مجمع اللغة العربية بمكة يطلق عضوياته الجديدة
لطلب العضوية:
اضغط هنا

لمتابعة قناة المجمع على اليوتيوب اضغط هنا

 


الانتقال للخلف   منتدى مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية > القسم العام > واحة الأدب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )
 
فواز اللعبون
عضو جديد

فواز اللعبون غير موجود حالياً

       
رقم العضوية : 1640
تاريخ التسجيل : Apr 2014
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 29
عدد النقاط : 10
قوة التقييم :
جهات الاتصال :
Post فائت الأمثال: مقاربة أدبية ساخرة - فواز اللعبون (27) «وَلا انْسِلاخُ مُبْتَعَث»

كُتب : [ 01-12-2015 - 02:58 PM ]




27 – «وَلا انْسِلاخُ مُبْتَعَث»

وهوَ مَثَلٌ يُقَالُ فِيْمَنْ خَلَعَ عَـرَاقَـتَه، ولَبِسَ عَبَاءةً لَـمْ تَـكُنْ عَبَاءتَه، ومَشَى فِيْها يُبَاهِي بِاخْتِيَالِه، وتَنَاسَى مِشْيَةَ أَعْمَامِهِ وأَخْوَالِه، والمُبْتَعَثُ مَنْ فَارَقَ أَهْلَهُ ونَاسَه، واغْتَـرَبَ في البِلادِ لأَجْلِ الدِّرَاسَة، ثُمَّ عَادَ يَـهْجُو مُـجْتَمَعَهُ وبَلَدَه، ويَنْفُضُ مِنْ تَـخَلُّفِهِمَا يَدَه، وتَعَالَى عَلَيْهِمَا بِرَأْسٍ مُنْـتَفِخ، وذَلِكَ هُوَ المُبْتَعَثُ المُنْسَلِخ، وثَمَّةَ مُبْتَعَثٌ مَعْدِنُهُ ثَمِيْن، يَعُوْدُ إلى وَطَنِهِ مَرْفُوْعَ الـجَبِيْن، وقَدْ تَوَسَّعَتْ في الابْتِعَاثِ جِهَات، وأَتَاحَتْهُ في جَمِيْعِ التَّخَصُّصَات، فأَصْبَحَ نَوْعاً مِنَ التَّرْفِيْه، يَغْتَنِمُهُ الـحَصِيْفُ والسَّفِيْه، وأَعْجَبُ ما فِيْهِ مِنْ فَجِيْعَة، الابْتِعَاثُ لِدِرَاسَةِ الشَّرِيْعَة.

وأَصْلُ المَثَلِ أَنَّ رَجُلاً جَدَّ ودَأَب، وتَـخَصَّصَ في دِرَاسَةِ لُغَةِ العَـرَب، ولَـمَّا تَـخَرَّجَ عُيِّنَ في الصَّادِرِ والوَارِد، وبَقِيَ سِنِيْنَ عَلَى هَذا الـحَالِ الـجَامِد، وكَانَ لَهُ رَفِيْقُ دِرَاسَةٍ ودَرْب، ابْتَعَثَهُ أَبُوْهُ لِلدِّرَاسَةِ في الغَرْب، وعَادَ يَـحْمِلُ شَهَادَاتِه، في التَّخَصُّصِ ذَاتِه، فعَزَّاهُ رَاثِياً مَـجْهُوْدَهُ السَّالِف، وبَكَى عَلَى مُسْتَقْبَلِهِ في الوَظَائف، إذْ كَيْفَ سَتَعْتَرِفُ الـجِهَاتُ بِالقَادِم، وقَدْ تَعَلَّمَ لُغَةَ العَـرَبِ لَدَى الأَعَاجِم؟!، فهَزِئَ القَادِمُ بِمَخَاوِفِ الصَّدِيْق، وعَزَّاهُ عَلَى تَفْكِيْرِهِ الصَّفِيْق، ثُمَّ أَمْعَنَ في سُخْرِيَـتِه، وقَالَ لَهُ ضِمْنَ هَذْرَمَتِه:

(بْلِيْزْ) اسْتَمِعْ لِي (مَايْ دِيْرْ)، إذا كُنْتَ تَـرَى أَهَمِّـيَةَ التَّغْيِـيْر، واعْذُرْنِي إذا حَدَّثْتُكَ بِالأَجْنَبِي، لِـجَهْلـِي بِـبَعْضِ الكَلامِ العَـرَبِي، فأَنْتَ (شُوْرْ) تُدْرِكُ الأَبْعَاد، وتَعْلَمُ أَنَّ الوَضْعَ (بَادْ)، ومُشْكِلَـتُكَ أَنْتَ وأَمْثَالِكَ السُّذَّج، أَنَّكُمْ تَنْطَلِقُوْنَ مِنْ مَنْطِقٍ أَهْوَج، وتُؤَوِّلُوْنَ في فَضْلِكُمُ النُّصُوْص، وأَنْتُمْ حَفْنَةُ أَعْرَابٍ لُصُوْص، والمُحْزِنُ أَنَّكَ وأَشْبَاهَكَ كَثْرَة، وتَقِفُوْنَ في دَرْبِ التَّقَدُّمِ عَثْرَة، كَمَا أَنَّكُمْ سَطْحِيُّوْنَ بُؤَسَاء، وتُفَضِّلُوْنَ التَّخَلُّفَ والانْطِوَاء، أُولَئكَ يَسِيْرُوْنَ لِلأَمَامِ بِخَطْوٍ حَثِيْث، وأَنْتُمْ تُسَايِرُوْنَ لُغَةَ: أَكَلُوْهُ البَرَاغِيْث، وهُمْ يَضْرِبُوْنَ دَوْلَةً وأُخْرَى، وأَنْتُمْ زَيْدُكُمْ يَضْرِبُ عَمْرا، وهُمْ وَقَفُوا عَلَى تِقْنِـيَةِ الـجِيْنَات، وأَنْتُمْ تَقِفُوْنَ عَلَى أَطْلالِ المُعَلَّقَات، وهُمْ صَعَدُوا بِصَوَارِيْـخِهِمُ الأَقْـمَار، وأَنْتُمْ تُصَعِّدُوْنَ طَرَائقَ الاسْتِجْمَار، وهُمْ يَـخْتَلِفُوْنَ إلى مَيَادِيْنِ الأَبْحَاث، وأَنْتُمْ تَـخْتَلِفُوْنَ في قَضَايَا المِـيْرَاث، والآنَ (آيْ ثِنْكْ) حَانَتْ سَاعَةُ الانْتِفَاض، ونَشْلِ أَمْثَالِكَ المُنْدَثِرِيْنَ مِنَ الأَنْقَاض، وجَاءَ وَقْتُ أَمْثَالِي مِنَ التَّنْوِيْرِيِّـيْن، لِيُخْرِجُوْكُمْ مِنَ الضَّلالِ المُبِيْن، فمِنْ فَضْلِكَ (نَاوْ) (جُوْ أَوِيْ)، وابْتَعِدْ عَنِّي وعَنْ (مَايْ وِيْ)، فَلَدَيَّ مَـجْمُوْعَةُ خِيَارَات، مِنْ وَزَارَاتٍ ومُؤَسَّـسَات، وكُلُّها تُسَاوِمُنِي بِالرَّاتِبِ الكَبِيْر، لأَقْبَلَ لَدَيْـها وَظِيْفَةَ مُدِيْر، واقْبَعْ أَنْتَ في الأَرْشِيْف، وأَرِحْنِي مِنْ هَذْرِكَ السَّخِيْف.(1)

وحِيْنَئذٍ ضَرَبَ صَاحِبُنا كَفَّاً بِكَفّ، وكَتَمَ في أَحْشَائهِ الأَسَى والأَسَف، وتَـحَقَّقَ أَنَّ القَادِمَ غَيَّـرَ المَشَارِب، وأَنَّ انْتِـمَاءهُ حُلِقَ مَعَ الشَّارِب، ثُمَّ دَعَا اللهَ أَنْ يَـحْفَظَ الدِّيْنَ والوَطَن، مِـمَّا يَبُـثُّـهُ أَمْثَالُ هَذا القَادِمِ مِنْ عَفَن.

ولَـمَّا فَـرَغَ مِنْ دُعائهِ السَّالِف، وجَـمَدَ دَمْعُ عَيْنَيْهِ الوَاكِف، أَقْسَمَ أَنْ يَنْظِمَ فِيْهِ الدُّرَر، عَلَى بَحْرٍ جَدِيْدٍ مُبْتَـكَر، يَأْسِرُ بِعُذُوْبَةِ إيْقَاعِهِ الآذَان، ويُصْبِحُ السَّابِـعَ عَشَرَ في الأَوْزَان، وأَنْ يُغْرِقَ المُنْسَلِخَ القَادِم، في عُبَابِ بَحْرِهِ المُتَلاطِم، لِيَكُوْنَ عِبْرَةً لِكُلِّ مُبْتَعَثٍ دَالِه، ولِكُلِّ أَمْلَطِ الوَجْهِ مِنْ أَمْثَالِه، مِنْ ذَوِي الفِكْرِ المُهَجَّنِ المُـتَّسِخ، ورَأَى أَنْ يُسَمِّيَهُ البَحْرَ المُنْسَلِخ، وذَلِكَ لانْسِلاخِهِ عَنْ دَوَائرِ الـخَلِيْل، ولِـمُطَابَقَةِ الاسْمِ لِصِفَةِ ذَلِكَ الدَّخِيْل، وضَبَطَ إيْقَاعَهُ العَذْبَ المُنْسَاب، بِـهَذا الضَّابِطِ الظَّرِيْفِ العُجَاب:، «سَلَخُوا أَوْزَانَ الـخَلِيْلِ لا فَلَـتُوا، فَاعِلاتُنْ مُسْتَفْعِلُنْ مُفَاعَلَتُ»، وكَانَ مِـمَّا انْتَظَمَ بِهِ السِّلْك، قَوْلُهُ في قَصِيْدَتِهِ تِلْك:

يَا شَقَاءَ الأَيَّامِ حِيْنَ يَغْنَمُهَا *** خَامِلٌ لَـمْ يَكُنْ لِقَدْرِهِ ثَمَنُ

مَنْ رَأَى مِنْهُ مَا رَأَيْتُهُ ذَرَفَتْ *** عَيْنُهُ دَمْعَهَا، وَعَادَهُ الشَّجَنُ

كَانَ قَبْلَ ابْتِعَاثِهِ أَخَا تَـرَفٍ *** يُفْصِحُ العِيُّ عَنْ حِجَاهُ وَالسِّمَنُ

يَسْحَبُ الذَّيْلَ لاهِياً وَلا حَسَبٌ *** فَهْوَ كَالثَّدْيِ وَارِماً وَلا لَبَنُ

بَعُدَتْ عَنْهُ غَايَةٌ مُيَسَّرَةٌ *** حَالَ مَا بَيْنَـهَا وَبَيْنَهُ الوَهَنُ

وَرَمَتْهُ الفِجَاجُ عَنْ مَنَاكِبِهَا *** وَاشْتَـكَى نَتْنَهُ الكَنِيْفُ وَالعَفَنُ

فَاعْجَبُوا مِـمَّنْ هَذِهِ بَوَادِرُهُ *** حِيْنَ يُزْرِي بِإرْثِهِ وَيَمْتَهِنُ!

لَـمْ يُطِقْ تَـحْقِيْقَ الطُّمُوْحِ في وَطَنٍ *** هُوَ لِلصَّابِرِيْنَ كُلِّهِمْ وَطَنُ

فَغَدَاةَ ارْتَأَى أَبُوْهُ خَيْبَتَهُ *** وَتَـمَادَى بِهِ عَلَى ابْنِهِ الـحَزَنُ

سَاقَهُ –مِنْ عَنَائهِ– إلى جِهَةٍ *** يَـخْدَعُ النَّاظِرِيْنَ وَجْهُهَا الـحَسَنُ

فَمَضَتْ أَشْهُرٌ وَعَادَ مُلْتَحِفاً *** بِالشَّهَادَاتِ.. لَيْتَ أَنَّـهَا كَفَنُ

مَلَطَ الوَجْهَ كُلَّهُ، وَأَبْرَزَهَا *** سِحْنَةً كَمْ تَـحْلُوْ لِقُبْحِهَا السِّحَنُ

شَاهَ وَجْهٌ أُزِيْلَ عَنْهُ شَارِبُهُ *** فَبَدَا عَوْرَةً، وَكُلُّكُمْ فَطِنُ

وَامْتَطَاهُ الأَعَاجِمُ الأُلَى جَعَلُوا *** مِنْهُ بَغْلاً مُرَوَّضاً لَهُ رَسَنُ

أَمَّهُمْ يَدْرُسُ الفَصِيْحَ وَا عَجِبِي! *** فَأَتَانَا مُرَاطِناً بِمَا رَطَنوا!

وَانْثَـنَى يَزْدَرِي تُـرَاثَهُ بِفَمٍ *** أُشْهِدُ اللهَ أَنَّهُ فَمٌ نَتِنُ

هَالَهُ مَا رَآهُ مِنْ زَخَارِفِهِمْ *** وَأَرَاعَتْهُ بِاخْضِرَارِهَا الدِّمَنُ

خَلَبَتْ لُبَّهُ القُشُوْرُ، فَانْبَهَرَتْ *** مُقْلَةٌ مِنْهُ، ثُمَّ أَنْصَتَتْ أُذُنُ

وَيْلَهُ عَادَ يَوْمَ عَادَ مُنْسَلِخاً *** لا جُذُوْرٌ يُنْمَى لَـهَا وَلا فَنَنُ

فَالمَـنَايَا وَلا انْسِلاخُ مُبْتَعَثٍ *** كَمْ تَـمَنَّى فِرَاقَ رُوْحِهِ البَدَنُ


-------

(1) تَرْجَمَةُ ما بَيْنَ الأَقْوَاس:

(بْلِيْزْ/ please): إنْ سَمَحْتَ، (مَايْ دِيْرْ/ my dear): عَزِيْزِي، (شُوْرْ/ sure): بِالتَّأْكِيْد، (بَادْ/ bad): سَـيِّء، (آيْ ثِنْكْ/ I think): أَظُنّ، (نَاوْ/ now): الآن، (جُوْ أَوِيْ/ go away): اغْرُبْ عَنْ وَجْهِي، (مَايْ وِيْ/ my way): طَرِيْقِي.

قَالَ الرَّوِاي: وقَدْ رَطَنَ المُنْسَلِخُ بِكَلامٍ آخَرَ ظَاهِرُهُ العُجْمَة، فسَأَلْتُ عَنْ مَعْنَاهُ أَهْلَ الاخْتِصَاص، فلَمْ يَعْرِفُوا لَهُ تَرْجَمَة.

رد مع اقتباس
 
 رقم المشاركة : ( 2 )
شمس الاصيل
عضو فعال
رقم العضوية : 2082
تاريخ التسجيل : Sep 2014
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 146
عدد النقاط : 10
جهات الاتصال :

شمس الاصيل غير موجود حالياً

   

افتراضي

كُتب : [ 01-13-2015 - 02:20 PM ]


بارك الله فيكم موضوع يستحق القراءة


رد مع اقتباس
إضافة رد


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على الموضوعات
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الموضوعات المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
فائت الأمثال: مقاربة أدبية ساخرة - فواز اللعبون (23) «لا مُهَانَ كَدَائن» فواز اللعبون واحة الأدب 1 12-10-2014 09:19 PM
فائت الأمثال: مقاربة أدبية ساخرة - فواز اللعبون (20)«دَعَاوَى صَحَفِيّ» فواز اللعبون واحة الأدب 1 10-30-2014 11:59 AM
فائت الأمثال: مقاربة أدبية ساخرة - فواز اللعبون (19)«حِجَاجٌ وَلا حِجَاجُ بَخِيْل» فواز اللعبون واحة الأدب 1 10-23-2014 10:18 AM
فائت الأمثال:مقاربة أدبية ساخرة - فواز اللعبون (16)«بَوَارٌ وَلا بَوَارُ الفَصِيْح» فواز اللعبون واحة الأدب 2 09-08-2014 06:58 PM
فائت الأمثال:مقاربة أدبية ساخرة - فواز اللعبون (3)«أَبْلاَهُ مُسْتَوْصَفٌ خُصُوْصِيّ» فواز اللعبون مقالات أعضاء المجمع 0 04-29-2014 01:03 PM


الساعة الآن 04:50 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by