مِنْ تَغْرِيدَاتِ الْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ الْفَرَاهِيدِيِّ
جمعها وحققها
الدكتور محمد جمال صقر
إِنِّي لَأُغْلِقُ بَابِي فَمَا يُجَاوِزُهُ هَمِّي.
قِيلَ لَهُ: مَا الْجُودُ؟ قَالَ: بَذْلُ الْمَوْجُودِ. قِيلَ: فَمَا الزُّهْدُ؟ قَالَ: أَلَّا تَطْلُبَ الْمَفْقُودَ حَتَّى تَفْقِدَ الْمَوْجُودَ.
أَرْبَعٌ تُعْرَفُ بِهِنَّ الْآخِرَةُ: الصَّفْحُ قَبْلَ الِاسْتِقَالَةِ، وَتَقْدِيمُ حُسْنِ الظَّنِّ قَبْلَ التُّهَمَةِ، وَالْبَذْلُ قَبْلَ الْمَسْأَلَةِ، وَمُخْرَجُ الْعُذْرِ قَبْلَ الْعَتْبِ.
وَإِذَا افْتَقَرْتَ إِلَى الذَّخَائِرِ لَمْ تَجِدْ ذُخْرًا يَكُونُ كَصَالِحِ الْأَعْمَالِ
مَنْ أَخْطَأَتْهُ الْمَنَايَا قَيَّدَتْهُ اللَّيَالِي وَالسِّنُونَ.
أَكْمَلُ مَا يَكُونُ الْإِنْسَانُ عَقْلاً وَذِهْنًا إِذَا بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَهِيَ السِّنُّ الَّتِي بَعَثَ اللهُ -تَعَالَى!- فِيهَا مُحَمَّدًا، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ! ثُمَّ يَتَغَيَّرُ وَيَنْقُصُ إِذَا بَلَغَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سَنَةً، وَهِيَ السِّنُّ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ! وَأَصْفَى مَا يَكُونُ ذِهْنُ الْإِنْسَانِ فِي وَقْتِ السَّحَرِ.
مَنِ اسْتَغْنَى بِمَا عِنْدَهُ جَهِلَ، وَمَنْ ضَمَّ إِلَى عِلْمِهِ عِلْمَ غَيْرِهِ كَانَ مِنَ الْمَوْصُوفِينَ بِنَعْتِ الرَّبَّانِيِّينَ.
تَرَبَّعَ الْجَهْلُ بَيْنَ الْحَيَاءِ وَالْكِبْرِ.
الْعُلُومُ أَرْبَعَةٌ: فَعِلْمٌ لَهُ أَصْلٌ وَفَرْعٌ، وَعِلْمٌ لَهُ أَصْلٌ وَلَا فَرْعَ لَهُ، وَعِلْمٌ لَهُ فَرْعٌ وَلَا أَصْلَ لَهُ، وَعِلْمٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا فَرْعٌ. فَأَمَّا الَّذِى لَهُ أَصْلٌ وَفَرْعٌ فَالْحِسَابُ؛ لَيْسَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ فِيهِ خِلَافٌ. وَأَمَّا الَّذِى لَهُ أَصْلٌ وَلَا فَرْعَ لَهُ فَالنُّجُومُ؛ لَيْسَ لَهَا حَقِيقَةٌ يَبْلُغُ تَأْثِيرُهَا فِي الْعَالَمِ. وَأَمَّا الَّذِى لَهُ فَرْعٌ وَلَا أَصْلَ لَهُ فَالطِّبُّ؛ أَهْلُهُ مِنْهُ عَلَى التَّجَارِبِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَأَمَّا الْعِلْمُ الَّذِى لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا فَرْعَ فَالْجَدَلُ.
الرِّجَالُ أَرْبَعَةٌ: رَجُلٌ يَدْرِي وَيَدْرِي أَنَّهُ يَدْرِي -فَذَاكَ عَالِمٌ؛ فَاتَّبِعُوهُ!- وَرَجُلٌ يَدْرِي وَلَا يَدْرِي أَنَّهُ يَدْرِي -فَذَاكَ غَافِلٌ؛ فَنَبِّهُوهُ!- وَرَجُلٌ لَا يَدْرِي وَيَدْرِي أَنَّهُ لَا يَدْرِي -فَذَاكَ جَاهِلٌ؛ فَعَلِّمُوهُ!- وَرَجُلٌ لَا يَدْرِي وَلَا يَدْرِي أَنَّهُ لَا يَدْرِي، فَذَاكَ مَائِقٌ؛ فَاحْذَرُوهُ!
اعْمَلْ بِعِلْمِي فَإِنْ قَصَّرْتُ فِي عَمَلِي يَنْفَعْكَ عِلْمِي وَلَا يَضْرُرْكَ تَقْصِيرِي
لَا يَعْرِفُ الرَّجُلُ خَطَأَ مُعَلِّمِهِ حَتَّى يُجَالِسَ غَيْرَهُ.
نَوَازِعُ الْعِلْمِ بَدَائِعُ، وَبَدَائِعُ الْعِلْمِ مَسَارِحُ الْعَقْلِ.
لَا يَضِيقُ سَمُّ الْخِيَاطِ مَعَ مُتَحَابَيْنِ، وَلَا تَسَعُ الدُّنْيَا مُتَبَاغِضَيْنِ:
مَا اتَّسَعَتْ أَرْضٌ إِذَا كَانَ مَنْ*تُبْغِضُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَرْضِ
النَّاسُ فِي سِجْنٍ مَا لَمْ يَتَمَازَحُوا.
ثَلَاثَةٌ يُنْسِينَ الْمَصَائِبَ: مَرُّ اللَّيَالِي، وَالْمَرْأَةُ الْحَسْنَاءُ، وَمُحَادَثَةُ الرِّجَالِ.
لَا يَصِلُ أَحَدٌ مِنَ النَّحْوِ إِلَى مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ مَا لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ.
إِذَا نُسِخَ الْكِتَابُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَلَمْ يُقَابَلْ- انْقَلَبَ بِالْفَارِسِيَّةِ!