في أكتوبر الماض 2015م، شاركتُ في مؤتمر العلماء العرب و الصّينيّين، و مؤتمر رؤساء الجامعات الصّينيّة و العربيّة؛ فقال لنا الأساتذة الصّينيّون: إذا كنتم تتحدّثون عن لغةٍ موحّدةٍ جامعةٍ، فلماذا لا تصنعون مصطلحاتٍ علميَّةً موحّدَةً؛ فإنّه ليس من المنطق و المنهج أنْ تختلف المصطلحات في لغةٍ واحدةٍ؟.
وهنا رأيتُ أن أُغادر أُفق الإجابة مفتوحًا لمثل هذا السؤال الدَّوْليّ.
إنّ أمر المصطلح ناتجٌ عن إبداع الجديد و تسميته، فالتّطور “العلميُّ و التّقنيُّ ينتج أشياء جديدةً لم تكن موجودةً، و تحتاج إلى أن نضع لها تعريفًا أو مصطلحًا أو اسمًا يُطلق عليها، و تكون له دلالةٌ واضحةٌ لا يحتاج معها المتلقّي إلى شرٍح أو تعليق(16)“.
و التّوصيف لتسمية الجديد بهذه الكيفيّة ينطبق على المصطلح الموحّد في اللّغة الموحّدة، و هو ما نستهدفه في صناعة المصطلح في لغتنا الجامعة(17). و لقد بات ضروريًّا لأهل العربيّة إيجاد مقاييس و معايير مشتركة لتعريب نُظم المعلومات و الاتّصالات و توحيد المصطلحات المتّصلة بكلَ مجالات الحاسوب(18). و لغتنا العربيّة الفصيحة المشتركة مؤهّلةٌ لصِناعة هذا التّوجّه القوميّ الجامع، و إنّ قولنا اليوم: الوطن العربيّ يمتدّ من الخليج إلى المحيط قولٌ ينطبق أوّل ما ينطبق، و أصدق ما ينطبق على وطن اللّسان العربيّ. و قد استعرتُ هذه العبارة من الدّكتور/ مازن مبارك، في كتابه المتميّز “اللّغة العربيّة في التّعليم العالي و البحث العلميّ”(19).
سادسًا – خاتمة البحث:
لابدّ للتّعريب الشّامل وفق الوطن العربيّ الكبير من قراراتٍ ناجزةٍ؛ قراراتٍ سياسيّةٍ سياديّةٍ، و قراراتٍ علميّةٍ تطبيقيّةٍ، و قراراتٍ شعبيّةٍ تحفّز على إنجاز المستهدف دون تردّدٍ.
و هناك مطلوباتٌ ترتبط وشيجًا بتنفيذ هذه القرارات منها: تأصيل الصّناعة المعجميّة و تطويرها، و إنشاء مجمع اللّغة العربيّة القوميّ، و توظيف الخطاب الإعلاميّ العربيّ لخدمة مشروع النّهضة باللّغة العربيّة، و إصلاح الخطاب العربيّ الدّوْليّ؛ استثمارًا للقرارات الدّوْليّة الّتي اعتمدت العربيّة ضمن لغات المنظمة الدّوْليّة، و اعتمدتْ يومًا دَوْليًّا للاحتفاء بالعربيّة.
و الجديد في هذا البحث الدّعوة لمنهجيّةٍ عربيّةٍ قوميّةٍ تخطّط و تنفّذ التّعريب الشّامل وَفْق قراراتٍ و مطالب ذات أهميّةٍ لإنجاز المطلوب.
و في ثبت نتائج البحث:
أ- التّعريب الشّامل ضرورةٌ ملحّةٌ لمشروع النّهضة باللّغة العربيّة؛ تأصيلًا، و تطويرًا، و مواكبةً للعصر.
ب- إنفاذ التّعريب الشّامل إلى غاياته يحتاج إلى ثلاثة قراراتٍ سياديّةٍ، و علميّةٍ، و شعبيّةٍ.
ج- في مطلوبات المنهجيّة الخاصّة بإنجاز التّعريب الشّامل؛ تأصيل و تطوير الصِّناعة المعجميّة، وتوحيد المصطلح، و تحرير الخطاب العربيّ القوميّ الدّوليّ.
د- شهادة اللّغة العربيّة الدَّوْليَّة (ض1) و(ض2)؛ دعمٌ أساسٌ لمشروع التّعريب الشّامل.
هـ- إنشاء مجمع اللّغة العربيّة القوميّ، لتوحيد المصطلحات، و إجازة المعاجم، و رسم السّياسة اللّغويّة القوميّة الجامعة؛ دعمٌ أساسٌ لمشروع التّعريب الشّامل.
و في مَسرَد توصيات البحث:
أ- يوصي المؤتمر الملوك و الرّؤساء العرب أن يُصدروا في مؤتمر القمّة القادم؛ القرار السّياديّ الملزم بالتّعريب الشّامل على أفق الوطن العربيّ كلّه. كما يوصي الدَّوْلتَيْن السّودان و مصر بإعداد المشروع، وتقديمه لمؤتمر القمّة القادم.
ب- يوصي المؤتمر وزراء التّعليم العام بالوطن العربي؛ أن يتّفقوا على خطّةٍ تفرد التّعليم قبل الأساس، والتّعليم الأساس، باللّغة العربيّة لجميع المواد. وأن يحسموا مسألة تطبيق المنهج القوميّ في كلِّ قطرٍ على المدارس الخاصّة والأجنبيّة.
ج- يوصي المؤتمر وزراء التّعليم العالي و البحث العلميّ بالوطن العربيّ؛ أنْ يكون من شروط التّرقية إلى درجة أستاذ، نشر كتابٍ باللّغة العربيّة في التّخصّص الدّقيق، و ترجمة كتاب آخر في التّخصّص الدّقيق إلى العربيّة. كما يوصيهم بأن يكون شرط التّصديق للجامعات الأهلية والأجنبيّة، الالتزام بخطّة التّعريب الشّامل القوميّة.
د- يوصي المؤتمر وزراء الخارجيّة العرب على تقديم خطاب الوزراء و السّفراء الدّوْليّ بالعربيّة الجامعة، كما يوصيهم بتصميم أداءٍ رساليٍّ للسّفارات العربيّة، لصالح مشروع النّهضة باللّغة العربيّة.
سابعًا – هوامش البحث:
1- بحوثي:
أ- السّياسة اللّغويّة القوميّة؛ منهجيّةٌ للمستقبل الدَّوْليّ للّغة العربيّة، مؤتمر مجمع اللّغة العربيّة بالقاهرة، 2012م.
ب- السّياسة اللّغويّة العربيّة؛ منهجٌ للتّأصيل و التّطوير و مواكبة العصر، النّدوة الدَّوْليّة “التّعدّد اللّسانيّ و اللّغة الجامعة” رئاسة الجمهوريّة – الجزائر، 2012م.
ج- شهادة اللّغة العربيّة الدَّوْليّة؛ قضيّة المشاركة العربيّة الكونيّة، مؤتمر رؤساء الجامعات الصّينيّة والعربيّة، ينشيان – الصّين، 2015م.
2- مجلّة “اللّسان العربيّ” (73)، توصيات مؤتمر التّعريب الثّاني عشر، 2013م – الخرطوم، ص 284.
3- المرجع السّابق، ص 277.
4- اللّغة العربيّة في عصر العولمة الثّقافيّة، محمد عبد الرّحمن الرّبيّع، ص 62.
5- المدخل إلى مناهج البحث وكتابة البحوث …، حسن الشّافعي، ص 78.
6- العلم و اللّغة، محمود فوزي المناوي، ص 53.
7- اللّغة العربيّة في التّعليم العالي و البحث العلميّ، مازن مبارك، ص 10.
8- اللّغة العربيّة؛ إضاءاتٌ عصريّةٌ، حسام الخطيب، ص 87.
9- بيان مجمع اللّغة العربيّة بالخرطوم بمناسبة اليوم العالميّ للّغة العربيّة، 18/12/2015م، الخرطوم. ص2.
10- التّعريب و دوره في تدعيم الوجود العربيّ، ص 471، مقال مصطفى الفيلالي، المعلون؛ “نحو استراتيجيّةٍ للتّعريب في الوطن العربيّ”.
11- مجلّة مجمع اللّغة العربيّة بالخرطوم، العدد التّاسع 2013م، من مقال علي شمو، المعلون؛ “لغة الاتّصال في عصر المعلومات”.
12- تفاصيل جديرة بالنّظر في:
أ- صناعة المصطلح في اللّسان العربيّ، عمّار ساسي.
ب- علم المصطلح، و طرائق وضع المصطلحات في العربيّة، ممدوح محمّد
خسارة.
13- أ- المشروع القوميّ لإنشاء شهادة اللّغة العربيّة الدَّوْليّة؛ (ض1) و(ض2)، المحرّم 1433هـ.
ب- المشروع القوميّ لإنشاء شهادة اللّغة العربيّة الدَّوْليّة، الملتقى العالميّ لخدمة
اللّغة العربيّة، رئاسة الجمهورية – تونس، ديسمبر 2013م.
ج- شهادة اللّغة العربيّة الدَّوْليّة؛ قضيّة السّاعة في سباق اللّغات الكونيّ، مؤتمر
مجمع اللّغة العربيّة بالقاهرة (79)، مارس 2013م، القاهرة.
د – شهادة اللّغة العربيّة الدَّوْليّة؛ ضرورة العصر في ميدان سباق اللّغات الكونيّ،
مؤتمر العلماء الصّينيّين و العلماء العرب، و مؤتمر رؤساء الجامعات الصّينيّة و العربيّة، سبتمبر 2015م، ينشيان – الصّين.
14 – بحث الأستاذة/مسعودة، منشورٌ بمجلّة المجمع الجزائري للّغة العربيّة، العدد الحادي والعشرون، يناير 2015م.
وانظر؛ استخدام التّقنيّات الحديثة في تطوير اللّغة العربيّة، المنظّمة العربيّة، تونس، 2010م.
15 – , www.t-i-c-e-t.org www.i-c-c-a.org
16- مجلة مجمع اللّغة العربيّة بالخرطوم، العدد التّاسع، 1434هـ، ص42، بحث علي محمّد شمّو، المعنون؛ “لغة الاتّصال في عصر المعلومات”.
17- بحوث رافدةٌ لدراسة المصطلح:
– صناعة المصطلح في اللّسان العربيّ، عّمار ساسي، الأولى 2012م، عالم الكتب الحديث للنّشر والتّوزيع، إربد – الأردنّ.
– علم المصطلح وطرائق وضع المصطلحات في العربيّة، ممدوح محمّد خسارة، الأولى 2008م، دار الفكر، دمشق.
– كتاب ملخّصات الملتقى الدّوْليّ الأوّل؛ المصطلح والمصطلحيّة في العلوم الإنسانيّة، بين التّراث والحداثة، مارس 2004م، البليدة – الجزائر.
18- تفاصيل عن الموضوع ببحث الدّكتور/عبد العليم بوفاتح، المعلون؛ واللّغة العربيّة في عصر التّكنولوجيّا”، مجلّة مجمع اللّغة العربيّة بالقاهرة، العدد 111، نوفمبر 2007م، ص 186 و 187.
19- ص 9.
ثامنًا – عرض المصادر والمراجع.
1- جامعة سعد دحلب:
– المصطلح و المصطلحيّة، في العلوم الإنسانيّة، بين التّراث و الحداثة، (كتاب ملخّصات الملتقى الدّوْليّ الأوّل)، مارس 2004م، الجزائر.
2- حسام الخطيب:
– اللّغة العربية؛ إضاءاتٌ عصريّةٌ، الأولى 1995م، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب – القاهرة.
3- حسن بشير:
– السّياسة اللّغويّة العربيّة؛ منهجٌ للتّأصيل و التّطوير و مواكبة العصر، النّدوة الدَّوْليّة “التّعدّد اللّسانيّ و اللّغة الجامعة”، رئاسة الجمهورية – الجزائر، 2012م.
– شهادة اللّغة العربيّة الدَّوْليّة؛ قضيّة المشاركة العربيّة الكونيّة، مؤتمر رؤساء الجامعات الصّينيّة و العربيّة، ينشيان – الصّين، 2015م.
– عبد الله الطّيّب؛ قراءةٌ لبحوثه بمجمع القاهرة، الأولى 2008م، الدّار السّودانيّة للكتب – الخرطوم.
4- حسن الشّافعي:
– المدخل إلى مناهج البحث و كتابة البحوث و تحقيق المخطوطات، الأولى 2012م، بدون ناشر.
5- الرّبيّع (محمّد بن عبد الرّحمن الرّبيّع):
– اللّغة العربيّة في عصر العولمة الثّقافيّة، الأولى 1413هـ، هبة النّيل العربيّة للنّشر و التّوزيع – الجيزة.
6- صبري إبراهيم:
– المصطلح العربيّ: الأصل و المجال الدَّلاليّ، جزءان، الأولى 1996، دار المعرفة الجامعيّة – الإسكندريّة.
7- عبد الصّبور شاهين:
– العربيّة لغة العلوم و التِّقْنِيَّة، الثّانية 1406هـ، دار الاعتصام – القاهرة.
8- عمّار ساسي:
– صِناعة المصطلح في اللّسان العربيّ، الأولى 2012م، عالم الكتب الحديث – إربد.
9- مازن مبارك:
– اللّغة العربيّة في التّعليم العالي والبحث العلمي، الأولى 1393هـ، مؤسّسة الرّسالة و دار النّفائس – بيروت
10- المجمع الجزائري:
– مجلة المجمع الجزائري للّغة العربيّة، العددان 20 و21، ربيع الأوّل و رمضان 1436هـ – الجزائر.
11- مجمع اللّغة العربيّة بالخرطوم:
– مجلّة مجمع اللّغة العربيّة بالخرطوم، العدد التّاسع، 1434هـ – الخرطوم.
12- مجمع اللّغة العربيّة بالقاهرة:
– مجلّة مجمع اللّغة العربيّة، العدد (111)، 1428هـ – القاهرة.
13- مركز دراسات الوحدة العربيّة:
– التّعريب و دوره في تدعيم الوجود العربيّ و الوحدة العربيّة مركز دراسات الوحدة العربيّة، الأولى 1982م – بيروت.
14- المركز العربيّ للتّعريب بدمشق وآخرون:
– ندوة المسؤولين عن تعريب التّعليم العالي في الوطن العربيّ، 1419هـ – الخرطوم.
15- مكتب تنسيق التّعريب بالرّباط:
– اللّسان العربيّ، العدد 73، 2014م – مكتب تنسيق التّعريب – الرّباط.
16- ممدوح محمّد خسارة:
– علم المصطلح وطرائق وضع المصطلحات في العربيّة، الأولى 1429هـ، دار الفكر-دمشق.
19- الهيئة العليا للتّعريب – الخرطوم:
– تعريفّ عامٌّ، الثّانية 2010م، دار الأصالة – الخرطوم.
20- الهيئة العليا للتّعريب بالخرطوم، و اتّحاد مجالس البحث العلمي العربيّة ببغداد:
– ندوة اللّغة العربيّة لغة البحث العلميّ، نُظّمتْ 2004م، بدون تاريخ للنّشر، دار الأصالة – الخرطوم.