مجمع اللغة العربية بمكة يطلق عضوياته الجديدة
لطلب العضوية:
اضغط هنا

لمتابعة قناة المجمع على اليوتيوب اضغط هنا

 


الانتقال للخلف   منتدى مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية > القسم العام > واحة الأدب

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )
 
مصطفى شعبان
عضو نشيط

مصطفى شعبان غير موجود حالياً

       
رقم العضوية : 3451
تاريخ التسجيل : Feb 2016
مكان الإقامة : الصين
عدد المشاركات : 12,782
عدد النقاط : 10
قوة التقييم :
جهات الاتصال : إرسال رسالة عبر Skype إلى مصطفى شعبان
افتراضي من أعلام الأدب في العصر الحديث (23): أحمد فارس الشدياق

كُتب : [ 08-20-2017 - 07:10 AM ]


من أعلام الأدب في العصر الحديث
أحمد فارس الشدياق
(1304هـ-1887م)
[IMG]
[/IMG]

حياته:

ولد فارس الشدياق في بلدة عشقوت في لبنان، من الديانة المارونية. وانتقل إلى قرية الحدث قرب بيروت 1809 وتعلم في مدرسة عين ورقة المارونية العربية والسريانية وعلوم البلاغة والمنطق واللاهوت. وتحول إلى البروتستانتية، الأمر الذي كان يعد في ذلك الزمن عملا لا يخلو من المخاطر، وقد مات أخوه مسجوناً لدى المارونيين بسبب ذلك.

بعد الظروف القاسية التي عاناها الشدياق وأسرته من الاضطهاد الماروني ولجوئه الى وادي النيل، وجد نفسه مجبراً على الرحيل إلى القاهرة، حيث استلم في أواخر عام 1820 تحرير القسم العربي من جريدة الوقائع المصرية بعد حسين العطار والسيد شهاب الدين المكي. وفي سنة 1824 دعاه المرسلون الأمريكان الى جزيرة مالطة حيث عهدوا إليه ادارة مطبعتهم وتصحيح مطبوعاتهم، وعرب حينئذ "ترجمة التوراة". ثم دعته جمعية ترجمة الكتاب المقدس التابعة لجامعة كمبرج حيث عمل أكثر من عشرة أعوام فترجم وأصدر "العهد الجديد" في لندن سنة 1851. وكان قد نشر في مالطة سنة 1839 قاموس المترادفات العربية تحت عنوان "اللفيف في كل معنى طريف" أتبعه بعشرات الكتب، نذكر منها على سبيل المثال: "سر الليال في القلب والإيدال" في جزأين، طبع أولهما في الأستانة سنة 1867، والثاني لا يزال مخطوطا تظهر فيه مقدرته اللغوةي، ضمنه معظم آرائه ونظرياته في اللغة. و"غنية الطالب ومنية الراغب" في الصرف والنحو وحروف المباني (الأستانة 1871) وهو الكتاب المدرسي الذي أجازته الحكومات التركية والخديوية في مصر للمدارس الرسمية. و"الجاسوس على القاموس" استطال فيه على الفيروزيأبادي بأربعة وعشرين نقدا (الأستانة 1887) ...ألخ.

وفي العام 1834 دعاه المُنصِّرون، البعثة الكهنوتية (البريسبيتريانية) الأميركية، إلى مالطة لتعليم العربية في مدارسهم وتصحيح ما يصدر من مطبعتهم من كتب عربية، وقامت له شهرة أدبية لغوية. وعمل ابتداء من سنة 1834 مدرسا ومصححا صحفيا في مالطة لمدة 14 سنة.

غير أن انعطافا خطيرا طرأ على حياة الشدياق سنة 1846، كان أحمد باشا باي تونس في رحلة إلى أوربة حيث امتدحه بقصيدة عصماءن فكلفه الباي بخدمة مملكته، وأرسل له سفينة مخصوصة لنقله إلى بلاده. فلبى الدعوة وهناك حاز على منح مالية كبيرة فترك مذهب البروتستانت وتبع دين الاسلام وصار يعرف بالشيخ أحمد فارس الشدياق، وبعد ذلك قفل راجعا إلى مالطة.

اعتناقه للإسلام:
ونشير في هذا المقام أن المادة الغنية المتوفرة في الأدبيات الاستشراقية حول أسباب اعتناق الشدياق للإسلام تجعلنا نخلص إلى استدلال دوافعها وحوافزها، ولعل أهمها: مشاعر الغضب وأحاسيس ا لعقد التي تراكمت في نفسه من جراء موت أخيه أسعد الشدياق الذي قضى شهيد حرية المذهب والكبت الديني ثم المصير المآساوي الذي انتهى اليه والده ووفاته في دمشق مقهورا فقيرا. علاوة على الاضطهاد الديني الذي عاناه شخصيا على يد الموارنة والمسيحيين عامة. يجلا ألا يغرب عن بالنا أن الشدياق كان عصبي المزاج سريع الانفعال، كثير التقلب، رحب المال والجاه. وإن نسينا فلن ننسى أبدا ميله الشديد لاستخدام الإسلام درعا يقيه من السدائس التي كانت تحاك ضده، فضلا عن اغتنامه كل فرصة سانحة للاستفادة لاحقا من جنسية قرينته الإنكليزية، وهكذا نرى أن ظروف العصر وصروف الدهر وشمت الشدياق بميسمها الذي دعا المؤرخ الأدبي العربي الكبير حنا الفاخوي لوصفه قائلا: "ولم يكن الشدياق متقلبا وحسب، بل عصبي المزاج ورجلا شريرا، اذ كان يطيب له أن يسخر ويتهكم بالناس أفرادا وجماعات، الأمر الذي تنفر منه الطباع وتمجه الأذواق".

وفي سنة 1848 تلقى دعوة من الجمعية اللندنية لنشر الإنجيل للقدوم إلى لندن من أجل المشاركة في ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة العربية، فانتقل ليقيم في أماكن مختلفة ببريطانيا وكذلك بباريس.

طلق زوجته المصرية ليتزوج بامرأة بريطانية، الأمر الذي مكنه من الحصول على حماية القنصلية البريطانية.

وفي العام 1853 كتب قصيدة تزيد على 130 بيتًا، بعث بها مدحًا للخليفة العثماني لمناسبة انتصاره على روسيا القيصرية يقول في مطلعها:

الحقُّ يعلو والصلاح يعمرُ والزور يُمحَق والفساد يُدمَّرُ
يا مؤمنون هو الجهاد بَادِرُوا مُتطوِّعين إليه حتَّى تُؤجَروا
في "لن تنالوا البِرَّ حتى تُنفقِوا مما تُحبُّون الدليلُ الأظهرُ
ومن عجب أن هذه القصيدة جاءت قبل إسلامه بأربع سنوات. وجاءت لـ "فارس الشِّدْيَاق" دعوتان من الخليفة و"باي تونس" الذي مدحه فارس الشِّدْيَاق تقديرًا لمبراته وخيراته التي وزعها على فقراء مرسيليا وباريس في أثناء زيارته لهما، ولبَّى فارس الشِّدْيَاق دعوة "الباي" وانتقل إلى تونس في العام 1857 على سفينة خاصة أرسلها إليه "الباي".

ولم يَطُلْ به المقام في تونس وغادر إلى الأستانة ملبيًّا دعوة السلطان عبد المجيد، وهناك التحق بديوان الترجمة.

في الخمسينيات كان الشدياق في باريس، حيث أصدر بالاشتراك مع المستشرق الفرنسي غوستاف دوجا كتاب "سند الراوي في الصرف الفرنساوي" (باريس 1854) للراغبين في دراسة الفرنسية بالجزائر ومصر وسورية. وفي العام التالي أصدر "الساق على الساق فيما هو الفارياق" وهو كتاب لم يكتب مثله شرقي، ترجم فيه لذاته ووصف فيه حياته وأسفاره، اذ يعد من أغنى الآثار الأدبية التي ظهرت خلال عصر النهضة على الاطلاق. فالكاتب هو بطل الرواية، وأهم ما فيه مفاضلته بين الحياة الأوربية والشرقية – العبية بروح انتقادية متحفظة. وقد ألف الشدياق سنة 1852 كتابا ضخما طبع في تونس سنة 1866 بعنوان "الواسطة في معرفة أحوال مالطة وكشف المخبأ عن فنون أوربة"، وهو يشتمل على انطباعاته عن تطور العلوم والفنون والتقنية في أوربة، وقد أصاب أبو لغد في تقييمه للكتاب بقوله: "انه يتصف على الأرجح بانطباعات جد ساذجة وتأملات وخواطر عابرة، أكثر من كونه كتابا لصياغة الأفكار ومبادئ معينة بهدف اشاعتها في البيئة العربية، كما فعل سابقا الطهطاوي ولاحقا فرنسيس مراش في كتابيهما".[3]

وفي العام 1860 أنشأ صحيفة (الجوائب) سياسية أسبوعية، نالت شهرة كبيرة بين السلاطين والملوك ورؤساء الحكومات والمُفكِّرين العرب، وكانت صحيفة العرب تنقل عنها وتستشهد بها في الحديث عن سياسة الشرق.

وفي العام 1886 جاء "فارس الشِّدْيَاق" إلى مصر زائرًا بعد أن تعطلت جوانبه واحْدَوْدَب ظهره، ولكنه لم يزل على انتباهه وذكائه، ثم عاد إلى الآستانة، فكانت تلك العودة آخر أسفاره في الدنيا؛ ليبدأ رحلته إلى الآخرة في سبتمبر 1887 حين نزل به القضاء المحتوم.

إلى أي حد يستعصي تصنيف الشدياق، يتضح من الظروف التي حفت بدفنه. فبعد وفاته حصل خلاف بين الطوائف الدينية التي كانت تتنازع على أحقية تولي شؤون جنازته. وبالنهاية تم التوصل إلى اتفاق على دفنه بعد صلاة متعددة الديانات في موقع يتوسط المنطقتين المسيحية والدرزية من جبل لبنان.

رحلاته وأعماله:

تتميز التجارب والانطباعات الأوروبية لفارس الشدياق بامتداد وعمق يتجاوزان إلى حد بعيد ما كان لغيره من الرحالة الآخرين. تنقل الشدياق، ضمن مختلف المهام التي كلف بها- أو في بحثه عن وظيفة ما- بين بلدان عديدة وفي ظروف مادية ومعنوية عسيرة في أغلب الأحيان.

وكانت تنقلاته تختلف كليا مثلا عن رحلة رفاعة رافع الطهطاوي الشيخ الأزهري والموظف الحكومي لاحقا، الذي جاءت إقامته في باريس ضمن إطار بعثة دراسية رسمية.

وخلافا للتقرير ذي الصبغة التوثيقية العملية لهذا الأخير جاء كتاب الشدياق الصادر سنة 1885 تحت عنوان "الساق على الساق في معرفة الفارياق " ذا طابع أدبي، وبالتالي فهو لا يعتبر وثائقياً صرفا. فقد جاء هذا العمل المهول الذي يقع في حوالي 700صفحة مقسماً إلى أربعة أجزاء قد ركز آخرها بصفة خاصة على فترة الإقامة في أوروبا، في هيئة نص يتنقل بين مختلف الأصناف الأدبية: لا هو بالرحلة في مفهومها التقليدي، ولا هو بالسيرة الذاتية الحقيقية ولا هو بالدراسة القاموسية الصرف، بل كل هذا معا.

يعرض هذا النص الذي يصور حياة بطله المسمى "الفارياق"( وهم إسم خيالي مصاغ من توليفة لشطري إسم الكاتب ولقبه كما يمكن للمرء أن يتبين ذلك بسهولة) في الوقت نفسه مناقشات فلسفية واجتماعية ووصف للأماكن التي مر بها إلى جانب تداعيات التعليقات اللغوية والأدبية.

وقد وردت الموضوعات المتنوعة لهذا العمل مصاغة غالبا في شكل نقاشات سجالية بين الفارياق والفارياقة، زوجته الذكية المثقفة والواعية. وقد جاء هذا التصوير النقدي الذي يتناول المنجزات الجديدة وكذلك الجوانب السلبية للحضارة الأوروبية الحديثة ومن ضمنها الأوضاع الاجتماعية في أوروبا أيام الثورة الصناعية، ينضح سخرية، من الآخر ومن الذات على حد سواء.

فرنسا وإنجلترا في أعماله

والجدير بالذكر هنا هو أن الشدياق لم يتناول أوروبا ككتلة متجانسة، بل كان يفرق بين بلد وآخر، وطبقة اجتماعية وأخرى. مقارنة بفرنسا تبدو بريطانيا في كتاباته أفضل منزلة: ولئن كان الشدياق لا يتردد في انتقاد المعاملات التي يراها ذات غايات ربحية، والافتقار إلى آداب معيشية وإلى التعبير التلقائي عن المشاعر وانعدام قيم الكرم والضيافة، فإن انطباعه العام يظل مع ذلك إيجابيا.

كانت إنكلترا بلده المضيف الأول، وقد حظي هناك بموقع جيد، بل ولعله قد تبنى أيضا بعض الأحكام المسبقة التي يغذيها الإنكليز ضد الفرنسيين. ينوه الشدياق بصدق الإنكليز ومصداقيتهم ووفائهم وكذلك المعاملات المتحررة بين الجنسين.

وقد حظيت النساء بتنويه خاص من طرفه: فهن في إنكلترا، حسب قوله، متواضعات وفيات ونقيات. أما فرنسا فوصف نساءها بالافتقار إلى الطهارة – وكذلك الحالة البائسة للشوارع وتدهور النظافة والقيم الأخلاقية. فالفرنسيات في نظره يحبذن استعراض مفاتنهن ومستبدات تجاه الرجال كما أنهن يطلبن نمط عيش مكلف جدا.

يفيض الكاتب في التنويه بتنظيم مجالات الحياة العامة في إنكلترا؛ الجميع يتمتعون بنفس الحقوق، ولا وجود لأي نوع من التعسف من طرف الحكام. وفي كتاب آخر صدر سنة 1867 بعنوان "كشف المخبّأ في فنون أوروبا" ، وهو كتاب رحلة من النوع التقليدي، قدم الشدياق صورة إيجابية عن فرنسا كأمة ذات حضارة تتمتع بنمط عيش متحضر.

لقد كان الشدياق دون شك مثقفا محباً للمواجهة لا يبتعد عن أي نوع من المحرمات: انتقادات إنجيلية، تصويرات شهوانية مثيرة، الدفاع عن حقوق المرأة وعن الفصل بين الدين والدولة، بالإضافة إلى انتقادات لاذعة للإكليروس اللبناني ولكبار الملاّك والطائفية؛ كل ذلك كان مستفزاً للغاية في ذلك الزمن - وما يزال جزئياً إلى يومنا هذا.

ولعل بقاء الشدياق مغمورا لا يحظى بما يستحق من التقدير، يعود إلى هذا الطابع الصدامي الاستفزازي. وحتى الآن ما يزال هذا العمل الجامع الذي خلفه لا يحظى بما يليق به من التكريم.

رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على الموضوعات
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الموضوعات المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
من أعلام الأدب في العصر الحديث (30): محيي الدين فارس مصطفى شعبان واحة الأدب 3 12-12-2017 09:30 AM
من أعلام الأدب في العصر الحديث (33): محمد برادة مصطفى شعبان واحة الأدب 1 11-06-2017 03:54 PM
من أعلام الأدب في العصر الحديث (16): محمد عمر التونسي مصطفى شعبان واحة الأدب 1 07-12-2017 03:26 PM
من أعلام الأدب في العصر الحديث (12): أحمد زكي أبو شادي مصطفى شعبان واحة الأدب 0 06-18-2017 06:21 AM
من أعلام الأدب في العصر الحديث (7): أحمد شوقي مصطفى شعبان واحة الأدب 1 05-22-2017 01:40 PM


الساعة الآن 07:15 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by