الفتوى (3493) :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
طبتم أيها السائل الكريم
تقرر في دراسات اللغويين وبحوثهم اليوم أن اللغة العربية تنتمي إلى العائلة السّامِيَّةِ إلى جانب السريانية والعبرية وأنها تنقسم إلى قسمين:
العربية البائدة: وهي التي عُرِفَتْ في بحوث المُحْدَثين بعربية النقوش. وكانت لهجات سائدة في شمالي الحجاز. على مقربة من حدود الآراميين، ويرى الباحثون أنَّهُ نظرًا لانزياح هذه اللهجات في الشمال، ولاختلاطها باللغات الآرامية، وبُعدها عن الحواضر العربية المركزية في نجد والحجاز فقدت هذه العربية كثيرًا من خصائصها وسماتها وصبغت بالصبغة الآرامية، ولم يصل إلينا منها إلا قليل من النقوش. ولذلك تُسمَّى أحيانًا بعربية النقوش.
العربية الباقية: وهي التي ينص الدارسون على أن مصطلح (العربية) ينصرف إليها عند إطلاقه. ويعنون بها النموذج الذي ما زال مستعملًا في لغة الخطاب والكتابة والتأليف، والذي مثله أشعار العصر الجاهلي والقرآن والحديث ومدونات العصور الإسلامية المتتابعة. ولقد شاع في دراسات المحدثين طائفة من المصطلحات التي تعبر عن هذا القسم من العربية، كالعربية الباقية، والعربية الفصحى، والعربية المشتركة، والأدبية الموحدة.. وغيرها من المصطلحات المعبرة عن مفهوم واحد على نحو ما نجد في دراسات اللغويين المحدثين.
وهذه اللغة الفصحى هي التي تطورت دلالاتها واتسعت اشتقاقات مفرداتها ووُضِعَتْ مُعْجِماتها وتعددت لهجاتها حتى وصلت إلى ما وصلت عليه الآن في الأوساط الأدبية والعلمية.
أما بخصوص تطور الإعراب فمع تسليمنا بأن الاعراب قديم قدم العربية إلا أننا – كما يقرر الباحثون - لا نملك من أوليات القضية شيئًا نقف به على أرض صلبة، ودراساتنا لهذه الظاهرة تبدأ مع أبي الاسود الدؤلي حين بدأ بإعراب القرآن الكريم، وقصته في ذلك معروفة مشهورة. وجذور قضية الإعراب عميقة في اللغة، وهي موجودة في اللغات السامية، فقد كانت البابلية والآشورية تعرفان الإعراب، وكذلك العبرية والآرامية، والحبشية. ووجوده في تلك اللغات ينبئ عن وجوده في العربية، ويقوي الصورة المعربة لعربيتنا. وإن كنا لا نملك جميع الأطر التي وُضعت فيها، ولا حلقات التطور التي رافقتها. وإذا وصلنا إلى حالة الإعراب في الشعر الجاهلي، وجب علينا أن نقف عنده ولا نتعداه؛ لأنه يمثل النموذج الكامل الذي بقي ثابتًا لم يتغير حتى يومنا.
اللجنة المعنية بالفتوى:
المجيب:
د.مصطفى شعبان
أستاذ مساعد اللغة العربية وآدابها بكلية اللغات-
جامعة القوميات بشمال غربي الصين
راجعه:
أ.د. عبدالرحمن بودرع
(نائب رئيس المجمع)
رئيس اللجنة:
أ.د. عبد العزيز بن علي الحربي
(رئيس المجمع)