الرَّسائلُ اللّغويّةُ بُذورٌ أولى لِصِناعَةِ المَعاجِم
للإستاذ الدكتور/ عبد الرحمن بو درع
الرّسائلِ اللّغويّةِ اتُّخِذت نَواةً لتأليفِ المعاجمِ المتخصِّصَةِ
تُعدّ الرّسائلُ اللّغويّةُ الصّغيرةُ أساساً أوّلَ لصناعةِ المعاجم المتخصّصة؛ فمنها ما أُلِّفَ في اللّبنِ، والمطرِ، و السّيْفِ، وأسْماءِ الوُحوشِ والإِبِلِ والخيْلِ والشّاءِ، والنّباتِ والنّخْلِ والكرْمِ والزّرْعِ وخَلْقِ الإنْسانِ… وأصْحابُ هذِهِ الرّسائِلِ تَشابَهَتْ جُهودُهُم، ومَهَّدوا السّبيلَ لنشْأةِ المعجمِ العربيّ المُتَخَصِّصِ. وأشهرُ من ألّفَ فيها من اللّغويّينَ النّضرُ بْنُ شميلٍ (ت.203)، وقُطرُبُ بنُ المُسْتَنيرِ (ت.206)، وأبو عُبَيْدَةَ معْمرُ بنُ المثَنّى (ت.210)، وأبو زيدٍ الأنصاريّ (ت.214)، وأبو سعيدٍ الأصْمَعيّ (ت.214)…
انظُرْ عَلى سبيلِ المِثالِ [كِتاب الدّارات] لأبي سَعيدٍ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ قُرَيْبٍ الأصمَعِيّ ، نَشَرَه المستشرق د. أوغست هَفْنر، و[كِتاب النَّبات و الشَّجَر] للأصمَعِيّ، نَشر د. أ.هفنر، وكِتاب النَّخْل والكَرْم] للأصمَعِيّ، نَشْر د. أ.هفنر، و[كِتاب المَطَر لأبي زَيْدٍ الأنصارِيّ، نَشر الأب لويس شيخو اليسوعي، وكِتاب الرَّحْل والمَنْزِل] لأبي عُبَيْد القاسِمِ بْنِ سَلاّم (ت.224)، نَشْر الأب لويس اليسوعي، وكِتاب اللّبإ و اللّبَن] لأبي زَيْدٍ الأنْصارِيّ، نشر أ.لويس شيخو، و [رِسالَة في الحُروفِ العَرَبِيّة] للنَّضْرِ ابْنِ شميلٍ ، نشر أ. لويس شيخو …
و هذِه الرَّسائِل اللّغويّة التي نَشَرَها كلٌّ من د. أوغست هفنر، أستاذ اللغة العربية في كلية إنسبورغ (سابقا)، والأب لويس شيخو اليسوعي، مدير مجلة المشرق (سابقا)، ظهرَ مُعْظَمُها في مجلّة “المشرق”، وطُبِعَت أوّل مرّةٍ سنةَ 1908م، ثمّ أعيد طبعها سنةَ 1914م، وهي الآنَ منشورَة في كِتابٍ جامِعٍ يَحْمِلُ عُنوان [البُلْغَة في شُذورِ اللُّغَة] من مَنْشورات دار الكُتُبِ العِلْمِيّة، بَيْروت، ط.1 / 1427هـ-2006م .
ولا ينبغي لنا أن ننسى ما ألّفَ من قبلُ، في مضْمارِ المعاجمِ المتخصّصةِ من كُتبٍ يونانيّةٍ نُقلتْ إلى اللّغةِ العربيّةِ ، كالمقالاتِ الخَمْسِ، أو كِتابِ الحَشائشِ ، للعالِمِ اليونانيّ “ديوسقريديس العين زَرْبي” (من ق.1م)، وهو مِن نقلِ “اصْطفن بن بسيل” (من ق.3م) ، وإصْلاحِ حُنَيْن بْنِ إسْحاقَ (ت.260) ، و كِتابِ الأدويَةِ المُفْرَدَة للعالِمِ اليونانِيّ “جالينوس” البرْغاميّ (ت.199م)، وهو من نقْلِ حُنَيْن بْنِ إسْحاقَ في إحْدى عَشْرَةَ مَقالَةً. والكِتابانِ طبّيّانِ صيدلِيّانِ موضوعُهُما الأدويةُ المفردَةُ، أي مُفْرَداتُ المواليدِ الثّلاثةِ: النّبات والحيوان والمعادِن، ومثلُ هذا الضّربِ من التّآليفِ العلميّةِ القديمةِ المتخصِّصَةِ كثيرٌ …
و ممّا ألِّفَ في المعاجِمِ المتخصّصةِ ( في القرنِ التّاسعِ عَشَرَ ) المُعْجَمُ المُفَصَّلُ في أسْماءِ الملابسِ عندَ العربِ ، للمستشرِقِ “دوزي” (ت.1883م) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انظر تفصيل الكلام عن هذه المعاجم المتخصّصة كتابَ:
دِراسات في المُعْجَم العربيّ: 10، 199، 376… لإبراهيم بن مراد .
دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط.1 / 1987
وانظر أيضاً :
المنتقى من فصيح الألفاظ للمعاني المُتداوَلة عبد الرحمن بودرع
منشورات جامعة عبد المالك السعدي، كلية آداب تطوان، المغرب
مطبعة الخليج العربي، ط.1 / 2008م