(مستعربون في خدمة العربية)
تهدف هذه السلسة إلى بيان دور المستعربين في خدمة اللغة العربية بما قدموه من مؤلفات وبحوث، وتعريفهم للقارئ العربي سواء أكان بالحوار المباشر معهم إن أمكن ذلك أم بالكتابة عنهم، فهؤلاء المستعربون رغم أن لسانهم الأول ليس العربية، فإنهم مع ذلك أحبوا العربية وألَّفوا بها.
الحلقة السابعة:
رودلف زلهايم (1346-هـ= 1928-م):
مستعرب ألماني. وُلد في مدينة هاله Halle الواقعة على ضفاف نهر ساله Saale في قلب ألمانيا، وتجند في أواخر الحرب العالمية الثانية (1939م – 1945م). ولما وضعت الحرب أوزارها التحق بجامعة هاله في صيف عام 1946م، واهتم تبعًا لتقاليد عائلته بدراسة الحضارات الكلاسيكية القديمة، وفي مقدمتها الإغريقية والرومانية. ولما تشعبت المواضيع وتداخلت بالشرق، شاقه التعرف عليه، فأضاف إلى برنامجه دراسة العربية والإسلام واللغات الشرقية وآدابها وأديانها، وأخذ عن المستشرقين الكبيرين كارل بروكلمان Carl Brockelmann (1868 – 1956م) ويوهان فوك Johann Fueck (1894 – 1974م)، وعن علامة العهد القديم ورئيس الجامعة آنذاك أوتو آيسفلد Otto Eissfeldt (1887 – 1973م). وفي أبريل سنة 1949م نزح عن مدينة هاله - ألمانيا الشرقية- إلى مدينة فرانكفورت Frankfurt على ضفاف نهر الماين Main - ألمانيا الغربية- حيث تابع تحصيله لدى تلميذ بروكلمان وشيخ المستشرقين هلموت ريتر Hellmut Ritter (1892م – 1971م)، وتخرج على يده سنة 1953م بأطروحة في الأمثال العربية القديمة وكتبها. وفي أواخر سنة 1954م عُيِّن مساعدًا علميًّا للمستشرق أوتو سبيس Otto Spies (1901م – 1981م) في المعهد الشرقي بجامعة مدينة بون Bonn، وتولى تحرير مجلة أورينس Oriens العالمية، التي كان قد أنشأها أستاذه هلموت ريتر (صدر منها إلى الآن 28 مجلدًا). وفي عام 1957م حصل على الأستاذية بأبحاثه في تراجم العلماء في كتاب المقتبس لأبي عبيد الله المرزباني. واستُدعي سنة 1958م لكرسي الدراسات الشرقية خلفًا لهلموت ريتر ولرئاسة المعهد الشرقي في جامعة مدينة فرانكفورت، فبقي فيها رغم تكرر استدعائه لجامعات أخرى داخل البلاد وخارجها، وانقطع للبحث والتعليم في ميدان الأدب العربي والحضارة الإسلامية. ولقد أوحى وأشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه، كما نشر الكثير من الكتب والأبحاث، وساهم بمقالات في شتى الدوريات الألمانية والعالمية، والسلاسل والموسوعات منذ عام 1947م.
ومما يجدر التنويه به في هذا المجال من منشوراته باللغة العربية: الأمثال العربية القديمة، والعلم والعلماء في عصور الخلفاء، وفتنة عبد الله بن الزبير، ونور من الشرق – رسوم شرقية على خلفية غربية، وتأريخ وفاة ابن النديم، وأوهام عن ابن فارس، وخواطر حول الترجمة الذاتية في العصور الإسلامية، وفهرسية المخطوطات العربية كمشكلة أدبية، وسيرة الرسول ïپ² لابن إسحاق – تحليلات تاريخية.
ومن تحقيقاته للنصوص، مع دراسة باللغة الألمانية: كتاب نور القبس المختصر من المقتبس في أخبار النحاة والأدباء والشعراء والعلماء، تأليف أبي عبيد الله محمد بن عمران المرزباني، اختصار أبي المحاسن يوسف بن أحمد بن محمود الحافظ اليغموري، وكذلك رسائل: للقفطي (1967م)، ولابن البديع (1976م)، ولابن يعيش (1977م)، ولرضي الدين ابن الحنبلي (1980م).
ولقد شارك في شتى النشاطات الثقافية، واختير عضوًا في مجلس إدارة جمعية رعاية الأبحاث الألمانية في بون Bonn، وفي لجنة نشر ذخائر آباء الكنيسة في مجامع ألمانيا الغربية الأربعة، وفي اللجنة العالمية لتأريخ نصوص العهد الجديد في مدينة منستر Muenster، وفي معهد الآثار الألماني في برلين Berlin، وفي عدد من جمعيات الاستشراق داخل ألمانيا وخارجها، وفي شتى المجامع العلمية في أوربا وفي بلاد الشرق، ومنها مجمع اللغة العربية بالقاهرة منذ عام 1986م، وهو رئيس الجمعية العالمية للأبحاث الشرقية (Orients) منذ عام 1968م.
المصادر:
المجمعيون في خمسة وسبعين عامًا/ 300-302.
إعداد:
مصطفى يوسف