على الروايات الإخبارية فقط ولاسيما في مجال علم الكتابات([xxxiii]). هذا مما جعل هذه النظرية ضعيفة واهية أمام النقود التي وجهت إليها التي منها: أولاً: أن الرواية التي ذكرها بعض أصحاب هذه النظرية والمنسوبة لابن عباس t والتي مؤداها أن أول من وضع الحروف العربية ثلاثة رجال من بولان وهم مرامر بن مره وأسلم بن سررة وعامل بن جدرة اجتمعوا فوضعوا حروفاً مقطعاً وموصولة ثم قاسوها على هجاء السريانيين فأما مرامر فوضع الصور وأما أسلم ففصل ووصل وأما عامر فوضع الإعجام([xxxiv]). هذه الرواية الصناعة فيها واضحة والسجع الذي فيها يوحي بأن شخصياتها لا وجود لها إلا في مخيلة صانعها كما أنه يصعب على العقل أن يتصور ثلاثة من الغرباء التقوا عفواً أو قصداً يمكن أن يبتدعوا ببساطة وفي زمن قصير أبجدية كاملة وواقية([xxxv]). ثانياً: تضاربت أقوال المؤرخين في تلك الشخصية التي قامت بنقل الكتابة من الحيرة ونشرها في الجزيرة العربية وما حولها فهي مرة: "بشر بن عبد الملك" ومرة هي "أبو قيس بن عبد مناف([xxxvi])". ثالثاً: اختلاف نوع الكتابة الحيرية عن الكتابة العربية حيث ثبت أن أهل الحيرة كانوا يستخدمون الخط السطر النجيلي السريالي وهو غير الخط العربي([xxxvii]). رابعاً: عدم العثور على نماذج من الخط الحيري في الحجاز أو في أماكن قريبة منه تؤيد اشتقاق الخط العربي من الخط الحيري([xxxviii]). خامساً: تذهب هذه الروايات المؤيدة إلى لهذه النظرية إلى أن الذي وضع الإعجام هو عامر بن جدرة أي أن الخط العربي في نشأته كان يكتب بالتنقيط وهذا يخالف الواقع لأن الخط العربي في نشأته كان يكتب من غير تنقيط([xxxix]). يضاف إلى ذلك أن القدماء أنفسهم منهم من تنبه إلى ضعف هذه الرواية يقول حمزة الأصفهاني: "أن هذا الخبر صادر عن رجل كان يولد الأخبار على الأمم الذي بادوا كعاد وثمود وطسم وجديس وإضرابهم فإذا احتاج إلى توليد الشعار تؤكد تلك الأخبار خرج إلى ظهر المدينة لامتحان الأعراض ملتمساً من يحسن قول الشعر فإذا عثر على واحد عاد به إلى منزله فغداه وكساه وحباه ثم سأله أن يقول شعراً من جنس ما يطلب فكانوا يعملون له مثل: كلم هدركني هلكه وسط الملحه وهذا الرجل هو الذي ادعى آدم عليه السلام قول الشعر وروى له: تغيرت البلاد ومن عليها فوجه الأرض مغبر قبيح([xl]). لهذه النقود التي أضعفت تلك النظرية يمكن للباحث القول باطمئنان بأنها لا تصح أساساً لتفسير نشأت أو مصدر الكتابة العربية الأصلي، وعليه فإنه يتبين غموض المصدر الأصلي للكتابة العربية عند مؤرخي العرب القدامى في النظريات الثلاث السابقة ولعل هذا يرجع إلى عدم معرفتهم بالباحث عن النقوش ودراستها واستختلاص النتائج منها والآن بعد ظهور دراسة النقوش على الباحث أن يتساءل عن المصدر الأصلي للكتابة العربية من وجهة نظر الدارس اللغوي الحديث، ذلك ما تحدده ما عرف لدى الدارسين المحدثين بالنظرية النبطية أو النظرية الحديثة. 4- النظرية النبطية أو النظرية الحديثة: يستلزم بحث هذه النظرية أن تكون ثمة تساؤلات يحاول الباحث الإجابة عليها هذه الأسئلة: أـ من البنط ، وما لغتهم ، وما تلك الكتابة التي استخدموها لتدوين لغتهم؟ ب ـ كيف انتقلت الكتابة منهم إلى العرب؟ جـ ـ ما أدلة القائلين بهذه النظرية؟ وأبدا بعرض التساؤل الأول ومحاولة إجابته. قال الخليل بن أحمد ـ رحمه الله ـ : والنبط والنبيط كالحبش والحبيش في التقدير وسموا بهذا لأنهم أول من استنبط الأرض والنسبة إليهم نبطي وهم قول ينزلون سواد العراق والجميع: الأنباط([xli]). "وقد حامت حول أصالة عروبة الأنباط بعض الشبهات بسبب تلك التسمية وما ورد حولها في المعجم العربي([xlii])" حيث ذهب بعض الدارسين إلا أنهم قوم ليسوا بعرب من هؤلاء د. إسرائيل ويلنيفسوف الذي يقرر: "أن أرهاط النبط الفاتحين كانوا من الآراميين ثم بعد استقرارهم في طور سيناء اختلطوا بالعرب فظهرت هناك طبقتان: واحدة آرامية أصيلة وأخرى عربية كثرة عناصرها إلى أن تغلبت بالتدرج عن العناصر الآرامية ومحتها محواً تامة وبقيت لغة الحضارة هي اللغة الآرامية التي كانت في تلك العصور لغة العمران عند جميع أمم الشرق الأدنى([xliii])"، وقد تابع هذا الرأي بعض الدارسين العرب إذ يقول: "الأنباط شعب سامي سكنوا جنوب شرق الأردن([xliv])". إلا أن البحث العلمي قد نفى تلك الشبهات التي تقطع الصلة بين الأنباط والعرب إذ أثبت البحث بما لا يدع مجالاً للشك أن هؤلاء الأنباط من أرومة العرب ومن جذورها الضاربة في الجنوب والشمال([xlv]) وقد أدرك هذه الحقيقة بعض المستشرقين الذي يقول وكان الأنباط أمة عربية الأصل ولغتهم المأنوسة العربية وكانت إذ ذاك العربية بالتكلم وللمحاورة بين الناس لا لتحرير الكتابات أو المكاتيب إذ الأحرف الهجائية لم تستنبط بعد عند العرب([xlvi])" وقد كانت هناك أدلة تؤيد كون الأنباط عرباً خلصاً منها: أولاً: أغلبية الأسماء النبطية عربية مثل: حارسة مليكة وجزيمة. ثانياً: تجدهم يستعملون في نقوشهم كلمة (غير) التي لا توجد في الآرامية ولا في غيرها من الساميات. ثالثاً: وجود آثار النحو العربي في النقوش النبطية فمثلاً: يستعملون الفاء للترتيب كما في العربية ويستعملون الماضي عوضاً عن المضارع في حالة الدعاء وغير ذلك من قواعد النحو العربي([xlvii]). رابعاً: ما ذكروه مؤرخو اليونان والرومان عن عروبة الأنباط وهو أمر يجب أخذه بعين الاعتبار لأن اليونان أحد الشعوب التي عاصرت الأنباط وهم بذلك أعلم الناس بهم فقد ذكر "ديودور السقلي" أنها كانت توجد في ناحية البطرا، قبائل تعيش عيشة بدوية لا تزرع ولا تحصد وما ذكره "ديودور" على أن هذه القبائل عربية لأن العرب كانت أمة بدوية تأنف من الاشتغال بالزراعة وتحتقر من يزاولها([xlviii]). ومما يتصل بالحديث عن تعريف النبط التعرض لدولتهم "وقد ظهرت الدولة النبطية في شبه جزية سيناء على أنقاض المملكة الأدومية وكانت عاصمته "سلع " ومعناه بالعربية "الصخرة" وباليونانية "بطرا" ومن هنا امتدت إلى صحراء سورية حتى شملت دمشق وأطراف نهر الفرات من ناحية كما أنها توغلت في بلاد الحجاز من ناحية أخرى([xlix])" وبقيت عاصمتهم (البطراء) مزدهرة ما يقارب من خمسة قورن ظلت خلالها مركزاً تجارياً هاماً على طريق القوافل بين سبأ (اليمن) وبلاد البحر الأبيض المتوسط، وأغار الأنباط أول أمرهم على أقاليم آرامية وتحضروا بحضارتها واستعملوا لغتهم الآرامية إلى جانب الاحتفاظ بلغتهم العربية التي استعملوها في حيا تهم الخاصة وأحاديثهم اليومية([l]). وقد أدى استعمالهم للغتين الآرامية والعربية إلى أن أصبحت لغتهم لغة مختلطة تتكون عناصرها الرئيسية من العربية والآرامية([li]). هذا عن تعريف النبط ولغتهم ، أما الكتابة التي استخدموها في تدوين نقوشهم فقد أخذ البنط كتابتهم عن القوم الذي أغاروا عليهم وهم الآراميون، ومن المقرر لدى الدارسين أن النبط عندما اختلطت بالآراميين وأخذت تتعلم كتابتهم كتب حروفاً آرامية هي أقرب للخربشة منها إلى الكتابة وذلك لما وجدته هذه القبائل (النبط) من الصعوبة في محاكاة الحروف وتقليدها كما أنهم كتبوها بشيء من الاختلاف يكاد لا يطابق الأصل كل المطابقة ثم أتى بعدهم جيل آخر من النبط وتعلم هذه الخربشة في شيء من الصعوبة وجده أيضاً في تقليدها فكتب الحروف أكثر خربشة من الأول وأبعد قليلاً منها عن الأصل ـ وهذا أمر طبيعي لأن المنقول لا يشبه الأصل ولا يطابقه تمام المطابقة بل يختلف عنه وخصوصاً إذا كان الحاكي أو المقلد بعيد العهد بالأصل جاهلاً به وهكذا أخذت كتابتهم تبتبعد عن الأصل الآرامي شيئاً فشيئا حتى تميزت عنه وتحررت من نيره وصارت تعرف باسم الكتابة النبطية([lii]). ويتمثل طور الانتقال من الآرامية إلى النبطية في تلك النقوش التي كتبت في القرن الأول قبل الميلاد وخصوصاً نقوش حوران لأنها قريبة من فلسطين حيث كان يستعمل القلم العبري الآرامي. أما الكتابة النبطية فتتمثل في تلك النقوش التي كتبت في القرنين الأول والثاني بعد الميلاد خصوصاً نقوش مدائن صالح (الحجر) لأنها بعيدة عن النفوذ الآرامي وقريبة من البلاد العربية موطن النبط وبيئتهم الأولى([liii])، يبقى أن أسأل عن كيفية انتقال الخط من الأنباط إلى العرب؟. في القرنين الثالث والرابع الميلاديين يلاحظ أن الكتابة النبطية قد تطورت حروفها تطوراً سريعاً ومدهشاً. حتى إنها فقدت المسحة النبطية وصبغت بالصبغة العربية يظهر هذا جلياً في نقوش هذين القرنين كالنقوش السبئية المؤرخة ونقش النمارة وفي القرنين الخامس والسادس الميلاديين تقنى الكتابة النبطية تماماً وتندثر ولكن روحها تبقى وتبعث من جديد في كتابة أخرى هي الكتابة العربية الجاهلية كما يظهر في نقشي زيد وحران([liv]). تلك هي كيفية انتقال الخط من الأنباط إلى العرب في وجهة نظر الدرس الحديث أما أدلة العلماء على صحة هذه النظرية فكانت على النحو التالي([lv]). (أ) وجود بعض النقوش بالخط النبطي كتبت بلهجة غير بعيدة عن اللهجة العربية التي نزل بها القرآن الكريم وهي مكتوبة بالقلم النبطي المتأخر الشبيه جداً بالخطوط العربية ولاسيما الكوفية منها وذلك مثل نقش أم الجمال الذي يعود إلى 328م ونقش زيد الذي يعود إلى 512م ونقش حران الذي يعود تاريخه إلى 568م([lvi])، ونظراً لأن هذه النقوش تعد من أقوى الأدلة التي تثبت اشتقاق الخط العربي من الخط النبطي نظراً لذلك سأقوم بدراستها دراسة موجزة بعد عرض هذه الأدلة. (ب) ترتيب حروف الهجاء وكتابتها عند تعلمها على وفق نمط أبجد هوز في صدر الإسلام والذي لا يزال يستخدم في الكتاتيب حتى الآن دليل يشير بنفسه إلى المورد الذي أخذ منه قدماء الكتاب العرب كتابتهم ولهذا نجد الأحرف الستة التي انفردت بها العربية عن اللغات السامية الأخرى وضعت في آخر سلسلة أبجد مما يدل على أنها وضعت فيما بعد ذلك([lvii]). (جـ) تعبير الكتاب عن الأرقام بما يقابل ذلك بالحروف فالذي يؤرخون أو يعبرون عن الأرقام بما يقابل الأرقام من حروف مازالوا يسيرون في طريقتهم هذه عن طريقة أبجد هوز أي على طريقة ابن إرم القديمة في الترتيب واعتبارهم الأرقام في العربية على تلك الطريقة دليل على أنها من بني إرم([lviii]). (د) عروبة هؤلاء الأنباط وبالتالي فإن الأخذ عنهم يعد من أيسر الأمور وأقربها إلى الذهن([lix]). (هـ) قرب بلاد النبط من وسط الحجاز وما كان لقريش من علاقات روحية واقتصادية بك العرب في أنحاء الجزيرة فالجميع يحجون إلى مكة وقوافل التجارة تمر عليها كما يمر القرشيون بمراكز الأنباط وبلادهم في رحلاتهم العديدة المشهورة([lx]). (و) التشابه الواضح في أسماء الأعلام بين عرب الحجاز وعرب الأنباط([lxi]). (ز) اشتراك عرب الحجاز والأنباط في العقائد والآلهة مثلاً اللات ومناة والعزى([lxii]). (جـ) وجود أثر النحو العربي في النقوش النبطية([lxiii]). |
أصل الكتابة العربية
ويعتبر الدليل الأول هو أقوى هذه الأدلة نظراً لأنه دليل مادي ملموس وهو الاستدلال بالنقوش لذلك أحاول التعرض لدراسة هذه النقوش التي تمثل مرحلة انتقال الكتابة النبطية إلى مرحلتها العربي وأهم ما يمثل هذه المرحلة:
نقش أم الجمال المؤرخ لسنة 270م ونفش النمارة المؤرخ لسنة 328م ونفش زبد المؤرخ بسنة 511م ونفش حران المؤرخ سنة 568م. أولاً: وجد هذا النقش في أم الجمال وهي بلدة من أعمال حوران ويؤرخه "دي فوجي"بسنة 270م وترجع أهمية هذا النقش إلى أنه يوضح للدارسين أن ملوك العرب قد أخذت تستعمل القلم النبطي وهذا مما يدل على انتشار هذه الكتابة قبل هذا التاريخ أي قبل سنة 270م([lxiv]). وكلماته التي تشبه صورة الكلمة العربية هي: (سلي) اسم علم (الكلمة الثانية. في السطر الثاني من النقش). (جذيمت) والكلمة الأخيرة في السطر ذاته). (ملك) (الكلمة الأولى في السطر الثالث)([lxv]). ونص النقش بالحروف العربية كما يلي: 1- دنة نفشو فهرو. 2- برشلي ربوجزيمت. 3- مل تنوخ. وترجمته بالعربية كما يلي: 1- هذا قبر فهر. 2- ابن سلر مولى جزيمة (جزيمت) 3- ملك تنوخ([lxvi]). ومن الفوائد التي تعود على الباحث في درس وتفسير مشكلات الكتابة العربية في هذا النقش زيادة الواو في كلمة (عمرو) ـ كما سيتضح([lxvii]) ـ بأنها راجعة إلى التأثر بنظام الكتابة النبطية ويلاحظ في هذا النقش أنها زيدت في كلمة (فهرو). ثانياً: وجد هذا النقش في النمارة وهي من أعمال حوران وهو مؤرخ في سنة 223م من سقوط سلع أي في سنة 328م، وترجع أهمية دراسة هذا النقش إلى ما يشتمل عليه من تراكيب عربية فصيحة مثل جملة "فلم يبلغ ملك مبلغه"، وأداة التعريف (أل) في كلمة "العرب والأسدين والشعوب" وهذا يدل على غلبة النفوذ العربي، كما يدل على انتشار الخط النبطي بين العرب وملوكهم([lxviii])، يضاف إلى هذا أن هذا النقش يعد بين العربية إذا هو عربي في أكثر لغته عربي في صورة خطة وهو في مرحلة تاريخية تظهر في وضوح جلي تطور الخط العربي إذا ما قيس بالنقوش السابقة التي ترجع إلى القرن الثالث الميلادي([lxix]). كذلك يوجد في هذا النقش جميع التكسير كما في "ملوكهم" و "الشعوب" وثابت أن جموع التكسير في اللغات السامية لا ترد إلا في اللغات الجنوبية أي العربية بفرعيها الشمالي والجنوبي والحبشية أما اللغات السامية الأخرى فليس فيه هذا الجمع إلا على قلة مختلف فيها وذلك فجمع التكسير في هذا النفش دليل آخر على خصائصه العربية([lxx]). ونص هذا النقش بحروف عربية كما يلي: 1- تي نفس مر القيس بر عمر وملك العرب ذو أسر التاج. 2- وملك الأسدين ونزرو وملوكهم وهرب مذحجو عكدي وجا. 3- بزجى في حبج نجران مدينة شمر وملك معدو ونزل بنيه. 4- الشعوب ووكلهن فرسو لروم فلم يبلغ ملك مبلغه. 5- عكدى هلك سنة 223 يوم 7 بكسلول بلسعد ذو ولده([lxxi]). وترجمته إلى العربية كما يلي: 1- هذا قبر (هذه نفس) أمريء القيس بن عمرو ملك العرب كلها الذي نال (عقد) التاج. 2- وملك قبيلتي الأسدين ونزار وملوكهم وهزم (وشتت) مذحجاً بقوته وقاد. 3- باندفاع (الظفر) بانتصار في مشارف (إلى أسوار) نجران مدينة شمر وملك معد وولي واستعمل بنيه أنباءه على القبائل كلهم فرساناً للروم. 4- الشعوب ووكله الفرس والروم ـ فلم يبلغ ملك مبلغه. 5- في القوة هلك سنة 223 يوم 7 بكلسلول ليسعد الذي وله([lxxii]). ثالثاً: نقش زبد: وجد هذا النقش في زبد وهي خربة موجودة بين قنسرين ونهر الفرات وهو مكتوب بثلاث لغات: اليونانية والسريانية والعربية ويرجع تاريخه إلى سنة 511م([lxxiii]). وتعود أهمية هذا النقش إلى قرب عهده بظهور الإسلام، كما أن خطة قريب الشبه بالخط الكوفي الإسلامي([lxxiv]) وإن كانت بعض كلماته غير مقروءة وهي لا تعدو كلمة واحدة في السطر الأول وكلمة أو كلمتين في آخر السطر الثاني أما سائر كلماته فهي عربية الكتابة على اختلاف الدارسين في قراءاتها([lxxv])، وقد قرأه بعضهم على النحو التالي: 1- بسم الإله شرحوبر .. مع فيموو ... بر مر القيس. 2- وشرحو بر سعدو وسترو (شر) يحو. على حين قرأه بعضهم على النحو التالي: 1- ينصر الإله سرجو بر امت منفو وهنئ بر مرئ القيس. 2- وسر جوبر مسعدو وسترو وسريجو([lxxvi]). رابعاً: وجد هذا النقش منقوشاً على حجر فوق باب كنيسة بــــ"حران اللجا" في المنقطة الشمالية من جبل الدوز وهو مكتوب العربية واليونانية ومؤرخ في سنة 568م([lxxvii]). "ويقول المستعربون إن هذا النقش يعود لأمير من كنده وضعه على باب كنيسة بمناسبة افتتاح الكنيسة التي أقيمت للقديس يوحنا المعمدان([lxxviii])". "ويرجع أهمية هذا النقش إلى أنه أول نص عربي جاهلي كامل في كلماته لذلك يعتبر هذا النقش أعظم النقوش الجاهلية حتى الآن قرباً من الخط العربي في القرن الأول الهجري([lxxix])". وقد استطاع ليتمان قراءته وكان نصه العربي على النحو التالي: 1- أنا شرحبيل بر (بن) طلمو (ظالم) بنيت ذا المر طول 2- سنت (سنة) 463 بعد مفسد. 3- خيبر. 4- بعم (بعام)([lxxx]). وتفيد كتابة هذا النقش في تفسير بعض مشكلات الكتابة العربية مثل حذف همزة الوصل في كملة (ابن) في بعض المواضع([lxxxi]) كما نفيد كتابته في تفسير بعض ظواهر رسم المصحف مثل رسم تاء التأنيث المربوطة تاءً مفتوحة كما في سنت (سنة) وبعد فتلك هي النقوش التي حملت للدارسين الدليل المادي القاطع بأن الكتابة العربية هي وليدة الكتابة النبطية وإذا كان الأمر كذلك فما تلك الخصائص التي جمع بين الكتابة الأم (النبطية) ووليدتها (الكتابة العربية)؟. بالمقارنة بين الكتابتين النبطية والعربية اتضح للدارسين أن الكتابة العربية تحمل كثيراً من خصائص الكتابة النبطية من هذه الخصائص: 1- "أن كل كلمة تجمع حروفها برباط يربطها ببعضها إلا الحروف التي رأيناها من النقوش النبطية تتمرد على هذا القانون ولا تربط بالحروف التي تليها مثل: الألف والدال والواو والزاي والراء([lxxxii])"، ففي نقش النمارة ـ مثلاً ـ يلحظ أحرف الكلمة الثانية من السطر الأول (نفس) مرتبطة بخط يجمعها من أسفل وكذلك أحرف الكلمة الأخيرة من السطر الرابع (مبلغه) ويبدو أن كلمة (بر) (لابن) من أولى الكلمات الثنائية التي كتبت متصلة وبالتدريج أخذ الربط يستعمل في غيرها من الكلمات الثنائي، وبعد ذلك أخذ يستعمل في الكلمات التي تحتوي على أكثر من رمزين كتابيين([lxxxiii]). 2- اختلاف أشكال بعض الحروف بحسب موقعها في الكلمة ومما يظهر هذه الطريقة ما جاء في نقش النمارة من ذلك مثلاً ـ الاختلاف بين الهاء الواقعة في أو الكلمة أو ووسطها وبين الهاء الواقعة في آخر الكلمة نحو "هلك ـ وكلهن ـ بنيه"([lxxxiv]). ولعل هذا يفسر أو يساعد في تفسير مشكلة تعدد صور الحرف الواحد التي أصبحت تعاني منها العربية لاسيما في الطباعة ـ كما سيتضح. 3- أن بعض أسماء الأعلام تكتب بواو في آخرها وتحتفظ العربية من هذه الظاهرة بواو عمرو([lxxxv]). 4- تتميز النقوش العربية القديمة بأن حروفها غير معجمة أي بدون تنقيط وهي تتفق في ذلك مع الكتابة النبطية([lxxxvi]). 5- كذلك تتميز هذه النقوش بأنها تكتب تاء التأنيث بالتاء وبالهاء كما هو الحال في الكتابة النبطية مع أن أغلب العرب يلفظونها هاءً في حالة الوقف كما يظهر ذلك من الكتابات العربية المتأخرة([lxxxvii]). تلك هي الظواهر المشتركة بين الكتابتين العربية والنبطية تقف هذه الظواهر إلى جوار النقوش معضدة كون الكتابة العربية وليدة الكتابة النبطية بما لا يدع مجالاً للشك في بيان أصل الكتابة العربية. [i] - ينظر ـ مثلاً تفسير زيادة الألف في كلمة (مائة) ص189 من هذه الدراسة وتفسير زيادة الواو في كلمة (عمرو) ص201 من هذه. [ii] - في علم الكتابة العربية لأستاذي الدكتور ـ عبد الله ربيع ص3 – 59. [iii] - أدب الكتابة للصولي تصحيح محمد بهجة الأثري ص28 ط المطبعة السلفية 1341هـ. [iv] - كشف الظنون ص 20 – 1/707 [v] - في علم الكتابة العربية ـ ص60 نقلاً عن الصاحبي ص 10 ويقارن ص10 ط الحلبي د.ت. [vi] - صبح الأعشى 3/11 ط المطابع الأميرية 1912م "وهذا الحديث سئل عنه الحافظ ابن حجر الشافعي فقال: لا أصل له ولوائح الوضع عليه ظاهرة ولاسيما في آخره فهو كذب قطعاً "تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة لأبي الحسن علي محمد بن عراف الكناني تح عبد الوهاب عبد اللطيف د. عبد الله محمد الصديق 1/250 ط 2 دار الكتب العلمية بيروت 1981م. [vii] - المزهر للسيوطي تح محمد أحمد جاد المولى وآخرين 2/343 ط الحلبي د.ت. [viii] - المزهر للسيوطي 349. [ix] - تطور الكتابات والنقوش في الحجاز منذ فجر الإسلام حتى منتصف القرن السابع الهجري. محمد فهد عبد الله الفعر ص116 بتصرف ط(1) دار تهامة للنشر جد ـ 1984م نقلاً عن: تاريخ القرآن د. عبد الصبور شاهين ص63 ويقارن بتاريخ القرآن د. عبد الصبور شاهين ص79 ط1990م معهد الدراسات الإسلامية بالقاهرة. [x] - تطور الكتابات والنقوش في الحجاز ـ محمد فهد عبد الله العفر ص166 بتصرف نقلاً عن: د. عبد الصبور شاهين تاريخ القرآن ط القاهرة ص63 ويقارن بتاريخ القرآن عبد الصبور شاهين ص79 ط معهد الدراسات الإسلامية بالقاهرة 1990م. [xi] - في علم الكتابة العربية لأستاذي الدكتور عبد الله ربيع ص3 – ص59 هامش (1) ويقارن بــ: تاريخ القرآن د. عبد الصبور شاهين ص78 بتصرف. [xii] - الفهرست لابن النديم ص6 دار المعرفة د.ت. [xiii] - أصل الخط العربي وتاريخ تطوره إلى ما قبل الإسلام د. خليل يحى نامي ص2، بتصرف ط مطبعة بول باربيه1935م. [xiv] - في علم الكتابة العربية ص3 – 61 بتصرف. [xv] - في علم الكتابة العربية ص3 – ص61 بتصرف. [xvi] - سر صناعة الإعراب لابن جنى تح مصطفى السقا وآخرين 1/45 ط الحلبي 1954م. [xvii] - في علم الكتابة العربية ص3 – 63 نقلاً عن المقدمة ص418 ويقارن بالمقدمة لابن خلدو ص 395 ط3 بولاق 1320هـ [xviii] -القاموس المحيط للفيروز آبادي مادة (ج ز م) ط (2) الرسالة بيروت 1987م. [xix] - في علم الكتابة العربية لأستاذي الدكتور عبد الله ربيع ص64 نقلاً عن الفهرست ص8 ، 9 ويقارن بالفهرست لابن النديم ص32 ـ 2 ص8 [xx] - السابق ص64 بتصرف يسير. [xxi] - اللغة العربية في عصور ما قبل الإسلام د. أحمد حسين شرف الدين ص37 ط مطابع سجل العرب 1975م. [xxii] - أصل الخط العربي د. خليل يحيى نامي ص33 – ص4 [xxiii] - الخط العربي وأدوات الكتابة د. مجاهد توفيق الجندي ص(و) من المقدمة ط2 1993م. [xxiv] - في علم الكتابة العربية لأستاذي الدكتور عبد الله ربيع ص3 – 64 – 65 بتصرف. [xxv] - اللغة العربية في عصور ما قبل الإسلام د. أحمد حسين شرف الدين ص35 ـ ص37 ، 38. [xxvi] - ينظر الحديث بتمامه ص31 من هذه الدراسة. [xxvii] - تاريخ الخط العربي وأدابه محمد مظاهر عبد القادر الكردي ص48 ط (2) 1982م. [xxviii] - قصة الكتابة العربية د. إبراهيم جمعة ص9 بتصرف دار المعارف سلسة كتابك عدد 53. [xxix] - تطور الكتابات والنقوش في الحجاز ـ الفعر ـ ص32 ـ ص123. [xxx] - فتوح البلدان للبلاذري تح: عبد الله أنيس الطباع وعمر أنيس الطباع ص659، 660 ط مؤسسة المعارف ـ بيروت 1987م. [xxxi] - المصاحف لأبي دواود السجستاني ص9 ط (1) دار الكتب العلمية بيروت 1985م. [xxxii] - في علم الكتابة العربية لأستاذي الدكتور عبد الله ربيع ص3 – ص67بتصرف. [xxxiii] - تطور الكتابات والنقوش في الحجاز ـ الفعر ـ ص32 ص 126بتصرف. [xxxiv] - أدب الكتابة للصولي ص30 ـ ص30 بتصرف. [xxxv] - دراسة في مصادر الأدب د. الطاهر أحمد مكي ص30 بتصرف ط5 دار المعارف 1980م. [xxxvi] - في علم الكتابة العربية لأستاذي الدكتور عبد الله ربيع محمود ص68 ويقارن بـقصة الكتابة العربية د. إبراهيم جمعة ص36 ـ ص4. [xxxvii] - في علم الكتابة العربية ص69. [xxxviii] - السابق ص69. [xxxix] أصل الخط العربي د. خليل نامر ص33 ص 3 بتصرف. [xl] - التنبيه على حدوث التصحيف حمزة الأصفهاني تح: محمد حسن آل ياسين ص56، 57 بتصرف يسير جداً ط مطبعة المعارف بغداد 1967م. [xli] - العين للخليل بن أحمد ص6 ـ مادة (ن ـ ب ـ ط). [xlii] - في علم الكتابة العربية لأستاذي الدكتور عبد الله ربيع ص 3 ـ ص70. [xliii] - تاريخ اللغات السامية د. إسرائيل ويلنفسون ـ ص13 ـ 70. [xliv] - الحرف العربي ـ الصويعي ص9 ـ ص48 هامش 8. [xlv] - في علم الكتابة العربية لأستاذي الدكتور عبد الله ربيع ص3 ـ ص70 بتصرف. [xlvi] - محاضرات أدبيات الجغرافيا والتاريخ واللغة عند العرب للمستشرق جويدي ص18 ـ ص88. [xlvii] - أصل الخط العربي د. خليل يحى نامي ص 33 ـ ص8 بتصرف. [xlviii] - تطور الكتابات والنقوش في الحجاز ـ الفعر ـ ص32 ـ 33 بتصرف نقلاً: جورجي زيدان: العرب قبل الإسلام ص92 ، 93 وأصل الخط العربي خليل يحى نامي ص72 ، 73. [xlix] - تاريخ اللغات السامية د. إسرائيل ويلنفيسون ص134. [l] - الخطاطة د. عبد العزيز الدالي ص 24 بتصرف ط الخانجي 1980م. [li] - اللغة النبطية مكانتها بين اللغات السامية د. عبد الفتاح البركاوي ص 530 بتصرف مجلة كلية اللغة العربية بالقاهرة العدد الثاني 1984م. [lii] - أصل الخط العربي د. خليل يحيى نامي ص33 – ص25 بتصرف [liii] - أصل الخط العربي د. خليل يحى نامي ص26 بتصرف. [liv] - نشأة الكتابة الفنية عند العرب د. حسين نصار ص19 بتصرف ط(1) مكتبة النهضة المصرية 1954م. [lv] - أصل الخط العربي د. خليل نامي ص 26 بتصرف. [lvi] - تاريخ العرب قبل الإسلام د. جواد علي 1/180 ـ 190 بتصرف ط المجمع العلمي العراقي. [lvii] - السابق ج7/60 بتصرف. [lviii] - السابق ج7/71 بتصرف. [lix] في علم الكتابة العربية لأستاذي الدكتور عبد الله ربيع ص3 ـ ص71 بتصرف. [lx] - في الكتابة العربية لأستاذي الدكتور عبد الله ربيع ص3 ـ ص71، 72 بتصرف. [lxi] - السابق ص72. [lxii] - السابق ص73. [lxiii] - أصل الخط العربي د. خليل يحيى نامي ص33 ص9. [lxiv] - أصل الخط العربي د. خليل نامي ص33 ـ ص69 بتصرف. [lxv] - مصادر الشعر الجاهلي د. ناصر الدين الأسد ـ ص20 – ص27 وينظر صورة النقش ش رقم 33 ص ؟؟؟ من هذه الدراسة. [lxvi] - في علم الكتابة العربية لأستاذي الدكتور عبد الله ربيع ص3 – ص72 ويقارن بالخطاطة د. عبد العزيز الدالي ص42 ـ ص28. [lxvii] - ينظر ص 201 من هذه الدراسة. [lxviii] - أصل الخط العربي د. خليل يحى نامي ص33 ـ ص71 بتصرف. [lxix] - مصادر الشعر الجاهلي د. ناصر الدين الأسد ص20 – ص29 بتصرف. [lxx] - الكتابة العربية والسامية د. رمزي بعلبكي ص161 بتصرف ط(1) دار العلم للملايين ببيروت 1981م. [lxxi] - ينظر صورة هذا النقش في ش رقم 34 من ملحق الأشكال ص ؟؟ ؟؟ من هذه الدراسة. [lxxii] - الخطاطة د. عبد العزيز الدالي ص42 ـ ص29 ـ 30 ويقارن بــ: في علم الكتابة العربية لأستاذي الدكتور عبد الله ربيع ص3 – ص74، 75 والكتابة العربية والسامية د. رمزي بعلبكي ص46 . ص70 وقد أوردت هذه المراجع المتعددة نظراً لاختلاف قراءته بين الباحثين. [lxxiii] - أصل الخط العربي د. خليل يحيى نامي ص33 ص 89. [lxxiv] - في علم الكتابة العربية لأستاذي الدكتور عبد الله ربيع ص76 بتصرف ويقارن بــ: مصارد الشعر الجاهلي د. ناصر الدين الأسد ص20- 29 بتصرف. [lxxv] - الخطاطة د. الدالي ص42 ـ ص31 بتصرف. [lxxvi] - في علم الكتابة العربية ص76 والكتابة العربية والسامية د. بعلبكي ـ 149 وما بعدها والخطاطة للدكتور ـ الدالي ص32 وينظر صورة هذا النقش في ش رقم 35 من ملحق الأشكال ص؟؟؟؟ من هذه الدراسة. [lxxvii] - أصل الخط العربي د. خليل يحى نامي ص33 ـ ص90 بتصرف. [lxxviii] - الخطاطة د. الدالي ص42 ـ ص32. [lxxix] - في علم الكتابة العربية لأستاذي الدكتور عبد الله ربيع ص3 – ص76 نقلاً عن: الفعر ص142. [lxxx] - السابق ص76 وينظر صورة هذا النقش في ش 36 من ملحق الأشكال ص؟؟ [lxxxi] - ينظر ص ؟؟؟ من هذه الدراسة. [lxxxii] - أصل الخط العربي د. خيل نامي ص33 ـ ص100 [lxxxiii] - الكتابة العربية والسامية د. رمزي بعلبكي ص46 ص171 ، 172بتصرف. [lxxxiv] - الكتابة العربية والسامية ص173 بتصرف ويقارن بــ أصل الخط العربي د. نامي ص33 – ص100، 101. [lxxxv] - الكتابة العربية والسامية ص176 واصل الخط العربي د. نامي ص101. [lxxxvi] - أصل الخط العربي د. نامي 101 [lxxxvii] - السابق نفس الصفحة بتصرف. |
الساعة الآن 09:50 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by