اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صالح الصعب
قصة أديب
في الساعة السابعة من مساء الثلاثاء لفظت شواطئ الإسكندرية جثة تعلوها نضارة العمر وإن بدا منها مسحة تعلوه من شقاء داخلي وهم وتقلقل ، وعند تقليب الجثة تبين للشرطة أنه رجل مدني قد أُلقي أو ألقى نفسه في الماء ، وفي نهاية مطاف التحقيق علِمتْ الأخبار أنه الدكتور إسماعيل أحمد أدهم وكيل الدراسات الإسلامية في روسيا وهو صاحب المقالات العلمية والنقدية في الرسالة والمقتطف ومنشط الحركة الأدبية في الإسكندرية !
نَجَله أبوان : تركي وروسي ، وبعدها بحين تزوج أبوه ( التركي ) من مصرية فنقله إلى مصر معه فتعلم فيها العربية ، ثم ترك له بعد وفاته بيتا يقتات من إجرته هو و أخته ، فأخذا يصارعان الحياة يتماً و مرضاً ألَمَّ به هو وهو داء السل ، ومسلسل الحزن لم يقف عند بؤسه وهوانه على الناس ، فبدأ يحفر بقلمه خندقاً من العداء لكل كاتب و كتاب إسلامي حتى أصبح في مقابل كل كاتب وكتاب رأي و تصنيف ، فامتاز الرجل بقلمه - الحر - الجرئ و أعانه على ذلك عزيمة نافذة وطبع عمول ، ولأن مثل الذي يُنَشَّأ في مراتع لا دينية غالباً تظهرعليه معارضة المألوف وتنكب المسطور حتى ولو كانت آيات بينات ، حتى أبدى بالنهاية َنفَسَهُ الإلحادي والمادي و مد ظلاله وارفاً وخلع نفسه عن ربقة الإصلاح المتمنهج ضمن باكورة العمل الإسلامي فأصبح من المناهضين لكتّابه ،
فأبغضوه وأبغضهم حتى كانت نهايته الإنتحار وقد وضع كتابا في معطفه عند تفتيش ملابسه إلى رئيس النيابة يقول فيه :
"إنه قتل نفسه بالغرق يأساً من الدنيا وزهادةٍ في العيش ، ويوصي بأن يحرق جسده ويشرَّح رأسه "
يقول الأستاذ الزيات - معلقاً على الحدث - :
وأعتقد أن في مخه عبقرية فهو يرجو أن يظهر بالتشريخ خافيها . انتهى كلامه
قبل الشروع في التعليق على مجريات القصة نسأل الله تعالى أولا ًالسلامة والعافية ،
لا مظنون بغير ذلك عندما تسمع قول الرحمن : ( ومن يعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكى ) وأن مطارحة التوجيه القرآني ستؤدي بك إلى حلقات مفرغة لا تخرج منها ولا تستطيع الإحاطة بها لقصر منظور العقل عموماً أمام إحاطة الشرع ، وثانيها:
قطع حبل الله الممدود من السماء بقبضة الإستعانة التي هي ناموس السداد وسبيل الرشد ، ليتدلى بك فتسير بقارب الحيرة تلاطمك أمواج الظلال لاتهتدي لشيئ ، ومن يضلل فماله من هاد .
كثيرٌ مما سمعنا عنهم وتشار إليهم أصابع الإعجاب بالفن الذي بز أقرانه به ، تجارة أو فناً أو شهرةً نالت أسماع من به صمم ،
وياحسرةً على آخر مشاهد العرض ، إنتهى بمشهد مؤلم حقاً لا يختلف عليه اثنين أحرق علم الشهرة ونكسه رماداً وكأن شيئا لم يكن ..
يالله ما أعظم شأنك وياالله ما أقوى بأسك الذي لا يرام ،
حسناً ..
لم يبقى لنا الآن خيارات إخرى بعد هذه القصة و أخواتها إلا لنربط على قلوبنا بمعاهدة الإستعانة بربنا و الصيرورة على ذلك بل كلما خبت نارها أشعلناها بالإنابة وتعاهدناها بذلك وعداً علينا حقا ، كذلك وسقنا بجانبها مداد التوكل ليصطبغ القلب بهذا العماد ، عماد التوحيد ومن أحسن من الله صبغة !
لا تستغرب الحديث - أيها القارئ الكريم - عن هذه الحتمية المفجعة ، فنحن في زمن قال عنه الصادق المصدوق - عليه الصلاة والسلام - : ( يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ) ، وبعض السقوط مروع وبنفس الوقت مدوي ، فاستعن بالله ولا تعجز ،
ولا تنسى أن العقوبة قد تكون أخف وطئة من نهاية هذا الأديب البائس .
هنا انقطع وحي القلم ..
( آخر الكلام )
يقول الأستاذ الزيات - رحمه الله - :
إن الأدب الملحد قد يعيش في الغرب لأن الظلام يمدّه الظلام ، ولكنه لا يستطيع أن يعيش في الشرق لأن الظلام ينسخه النور .
|
اقتباس:
إن الأدب الملحد قد يعيش في الغرب لأن الظلام يمدّه الظلام ، ولكنه لا يستطيع أن يعيش في الشرق لأن الظلام ينسخه النور
|
قصة وعظية بامتياز,وفقكم الله.