الفصل السادس والأربعون: في الفاءات
منها فاء التعقيب كقولهم: مررت بزيدٍ فعمرو أي مررت بزيد وعلى عقبه بعمرو وكما قال امرؤ القيس: [من الطويل]
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بِسِقطِ اللوى بينَ الدَّخول فَحَومَلِ.
ومنها الفاء تكون جوابا للشرط كما يقال: إن تأتني فحسنٌ جميل وإن لم تأتني فالعذرُ مَقبول ومنه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ} (1) وقال صاحب كتاب الإيضاح (2): الفاء التي تجيء بعد النفي والأمر والنهي والاستفهام والعرض والتمني ينتصب بها الفعل فمثال النَّفي: ما تأتيني فأُعْطيك ومنه قوله تعالى: {وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ} (3) ومثال آخر كقولك: ائتني فأعرِفَ بك ومثال النَّهي كقولك: لا تَنْقَطِعْ عنَّا فَنَجْفوَك. وفي القرآن: {وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} (4) ومثال الاستفهام كقولك: أما تأتينا فتُحَدِّثَنا ومثال العرض: ألا تنزِلُ عندنا فَتُصيبُ خَيراً ومثال التمنِّي: ليتَلي مالا فأعطيك.
________________
(1) سورة محمد الآية: 8.
(2) وهو الإيضاح في النحو لأبي القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي.
(3) سورة الأنعام الآية: 52.
(4) سورة طه الآية: 81.
فقه اللغة وسر العربية
المؤلف: عبد الملك بن محمد بن إسماعيل أبو منصور الثعالبي (المتوفى: 429هـ)
المحقق: عبد الرزاق المهدي
الناشر: إحياء التراث العربي
الطبعة: الطبعة الأولى 1422هـ - 2002