الإجابة:
وفي الحديث الشريف: عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من عال جارتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين".
وفي المثال: "ما جاءني إلا أنت وعلي."
نجد أن ضمير التوكيد لا يتوافق مع صيغة الفعل: "جاء" – غائب، و"أنا" - متكلم ، و"أنت" – مخاطب
سؤالي: لماذا اختلف الضمير والفعل في الصيغة، ألأن الضمير مفصول عن الفعل؟
الإجابة:
أما الحديث: "جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين" فـ(أنا) مبتدأ، وليس توكيدًا، و: (هو) معطوف على (أنا) و(كهاتين) خبر المبتدأ، والجملة حال، وصاحب الحال هو فاعل "جاء" وهو ضمير تقديره (هو) يعود على (مَنْ) المتقدمة. فلا يوجد في الحديث أي اختلاف للضمائر، لأن الفعل مسند لضمير الغائب المستتر، وليس لـ(أنا).
وأما " ما جاء إلا أنت وعلي" فما بعد (إلا) تصح فيه ضمائر الرفع المنفصلة كلها؛ لأن الأصل في المتصل إذا وقع بعد (إلا) أن ينفصل، تقول: ما جاء إلا أنا، وإلا أنت، وإلا هو. ولا فرق بينها، لأن هذه الصيغة عامة، والاستثناء مفرَّغ، ولها تخريجان اثنان: الأول: أن "ما جاءني إلا أنت" معناه وتقديره: جئتني أنت وحدك. وفي "ما جاءني إلا هو" : جاءني هو وحده. فلما وقع ضمير الفاعل بعد (إلا) انفصل، وهو (التاء) في الجملة الأولى، و(هو) المستتر في الجملة الثانية. والتخريج الثاني: أن المعنى: ما جاءني أحد إلا أنت. فحذفت (أحد) وهو الفاعل لكونه جنسا عاما، فالضمير الذي وقع بعد (إلا) بدل من (أحد) وكلمة (أحد) هذه نكرة في سياق النفي، فهي عامة يصح أن يُبدل منها أي ضمير: متكلم، ومخاطب، وغائب، ولا فرق. فالاستثناء مفرَّغ للعموم. ومن منع هذا التخريج بنى منعه على عدم جواز حذف الفاعل، وذهب إلى التخريج الأول، وكلاهما صحيح. وما ذهب إليه السائل من أن الضمير للتوكيد غير صحيح. والله أعلم.
نقول: أساعد أنا وأخي أبانا.
ونقول: نساعد أنا وأخي أبانا.
سألت، جزاه الله خيرا، أحد الدعاة الذين قدموا في بداية تسعينات القرن الماضي إلى الشيشان عن الضمير (أنا) في الجملة الثانية فأجابني بأنه ضمير "تفصيل".
لم أقرأ ولم أسمع عن هذا. هل عندكم توضيح لهذا؟
الإجابة:
إذا قلت: "أساعد أنا وأخي أبانا" فالضمير (أنا) توكيد لضمير الفاعل المستتر في (أساعد) و(أخي) معطوف على (أنا) كقول الله تعالى: {اسْكُنْ أنتَ وَزَوْجُكَ الجنَّةَ}وقوله: {اذْهَبْ أنتَ وأخوك بِآياتي...}
وإذا قلت: " نساعد أنا وأخي أبانا" فالضمير (أنا) والمعطوف(أخي) كلاهما توكيد لضمير الفاعل المستتر في (نساعد) وهو: نحن. كقول الله تعالى: " أفرأيتُمْ ما كنْتُمْ تَعبُدُونَ أنتمْ وآباؤكمْ الأَقْدَمُونَ} وقوله تعالى{لَأَغْلِبَنَّ أنا ورُسُلي} فإن الضمير (أنا) توكيد للضمير المستتر في (أغْلِبَنَّ) و(رسلي) معطوف، وهذا التوكيد تفصيل بعد إجمال ـ كما ورد في إجابة المسؤول ـ ولا يُؤتى به إلا عند الحاجة؛ لأن الكلام تام بدونه. والله أعلم.
هل يصح مثل هاتين الجملتين:
أبونا ترك لنا أنا وأخي الصغير مالا.
أبونا أعطانا أنا وأنت نقودا.
وإذا كان ذلك يصح، فهل الضمير (أنا) صمير تفصيل؟
الإجابة:
هاتان الجملتان صحيحتان كلتاهما، وقوله: "أنا وأخي الصغير" تفصيل لما أُجْمِل بالضمير في "لنا" و(أنا) توكيد لهذا الضمير، وأخي معطوف على (أنا) كقول الله تعالى: {سَمَّيتُموها أَنتُم وآباؤكُم} وكذا يقال في الجملة الثانية: "أعطانا أنا وأنت نقودًا} ففيها تأكيد ضمير المفعول (نا) بالضميرين (أنا وأنت) تفصيلا بعد إجمال، ومثل هذا التأكيد قول الله تعالى{لقدْ وُعِدْنا نحنُ وآباؤنا هذا مِنْ قَبْلُ}لأن الضمير المنفصل يؤكد به المرفوع والمجرور والمنصوب، تقول: سألتَ أنت، ونظرتُ إليك أنتَ، ورأيتكَ أنتَ. وأما قول السائل: "وهل الضمير (أنا) ضمير تفصيل؟" فهذا خطأ؛ لأنه لا يوجد ضمير يسمى ضمير تفصيل، وإنما يوجد ضمير فصْل، وليس بهذا. والله أعلم.
نقول إلى أين تذهبان أنت وأحمد مساء؟ - نذهب أنا وأحمد مساء إلى المسجد.
هل يجوز أن نقول:
- ذلك أحمد.
- إلى أين يذهبان هو وأخوه؟
- ذلك أحمد وأخته.
- إلى أين يذهبان هو وهي؟
الإجابة:
جميع هذه الصور جائزة، فاسم الإشارة (ذلك) يُشار به إلى كل غائب ومذكور عَينًا كان أو مَعنًى، وللمفرد والمثنى والجمع، وللمذكر والمؤنث، على معنى : الشيء المذكور، أو المشار إليه، لأنه لفظ عام، قال الله تعالى: {ذلك عيسى ابنُ مريم}وقال: {ذلك الكتاب لاريبَ فيه} وقال: {ذلك الذي يُبَشِّرُ اللهُ عبادَه الذِينَ آمنوا} وقال الله تعالى: {لافارِض ولا بِكْرٌ عَوانٌ بينَ ذلك} وقال تعالى: {وعادًا وثمودَ وأصحابَ الرَّسِّ وقُرونًا بين ذلك كثيرا} فإذا قلت: ذلك أحمد، أو: ذلك أحمد وأخته: فالمعنى: المشار إليه أحمد وأخته، أو: أشيرُ إلى أحمد وأخته، ونحو هذا من التأويل. وأما قول السائل: "يذهبان هو وأخوه، أو: يذهبان هو وهي" فهذا من جنس ما تقدمت الإجابة عنه في السؤال الذي قبل هذا، وهو من مجيء الضمير المنفصل مؤكِّدًا للمتصل ومعطوفا عليه ظاهر أو مضمر، وكل ذلك جائز، كما تقدم. والله أعلم.
نسأل: ما الأفعال الخمسة؟
فهل يجوز أن نقول: ما هي الأفعال الخمسة؟
فإذا كان ذلك يجوز فهل بينهما فرق؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابة:
إذا تقدم ذكر الشيء صح أن تَسأل عنه بقولك : ما هو؟ لأنك تسأل عن مذكور لا عن وصْفِه، فتقول: أخبرني عن الأفعال الخمسة ما هي؟ كأنك قلتَ: اذكرها لي. قال تعالى : {وأمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُه فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ وما أدْراكَ ما هِيَهْ}؟ ولذلك قال في الإجابة: {نارٌ حامِيَهْ}ولم يزد. وإذا كان السؤال عن التعريف بشيء لم يتقدم ذِكْرُ لفظه، فلا حاجة للضمير، فتقول: ما الأفعال الخمسة؟ تطلب وصفها، لأنها معلومة عندك، ولكن تريد معرفة حقيقتها. وتقول: ما اسمك؟ بمعنى اذكر لي اسمك. ولا يقال: ما هو اسمك؟ إلا إذا جرى له ذكْرٌ قبل ذلك. قال الله تعالى: {وما تلكَ بيمينك ياموسى}؟ ثم قال في الإجابة: { قال هي عصايَ ....} فأتي بلفظ (هي) هنا عائدًا على (العصا) المتقدم ذكرها، وأتى بالتفاصيل الواصفة لها بعد ذلك. والله أعلم.
اللجنة المعنيّة بالفتوى
د. عبد الله بن محمد بن المهدي الأنصاري
(عضو المجمع)
أ.د. عبد الرحمن بودرع
(نائب رئيس المجمع)
د. عبد العزيز بن علي الحربي
(رئيس المجمع)