بارك الله فيكم أستاذ د.محمد جمال صقر و جزاك الله خيراً على الإجابة الموجَزَة الشافية
و أريد أن أضيفَ إلى كلمتكُم المُفيدَة، في الجواب عن السؤالِ إضافةً يسيرةً مؤكِّدةً :
قولُ القلقشندي في كتابه [صُبْح الأعْشى في صِناعَة الإنشا] :
«وسع كرسيه علمه ولم يكن شيء قط إلا من فعله»
فضبطُ الحَركاتِ فيه وفي كلّ نصٍّ ، تابعٌ لمَعْناه ، فإذا استَقامَ المَعْنى
من غيْرِ إخْلالٍ بالقَواعدِ والمَقاصدِ فذلك هو الوجه في اللفظِ بالحروفِ على هيئةٍ
ما وشكلٍ ما ، وعليْه نستطيعُ أن نَشْكلُ عبارةَ القلقشندي على النّحو
التالي :
[وَسِعَ كُرْسِيَّه علمُه ، و لم يكنْ شيءٌ قطُّ إلاّ مَنَّ فعلَه]، فالذي يُسوِّغُ رفعَ
العلم ونَصبَ الكرسيِّ ، قولُه تعالى :
«وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ» [البقرة/255]
«لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا» [النساء/166]
«مَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ » [فاطر/11]
«اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا » [الطلاق/12]
فأنت تَرى كيفَ أنّ علمَ الله تعالى أحاط بكلّ شيْءٍ ، فهو الفاعلُ الذي أحاطَ بكلِّ شيْءٍ و وسِعَ كلَّ شيْءٍ
أما قولُه : [و لم يكنْ شيءٌ قطُّ إلاّ مَنَّ فعلَه]
فأحسبُ أنّ لها وجهيْن : أن تكونَ من حرفَ جرٍّ وما بعدَها مجروراً بها، وأن تكونَ فعلاً [مَنَّ يمُنُّ]
فلله المنّةُ سُبْحانَه ، و هو القائلُ :
«وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ» [إبراهيم/11]
«بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ» [الحجرات/17]
فالله عزّ وجلَّ يمنُّ الهدايَةَ والنِّعَمَ على عباده، سٌبْحانَه وتعالى
و الله عزَّ وجلَّ أعلمُ وأحكمُ. وصَلّى الله على محمَّدٍ وآله وصحْبِه وسلَّم تَسْليماً