بسم الله
للجملة في اللسان أهمية كبيرة , فهي الوحدة الأساسية للفقرة و النصّ و المقالة و اللغة المكتوبة عامّة, و لا تكاد تخلو كتب النحو و البلاغة في اللغة و قواعدها من الحديث عن مفهومها و أنواعها و إعرابها و تقيسماتها إلخ.
و لكن المتتبّع لحدودها و تعاريفها لا يكاد يقف على تعريف مُجمع عليه و مصطلح على صياغته.
من النّحاة من يرى أنّها مرادفة للكلمة و الكلام و يسوق حججا و أمثلة يضيق المقام بذكرها و منهم من يقول بأنّها تركيب كلمات تِؤدّي معنى و فائدة يحسن السكوت عليها و يقول آخرون بأنّها المبتدأ مع خبره و الفعل مع فاعله و ما إلى ذلك. و في كلّ هذه التعاريف شيء من الصحّة و لكنّها غير شاملة و غير وافية.
كان من المفروض أن يُصاغ تعريف و حدّ جامع أي تعريف للجملة من الناحيّة النحوية أي الإصطلاحية منذ زمن. و يبدو أنّ قرونا قد مرّت دونما الإصطلاح على حدّ لتعريفها, و مع ذلك التأخّر في صدور الإصطلاح لا يمنع من العمل عليه في الوقت الرّاهن لأجل الخروج بتعريف إصطلاحي معاصر مواكب يتسقّر عليه التعليم النحوي في البلاد العربية, فمن غير المعقول أن يغيب مثل هذا العمل في اللغة العربية و هي من أثرى اللغات و من أحكمها و أمتنها قواعدا.
أجمع ما توصّلت إليه ما يلي- و هذا اقتراح - هو " الجملة هي إئتلاف كلمتين أو أكثر ممّا تتركّب منه صور الكلام و تتمّ به الفائدة و يحسن السكوت عليه"
إئتلاف الكلام واضح و صور الكلام و هي الصور التي ذكرها ابن هشام الأنصاري إشارة إلى اقلّها مع الإشارة إلى أنّ هذا التعريف نحوي محض , لأجل أن نخرج جملة الصلة و جواب الشرط و جزاءه لأنّها و إن اعتُبرت جملة من الناحية الإعرابية فهي خارجة عن الحدّ النحوي بسبب أنّه لا يُحسن السكوت عليها منفصلة.
و ما طرحته من الإسراع لوضع تعريف إصطلاحي جامع هو الحاجة إليه في الأطوار التعليمية و خاصّة الإبتدائية, فمن غير المعقول أن يبقى أبنائنا حيارى في مفهوم و تعريف الجملة مضطربين بين كثرة الأقوال و التراجيح, ممّا سيضطرّهم إلى تبنّي مفاهيم ضبابية أو إقتراضية من اللغات الأجنبية.