معاشر الرائعين ، إن بلاغة لغتنا العربية وشي بديع ، وفيها من النضارة و الجمال ما يشخص الأبصار و يبهر الألباب و يحير العقول ، فتأملوا تلكم المرأة ماذا قالت لابنتها في وصية بليغة ،
أوصت أمّ ابنتها فقالت :"تجمّلي و تعفّفي "
أيها المباركون ، كم جائل و صائل يبحث و يقلب الصفحة و الصفحة من المعاجم و المناجد ليجد شرحا لهاتين الكلمتين ،وهذا بعدما استقر به المقام أنهما من الجمال و العفاف .
لكن البنت كانت أبلغ وقد وعت ما سمعت من أمها ،
كانت الأم تقصد ب " تجمّلي " : كلي" الجميل "، وهو الشحم المذاب .
و "تعفّفي" أي : اشربي " العفافة "، وهو ما بقي في الضرع من اللبن.
نعم الفصاحة و أعظم بقوم مجّدوا لغتهم. ولا فض الله أفواه البلغاء.
درّة نفيسة :
قال عليه الصلاة والسلام: ( لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فجملوها ثم باعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه ) ما معنى جملوها؟ أي: أذابوها، وضعوها في القدور وأوقدوا النار من تحتها فساخت وذابت.