فضل المعوذات
سورة الصمد
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
" قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ ".
سورة جليلة ، اصطفاها الله لنفسه ، وأخلصها لذكره ، وأجزل على قراءتها من عطائه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"والذي نفسي بيده، إنها لتعدل ثلث القرءان".
وأخبر من يحبها بأنه ( يحبه )
قال عليه الصلاة والسلام :
" أخبروه أن الله تعالى يحبه"
ومن أحبه جعله في جواره وقربه
قال صلى الله عليه وسلم :
" إن حبك إياها يدخلك الجنة "
فكانت بداية الطريق إلى الجنة معرفته جل في علاه
( لا يستقر للعبد قدم فـي المعرفــة بل ولا في الإيمان حتى يؤمن بصفات الرّب جلّ جلاله ، ويعرفها معرفة تخرج عن حدّ الجهل بربه، فالإيمان بالصفات وتعرّفها هو أساس الإسلام، وقاعدة الإيمان، وثمرة شجرة الإحسان، فضلاً عن أن يكون من أهل العرفان...) .
وإذا كانت المعرفة صحيحة قادت للعمل الصحيح
قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-: "فأفضل العلمِ العلمُ بالله، وهو العلم بأسمائه وصفاته، وأفعاله التي تُوجب لصاحبها معرفةَ الله وخشيته، ومحبته، وهيبته، وإجلاله، وعظمته، والتبتُّل إليه، والتوكل عليه"
وإنما يأتي الخلل من الجهل به جل شأنه وبكمال أسمائه وصفاته .
فعندما ظنوا أنه يخفى عليه أكثر ما يعملون أعملوا جوارحهم في عصيانه قال جل شأنه :
" وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَٰكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ "
وعندما ظنوا أنه لا يصدق وعده ولا ينصر نبيه عليه الصلاة والسلام تخلفوا عنه قال سبحانه :
" بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَىٰ أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَٰلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا "
فيأتي الإخبار من الله عنه في كتابه ، رأفة ورحمة بعباده ، ليرجوا فضله ويخافوا غضبه ويسعوا في مرضاته .
(ولما كان المقصود من القرآن دعوة العباد إلى المعبود
وكان المدعو إلى شيء أحوج ما يكون إلى معرفته
وكان التعريف تارة للذات وتارة للصفات وتارة للأفعال
وكانت هذه الأمة أشرف الأمم
لأن نبيها أعلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
وكانت هي الختام
أشبع الكلام في تعريفه سبحانه في القرآن
وأنهى البيان في ذلك إلى حد لا مزيد عليه ولم يقاربه في ذلك كتاب من الكتب السالفة .
حباها سبحانه وتعالى بسورة الإخلاص كاملة ببيان لا يمكن أن تحتمل عقول البشر زيادة عليه
وذلك ببيان أنه ثابت ثباتاً لا يشبهه ثبات على وجه لا يكون لغيره أصلاً
وأنه سبحانه وتعالى منزه عن الشبيه والنظير والمكافىء والمثيل
فلا زوجة له ولا ولد، ولا حاجة بوجه إلى أحد
بل له الخلق والأمر، فهو يهلك من أراد ويسعد من شاء )
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ
" قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ ".
من خصائص السورة :
- ورد فيه فضائل عظيمة تكاد لا تسبقها في ذلك إلا الفاتحة
- هي آخر سورة يُذكر فيه لفظ الجلالة " الله " وهو الاسم الجامع
- وتكاد ألفاظ السورة كلها تكون من الفرائد :
ففيها : أحد ، الصمد ، لم يلد ، لم يولد ، و كفوا .
ولم يرد في سائر القرآن
وإذا جاءت الفريدة القرآنية فإن من وراء ذلك أسرار وإعجازا
ويُلاحظ رابط جامع لهذه الفرائد – والله اعلم – أنها أمكن وأعم وأشمل وأكمل في الوصف
وسيأتي بحول الله وقوته
- مكان ورودها في آخر القرآن ، وهي وإن كان يأتي بعدها سورتين فهي كالمقدمة لهما وهما كالنتيجية الحتمية للاعتقاد بها ، ولذلك يطلق عليهن مجتمعات اسم المعوذات فتلك العبودية العظيمة إنما تنشأ من كمال تأليه الرب والاعتراف بأحديته وصمديته
والخطاب الختامي يأتي مشتملا على الخلاصة بأخصر عبارة وأوجز بيان
فلا شك أن شأنها عظيم ، فهي الذروة في الوصف .
روى الإمام النسائي عن عبد الله بن بريد عن أبيه، أنه دخل مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسجد؛ فإذا رجل يصلي يدعو، يقول: ( اللهم إني أسألك بأني أشهد أن لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد)، قال: " والذي نفسي بيده لقد سأله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب" .
يتبع بحول الله وقوته