مجمع اللغة العربية بمكة يطلق عضوياته الجديدة
لطلب العضوية:
اضغط هنا

لمتابعة قناة المجمع على اليوتيوب اضغط هنا

 


الانتقال للخلف   منتدى مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية > القسم العام > واحة الأدب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )
 
مصطفى شعبان
عضو نشيط

مصطفى شعبان غير موجود حالياً

       
رقم العضوية : 3451
تاريخ التسجيل : Feb 2016
مكان الإقامة : الصين
عدد المشاركات : 12,782
عدد النقاط : 10
قوة التقييم :
جهات الاتصال : إرسال رسالة عبر Skype إلى مصطفى شعبان
افتراضي من أعلام الأدب في العصر الحديث (10): عبد الرحمن شكري

كُتب : [ 06-05-2017 - 07:24 AM ]


من أعلام الأدب في العصر الحديث
عبد الرحمن شكري 1886-1958م
(شاعر)
[IMG][/IMG]

أ- حياته:
في أسرة مغربية الأصل وُلد عبد الرحمن شكري لأب يُسمى محمد شكري عياد، كان في أيام الثورة العرابية يشتغل معاونًا في "الضابطية" بالإسكندرية، فاتصل برجال هذه الثورة وعلى رأسهم عبد الله نديم، ولم يلبث أن انضم إليهم،
وعمل تحت لوائهم. ولما أخفقت الثورة سُجن مع من سجنوا من الثائرين، ثم عُفي عنه، وظل بدون عمل مدة، ثم عُين ضابطًا في معاونة محافظة القنال ببورسعيد، ومكث في هذه الوظيفة بقية حياته. ورُزق بابنه في هذه البلدة سنة 1886، وتصادف أن مات كل أبنائه الذين يكبرونه، فاهتم به اهتمامًا خاصًّا، وعلق عليه أمانيَّ واسعة. فألحقه أولًا "بالكُتَّاب"، ثم نقله إلى المدرسة الابتدائية، فالمدرسة الثانوية، وتخرج فيها سنة 1904.
وكانت في هذا الأب نزعة أدبية، ولعل هذه النزعة هي التي عقدت الصلة بينه وبين أديب الثورة العرابية عبد الله نديم؛ بل يقال: إنه كان من أدباء هذه الثورة. وكان النديم كثيرًا ما ينزل عليه ضيفًا بعد صدور العفو عنه، كما كان ينزل عليه بعض أدباء العصر مثل الشيخ حمزة فتح الله. وكان يصل ابنه بالرجلين، كما كان يتعجل إيقاظ مواهبه بما يعرض عليه من كتابات العصر ومؤلفاته، وخاصة كتاب "الوسيلة الأدبية" للشيخ المرصفي. وكان في مكتبته ديوان ابن الفارض وديوان البهاء زهير، فعكف عبد الرحمن على هذا كله، ولم تلبث مخايل نبوغه أن تراءت لأستاذه في العربية الشيخ عبد الحكيم، وهو لا يزال في المدرسة الثانوية، فكان يشجعه ويُعجب بما يكتب وينظم.
والتحق بمدرسة الحقوق، ولكنه لم يلبث أن فُصل منها بسبب تحريضه الطلاب على الإضراب استجابة لزعماء الحزب الوطني. فترك التشريع ودراسة القانون، واتجه إلى دراسة الآداب التي كانت تتفق وميوله، وتحقيقًا لهذه الغاية التحق بمدرسة المعلمين العليا، وتخرج فيها سنة 1909. وقد التزم فيها الدرس الصارم للأدبين العربي والغربي، وكان أكثر ما يعجبه من الأدب الأول كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني وديوان الحماسة لأبي تمام، وديواني الشريف الرضي ومهيار، فاقبل يعبُّ منها جميعًا، أما الأدب الغربي فوجد بغيته منه في كتاب "الذخيرة الذهبية" الذي وُزِّع عليهم في مدرسة المعلمين، وهو يضم أروع ما لشعراء الإنجليز من شعر غنائي.
وفي هذه الأثناء كان يكتب في صحيفة الجريدة التي يحررها لطفي السيد بعض ما ينشئه من مقالات ومن أشعار، وهي الجريدة التي كانت تحمل راية التجديد حينئذ، وكان يُقبل على الكتابة فيها شباب الأدباء من مثل: محمد حسين هيكل وطه حسين. ومقالاته فيها تدل على أنه يفهم الشعر في ضوء آراء النقاد الغربيين، فهو يكتب عن عَلاقة الشعر بالفنون ونحو ذلك من موضوعات كانت تُعد حينئذ جديدة؛ بل بدعًا جديدًا.
ونراه في سنة 1909 ينشر أول ديوان له، ويسميه "ضوء الفجر". ثم يذهب في بعثة إلى إنجلترا، ويعود من البعثة سنة 1912، ويعين في مدرسة رأس التين الثانوية بالإسكندرية. وينشر الجزء الثاني من ديوانه، ويقدِّم له العقاد مقدمة رائعة سبق أن تحدثنا عنها في فصل "الشعر وتطوره". وتتعاقب أجزاء الديوان التي بلغت سبعة، وقد ظهر الأخير منها في سنة 1919.
ويتقلب في وظائف وزارة التربية والتعليم بين النظارة والتفتيش، ولا نراه يخرج ديوانًا بعد هذا التاريخ؛ بل يكتفي بما ينشره من قصائد ومقالات في مجلات المقتطف والرسالة والثقافة والهلال، وفي صحيفتي الأهرام والمقطم. وأحيل إلى المعاش سنة 1944؛ ولكن شعلة النشاط لم تخمد في نفسه، فقد ظل يكتب في هذه الصحف والمجلات، واختار بورسعيد -مسقط رأسه- ليمضي فيها بقية حياته، ثم تركها إلى الإسكندرية، وفيها لبَّى داعي ربه في 15 من ديسمير سنة 1958.

ب- شعره:
شعر شكري تعبير واضح عن التقاء العقلين: المصري العربي، والغربي الإنجليزي وغير الإنجليزي، وقد كان الشعراء قبله -ونقصد شعراء النهضة- يتصلون أكثر ما يتصلون بالأدب الفرنسي، أما هو فأكثر صلته بالأدب الإنجليزي.
وأخذ نفسه -منذ أن كان طالبًا في مدرسة المعلمين- بالتعمق في هذا الأدب وبالقراءة الواسعة في الأدب العربي. وتصادف أن قرأ مختارات "الذخيرة الذهبية" فرأى فيها نموذجًا جديدًا لشعر غنائي يخالف الصورة التقليدية للشعر العربي، فليس فيه مديح ولا هجاء، وإنما فيه التعبير الواسع عن العاطفة والتأمل الواسع في آمال البشرية وآلامها وكل ما يتصل بالحياة والطبيعة من أفكار وأنغام.
واستقرت هذه الصورة في نفسه، فلم يعد يعجب بشعرنا التقليدي في أبوابه الكبيرة المعروفة وخاصة باب المديح. وتصادف أن اطلع على كتاب "الأغاني" و"ديوان الحماسة" لأبي تمام فأعجب بما فيهما من غزل وجداني لا تصنع فيه ولا تكلف، واطلع على ديواني الشريف الرضي ومهيار، فوجد فيهما نفس الغزل الطبيعي الذي يشف عن قلب صاحبه، دون أي حجاب كثيف من طباق وجناس وغير ذلك من ضروب البديع.
حينئذ نزعت به نفسه أن يدخل الشعر من هذا الباب ومن الأبواب الواسعة التي فتحها أمامه شعراء كتاب "الذخيرة الذهبية". وديوانه الأول الذي نشره عقب تخرجه من مدرسة المعلمين وسماه "ضوء الفجر" يصور خير تصوير هذا الاتجاه، الذي كان يعد ثورة في أوائل القرن.
والديوان يخلو خلوًّا تامًّا من المديح، وفيه رثاء لزعماء الإصلاح الذين لبوا نداء ربهم؛ وهم: الشيخ محمد عبده ومصطفى كامل وقاسم أمين، وهو رثاء من نوع جديد، يقتصر فيه الشاعر على التفكير في الحياة والموت، ولا نراه يصور حزن الشعب المصري كما صوره حافظ مثلًا في رثائه لهؤلاء الأعلام، فهو مشغول بنفسه وبخواطره الذاتية.
إنه شاعر وجداني ذاتي بالمعنى الكامل الذي يفهمه الغربيون عن الشاعر الغنائي، فالشعر نسيج نفسه وليس نسيج الأحداث السياسية والعواطف القومية، ومن أجل ذلك كان أكثر النغم في الديوان نغم الحب، وهو حب محروم، فيه يأس وشجى. ووراء هذا الحب تصوير واسع للنفس البشرية وأحاسيسها إزاء الكون والطبيعة، وهي أنغام استمدها مما قرأه في الشعر الإنجليزي، وقد طُبعت عنده كما طبعت عند أصحاب المنزع الرومانسي بالحزن والتشاؤم، فهي تذيع أنات الشاعر ويأسه القاتل، حتى ليقول في قصيدة بعنوان "شكوى الزمان":
لقد لفظتني رحمة الله يافعًا ... فصرت كأني في الثمانين من عمري
وفي آخر الديوان قصيدة طويلة من الشعر المرسل الذي يتحرر فيه الشاعر من القافية على نمط ما هو معروف عن شكسبير وغيره من شعراء الغرب، وفيها يصور أحزانه ومطامحه إلى حياة أكمل من هذه الحياة.
ويُرْسَل شكري في بعثة إلى إنجلترا، فتتسع معرفته بالأدب الإنجليزي، ولا يقف بقراءاته عند هذا الأدب؛ بل يأخذ نفسه منذ هذا التاريخ بقراءة آداب الأمم الغربية المختلفة من فرنسية وألمانية وغير فرنسية وألمانية.
ويعود إلى مصر، فتشتد الصلة بينه وبين شاعرين من طرازه وذوقه في فهم الشعر وما ينبغي أن يكون عليه في ضوء الأدب الإنجليزي وغيره من الآداب الغربية؛ وهما: إبراهيم عبد القادر المازني وعباس محمود العقاد، ويؤلفون معًا هذا الجيل الجديد الذي ثار على شعرنا القديم كما ثار على شعر شوقي وغيره ممن كانوا يضطربون بين التقليد والتجديد.
ويأخذ شكري في إخراج دواوينه واحدًا تلو الآخر، وتارة يقدم لما يخرج من دواوين، وتارة يقدم له العقاد مما وصفناه في غير هذا الموضع. وألف قصة سماها قصة الحلاق المجنون، وفيها ما يدل على تأثره بالآداب الروسية حينئذ، كما ألف "الاعترافات" وفيها تأثر واضح بما قرأه في الآداب الفرنسية من اعترافات "جان جاك روسو" و"شاتوبريان" وإن لم يجعلها على لسانه فقد نسبها إلى شخص رمز إليه بالحرفين م. ن. وهي اعترافات رائعة؛ إذ كلها تحليلات وتأملات، وقد وصف فيها الشباب المصري بأنه "عظيم الأمل؛ ولكنه عظيم اليأس، وكل منهما في نفسه عميق مثل الأبد".
وشكري بمثل هذا الاعتراف يضع في يدنا مفتاح هذا التشاؤم وهذا الضيق والتبرم اللذين وقَّعتْ مدرسته شعرها على أوتارهما، فقد كان يجثم الاحتلال الإنجليزي على صدر وادي النيل، ولم يكن الشباب المصري حينئذ مبتهجًا؛ بل كان حزينًا حزنًا شديدًا؛ إذ كان يعاني أزمة الحياة، وكان لا يستطيع تحقيق آماله؛ بل كان يرتد دائما عن تحقيقها بائسًا يائسًا. ومن هنا أصبح قرار النغم عنده قاتمًا، فالحياة قاتمة من حوله، ولا يستطيع شاب أن ينال منها غير الضنى والحزن والمرارة.
وهذا هو طابع شعر شكري في جميع دواوينه، وهو طابع حزين لا يستمد فيه من شعر المنزع الرومانسي فحسب؛ بل يستمد فيه من حقائق بيئته وحقائق حياته وحياة الشباب المصري من حوله. ولعل ذلك ما جعله يردد الحديث كثيرًا عن الموت، وهو يفتتح الجزء الثالث بقصيدتين عنوانهما على التوالي: "الحب والموت" و"بين الحياة والموت". ومن قوله في أولاهما:
وما الدهر إلا البحر والموت عاصف ... عليه وأعمار الأنام سفين
وفي نفس الديوان قصيدة بعنوان "الأزاهير السود"؛ إذ تتراءى له كل أزهار الحياة أزهار ضنك وشقاء، ونراه يرثي نفسه في هذا الديوان بقصيدة عنوانها "شاعر يحتضر" يستهلها بقوله:
أألقي الموت لم أنبه بشعري ... ولم يعلم سواد الناس أمري
وفي نفسي من الأبد اتساع ... تدور الكائنات بها وتجري
وأكثر أشعاره في دواوينه من هذا الضرب القاتم الحزين، ونراه يُلقي بظلال حزنه على مشاهد الطبيعة من حوله، ومن قصائده الرائعة في ذلك قصيدته في الجزء الخامس "إلى الريح"، وفيها يقول:
يا ريح أي زئير فيك يفزعني ... كما يروع زئير الفاتك الضاري
يا ريح أي أنين حن سامعه ... فهل بُليت بفقد الصحب والجار
يا ريح ما لك بين الخلق موحشة ... مثل الغريب غريب الأهل والدار
أم أنت ثكلى أصاب الموت واحدها ... تظل تبغي يد الأقدار بالثار
واستلهم في هذه القصيدة قصيدة "أغنية الريح الغربية" للشاعر الإنجليزي الرومانسي شللي؛ ولكنه لم يَسْطُ على معانيه؛ بل اهتدى من بعيد على ضيائه إلى هذه الأنغام العربية الشجية، وكان على هذا النحو دائمًا يستضيء بالنماذج الغربية؛ ولكن لا ينقلها نقلًا في أساليبه العربية، وإنما يكتفي بالإلهام من بعيد، ثم يغني عواطفه وشجونه في شعره. وفي دواوينه أمثلة مختلفة من ذلك، ومن أوضحها قصيدته "نابليون والساحر المصري" في الجزء الثاني، وقد استلهم فيها قصيدة الشاعر "The Bard" لتوامس جراي، وهي كقصيدة "الريح الغربية" من قصائد "الذخيرة الذهبية".
ودائمًا يتردد النغم الحزين في شعره، وصوَّر ذلك في اعترافاته -كما قدمنا- إذ قال عن الشباب المصري: إنه يتقاذفه الأمل واليأس؛ ولكن اليأس كان أشد عنفًا به؛ إذ ينفذ إلينا من أكثر قصائده.
وطبيعي أن يدفعه تفكيره في الحياة وبؤسها إلى تفكير واسع في عالم الكون والغيب وأحواله، وناموس الحياة ووجودها المطلق وحقائقها الكلية. وكل ذلك يتراءى أمامه كأنه بحر بغير ضفاف، ومن خير ما يصور ذلك قصيدته في الجزء الخامس "إلى المجهول"، وهو يفتتحها بقوله:
يحوطني منك بحر لست أعرفه ... ومهمه لست أدري ما أقاصيه
أقضي حياتي بنفس لست أعرفها ... وحولي الكون لم تُدْرَك مجاليه
يا ليت لي نظرة للغيب تسعدني ... لعل فيه ضياء الحق يبديه
كأن روحي عود أنت تحكمه ... فابسط يديك وأطلق من أغانيه
ووقفة شكري أمام الكون وأسراره لا تنتهي به إلى شك ولا إلى قطع حبل الرجاء في معرفة حقائق الوجود وروحه الخالدة. وقلبه من هذه الناحية كان عامرًا بالإيمان، وتصور ذلك أوضح تصوير قصائد مختلفة مثل: "في عرفات" و"عظة الهجرة" و"يا رحمة الله التي عمت الورى"، وقصيدته في الجزء الرابع "صوت الله"، وهو يستهلها بقوله:
أنصت ففي الإنصات نجوى النفوس ... فإن صوت الله دانٍ كليم
ويقول في الجزء الخامس من قصيدته "قوة الفكر":
الفكر نور الله في الوجود ... فعمره كخُلْده المديد
وله في الجزء السابع قصيدة بعنوان "الملَك الثائر"، صوَّر فيها ملَكًا ثار على ربه؛ لما تمتلئ به الأرض من شرور، ونزل إلى الأرض يحاول الإصلاح، فهب في وجهه العصاة والتقاة، وأراد الصعود ثانية إلى الملأ الأعلى، فأغلقت أبواب السماء في وجهه عقابًا على ثورته وعصيانه لربه. وقد زعم بعض النقاد أن قصيدته "حلم البعث" في الجزء الثالث تصور تمردًا على الإيمان بالله واليوم الآخر، وهي ليست أكثر من سخرية بالناس وشرورهم التي لا تفارقهم حتى بعد موتهم.
وله منظومتان في "أبي الهول" و"هرم خوفو"؛ ولكنه لا يذهب بشعره فيهما مذهب شوقي في فرعونياته، فهو لا يعنيه الإشادة بمجد الآباء بقدر ما تعنيه نفسه وخواطره في الكون والحياة. وربما كانت قصيدته في الجزء الخامس "العبد الروماني" رمزًا لحكام الشعب الطغاة، فقد قتل العبد في القصيدة سيده الطاغية، وتغنَّى بالحرية قائلًا:
رضينا بنيرون فكنا بناره ... جديرين إن الأتقياء حُطام
وربما كانت هذه القصيدة هي التي ألهمت خليل مطران قصيدته في "نيرون". وله في الجزء السابع قصيدة تسمى "هز الأنوف" وفيها صور ملِكًا جائرًا حكم شعبه حكمًا ظالمًا، فأمر كل فرد فيه أن يهز أنفه صباح مساء، وأخيرًا ثار عليه أحد أبناء شعبه قائلًا:
إذا نحن طامنا لكل صغيرة ... فلا بد يومًا أن تساغ الكبائر
وعلى هذا النحو كان شعر شكري شعرًا جديدًا؛ بل كان حدثًا جديدًا في شعرنا المصري الحديث، إلا أن الجمهور لم يقبل عليه لسببين: أما أولهما فيرجع إلى أنه لم يكن قد بلغ من النضج العقلي ما يمكِّنه من تذوق هذا اللون الجديد من الشعر، وأما ثانيهما فيرجع إلى شكري نفسه؛ لأنه لم يستطع أن يوازن بين جديده وبين الصياغة القديمة كما وازن شعراء النهضة.
ومع ذلك فله -مع العقاد والمازني- فضل هذه المحاولة الجديدة التي أخرجت شعرنا من دوائر التقليد القديمة، وجعلته يطوف في مجالات أرحب وأوسع، من العواطف الإنسانية العامة، والتأمل في الكون والحياة البشرية تأملا فيه شره عقلي شديد إلى التفكير في كل فكر والإحساس بكل إحساس.

________
الأدب العربي المعاصر في مصر
المؤلف: أحمد شوقي عبد السلام ضيف الشهير بشوقي ضيف (المتوفى: 1426هـ)
الناشر: دار المعارف
الطبعة: الثالثة عشرة
عدد الأجزاء: 1
الصفحة: 129


التعديل الأخير تم بواسطة مصطفى شعبان ; 06-05-2017 الساعة 07:30 AM
رد مع اقتباس
 
 رقم المشاركة : ( 2 )
عبدالله بنعلي
عضو نشيط
رقم العضوية : 1630
تاريخ التسجيل : Apr 2014
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 6,053
عدد النقاط : 10
جهات الاتصال :

عبدالله بنعلي غير موجود حالياً

   

افتراضي

كُتب : [ 06-05-2017 - 09:44 AM ]


عبد الرحمن شكري
من موقع المعرفة :
عبد الرحمن شكري (1886-1958 م) شاعر مصري، رائد مدرسة الديوان. ينتمى إلى أسرة مغربية الأصل، اتصل أبوه محمد شكري بالعرابيين ولما أخفقت سجن مع من سجن من الثوار، ثم أفرج عنه ونقل للعمل في بور سعيد وهناك رزق بولده عبد الرحمن صاحب الترجمة سنة 1886. أنهى شكري دراسته الثانوية سنة 1904 م، والتحق بمدرسة الحقوق، لكنه فصل منها سبب حسه الوطني والثوري، وتعرف في هذه الفترة على العقاد والمازني.

التحق بمدرسة المعلمين وتخرج منها سنة 1909 م، وفيها اطلع على ذخائر الأدب العربي والأدب الغربي. نشر ديوانه الأول ضوء الفجر سنة 1909 م، وكون مع العقاد والمازني مدرسة الديوان الأدبية. أصدر شكري ثمانية دواوين: ضوء الفجر، لالئ، الأفكار، أناشيد الصبا، زهر الربيع، الخطرات، الأفنان، أزهار الخريف، ونشر ديوانه الثامن بعد موته ضمن الأعمال الكاملة. توفى شكري في بورسعيد سنة 1958 م.

من أبياته الشعرية الجميلة :

إني لأذكر أياما لنا سلفت كما تذكر صوت اللجة الدفُ فكان للفجر قلب خافق أبدا من الحياة ووجه كله لطف والضوء يرقص في الأنهار موقعه فقدُّه مائسٌ فيها ومنقصف وناظر ونجوم الفجر مائلة نحو الغروب كما يرنو لها الدنف وكلمتني الرياح الهوج في فمها سر الطبيعة مخبوءٌ ومنكشفُ


1 خمسون عاما على الرحيل
2 الزمن الحلو
3 المعركة الكبرى
4 نقد أم ردح:
خمسون عاما على الرحيل

"إن شعرى وأدبى لا يستحقان أى تقدير .. أنا الآن لا أخرج من المنزل إلا قليلا لضعفى ، أنا هنا – في بورسعيد – منقطع عن الناس ، وقد مضى دهر طويل لم أكاتب أحدا ولم يكاتبنى أحد " هذه الكلمات التي تقطر أسىً وألما كتبتها اليد اليسرى للشاعر الفذ عبد الرحمن شكرى ، بعد أن سيطر الشلل تماما على يده اليمنى ، كتبها إلى أحد دارسى شعره ، ليختم بنفسه سلسلة طويلة من المظالم لاقاها الشاعر الناقد المفكر عبد الرحمن شكرى ، الذى عاش ميتا لسنوات خلت من السعادة ، بلا زوجة ولا أسرة ولا رحمة ، رغم أنه القائل : ( تعلمنى الأقدار أن أرحم الورى / فقلبى لكل العالمين رحيم / وأنظر في نفسى وأعرف غدرهم / على شرهم داء الوجود قديم / وإن جميع الناس أهلى وأخوتى / وإن كان فيهم جارم وذميم ) .

الزمن الحلو

لحظة صوفية عميقة تجلت للعم نجيب محفوظ في" أصدائه " ليقول " ما ورعنى شئ كما روعنى منظر الحياة وهي تراقص الموت " هكذا التاكمل المتناغم بين الحياة والموت ، وبهذا الفهم نشعر بحياة الشاعر عبد الرحمن شكرى المطعون بأحبابه دائما، الموجوع برفيق البدايات " إبراهيم عبد القادر المازنى " .. كان عبد الرحمن شكرى قد ولد لأسرة من أصول مغربية، هاجر أحد أجداده إلى مصر ، واشتغل بالزراعة والرعى، أما جده ووالده فقد كانا من من قبيلة المثقفين القراء، وكانت مكتبة أبيه تحوى كتبا قيمة ، شارك أبوه في الثورة العرابية، وسجن نحو أربع سنوات بعد فشل الثورة ، ثم خرج من السجن ، ورزقه الله بعبد الرحمن في 12أكتوبر 1886م، والذى ورث نزعة الثورة من أبيه ، لكنه حول رحله بثورته إلى الفن ، غير أن بذورا صغيرة قد زرعها، وهو يروى مشاهد التعذيب التى يلقاها التلاميذ صغارا " كان الضرب حتما في المدارس الابتدائية، فكانوا إذا وصلوا إلى المرحلة الثانوية، ارتفعوا عن مرحلة الضرب " ويتذكر "شكرى " أن أحد معلميه هدد تلميذا برميه من النافذة، وهجم عليه، ورفع التلميذ، وقارب النافذة، حتى صرخ التلميذ: حرمت حرمت تبت. فأنزله إلى الأرض وهو يرتجف.

وصل شكرى للحقوق سنة 1905م، فألّف قصيدة شارك بها في المظاهرات كان منها (فإن تحسبوها خطة الطيش إننا / ذوى العزم لا نغضى لصولة جبار / فإن روّعونا كى يقودوا أشدّة / ثبتنا على الترويع نلهو بأخطار ) لم تطح هذه القصيدة بالإنجليز ولا بالملك ، إنما أطاحت فقط بـ "شكرى " من الحقوق إلى مدرسة المعلمين العليا ، زميلا للمازنى ، غير أن بعثته إلى جامعة شفيلد بانجلترا بعد تخرجه من المعلمين عام 1909م كان له الأثر الأكبر بلا شك في مسيرته العقلية والشعرية ، فقد بهرته الطبيعة هناك وفى مقالات له بعنوان "فصول في نشأتى الأدبية " يذكر "شكرى" ذلك قائلا " في انكلترا رأيت الوديان الصغيرة التى يحوطها الجبال ، ورأيت التلال والجبال مكسوة بالأشجار ، ومغطاة بالجليد ، ورأيت بقايا الغابات الكبيرة القديمة ، وقد زادتنى هذه المناظر قدرة على الوصف "

غير أن شيئا من الاغتراب زار الشاعر وزاده المازنى لدى شكرى ، فالصديقان اللذان لم يفترقا ، فرق بينهما السفر، فتناسى المازنى صديقه ، مثلما تناسى فضله بعد ذلك بسنوات ، فيرسل شكرى له معاتبا : ( أإبراهيم قد طال اعترابى / فهلا كان عندك بعض مابى ؟/ عهدتك مرة تبغى إخائى / وأنت اليوم توغل في اجتنابى ) وقد قُدّر لهذا المعَاتب أن يكون له فعل الموت على صاحبه فيما بعد . - "حضرة المحترم .. يستقيل: " حضرة المحترم عبد الرحمن شكرى أفندى المفتش بالوزارة ، بما إنكم طلبتم إحالتكم إلى المعاش من 15يونيه سنة 1938م فأبلغكم أن الوزارة قد وافقت على هذا الطلب ...." بهذه الكلمات الباردة برودة الموت – كما يصفها دكتور أحمد غراب في كتابه عن شكرى - أنهت مسيرة ربع قرن من التفانى في العمل التعليمى ، الذى بدأ عقب عودته إلى مصر عام 1912م مدرسا للتاريخ واللغة الإنحليزية والترجمة بمدارس عديدة ابلإسكندرية ، وبعد عشر سنوات تقريبا صار ناظرا بعدة مدارس في دمنهور ثم الزقازيق ، فالفيوم ثم حلوان ، ثم عاد ثانية للإسكندرية ، ثم رقى مفتشا لمدة ثلاث سنوات ، وبعد قصيدته البديعة " أقوام بادوا " وجد نفسه يواجه عنت رؤسائه ، وتقلب الحياة به ، خيانات الأصدقاء ، فأفضى به ذلك كله لطلب الاستقالة

وثمة تلازم بين عمله الوظيفى وبين إبداعه الشعرى ، حيث كانت فترة نظارته غير منتجة له شعرا ، حين انشغل تماما بعمله فحققت مدارسه أعلى النتائج في القطر ، أما قبل بعثته ، فقد أصدر ديوانه الأول " أضواء القمر " عام 1909م قبيل سفره ، وهو الديوان الوحيد الذى أصدره من القاهرة ، والملاحظ أنه لم يضمنه قصائد مدح أو رثاء إلا قليلا ولمن لا تربطه بهم صلة نفع ولا صداقة ، كما تجد فيه بوادر حداثة مبكرة ، في قصائد الشعر المرسل كقصيدته : (يعيث الذل في أبناء قومى / كغيث الذئب في الغنم النيام أبىُّ القلب بينهم ذليل / ووغد القلب مرفوع العماد )

بعد عودته من إنجلترا ، أصدر " لآلئ الأفكار " 1913م ثم أناشيد الصبا " بعد عامين ، ثم زهر الربيع في العام التالى أى 1916م وفى نفس العام أصدر " الخطرات " ثم الأفنان عام 1918م ثم أزهار الربيع عام 1919م ، ثم جمع الأستاذ نقولا يوسف –جامع ديوانه – القصائد التي نشرت خارج دواوينه وجعهلا الجزء الثمن من ديوانه . ولشكرى أيضا كتب نثرية نشر ثلاثة منها عام 1916 هي ( الاعترافات – الثمرات – حديث إبليس ) ثم أصدر " الصحائف، الحلاق المجنون، ومجموعة كبيرة من المقالات التى نشرت في " المقتطف " والرسالة " وله محتارات شعرية لم تنشر.

المعركة الكبرى

لم يكن وعى وثقافة عبد الرحمن شكرى نتيجة قراءة فقط، إنما كان نتيجة تفكير وتأمل ، واستنطاق لتراث شعرى عالمى، فقد عاش حياة بسيطة أقرب للفقر، أوصلته لباب مدرسة المعلمين ، مثلما وصل عبد القادر المازنى لنفس المدرسة، رغم أنه يصف نفسه بأنه " نشأ في بيت من بيوت العز " كما يروى عن نفسه ، ولكن حالة الأب قد ارتبكت مما أبعده عن الحقوق، ورضى بحاله، وكان المازنى والعقاد وشكرى يفخرون بأصلهم المصري – كما يذكر أستاذنا عبد المحسن طه بدر – ذاكرا أن العقاد يرد سطحية الشعراء الذين سبقوهم إلى أن أصولهم غير مصرية. ( رغم أن شكرى من أصول مغربية ، والمازنى من أصول حجازية ، ولكن العقاد كان يشير لشوقى من طرف خفى ، وكانت آيات التناقض تظهر في حياة هؤلاء الشبان ، يقول المازنى (إن الظلمة قد استولت على عوالمنا السياسية والخلقية والعقلية ، وصارت حياتنا مضطربة بصيحات الشك والظمأ إلى المعرفة " غير أن شكرى كان يلتمس الحديث عن تناقضٍ آخر بين الفزع الرهيب من عقاب الله ، وبين امتلاء نفسه بالشهوات ،، حتى " بلغ بى الفزع من عقاب الله أنى كنت اتخيل عقارب وثعابين فوق الفراش ، وأحيانا أتخيل فراشى كله حجرات من نار " ثم يوضح في نفس الكتاب – الاعترافات – كيف أن الشهوات حوائج أخرى قلما يعوق عنها الفزع من عواقبه".

ومن هنا بدأ الشبان الثلاثة في محاولة الاستيلاء على أرض جديدة تجعلهم محط النظر في هذا المجتمع القاسى ، الذى دمرته حرب مخيفة ثم ثورة عاصفة عام 1919م ، ثم ثورة أخرى هي التي خلفها كتاب الديوان في الأدب بجزئيه ، حيث ظل العقاد والمازنى في الكتاب "يناطحان صخرة الذوق العام " – والتعبير لدكتور صلاح فضل – وللأسف كان وقود المعركة هو زميلهما عبد الرحمن شكرى.


رد مع اقتباس
 
 رقم المشاركة : ( 3 )
عبدالله بنعلي
عضو نشيط
رقم العضوية : 1630
تاريخ التسجيل : Apr 2014
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 6,053
عدد النقاط : 10
جهات الاتصال :

عبدالله بنعلي غير موجود حالياً

   

افتراضي

كُتب : [ 06-05-2017 - 09:45 AM ]


تتمة ترجمته :
نقد أم ردح:

بدأت بوادر الديوان تنذر بمعركة قادرة على خلخلة بنيان الذوق الأدبى الراسخ، ولم تكن ردود الأفعال أقل حدة من المقالات ذاتها ، فالعقاد يتهم الرافعى بأنه سطا على نقده لنشيد "شوقى"، فما ترك شيئا مما قاله العقاد إلا وأعاد صياغته وكأنه ببغاء، ثم يصفهبأنه " من خفافيش الأدب "، ثم يقول في وصلة نهائية ( لا هوادة بعد اليوم، السوط في اليد، وجلودكم لمثل هذا السوط خلقت " وكان الرافعى أشد قسوة وجرأة ، فيصفه في كتابه " على السفود " بأنه لص يسرق ما يكتبه من الجرائد من مترجماته، ثم يصف العقاد صراحة بالجلف الحقود المغرور ، يجيد فيما يجرى به اللؤم والحقد .. يقول مثلا (لو بصق ابن الرومى لغرق العقاد في بصقته)

ثم يعلق على قول العقاد: (إنى إلى الرعى من عينيك مفتقر / يا ضوء قلبى فإن القلب مدجان )
يعلق الرافعى قائلا : ألا تشعر أنك بعد الأبيات الأولى سقطت من ألف متر إلى بيت العقاد ، فلا تتمه حتى تقول : " آه آه الإسعاف .. الإسعاف وهل من يغلط ثمانى غلطات في بيت واحد مع سخافته التي هي الغلطة التاسعة ، يمكن أن يسمى شاعرا أو أديبا إلا في رأى الحمقى ؟!. وإن كان هذا شأن الرجلين ، فقد كان شكرى عفيف اللسان ، وهو يستمع للمازنى يكيل له الاتهامات الباطلة، واصفا إياه بـ " صنم الأعاجيب " و" المرزوء في عقله " إلخ أما أساس هذه الموجة العاتية المتطاولة التى أغرقت شكرى ، فأردتته قتيل الفؤاد ، فكان مقاله الذى ذكر فيه شيئا من سرقات المازنى ، قائلا مثلا : ( ولقد لفتنى أديب إلى قصيدة المازنى التى عنوانها "الشاعر المحتضر " واتضح أنها مأخوذة من قصيدة " أدونى " للشاعر الإنجليزى " شيللى " كمت لفتنى صديق آخر لقصيدة المازنى التي عنوانها " قبر الشعر " وهي منقولة عن " هينى " الشاعر الألمانى ولفتنى آخر إلى قصيدة .... واستمر شكرى في سرد سرقاته منهيا مقاله بقوله " ولا أظن أحدا يجهل مدحى المازنى وإيثارى إياه وإهدائى الجزء الثالث من ديوانى إليه ، ولكن هذا لا يمنع من إظهار ما أظهرت ومعاتبته في عمله ، لأن الشاعر مأخوذ إلى الأبد بكل ما صنع في ماضيه " – مقدمة الجزء الخامس من ديوانه صـ373

أما المازني، فقد حاول " تفصيل " ثوب من الموضوعية للأمر ، وبحث عما يدين شكرى فلم يجد ، فقاد هجمته دون إشارة لما قاله صاحبه حول سرقاته. وكان المازنى قد كتب في صحيفة " عكاظ " عام 1913م مجموعة مقالات جمعت في كتاب بعنوان "شعر حافظ " عام 1915م اتخذ المقارنة بين شكرى وحافظ أساسا لهدم حافظ ومذهبه ، معليا من شأن شكرى، كقوله ( لا نجد في إظهار فضل شكرى وبيان ما للمذهب الجديد على القديم من المزية والحسن من الموازنة بين شاعر مطبوع مثل شكرى وآخر ممن ينظمون بالصنعة مثل حافظ بك " وختم مقاله بقوله " وبعد .. فإن حافظا إذا قيس إلى شكرى لكالبركة الآجنة إلى جانب البحر العميق ... شكرى أسمح خاطرا، وأخصب ذهنا ، وأوسع خيالا ".

وبقدرة قادر تحول شكرى إلى "صنم الأعاجيب " وصار " خمول شكرى وفشله واضحا في كل ما عالجه " هذا " المرزوء في عقله " .. " متكلف لا مطبوع " "جاهل بوظيفة الشعر " " الأبكم المسكين " فماذا بعد ذلك ؟ - ماذا تبقى من شكرى ؟ : أما شكرى الناقد والمنظر لجماعته، المرشد لهم، فقد بيّن أصول فهم الشعر ووظيفته ، وبث هذا الفهم النادر في مقدمات دواوينه ، فالشعر ليس ترفا إنما – برأيه – من ضرورات الحياة ، وفائدة الشعر في التعبير عن المشاعر. والأحداث الكبرى برأيه – هي أحداث النفس أى عواصفها المختلفة ، ويرى شكرى أن النفس البشرية صورة مصغرة من الكون ، يقول شعرا : ( نرى في سماء النفس ما في سمائنا / ونبصر فيها البدر وهو منير / وما النفس إلا كالطبيعة وجهها / رياض وأضواء بها وبحور ) ولهذا رفض شكرى شعر المناسبات ، داعيا الشعراء لما أسماه بالشره العقلى intellectual avidity ثم يشير لفكرة هامة دافعا عن اللغة العربية تهمة قصور الخيال مؤكدا أن الخيال ليس رهنا بخصائص لغات وإنما مرجعه للعقل البشرى والنفس الإنسانية . وهو يرى أن الشعر بلا عاطفة يأتى ميتا يقول ( ألا يا طائر الفردوس إن الشعر وجدان) ثم يعود الشاعر ليدعو لعيشة شعرية تماما ، بقدر استطاعة كل شاعر ، مفرقا تفرقة حاسمة بين الخيال imagination وبين الوهم fancy فالخيال هو ان يظهر الشاعر الصلات التي بين الأشياء والحقائق وهو ليس مقصورا على التشبيه وإنما يطبع القصيدة كلها ) . وقد أشاد المازنى به مرشدا وأستاذا في كتابه " سبيل الحياة " كما أشاد العقاد كثيرا به ، وفى كتابه " أنا " يقول " لم أعرف قبله ولا بعده إنسانا أوسع إطلاعا على أدب العربية والإنجليزية ......"

لقد عاش شكرى في بورسعيد أخرىات حياته ، ينفق على أسرة شقيقه الذى عاش مريضا ثم مات تاركا أسرة في عنق شكرى ، فلم يتزوج لأجل مساعدتها ، وعاش محروما من كافة متع الحياة ، ناقما عليها ولذلك رأى الوطن مثل ( السجن العبوس نهارا ) ويرى في قصيدته " بين الحقيقة والخيال " الناس هكذا : ( ولا تحسبن الناس ناسا فإنهم / قرود إذا كشفتهم وحمير / وآذانهم مثل الحمير طويلة / وذيلهم لا كالقرود قصير ) وفى قصيدة أخرى يرى الناس ( قطيعا من غنم ) ونيقول نثرا أيضا في كتاب الاعترافات " لا أكتمك ؛ فإنى أحتقر رأى الجماهير ، فإن ذوق الجماهير فاسد في كل مكان " صـ19

ورغم إدراك شكرى أنه ( لم يكن يعرف كيف يعاشر الناس ويداريهم ) فقد ظل مبدعا ملتحفا بحيائه ، حتى صار في انتظار الموت بلا عمل ولا أمل ولا عائلة ، رجل قتله حياؤه ، يقول " إن الحياء من أكبر أسباب الفشل في الحياة " وطوال سنوات عمره التي اختتمت في منتصف ديسمبر 1958م عاش شكرى يعطى للحياة علما وشعرا ونقدا .. فماذا أخذ معه ؟!!! إبراهيم محمد حمزة.
ومن موقع وبكيبيديا الحرة :
عبد الرحمن شكري
تاريخ الميلاد 1886
تاريخ الوفاة 1958

عبد الرحمن شكريمغربي الاصل(12 أكتوبر 1886-1958م) شاعر من الرواد في تاريخ الأدب العربي الحديث، فهو ثالث ثلاثة من أعمدة مدرسة الديوان التي وضعت مفهوماً جديداً للشعر في أوائل القرن الميلادي الماضي، أما صاحباه فهما العقاد والمازني، وما أكثر الدراسات عنهما وما أقلها عن شكري!!
كان عبدالرحمن شكري شاعراً مجدداً ومفكراً أصيلاً حريصاً على اللغة العربية الفصحى، كما كان ناقداً لعبت آراؤه النقدية دوراً كبيراً في الأدب العربي الحديث، ووجهته نحو وجهة تجديدية بناءة.

ولد عبدالرحمن شكري في مدينة بورسعيد، إحدى مدن مصر، في الثاني عشر من أكتوبر عام 1886م، وتعلم في طفولته في كتّاب الشيخ محمد حجازي ثم في مدرسة الجامع التوفيقي الابتدائية – أول مسجد رسمي ببورسعيد – وحصل منها على الشهادة الابتدائية عام 1900، ثم انتقل إلى الإسكندرية فالتحق بمدرسة رأس التبن الثانوية ومنها حصل على شهادة البكالوريا عام 1904 التي أهلته للالتحاق بمدرسة الحقوق في القاهرة، ولكنه فصل منها لاشتراكه في المظاهرات التي نظمها الحزب الوطني في ذلك الوقت لإعلان سخط المصريين على الاحتلال البريطاني لمصر ووحشية الإنجليز في حادثة دنشواي.
وفي عام 1906 انتقل شكري إلى مدرسة المعلمين العليا وتخرج فيها عام 1909 وكان متفوقاً، ولاسيما في اللغة الإنجليزية، فتم اختياره في بعثة إلى جامعة شيفلد بإنجلترا، فدرس فيها خلال ثلاث سنوات الاقتصاد والاجتماع والتاريخ والفلسفة إلى جانب اللغة الإنجليزية وعاد منها عام 1912.
وقد تعارف شكري والمازني وهما في مدرسة المعلمين العليا، وكان شكري قد أصدر ديوانه الأول «عند الفجر» وهو طالب عام 1909، وبعد عودته من إنجلترا قدمه المازني إلى صديقه العقاد فتصادقا وتزعم ثلاثتهم (شكري والعقاد والمازني) اتجاه الدفاع عن التجديد في الشعر والأدب، وأطلق عليهم مدرسة الديوان نسبة إلى كتاب الديوان الذي وضعه العقاد والمازني ولم يشترك فيه شكري، بل تضمن الكتاب نقداً لشكري بقلم صديقه المازني. وقد استمدت هذه المدرسة الأدبية مبادئها من معين الأدب الإنجليزي.
وبعد عودته من إنجلترا عين بالتعليم الثانوي مدرساً للتاريخ واللغة الإنجليزية والترجمة ثم ناظراً فمفتشاً إلى أن أحيل للمعاش حسب طلبه سنة 1938، أي بعد حوالي ستة وعشرين عاماً قضاها في خدمة التربية والتعليم في مصر، ولخروجه إلى المعاش قصة، فلقد وقع عليه ظلم وظيفي منعه من الترقي، لأنه كان قد نظم قصيدة بعنوان «أقوام بادوا» فغضب رؤساؤه عليه وصاروا يحرضون عليه لأنهم ظنوا أنه يصفهم، فخرج إلى المعاش بمرتب بسيط لا يكفيه ولا يكفي من يعولهم، حيث كان – يرحمه الله – يعول أسرة شقيقه في مرضه وبعد وفاته، وهذا ما جعله يعيش بلا زواج طوال حياته. لقد يئس شكري من عدالة الناس فأحرق جميع ما لديه من نسخ مؤلفاته ودواوينه، وأصيب بضغط الدم ثم بالشلل الذي جعله يعتزل الناس والحياة حتى انتقل إلى جوار ربه في الإسكندرية يوم الاثنين الخامس عشر من ديسمبر سنة 1958 مستريحاً من ظلم الناس له.
شكري.. الناقد
في بداية القرن الميلادي الماضي تزعم شكري والعقاد والمازني اتجاه التجديد في الشعر والأدب، وأطلق عليهم مدرسة الديوان، ويرى بعض الباحثين أنه لم يكن العقاد في البداية هو رأس هذه المدرسة الأدبية وعقلها وروحها، بل كان ذلك الرأس والعقل والروح هو عبدالرحمن شكري الذي درس في إنجلترا وعاد منها مثقفاً أكاديمياً واسع الاطلاع على الآداب الغربية بعامة، وعلى الأدب الإنجليزي بخاصة، في حين كان الآخران: العقاد والمازني، بمثابة من حصّل العلم تحصيلاً ذاتياً وعلى غير مقاعد الدراسة الثانوية والجامعية.
ويقول هؤلاء الباحثون: إن شكري، لا العقاد ولا المازني، بالطبع هو مؤسس مدرسة الديوان. وقد بدأت هذه المدرسة بديوان شكري الأول «ضوء الفجر» الذي صدر سنة 1909 والذي اعتبر البداية الحقيقية، وبعده توالت إصدارات الأخيرين، ومنها يوميات العقاد. ثم نشر المازني والعقاد في عام 1931 كتابهما «الديوان» للهجوم على شوقي وحافظ والمنفلوطي، رداً على تحيز مجلة عكاظ لشوقي.. فاتخذت المدرسة اسمها من ذاك الاسم.
ويقول الدكتور مختار الوكيل في كتابه «رواد الأدب الحديث»: إن شكري هو الذي كان يوجه زميليه في نواحي الأدب العربي. ويعتبر سامح كريم أن شكري هو رائد مدرسة الديوان. فقد كان مبشراً بفكرتها، ملتزماً قيمها، مجسداً لعملها، كما كان مثالاً للطهارة المفطورة في صدقه وتواضعه، في علمه وثقافته، في سلوكه ومنهجه. يؤيد ذلك الدكتور محمد مندور الذي اعتبر شكري الرائد الملتزم، والممثل الأصيل لقواعد وأهداف المدرسة. أما العقاد، فقد امتدح، في جريدة الجهاد، عام 1934، ذوق شكري النقدي، وإن أنكر أن يكون صاحب فضل عليه.
أما عن مفهوم الشعر عند عبدالرحمن شكري فهو يرى أن الشعر ضرورة وليس ترفاً، لأنه يصور الحياة الإنسانية بخيرها وشرها كما يعبر عن خوالج النفس البشرية..
«يقولون: إن الشعر ليس من لوازم الحياة، ولو جاز لنا أن نعد الإحساس غير لازم للحياة أو التفكير غير لازم للعقل لجاز لنا أن نعد الشعر غير لازم للحياة، أليس مجال الشعر الإحساس بخوالج النفس وما يعتورها؟.. وأن الشعر أجلّ عمل في حياة الشاعر وأساس حياته؟».
ويرى أن للشعر عناصر من أهمها التصوير والخيال والعاطفة والفكرة، ورفض مبدأ المبالغة والمغالطة في الشعر..
شكري.. الشاعر
يقول العقاد: لعبدالرحمن شكري فضل الرائد الذي سبق زمانه في عدة حسنات مأثورات، فهو من أسبق المتقدمين إلى توحيد بنية القصيدة وإلى التصرف في القافية على أنواع التصرف المقبول، فنظم القصيدة من وزن ومقطوعات متعددة القوافي ونظمها مزدوجات وأبياتاً من بحر واحد بغير قافية ملتزمة، وتسنى له في جميع هذه المناهج أن ينظم الكثير من القصص العاطفية والاجتماعية قبل أن يشيع نظم القصص في أدبنا الحديث.
رفض شكري شعر المناسبات واتجه بشعره إلى التأمل الوجداني، فجاءت قصائده في نقد مظاهر الشر ومظاهر الانحطاط الخلقي في نفوس الناس ووصف الموت ووصف حالات النفس الإنسانية المختلفة.. آلامها وآمالها. ففي قصيدته «وارحمة الناس» ينفذ شكري إلى أعماق النفس البشرية فيدرك ضعف الإنسان ويمتلئ قلبه رحمة للناس، وحتى الأشرار منهم يرى أنهم أولى بالعطف لأنهم معذبون بشرورهم.. يقول:
تعلمني الأقدار أن أرحم الورى
فقلبي لكل العالمين رحيم
وأنظر في نفسي وأعرف عذرهم
على شرّهم داء النفوس قديم
وإن جميع الناس أهلي وإخوتي
وإن كان فيهم جارم وذميم
كما اهتم شكري بالإصلاح الاجتماعي فعالج بعض المشاكل الاجتماعية في قصائده، مثل مشكلة الطفولة وما يصيب الطفل من يتم ومرض، كما اهتم بمشكلة الجهل والفقر، وكان يرى أن جمال الحياة إنما هو هبة العباقرة والمصلحين الذين لهم الفضل في تغيير مجرى تاريخ البشرية.
يقول في قصيدة بعنوان «اليتيم»:
وما اليُتم إلا غربة ومهانة
وأي قريب لليتيم قريب؟
يمر به الغلمان مثنى وموحداً
وكل امرئ يلقى اليتيم غريب
يرى كل أم بابنها مستعزة
وهيهات أن يحنو عليه حبيب
يسائله الغلمان عن شأن أهله
فيحزنه ألا يجيب مجيب
إذا جاءه عيد من الحول عاده
من الوجد دمع هاطل ووجيب
كأن سرور الناس بالعيد قسوة
عليه تريق الدمع وهو صبيب
عزاؤك لا يلملم بك الضيم إننا
يتامى ولكن الشقاء ضروب
فهذا يتيم ثاكل صفو عيشه
وذاك من الصحب الكرام سليب
ويقول في قصيدة «مصارع النجباء»:
إن الحياة جمالها وبهاؤها
هبة من النجباء والشهداء
الحالمون بكل مجد خالد
سامي المنال كمنزل الجوزاء
الغاضبون الناقمون على الورى
هبوا هبوب الصرصر الهوجاء
الخالقون المهلكون الشارعون
المرسلون بآية عزاء
آي الجلالة والذكاء ميعها
فيهم على السراء والضراء
فلئن أصابهم الزمان بمهلك
قبل ابتناء منازل العلياء
فحياتهم وفعالهم ودماؤهم
مثل الهدى وكواكب الإسراء
كما كان شكري يعشق الحرية، حتى بلغ من تمجيده للحرية أن أعلن أن خطأ الأحرار أفضل من إصابة العبيد.. يقول:
إذا ما أصاب العبد في بعض فعله
فما الفضل إلا للذي هو آمره
وإن أخطأ الحر الأبي فإنه
لأفضل من عبد تهون مصادره
فلا تحسد العبدان مجداً مؤثلاً
بناه لهم رب طغاة أوامره
وهل يرفع الإنسان فضل أصابه
إذا كان يزجيه إلى الفضل زاجره
فيا رُبّ مجد في الإباء مشيد
وإن لم تبن للصاغرين مآثره
وكان ثورة على الاستعمار وظلمه، وكم صوّر في قصائده جرائم المستعمرين وأساليبهم الخبيثة في حكم الشعوب والسيطرة عليها، كما يؤكد أن طغيان الأقوياء إنما سببه خنوع الضعفاء وتزلفهم،.. يقول شكري في قصيدة بعنوان «جنون الأقوياء»:
وقديماً جن القوي بما طاع
له من تزلف الضعفاء
وضعوه في منزل الله كفراً
فطغى واستباح سفك الدماء
ورأى الخير والفضيلة ما شاء
وإن كان من أذى الأدنياء
ورأى الشر والكبائر ما عاف
وإن كان سيرة الأبرياء
وكما انعكست ثقافة شكري العربية في أدبه وشعره كان للثقافة الغربية بوجه عام وللثقافة الإنجليزية بوجه خاص انعكاسات كثيرة.. يقول عن الشاعر الإنجليزي بيرون:
«وإنما راقني ما رأيته من قوة شعره واندفاعه اندفاع السيل الآتي وثورته على الأكاذيب، وقد علمني بيرون نشدان الحرية وإن كنت لا أنتصر على طريقة السياسي وإنما على طريقة الفنان».
كما تأثر شكري بالأديب الألماني جوته، وذلك من خلال قراءته بالإنجليزية لسيرته وآثاره من حبه للمعرفة وتعدد جوانب ثقافته ومحاولته الاستفادة من كل مذهب ومن كل إنسان دون تعصب أو ضيق أفق، ومن ثم يرى شكري في جوته امتداداً ثقافياً للشيخ المرصفي: «وقد أتممت معرفتي بأقوال جوته الألماني وقدوته ما بدأته معرفتي بسعة اطلاع الشيخ المرصفي الكبير في كتاب الوسيلة الأدبية من توخي الثقافة المتعددة الجوانب».. ويذكر أنه تأثر في قصيدته «سحر الربيع» بقصيدة لجوته..
قيل عنه[عدل]
• عباس العقاد:- يقول عنه العقاد - بعد رحيله - في مقالة نشرت بمجلة الهلال - فبراير 1959 -: «عرفت عبد الرحمن شكري قبل خمس وأربعين سنة , فلم أعرف قبله ولا بعده أحدًا من شعرائنا وكتابنا أوسع منه اطلاعًا على أدب اللغة العربية وأدب اللغة الإنجليزية , وما يترجم إليها من اللغات الأخرى , ولا أذكر أنني حدثته عن كتاب قرأته إلا وجدت منه علمًا به وإحاطة بخير ما فيه. وكان يحدثنا أحيانًا عن كتب لم نقرأها ولم نلتفت إليها ولا سيما كتب القصة والتاريخ. وقد كان مع سعة اطلاعه صادق الملاحظة , نافذ الفطنة , حسن التخيل , سريع التمييز بين ألوان الكلام. فلا جرم أن تهيأت له ملكة النقد على أوفاها ؛ لأنه يطلع على الكثير ويميز منه ما يستحسنه وما يأباه , فلا يكلفه نقد الأدب غير نظرة في الصفحة والصفحات يلقى بعدها الكتاب وقد وزنه وزنًا لا يتأتى لغيره في الجلسات الطوال».
المصادر:
^ مستورد من : منصة البيانات المفتوحة من المكتبة الوطنية الفرنسية — http://data.bnf.fr/ark:/12148/cb14633901x — تاريخ الاطلاع: 10 أكتوبر 2015 — الرخصة: رخصة حرة
1. "الأعمال الكاملة لـ إبراهيم عبد القادر المازني". تحقيق د. عبد السلام حيدر. المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة(2003 حتى الآن).


رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على الموضوعات
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الموضوعات المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
من أعلام الأدب في العصر الحديث (38): علي طنطاوي مصطفى شعبان واحة الأدب 1 02-03-2018 11:45 AM
من أعلام الأدب في العصر الحديث (34): زكريا عبد الرحمن صيام مصطفى شعبان واحة الأدب 0 11-13-2017 07:13 AM
من أعلام الأدب في العصر الحديث (20): زكي مبارك مصطفى شعبان واحة الأدب 2 08-04-2017 10:13 AM
من أعلام الأدب في العصر الحديث (15): علي محمود طه مصطفى شعبان واحة الأدب 0 07-08-2017 06:29 AM
من أعلام الأدب في العصر الحديث (12): أحمد زكي أبو شادي مصطفى شعبان واحة الأدب 0 06-18-2017 06:21 AM


الساعة الآن 11:56 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by