الفتوى (746) :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحقيقةُ أنّ من شُروطِ قولِ الشّعر النّظمَ على أحَد بحور الشّعر المعروفة، وهي الأوزانُ المعروفَة في العَروض، فإن لم يكن فَعَلى تفعيلةٍ من التّفعيلات التي تُناسبُ الموضوع، وهذا هو شعر التفعيلَة الذي ابتكرَه شعراء العصر الحَديث في العراق والشام ومصر خاصة، مثل بدر شاكر السياب ونازك الملائكَة والبياتي وصلاح عبد الصبور، وهذا هو شعرُ التفعيلَة، وقَد يُبْنى شعرُ التفعيلَة على تفعيلةٍ واحدةٍ أو نَسَقٍ من التفعيلات المتقاربَةِ المُتَناسبَة المتّسقة صوتيًّا وصرفيًّا؛ فالإيقاعُ الذي يُحدثُه الوزنُ أو التفعيلةُ أو النسقُ من التّفعيلاتِ، يُعدّ حصانةً للقطعة الشّعريّة وحمايةً لحدودِها من تَداخُل الشعر والنثر. فالتفعيلَة أو التفعيلاتُ تُقيمُ ضربًا من الوزنِ للشعر؛ لأنّ الشّعرَ إنشادٌ قبلَ أن يكونَ نصًّا مقروءًا، والإنشادُ موهبة لها قيمتُها وخَطَرُها في امتلاك ألبابِ السّامعينَ، والمستمِعُ إلى الشّعرِ يطرَبُ سَمْعُه قبلَ أن يطربَ قلبهُ؛ قال الشّاعر الأندلسيّ ابنُ حَبوس في هذا المَعْنى:
إذا أُنْشِدَتْ كادَت لِفَرْط بَيانِها *** تَعيها القلوبُ قَبلَ وَعْي المَسامِع
هذا عن شعر التفعيلَة، ويُطلَقُ عليْه أيضًا الشعر الحر، أي الشعر المتحرر من عمود القصيدَة لا من التفعيلَة، لكن ما يُكتَبُ اليومَ ويُسمى شعرًا يُطلَق على شعر التفعيلَة كما يُطلَق على الشعر المتحلل من الأوزان ومن التفعيلات أيضًا، ويبني دعاةُ مثل هذا الكلام رأيَهم على أنّ شاعرية هذا الضرب من الكلام مُستمدةٌ من الصور الشعرية والمعجم الشعري المخصوص والمشاعر، وليسَت بالضرورة مستمدة من قوالبَ وقوانينَ كالعروض... ولكن ينبغي الاحتفاظُ بمُصطلَح الشعر الحر الذي وضَعَه شعراءُ العصر الحديث ممّن سبَقَ لهم أن نظموا على البحور ثم انتقلوا إلى شعر التفعيلَة.
ولكن العلماء بالشعر في العربية منذ القديم كانوا يفرقون بين الشعر والنثر وأن بينهما حدودًا صارمةً، ولا يعُدّون أفصح النثر وأجمَلَه كالمقامات شعرًا ولو أطرَبَ سامعيه.
اللجنة المعنية بالفتوى:
المجيب:
أ.د. عبدالرحمن بودرع
(نائب رئيس المجمع)
راجعه:
أ.د. محمد جمال صقر
(عضو المجمع)
رئيس اللجنة:
أ.د. عبد العزيز بن علي الحربي
(رئيس المجمع)