علم البيان
فصل/ المجاز بالحذف والزيادة
واعلم أن الكلمة كما توصف بالمجاز لنقلها عن معناها الأصلي كما مضى، توصف به أيضًا لنقلها عن إعرابها الأصلي إلى غيره لحذف لفظ ،أو زيادة لفظ.
أما الحذف فكقوله تعالى: {واسئل القرية} [يوسف :82]، أي: أهل القرية.فإعراب القرية في الأصل هو الجر فحُذِف المضاف، وأعطي المضاف إليه إعرابه،ونحوه قوله تعالى: {وجاء ربك} [الفجر:22]، أي: أمر ربك. وكذا قولهم: بنو فلان يطؤهم الطريق، أي: أهل الطريق.*
وأما الزيادة فكقوله تعالى:{ليس كمثله شيء} [الشورى:11]، على القول بزيادة الكاف ،أي: ليس مثله شيء، بإعراب مثله في الأصل هو النصب، فزيدت الكاف، فصار جرًّا.
فإن كان الحذف أو الزيادة لا يوجب تغيير الإعراب -كما في قوله تعالى:{أو كصيب من السماء} [البقرة:19] إذ أصله: أو ممثل ذوي صيِّب، فحُذِف ذوي للدلالة {يجعلون أصابعهم في آذانهم} عليه، وحذف مثل لما دل عليه عطفه على قوله:{كمثل الذي استوقد نارًا}[البقرة:17]، إذ لايخفى أن التشبيه ليس بين صفة المنافقين العجيبة الشأن وذوات ذوي صيِّب ،وكقوله:{فبما رحمةٍ من الله لنت لهم}[آلِ عمران :159] وقوله:{لئلا يعلم أهل الكتاب}[الحديد:29]- فلا توصف الكلمة بالمجاز.
وقد بالغ الشيخ عبدالقاهر في النكير على من أطلق القول بوصف الكلمة بالمجاز للحذف، أو الزيادة.
المرجع:الإيضاح في علوم البلاغة للشيخ الإمام الخطيب القزويني
تحقيق:محمد عبدالقادر الفاضلي