مفهوم اللهجة عند العرب
من كتاب دور اللهجة في التقعيد النحوي للدكتور علاء الحمزاوي
تنص المعاجم العربية على أن اللهجة هي اللسان أو طرفه أو جرس الكلام، أو هي اللغة التي جبل عليها الإنسان فاعتادها ونشأ عليها. أما في الاصطلاح فهي "مجموعة من الصفات اللغوية تنتمي إلى بيئة خاصة، ويشترك في هذه الصفات جميع أفراد هذه البيئة، وبيئة اللهجة هي جزء من بيئة أوسع وأشمل تضم عدة لهجات، لكل منها خصائصها، ولكنها تشترك جميعا في مجموعة من الظواهر اللغوية التي تيسر اتصال أفراد هذه البيئات بعضهم ببعض، وفهم ما قد يدور بينهم من حديث فهمًا يتوقف على قدر الرابطة التي تربط بين هذه اللهجات، وتلك البيئة الشاملة التي تتألف من عدة لهجات هي التي اصطلح على تسميتها باللغة".
ومن ثم فالعلاقة بين اللهجة واللغة هي علاقة الخاص بالعام أو الفرع بالأصل، غير أن اللغويين العرب القدماء حين أشاروا إلى الفروق بين لهجات القبائل العربية لم يستعملوا مصطلح اللهجة بهذا المفهوم، إنما كانوا يستعملون مصطلح "لغة" أو "لُغيّة"، ولعل السبب في ذلك أنهم لم يتوفروا على دراسة لهجة كاملة من لهجات القبائل التي كان يتكلمها الناس في حياتهم العادية، إنما كانت ملاحظتهم تنصب على الفروق بين اللهجات التي دخلت الفصحى؛ ولذا لم نجد كتابا تراثيا يحمل عنوانه مصطلح "اللهجات"، في حين أننا نجد كثيرا مصطلح "اللغات"، فقد عقد ابن جني في خصائصه بابا بعنوان "تداخل اللغات"، وثمة كتب عنوانها (كتاب اللغات) للغويين مثل الفراء وأبي عبيدة والأصمعي، غير أن هذه الكتب لم تصل إلينا، وإنما أشير إليها في مواضع مختلفة من كتب التراث اللغوي.