الفتوى (1594) :
يكون تدريس اللغة – أية لغة – للناطقين بغيرها جزءًا من التخطيط اللغوي للأمة – أية أمة. والتخطيط اللغوي يقتضي وضع خطط إستراتيجية للغة تتعلق بأمنها على المدى المتوسط والمدى البعيد من خلال مدها بأسباب الحياة وتعزيز مكانتها في المجتمع ونشرها في الخارج.
يقبل الناس على تعلم اللغات لغايات منها القيمة الثقافية أو القيمة الاقتصادية أو القيمة الدينية للغة. فالإنكليزية اليوم لغة التواصل العلمي بين الأكاديميين في مشارق الأرض ومغاربها، ولا بد للأكاديمي من الإلمام بها كي يكون مطلعًا على آخر المستجدات في العلوم. والإغريقية واللاتينية والعربية لغات بمثابة المصادر الرئيسة للحضارة الحديثة ولا بد من درسها؛ لذلك تدرسها الجامعات الشرقية والغربية منذ تأسيسها. والعربية والعبرية والآرامية لغات وحي أيضًا ويدرسها المسلمون واليهود والنصارى للتعبد بها. في هذا السياق يقبل غير العرب كثيرًا على تعلم العربية التي تؤدي اليوم ثلاثة أدوار مهمة هي:
1-العربية أهم لغة جزيرية (سامية) ودورها محوري في دراسة علم اللغات الجزيرية (السامية)؛
2-العربية لغة الإسلام ولا بد منها للعبادة والتفقه في الدين؛
3-العربية لغة الحضارة الإسلامية، وهي بذلك – إلى جانب الإغريقية واللاتينية - أحد مصادر الحضارة الحديثة الرئيسة.
لهاته الأسباب تُدرس العربية في الشرق والغرب، ويقبل على دراستها الكثيرون من أهل الشرق والغرب. وغير العرب مقتنعون بأهمية تعلم اللغة العربية! إنما الأمم المتحضرة هي التي تسعى في الحفاظ على لغتها ونشرها في العالم بتقريبها إلى الناس وتحبيبها إليهم، وتضع لذلك الخطط اللغوية، وتطور من أجل ذلك المناهج، وتنفق في سبيل ذلك المال، وتكون شاكرة للأقوام الذين يقبلون على تعلم لغاتها وتقدم لهم المنح والفرص وتجذبهم إليها، ولا تمن عليهم بذلك كما جاء في سؤال السائل الكريم الذي يجب عليه أن يغير نظرته هذه ويشمر عن ساعده ليخدم لغته الشريفة، فهذا وحده هو الكفيل بتقريب العربية إلى الناطقين بغيرها، وتقريبهم منها، وليس الجلوس على الأرائك حتى يأتي الراغبون في تعلمها إليه، ويدفعوا إليه المال، ثم يمن عليهم في آخر المطاف .. فهذا حق العربية على أهلها!
اللجنة المعنية بالفتوى:
المجيب:
أ.د. عبد الرحمن السليمان
(عضو المجمع)
راجعه:
أ.د. محروس بُريّك
أستاذ النحو والصرف والعروض المشارك بكليتي
دار العلوم جامعة القاهرة، والآداب جامعة قطر
رئيس اللجنة:
أ.د. عبد العزيز بن علي الحربي
(رئيس المجمع)