مجمع اللغة العربية بمكة يطلق عضوياته الجديدة
لطلب العضوية:
اضغط هنا

لمتابعة قناة المجمع على اليوتيوب اضغط هنا

 


الانتقال للخلف   منتدى مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية > القسم العام > مقالات مختارة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )
 
مصطفى شعبان
عضو نشيط

مصطفى شعبان غير موجود حالياً

       
رقم العضوية : 3451
تاريخ التسجيل : Feb 2016
مكان الإقامة : الصين
عدد المشاركات : 12,782
عدد النقاط : 10
قوة التقييم :
جهات الاتصال : إرسال رسالة عبر Skype إلى مصطفى شعبان
افتراضي سطور في كتاب (9): من كتاب دراسات في فقه اللغة للدكتور صبحي إبراهيم الصالح

كُتب : [ 04-07-2017 - 04:06 AM ]


العربية الباقية وأشهر لهجاتها
من كتاب دراسات في فقه اللغة للدكتور صبحي إبراهيم الصالح

لقد أوضحنا أن اللغة العربية الباقية هي التي ما نزال نستخدمها في الكتابة والتأليف والأدب, وهي التي وصلتنا عن طريق الشعر الجاهلي والقرآن الكريم والسنة النبوية؛ لذلك تنصرف إليها "العربية" عند إطلاقها, والواقع أن الإسلام صادف -حين ظهوره- لغة مثالية مصطفاة موحدة, جديرة أن تكون أداة التعبير عند خاصة العرب لا عامتهم، فزاد من شمول تلك الوحدة وقوّى من أثرها بنزول قرآنه بلسان عربي مبين هو ذلك اللسان المثالي المصطفى1، وكان تحدّيه لخاصة العرب وبلغائهم أن يأتوا بمثله, أو بآية من مثله, أدعى إلى تثبيت تلك الوحدة اللغوية، على حين دعا العامة إلى تدبر آياته وفقهها وفهمها، وأعانهم على ذلك بالتوسعة في القراءات، ومراعاة اللهجات، في أحرفه السبعة المشهورة
والوحدة اللغوية التي صادفها الإسلام حين ظهوره، وقوّاها قرآنه بعد نزوله، لا تنفي ظاهرة تعدد اللهجات عمليًّا قبل الإسلام وبقاءها بعده، بل من المؤكد أن عامة العرب لم يكونوا إذا عادوا إلى أقاليمهم يتحدثون بتلك اللغة المثالية الموحدة، وإنما كانوا يعبرون بلهجاتهم الخاصة، وتظهر على تعابيرهم صفات لهجاتهم، وخصائص ألحانهم, قال ابن هشام: "كانت العرب ينشد بعضهم شعر بعض، وكلٌّ يتكلم على مقتضى سجيته التي فطر عليها, ومن ههنا كثرت الروايات في بعض الأبيات".
ويبدو أن اللغوين الأقدمين لم يعرضوا للهجات العربية القديمة في العصور المختلفة عرضًا مفصلًا يقفنا على الخصائص التعبيرية والصوتية لهاتيك اللهجات؛ لأنهم شغلوا عن ذلك باللغة الأدبية الفصحى التي نزل بها القرآن، وصيغت بها الآثار الأدبية في الجاهلية وصدر الإسلام.
وهم -لشعورهم بعدم توفرهم على دراسة هذا الموضوع دراسة دقيقة عميقة- كانوا يتخلصون من اختلاف اللهجات بالاعتراف بتساويها جميعًا في جواز الاحتجاج بها، بعد الاكتفاء بإشارات عابرة مبثوثة في كتبالرواية واللغة, إلى بعض تلك اللهجات. فهذا ابن جني على عنايته بدقائق الدراسة اللغوية لا يتردد في "خصائصه" في عقد فصل خاص حول ما سماه: "اختلاف اللغات وكلها حجة", وهو يقصد باللغات لهجات العربية المختلفة، وينصّ على جواز الاحتجاج به جميعًا، ولو كانت خصائص بعضها أكثر شيوعًا من خصائص بعضها الآخر, فيقول: "إلّا أن إنسانًا لو استعملها لم يكن مخطئًا لكلام العرب، لكنه يكون مخطئًا لأجود اللغتين؛ فأما إن احتاج إلى ذلك في شعر أو سجع, فإنه مقبول منه غير منعي عليه، وكذلك أن يقول: على قياس مَنْ لغته كذا كذا، ويقول: على مذهب مَنْ قال كذا كذا؛ وكيف تصرفت الحال؛ فالناطق على قياس لغة من لغات العرب مصيب غير مخطئ، وإن كان غير ما جاء به خيرًا منه".
ومن يعترف بأن اللغات كلها حجة، لا يتعذر عليه أن يتصور اجتماع لغتين فصاعدًا في كلام الفصيح، فحين قال الشاعر:
فَظَلْتُ لدي البيت العتيق أخيلهو ... ومِطْوايَ مشتاقانِ لَهْ أرقانِ
لم يكن عسيرًا على ابن جني أن يرى في إثبات الواو في "أخيلهو", وتسكين الهاء في قوله: "لَهْ" لغة جديدة انضمت إلى لغة الشاعر الفصيح، فليس إسكان الهاء في "لَهْ" عن حذفٍ لحق بالصنعة الكلمة،لكن ذاك لغة! ".
ومثل هذا الفصيح الذي يجتمع في كلامه لغتان فصاعدًا, ينصح ابن جني بتأمل كلامه، "فإن كانت اللفظتان في كلامه متساويتين في الاستعمال، كثرتهما واحدة، فإن أخلق الأمر به أن تكون قبيلته تواضعت في ذلك المعنى على تينك اللفظتين؛ لأن العرب قد تفعل ذلك للحاجة إليه في أوزان أشعارها، وسعة تصرف أقوالها"؛ وهكذا ينقل ابن جني تنوع الاستعمال من الفرد إلى القبيلة، أو قل: من الانحراف الشخصي إلى العرف الجماعي؛ تهربًا من الاعتراف بشذوذ الفرد، ما دام فصيحًا!!
وهذا التهرب واضح في دفاع ابن جني عن الفصيح, حين تكون إحدى اللفظتين أكثر في كلامه من صاحبتها، فهو يرى حينئذ أن التي كانت أقلَّ استعمالًا "إنما قلَّت في استعماله لضعفها في نفسه, وشذوذها عن قياسه، وإن كانت جميعًا لغتين له ولقبيلته"؟. ويستشهد على ذلك بحكاية أبي العباس عن عمارة قراءته {وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} بنصب النهارَ, وأن أبا العباس قال له: ما أردت؟ فقال: أردت سابقٌ النهارَ, فعجب أبو العباس لم لم يقرأه عمارة على ما أرداه فقال له: فهلّا قلته؟ فقال عمارة: لو قلته لكان أوزن: أي أقوى!
والنتيجة المنطقية لهذه المقدمات أن تتساوى اللغتان القوية والضغيفة في كلام الفصحاء، فهم "قد يتكلمون بما غيره عندهم أقوى منه، وذلك لاستخفافهم الأضعف؛ إذ لولا ذلك لكان الأقوى أحق وأحرى فلا ضير إذن أن يقول الشخص الواحد في المسمَّى الواحد: رُغوة اللبن, ورَغوته، ورِغوته، ورُغاوته، ورِغايته، ورُغايته, فـ "كلما كثرت الألفاظ على المعنى الواحد كان ذلك أولى بأن تكون لغات لجماعات اجتمعت لإنسان واحد، من هنا وهناك".
وأطرف من ذلك كله أنه يخلص ابن جني إلى تداخل اللغات وتركّبها، فيصم بضعف النظر وقلة الفهم كل من يفسر هذا التداخل بالشذوذ، أو ينسبه إلى الوضع في أصل اللغة، ولا يتردد في الاحتجاج لثبوت تركب اللغات بحكاية يرويها عن الأصمعي أنه قال: "اختلف رجلان في الصقر، فقال أحدهما: "الصقر" بالصاد، وقال الآخر: "السقر" بالسين، فتراضيا بأول وراد عليهما، فحكيا له ما هما فيه، فقال: لا أقول كما قلتما, إنما هو "الزقر! ", ويعلق ابن جني على هذا بقوله: "أفلا ترى إلى كل واحد من الثلاثة، كيف أفاد في هذه الحالة، إلى لغته لغتين أخريين معها؟ وهكذا تتداخل اللغات! ".
وابن فارس نظر إلى هذا الموضوع أيضًا من خلال المنظار نفسه،فبعد أن ذكر صورًا متباينة من اختلاف لغات العرب، وصرَّح بأنها "كانت لقوم دون قوم" لم يرتب في تداولها على ألسنة العرب، على ما كان في بعضها من اللغات الضعيفة، "فإنها لما انتشرت تعاورها كلٌّ". فهل على أبي حيّان من حرج بعد هذا إذا رأى أن "كل ما كان لغةً لقبيلة قيس عليه"؟ .
وعلى هذا الأساس من تساوي جميع اللهجات العربية في جواز الاحتجاج بها، لم تكن ثمة بواعث قوية تحمل القدامى على العناية باللهجات عناية خاصة، فوقعوا في كثير من التناقص حين استنبطوا قواعدهم النحوية والصرفية من كل ما روي عن القبائل، وأقحموا على الفصحى خصائص اللهجات المتباينة بوجوهها المتعددة، ولم يصدروا -كما قال الأستاذ سعيد الأفغاني- في تنسيق شواهدهم عن خطة محكمة شاملة؛ فأنت تجد في البحث من بحوثهم قواعد عدة، هذه تستند إلى كلام رجل من قبيلة أسد، وتلك إلى كلام رجل من تميم، والثالثة إلى كلمة لقرشيّ, وتجد على القاعدة تفريعًا دعا إليه بيت لشاعر جاهلي، واستثناء مبنيًّا على شاهد واحد اضطر فيه الشاعر إلى أن يركب الوعر حتى يستقيم له وزن البيت!! ". ومنشأ هذا كله خلطهم بين اللغة الأدبية المثالية الموحدة, التي هي لغة الخاصة, وبين لهجات التخاطب العامة لدى القبائل الكثيرة المشهورة، على حين أنَّ شرط اللغة هو الاطراد والتوحيد في الخصائص ويزداد الأمر تعقيدًا بعد ذلك، فتدرس اللهجات في ضوء ما وضعه النحاة من القواعد والمقاييس، ويحكم عليها -مع تنوع أصولها- من وجهة نظر واحدة, هي مطابقتها أو مخالفتها لهاتيك القواعد، كما فعل الهمذاني "334 " في "صفة جزيرة العرب".
والحق أن العرب -ككل شعوب العالم- كانوا قبل الإسلام وبعده منقسمين إلى فئتين؛ فئة الخاصة التي كانت تتطلع إلى صقل لغتها وتحسينها، فتسمو في تعابيرها إلى مستوى أرفع من مستوى التخاطب العادي، وفئة العامة التي كانت تكتفي بحظ قليل من فصاحة القول وبلاغة اللتعبير، وتمضي تبعًا لتقاليدها الخاصة وبيئاتها الجغرافية الخاصة إلى الاستقلال في صياغة جملها وتركيب مفرداتها ولحن أصواتها. ومما لا ريب فيه أن البيئة الحضرية في مكة والمدينة كانت بضرورة الحال تختلف لهجاتها عن لهجات البيئات البدوية المنعزلة التي لا تكاد تستقر على حال, فمهما تكن اللغة العربية قد صُقِلَت وتوحدت قبل الإسلام، ومهما تكن وحدتها قد قويت وتمت بعد الإسلام، لا يسعنا أن نتصورها إذ ذاك إلّا مؤلفة من وحدات لغوية مستقلة منعزلة, متمثلة في قبائلها الكثيرة المتعددة. على أن الكتب التي عرضت لتلك اللهجات كثيرًا ما تغفل أسماء قبائل معينة تنسب إليها لهجةٌ ما، ومن خلال الكتب المذكورة -على ندرتها- نستنتج أن أشهر القبائل التي تورى لها لهجات خاصة تختلف عن اللغة الأدبية المثالية اختلافًا ذا بالٍ هي: تميم وطيئ وهذيل، وهي جميعًا قبائل معروفة بالفصاحة، بدوية ضاربة في أنحاء الصحراء.ومع كثرة من ينتمي إلى هذه القبائل من الشعراء يلاحظ أن أحدًا من رجال الطبقة الأولى لم ينسب إليها، وإنما كان المنتسبون إليها من الجاهليين مقلِّين، لا يروى عنهم إلا النزر اليسير, فمن التميميين أوس بن حجر، وسلامة بن جندل، وعلقمة بن عبدة، وعديّ بن زيد، وعمرو بن الأهتم، والبرَّاق بن رَوْحَان، والأسود بن يعفر, ومن الطائيين حاتم الطائي، وأبو زبيد الطائي، وإياس بن قبيصة, ومن الهذليين: أبو ذؤيب الهذلي، وعامر بن حُلَيْس، وخويلد بن خالد.
وإذا آثرنا عدم التوسع في اللهجات -حتى لا يطول بنا البحث كثيرًا والمقام لا يسمح له- فإن أقصى ما يُغْتَفَرُ لنا الاقتصار عليه من لهجات العربية الباقية مجموعتان رئيستان عظيمتان، إحداهما حجازية غربية أو كما تُسَمَّى أحيانًا "قرشية", والأخرى نجدية شرقية, أو كما تدعى أحيانًا "تميمية"، فهذه القسمة الثنائية الرئيسة للهجات العربية الباقية, هي الحد الأدنى لتلك المجموعة الواسعة من الوحدات اللغوية المنعزلة المستقلة. وليستحيلنَّ علينا بدون هذه القسمة أن نعلل تعليلًا علميًّا صحيحًا وجود تِعْلم ونِعْلم بكسر حرف المضارعة إلى جانب تَعْلم ونَعْلم، ووجود حُمْر وجُمْعة إلى جانب حُمُر وجُمُعة، ووجود حَقِدَ يَحْقَدُ إلى جانب حَقَدَ يَحْقِدُ، ووجود مَدْيون إلى جانب مَدِين، ومُرْيَة ومِرْيَة، وهيهات وأيهات، وأمثال ذلك أكثر مما نتصور، والخلاف حوله في أصل لهجتي قريش وتميم أوسع نطاقًا مما نُقَدِّرُ أو نستشعر, وسنرى أن لهجة قريش، التي جعلتها العوامل السياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية اللغة العربية الفصحى المقصودة عند
الإطلاق، لم تكن في جميع الحالات أقوى قياسًا من لهجة تميم؛ بل كثيرًا ما تفوقها في بعض ذلك تميم، ولكنها -أي القرشية- باعتراف من جميع القبائل وبطواعية واختيار من مخلتف لهجاتها، كانت أغزرها مادةً، وأروقها أسلوبًا، وأغناها ثروة، وأقدرها على التعبير الجميل الدقيق الأنيق في أفانين القول المختلفة؛ "فقد ارتفعت قريش في الفصاحة عن عنعنة تميم، وكشكشة ربيعة، وكسكسة هوازن، وتضجع قيس، وعجرفية ضبة، وتلتلة بهراء". ولقد أكد الفراء صفاء لغة قريس, وأوضح أسرار ذلك الصفاء بقوله: "كانت العرب تحضر الموسم في كل عام، وتحج البيت في الجاهلية، وقريش يسمعون لغات العرب فما استحسنوه من لغاتهم تكلموا به، فصاروا أفصح العرب، وخلت لغتهم من مستبشع اللغات ومستقبح الألفاظ", لذلك اصطنعت لغة قريش وحدها في الكتابة والتأليف والشعر والخطابة، فكان الشاعر من غير قريش يتحاشى خصائص لهجته، ويتجنب صفاتها الخاصة في بناء الكلمة وإخراج الحروف وتركيب الجملة، ليتدث إلى الناس بلغة ألفوها، وتواضعوا عليها، بعد أن أسهمت عوامل كثيرة في تهذيبها وصقلها.
وفي كتب اللغة إشارات إلى بعض المذموم من لهجات العرب؛ من ذلك الكشكشة, وهي في ربيعة ومضر، يجعلون بعد كاف الخطاب في المؤنث شيئًا، فيقولون: رأيتكش، وبكش وعليكش، فمنهم من يثبتها حالة الوقف فقط، وهو الأشهر، ومنهم من يثبتها في الوصل أيضًا، ومنهم من يجعلها مكان الكاف ويكسرها في الوصل ويسكّنها في الوقف، فيقول: مِنْش وعَلَيْش. وفي ذلك أنشد قائلهم:
فعيناشِ عيناها، وجيدشِ جيدُها ... ولونُشِ، إلا أنها غيرُ عاطلِ
ومن ذلك الفحفحة في لغة هذيل، يجعلون الحاء عينًا.
ومن ذلك الطُمْطُمانية في لغة حِمْيَر؛ كقولهم: طاب امهواء, أي: طاب الهواء.
ومن ذلك: العَجْعَجة في لغة قضاعة، يجعلون الياء المشددة جيمًا، يقولون، في تميميّ: تميمج, وقال أبو عمرو بن العلاء: قلت لرجل من بني حنظلة: ممن أنت! قال: فُقَيْمجّ, فقلت: من أيهم؟ قال: مُرِّج، أراد فُقَيْميّ ومُرّيّ, ولذلك اشتهر إبدال الياء جيمًا ملطقًا في لغة فقيم, حتى أنشد شاعرهم:
خالي عُوَيْفٌ وأبو عَلجِّ ... المطعمان اللحم بالعشجِّ
وبالغداة فلق البرنجّ
ومن ذلك شنشنة اليمن؛ تجعل الكاف شينًا مطلقًا كلبّيش اللهم لبَّيْشَ، أي: لبيك.
ولخلخانيّة أعراب الشّحْر وعُمان، كقولهم: مشا الله كان, أي: ما شاء الله كان.
وعنعنة تميم، تقول في موضع أن: عن, أنشد ذو الرمة:
أعَنْ ترسّمت من خرقاء منزلة.
فلو أن شاعرًا ضمَّن شعره شيئًا من كشكشة ربيعة, أو طمطمانية حمير, أو عجعجة قضاعة، وغدا ينشده في بعض أسواق العرب لغلبوه على أمره بالمكاء والتصدية، ولصيروه أضحوكة من التهكم به والتندر عليه, ولكي تتصور مثل هذا الموقف تخيل رجلًا يكشكش الكافات في قول امرئ القيس من معلقته:
أغركِ مني أن حبكِ قاتلى ... وأنك مهما تأمري القلب يفعل
فهو سينشد البيت هكذا:
أغرَتَشْ مني أن حبتْشِ قاتلي ... وأنتشِ مهما تأمري القلب يفعل
وتخيل رجلًا آخر يطمطم لامات التعريف، فيسأل الرسول العربي -صلى الله عليه وسلم: هل من امبر امصيام في امسفر؟ يقصد: هل من البر الصيام في السفر، فيضطر -عليه السلام- لاستخدام لغته ليفهمه الحكم الشرعي فيجيبه "ليس من امبر امصيام في امسفر"
ثم تخيل رجلًا ثالثًا يجعجع الياءات المسبوقة بالعينات، فيقول: "الرّاعج خرج معج" بدلًا من "الراعي خرج معي".
فلا غرو بعد هذا كله إذا نزل القرآن بلغة العرب المثالية، وبارك توحّدها، وسما بها إلى الذروة العليا من الكمال, بعد أن كانت لهجة محدودة لإحدى قبائل العرب، ولا عجب إذا اقتصر على تحدّي خاصة العرب القادرين على التعبير بتلك اللغة الموحدة، ثم لا غرابة أخيرًا إذا تعددت وجوه قراءاته تخفيفًا على القبائل، وحلًّا لمعضلة تباين اللهجات.

رد مع اقتباس
 
 رقم المشاركة : ( 2 )
عبدالله بنعلي
عضو نشيط
رقم العضوية : 1630
تاريخ التسجيل : Apr 2014
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 6,053
عدد النقاط : 10
جهات الاتصال :

عبدالله بنعلي غير موجود حالياً

   

افتراضي

كُتب : [ 04-07-2017 - 11:11 AM ]


من موقع ذاكرة طرابلس وتراثها
الشيخ صبحي الصالح
التفاصيل
كتب بواسطة: د. محمود حمد سليمان
الصالح، صبحي
1345 هـ/1926 م – 1407 هـ/1986 م



هو الشيخ العلامة الدكتور صبحي بن ابراهيم الصالح. عالم، فقيه، مجتهد، أديب، لغوي، مجاهد، شهيد،. وله إسهامات يضيق المجال عن إحصائها كلها.
ولد صبحي عام 1926 م في مدينة الميناء الساحلية، التي تُشكِّل الامتداد الطبيعي والجغرافي لمدينة طرابلس/الشام، والتي عرفت عبر التاريخ بدورها العلمي الريادي، وبكونها ثغراً من ثغور الجهاد والرباط والمدافعة، ليس عن طرابلس فحسب، وإنما عن منطقة بلاد الشام كلها.
تلقّى علومه الأولى في إحدى المدارس الابتدائية في الميناء، ثم التحق بكلية التربية والتعليم الإسلامية بطرابلس، وكانت من المدارس الثانوية الهامة في المدينة، إذ تخرج منها معظم قادة الرأي والفكر في ذلك الزمن. ومن تلك الفترة وهو في الثانية عشرة من عمره، برز نبوغه وتفوقه على أقرانه، سيما وأنه اعتلى المنابر في سنّ مبكرة كخطيب مفوّه، وأكثَرَ من القراءة والمطالعة ومجالسة العلماء في المساجد. ولعل من أبرزهم الشيخ عبد الكريم عويضة، الذي فطن لنجابته وذكائه، فساعده في التوجه إلى الأزهر الشريف بمصر لاستكمال دراسته بعد أن نال إجازة الكلية في العلوم الدينية والشرعية.
سافر صبحي الصالح إلى القاهرة عام 1934 م، وانتسب إلى كلية أصول الدين في الأزهر، فحصل على الإجازة عام 1947 م، ثم على الشهادة العالمية عام 1949 م. وفي الوقت نفسه، كان يتابع الدراسة في كلية الآداب في جامعة القاهرة، فحصل على الليسانس في الآداب العربية بدرجة امتياز عام 1950 م.
عاد الشيخ صبحي الصالح إلى طرابلس، فمكث فيها فترة وجيزة، ثم شدّ الرحال ثانية إلى فرنسة، فأتقن لغتها في وقت قصير، ثم التحق بجامعة السوربون في باريس، فنال منها دكتوراه في الآداب عام 1954 م على أطروحته "الدار الآخرة في القرآن الكريم" و"الإسلام وتحديات العصر". وقد قدمهما باللغة الفرنسية التي كان قد بلغ فيها مستوى كبار كتابها وأدبائها.
بعد باريس، توجه صبحي إلى التعليم الجامعي، الذي أمضى فيه ما ينوف عن اثنين وثلاثين سنة. إذ بدأ بجامعة بغداد (1954-1956 م)، فجامعة دمشق (1956- 1963 م)، فجامعة بيروت العربية (1963-1986 م)، ثم الجامعة الأردنية (1971-1973 م)، فاللبنانية (1973-1983 م). وفي الجامعة اللبنانية، انتخب رئيساً لقسم اللغة العربية وآدابها منذ عام 1957 م، ثم عُيّن عميداً لكلية الآداب فيها.
إلى ذلك، فقد حضر العلامة الصالح بصفة أستاذ في عدد من الجامعات العربية، منها: جامعة محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، وجامعة محمد الخامس في الرباط، والكلية الزيتونية في الجامعة التونسية. كما أشرف على الرسائل الجامعية في جامعة ليون الثالثة، وجامعة باريس الثانية.
بالإضافة إلى ذلك، فقد تزامن عمله مع نشاطات أخرى وإسهامات كثيرة. فمنذ أن كان في باريس طالباً، تشارك مع محمد حميد الله الحيدر آبادي بتأسيس أول مركز إسلامي ثقافي بفرنسا، وصار خطيب الجمعة فيه طوال مدة إقامته هناك، والتي استغلها أيضاً في تعليم اللغة العربية لعدد من الطلاب الأفارقة. كما في إلقاء المحاضرات في الأندية الثقافية الفرنسية. وبعد عودته إلى الوطن العربي انتخب عضواً في المجتمع العلمي العراقي، كما انتخب عضواً في مجمّع اللغة العربية في القاهرة، وفي أكاديمية المملكة المغربية، وفي لجنة الإشراف العليا على الموسوعة العربية الكبرى في سورية. وفي حزيران من العام 1986 منحته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم جائزة "التفكير الاجتهادي في الإسلام".
وفي لبنان، بعد عودته إليه، انتخب الدكتور الصالح نائباً لرئيس المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى، فنائباً لرئيس المجلس الاستشاري لدار الفتوى، ثم أميناً عاماً لرابطة علماء لبنان، ورئيساً للجمعية الخيرية لرعاية أطفال المسلمين في لبنان، وغير ذلك من الأندية والمؤسات التي كانت تعتبره الموجّه لتطلعاتها وتوجهاتها في غير حقل وميدان، والتي تهافتت عليه من كل حدب وصوب طمعاً في محاضرة، أو مشاركة في مؤتمر، أو تأييداً لنشاط، أو تحرك مرتقب...
ما إن أطلت السبعينات من القرن العشرين الميلادي، حتى كانت شهرة العلامة الدكتور صبحي الصالح قد طبقت الآفاق، فصار يُصنَّف بين كبار الفقهاء المجتهدين المعاصرين، وأقبل عليه الطلاب من مختلف الأنحاء، ودخلت كتبه ومؤلفاته في صلب البرامج التربوية لمختلف الجامعات العربية والإسلامية، كما صارت مراجع هامة في الفقه والأدب واللغة والعلوم الدينية والفكرية، لكل عالم وباحث وطالب. ويكفي أن ننقل شهادة أحد المفكرين المعاصرين، وكان من طلابه في جامعة دمشق. يقول عيسى فتوح: "كان إذا ألقى درساً، يتدفق كالسيل، فهو بحر زاخر من العلم والمعرفة، والنباهة والألمعية والذكاء، يغرف من ذاكرته الحية التي اختزنت تاريخ الأدب، قديمه وحديثه، وأحاطت بالأدبين العربي والفرنسي على حد سواء".
ومما لا شك فيه، أن العلامة الصالح قد أضاف إلى ما تلقّنه في طرابلس والقاهرة من علوم ومفاهيم، أضاف إليهما ما تلقّنه في باريس من عصارة المذاهب الفلسفية والأدبية والاجتماعية، عندما دارس المفكرين والمستشرقين واغترف من مكتبات فرنسة روائع الفكر الإنساني، واطّلع على مناهج وركائز الحضارة الغربية، وراقب مسيرة الحداثة التي غيّرت كثيراً من القيم والنظم. فلم يفقد ذاتيه الإسلامية، ولم يتخلَّ عن أصاله الحضارية العربية، ودون أن يضيع في متاهات الإنجذاب والإنصهار في التيارات الثقافية الغريبة عن أصالتنا، كما يقول المفتي الشيخ طه الصابونجي. وإذ ذاك فقد تبلور نهجه الفكري على الثوابت والركائز التالية:
- الدعوة إلى إطلاق الإجتهاد من جديد، بعد أن قيّدته أغلال الجمود والتخلّف والركود، فكان يدعو لأن يكون القرن الخامس العشر الهجري قرن الإجتهاد حتى يصبح الإجتهاد ظاهرة غالبة، لأن توقف الإجتهاد، قد جمّد الفكر الإسلامي، وحال دون اتساع دائرة الإسلام، ودفع البعض ليكونوا عالة على الآخرين، يستعيرون منهم وكانوا يعيرونهم ويستمدون منهم، وكانوا يمدونهم ويقلّدونهم، وكاوا قادة لهم.. وكان يقول: "إن حاجة الأمة إلى الإجتهاد مسلَّمَة بديهية لم تكن في نظر القدامى تفبل الجدل حتى تحتمل التأجيل عند المعاصرين. فحاجتنا اليوم كبيرة إلى تنمية الفكر الإجتهادي، وتوسيع مجالاته، والتنسيق بين جميع عملياته بين روح الشريعة ومقاصدها العامة وبين إيجاد الحلول المناسبة لمعضلات الحياة العصرية في كل الميادين". ثم يردف آراءه هذه بقوله: "لن نكون بحاجة إلى أشخاص المجتهدين وألقابهم ومراتبهم، بقدر حاجتنا إلى توعية تفكيرهم واجتهادهم واختصاصهم، تمهيداً إلى يوم نُوفَّق فيه إلى إنشاء "المجتمع الإجتهادي الجماعي" على مستوى العالم الإسلامي، عملاً بقول الرسول، عليه السلام، في ما لم ينزل بشأنه قرآن: (اجمعوا العالمين أو العابدين من المؤمنين، فاجعلوه شورى بينكم ولا تقضوا فيه برأي واحد).
- الإيمان بالتكامل المطلق بين الإسلام والعروبة، بكل ما يعنيه ذلك من إحياء للقيم الروحية والإيمانية في النفوس، والسعي الدؤوب لتحقيق الوحدة العربية والتضامن العربي بعيداً عن التحزّب والتعصّب الطائفي والمذهبي والمناطقي "هذه الأمراض التي اعتبرها طاعوناً يفتك بوحدة الأمة والوطن والمجتمع".
- الدعوة إلى الحرية بكل معانيها وصورها وميادينها وأجنحتها. والحرية التي يدعو إليها تقوم على مبدأ القبول بالآخر وبالرأي الآخر. يقول: "لقد زرت أكثر دول العالم، واطّلعت على ثقافات الأمم، لإزالة الجهالة والتماس سبل الإسلام، وتبادل المنافع للجميع، وإسقاط أسباب الصراع وإنماء روح المحبة، وتبادل موجبات الاحترام. وإذ هو يدعو للحرية، فقد ربط ربطاً محكماً بين كل أجنحتها: السياسية والإجتماعية والفكرية والإقتصادية والدينية.. وإذ ذاك، فقد رفض المنهج الماركسي/الشيوعي المادي، لإهماله ومعاداته للحرية الفردية والسياسية، كما رفض المنهج الليبرالي/الرأسمالي، لإهماله ومجانبته للحرية الإجتماعية والعدالة بين طبقات وفئات المجتمع. ففي كتابه: "النظم الإسلامية"، الذي أصدره عام 1965 م، تلاقى مع المنهج الإجتماعي والإقتصادي الذي طرحته الثورة الناصرية أولئل الستينات من القرن الماضي والذي كان سائداً في الساحة العربية يومذاك، والذي يدعو إلى الربط بين جناحي الحرية: الحرية السياسية والحرية الإجتماعية أي بين تذكرة الإنتخابات ورغيف الخبز. وبذلك يكون الدكتور صبحي قد ساهم في تكريس هذا المنهج، وشارك في مجابهة الغزو الثقافي الغربي والمناهج الفكرية الغربية والتي كانت شرارتها قد فعلت فعلها في النفوس والعقول وزادتها تشرذماً وانقساماً وضياعاً..
- ومن الركائز الثابتة في فكر ونهج العلامة المحافظة على اللغة العربية وعلومها، مع إدراكه، وهو اللغوي القدير، ما للغة من دور في توحيد الأمة العربية وإعزاز إيمانها، وصقل وجدان أبنائها، والمحافظة على تراثها وحضارتها، وبالتالي على هويتها القومية التي إن فُقِدت تلاشت الأمة وفَقَدت مقومات ومبررات وجودها بين الأمم والشعوب.. وربما لذلك كتب العديد من المحاضرات والدراسات اللغوية، كما أَلَّف كتاب "فقه اللغة" الذي اعتبر من المراجع الهامة في العصر الحديث.
ولقد التزم الشيخ صبحي بهذه الثوابت في كل آرائه وكتاباته ومواقفه طوال سنيّ حياته.. ومن أجل ذلك استشهد كما سنرى.
فعلى الصعيد السياسي والوطني والقومي التزم الدفاع عن القضية الفلسطينية منذ نشأتها، باعتبارها القضية المركزية والمحورية للنضال العربي فكتب فيها العديد من الأبحاث والدراسات وألقى العديد من المحاضرات التي تحثّ على تحرير فلسطين معالجاً أسباب النصر وأسباب الهزيمة بفكر ثابت ورؤية عميقة للأمور جعلته محط أنظار القوى المعادية من جهة، وملجأ المجاهدين الفلسطينيين والعروبيين من جهة أخرى، والذين لم يبخل عليهم بنصح أو استشارة أو توجيه.. وهو واكب كل القضايا الوطنية والقومية وساهم في نشاطات لا تُعدّ ولا تُحصى في مواجهة التحديات التي واجهت وتواجه العرب في العصر الحديث. ومنها أنه عندما كان في فرنسة مطلع الخمسينات كان يلتقي بشكل حثيث بالطلاب الجزائريين في باريس ويتدارس معهم في كيفية قيام الثورة لتحرير الجزائر، والبعض من هؤلاء صار لاحقاً من قادة الثورة الجزائرية حافظين للشيخ صبحي دوره وإسهاماته وتوعيته.. حتى إذا انفجرت الثورة الناصرية في مصر عام 1952 فقد وجد فيها متنفساً يُعبِّر عن آماله وأحلامه ونبراساً يزيل ما علق في النفوس من يأس وقنوط. فهبّ مساهماً في معاركها، مدافعاً عن أهدافها في مواجهة أعداء الداخل والخارج.
هكذا فعل في مواجهة العدوان الثلاثي عام 1956 م، وفي عدوان 1967 م، وفي حرب 1973 م. وكذلك في كل معارك التحرر العربي وجلاء الاجانب وقواعدهم العسكرية عن غير قطر وأرض عربية في الخمسينات والستينات من القرن العشرين الميلادي.
أما على صعيد لبنان، فقد شنّها الصالح حرباً شعواء على الطائفية والمذهبية، داعياً إلى وحدة لبنان وعروبته، وإقامة العدالة بين أبنائه وطوائفه ومناطقه. حتى إذا اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975م، بكل ما حملته معها من مخاطر تقسيمية، وتهديد للكيان الوطني اللبناني برمّته، وتغلغل للأيدي الصهيونية في الواقع اللبناني، عبر المليشيات المسلحة التي تقاسمت المناطق والمؤسسسات، وأذكت نيران الحروب والفتن الطائفية والمذهبية والمناطقية.
أمام كل ذلك، وجد الشيخ صبحي نفسه في خندق الوحدويين العروبيين المتمسكين بالعيش المشترك، والرافضين للتقسيم والتهويد والإدارات المحلية التي أفرزتها الميليشيات المحلية المدعومة خارجياً، والمدججة بكل أنواع السلاح والقوة والجبروت، والتي تعمل بوحي الشعار: "لكل طائفة حزبها القائد، ولكل منطقة إدارتها المحلية".
أدت الحرب وتطوراتها وتفاعلاتها إلى واقع لا تحمد عقباه، وصار معه لبنان على شفير التلاشي والهلاك والفناء، ولا سيما بعد الاجتياح الإسرائيلي واحتلال بيروت، وخروج المقاومة الفلسطينية عام 1982 م.
لقد أعقب ذلك اتفاق الميليشيات، بما عرف "الاتفاق الثلاثي"، على تسلّم الأمن في بيروت بديلاً عن السلطة الشرعية، تمهيداً لسحب المشروع على بقية المناطق والمحافظات. وكان ذلك يعني أن التقسيم يقرع الأبواب، وأن المشروع الصهيوني القديم بتحويل المنطقة إلى دويلات طائفية متناحرة، قد صار قاب قوسين أو أدنى.
إزاء ذلك، هبّت الحركة الشعبية اللبنانية، ونزت إلى ساحات العمل والجهاد، بالكلمة الطيبة وبالإحتجاجات والإعتراضات السلمية الديمقراطية. فكانت الدعوة إلى الإضراب المفتوح عام 1985 م، والتي بادر إلى إطلاقها السيد كمال شاتيلا "رئيس المؤتمر الشعبي اللبناني"، وأحد أبرز القادة العروبيين في بيروت.
وإذ كنت ممن شهد هذه المعركة وشارك فيها، فقد لاقت تأييداً شعبياً عارماً ليس في بيروت وحدها، وإنما في مختلف المناطق، وعند غير طائفة ومذهب.
لقد نتج عن هذا الإضراب، حركة معارضة شعبية متصاعدة، وعزلة تدريجية للمليشيات التي ارتكبت، وسقط في يدها أمام المدّ الشعبي المتنامي والذي كان الشيخ صبحي الصالح مواكباً له، بل ومشاركاً فيه بالدعوة، والكلمة الطيّبة، والمقالة البليغة، والموقف الجريء.
وهكذا صارت الحركة الشعبية والجماهير في وادٍ، والمليشيلت في وادٍ آخر. وبدأ الصراع المرير بين الطرفين. فنُفي كمال شاتيلا إلى خارج لبنان ومعه عدد من قادة الفكر والرأي من الوطنيين، وحُكِم بالإعدام اغتيالاً على قادة آخرين، وفي طليعتهم مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد، ورئيس مجلس الوزراء رشيد كرامي، وحليم تقي الدين، ورياض طه، وغيرهم، وذلك على فترات متلاحقة.
أما الشيخ صبحي الصالح، فجاء دوره في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 1986 م، إذ امتدت إليه يد الغدر والإجرام، واغتالته في وسط بيروت، دون أن يقوى قلمه على المدافعة. فتضرج بالدم الذكي، وفاحت روحه في كل أرجاء الوطن.
لاقى اغتياله ردة فعل شعبية لا مثيل لها، فتهافتت الجماهير من كل لبنان تشارك في جنازته، وتواكب الجثمان من بيروت إلى طرابلس، المدينة التي حضنته في قلبها، بعد أن كان قد حضنها في قلبه.
أما الميليشيات، وأمام الموجة الشعبية الغاضبة، فقد هرعت رياءً، على طول طريق بيروت وطرابلس تؤدي التحية له، ربما بالسلاح نفسه الذي اغتالته به.
استشهد صبحي الصالح مجاهداً، لكنه لم يمت وإنما رحل. أما المليشيات فقد رحلت بكل خزي وعار، والجميع قرأ نعيها في اتفاق الطائف 1989 م.

آثاره
ترك العلامة صبحي الصالح الكثير من الإسهامات في مختلف أنواع العلوم والمعارف، وأهمها:
_ نثر اللآلي في ترجمة أبي المعالي. ( ترجمة ودراسة لشيخه عبد الكريم عويضة)، طرابلس 1956 م.
_ مباحث في علوم القرآن، مطبعة جامعة دمشق، 1959 م.
_ علوم الحديث ومصطلحاته، مطبعة جامعة دمشق، 1959 م.
_ النظم الإسلامية، نشأتها وتطورها. دار العلم للملايين، 1965 م.
_ الفكر الديني بين الإسلام والمسيحية، ترجمة بالإشتراك مع الدكتور فريد جبر، دار العلم للملايين، 1967 م.
_ تجربة التعريب في المشرق العربي.
_ منهل الواردين في شرح رياض الصالحين. دار العلم للملايين، بيروت 1970 م.
_ معالم الشريعة الإسلامية، دار العلم للملايين، بيروت 1975 م.
_ المرأة في الإسلام. مؤسسة الدراسات العربية، معهد الدراسات النسائية في العالم العربي، كلية بيروت الجامعية، 1980.
_ الإسلام والمجتمع العصري. دار الآداب، بيروت، 1982.
_ مقاييس النقد عند المحدثين.
_ أثر الدراسات التاريخية في علوم القرآن الكريم.
_ الإسلام ومستقبل الحضارة., دار الشورى، بيروت، 1982.
_ الأمة ومدنية السلطة في الإسلام. مخطوط.
_ تحقيق كتاب " نهج البلاغة للإمام علي". دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1387 هـ.
_ تحقيق كتاب " أهل الذمة لابن القيم". بيروت، 1391 هـ.
_ شرح الشروط العمرية لابن القيّم. بيروت 1391 هـ.
_ التفكير الإجتهادي في الإسلام. وهو الكتاب الذي نال عليه الجائزة.
_ الدارالآخرة في القرآن الكريم (باللغة الفرنسية).
_ الإسلام وتحديات العصر (باللغة الفرنسية).
_ ترجمة معاني القرآن الكريم إلى الفرنسية، بالإشترك مع دانيس ماسون.
_ الضميرالديني والتسارع التكنولوجي والحضاري. محاضرة، الرباط، 1974 م.
_ الحرية ومفهومها الإيجابي في الإسلام، محاضرة، الرباط، 1975 م.
_ الوعي الكوني في التصور الإسلامي. محاضرة الرباط، 1983 م.
_ بالإضافة إلى عدد كبير من المقالات والخطب والدراسات والمحاضرات في شتّى المجلات. وقبل وفاته، كان قد انكبّ بالمشاركة مع الدكتور سهيل إدريس على تأليف (المعجم العربي) و (المعجم الفرنسي).


المصادر والمراجع
_ البعلبكي، منير: معجم أعلام المورد. دار العلم للملايين، بيروت 1412 هـ.
_ الجاسر، صالح: أعلام في دائرة الاغتيال. مطابع الخالد، الرياض 1411 هـ.
_ صعب، حسن: شخصيات عرفتها وأحببتها. دار العلم للملايين، بيروت، 1990 م.
_ العلاونة، أحمد: ذيل الإعلام للزركلي. دار المنارة، جدة، 1998 م/1418 هـ.
_ فتوح، عيسى: الدكتور صبحي الصالح. مجلة الموقف الأدبي، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، عدد 434، حزيران 2007 م.
_ كبّارة، نزيه: أدباء طرابلس والشمال. دار مكتبة الإيمان، طرابلس 2006 م/1427 هـ.
_ نعمان، ناجي: دليل الإعلام والأعلام في العالم العربي. ط2، دار النعمان للثقافة، بيروت، 1410 هـ.
_ يوسف، محمد خير رمضان: تتمّة الأعلام للزركلي. مجلدان، دار ابن حزم، بيروت، 1418 هـ/1998 م.


رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على الموضوعات
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الموضوعات المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
سطور في كتاب (69): من كتاب دراسات في فقه اللغة لصبحي الصالح مصطفى شعبان مقالات مختارة 2 11-09-2017 03:45 PM
سطور في كتاب (17): من كتاب المدخل إلى علم اللغة للدكتور رمضان عبد التواب مصطفى شعبان مقالات مختارة 1 04-21-2017 01:54 PM
سطور في كتاب (14): من كتاب علم اللغة العربية للدكتور محمود فهمى حجازى مصطفى شعبان مقالات مختارة 0 04-15-2017 08:06 AM
سطور في كتاب (12): من كتاب مناهج البحث في اللغة للدكتور تمام حسان مصطفى شعبان مقالات مختارة 0 04-10-2017 08:27 AM
سطور في كتاب (8): من كتاب بحوث ومقالات في اللغة للدكتور رمضان عبد التواب مصطفى شعبان مقالات مختارة 0 04-05-2017 12:14 PM


الساعة الآن 05:04 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by