طالَما عانقت القلَمَ الأناملُ ، لكنّه اليومَ حَرون يجفو كفَّ صاحبِه ، ويَعَضّ منه الأناملَ ، ظَبْيًا جَفولاً ، و عُودًا بارِدًا .
أمّا الكلماتُ فأصبحت ذاهلةً ، تجفو صاحِبَها كالسّرْجِ يجفو عن الظّهرِ الأملَسِ ، نابِيًا غيرَ مُطِمَئِنّ ، تَنْبُذُ القَلَم ،
تَضِلُّ طَريقَها حَيْرى في زَمَنِ الْغُثاءِ وبَيْعِ الذِّمَم ، تُنْكِرُ مَنْ يَسْطُرُها ، تَهْجُرُ مَنْ يَنْثُرُها دُرَرًا فَيَدوسُها القَدَم، كَأَنْ
لَيْسَت إلاّ للطّيْرِ يَنْقُرُها ، و تَضيعُ وَسْطَ لَغْوِ الزِّحامِ و الصُّحُفِ السَّيّارَة، غَريبَةً مَغْبونَةَ الحَظِّ ثَكْلى ، كُلَّما دَعَوْتَها
تَباعَدَتْ ، كَأَنَّما تُنْحَتُ مِن أسِنَّةِ الصَّخْرِ و نُتوءِ القِمَم، وتأتيكَ سَعْيًا إنْ لَمْ تَدْعُها ؛ كالدُّنْيا تَرْغَبُ في الزّاهِد،
وتَزْهَدُ في الرّاغِبِ...