مجمعيون خارج دائرة الضوء
تهدف هذه السلسلة إلى إلقاء الضوء على بعض أعضاء مجمع اللغة العربية بالقاهرة؛ ممن خدموا العربية وأثروها بالعديد من البحوث والمؤلفات، وفي الوقت نفسه لم يأخذوا المكانة اللائقة بهم من الشهرة والذيوع؛ بهدف تقريبهم لشداة العربية ومحبيها، وإعادة بعض الاعتبار لهولاء الأعلام.
سلسلة "مجمعيون خارج دائرة الضوء"
الحلقة الثالثة عشرة:
حامد عبد الفتاح جوهر (1325-1413هـ= 1907 -1993م):
عالم بحار شهير. وُلد بمدينة القاهرة، والتحق بمدرسة الجمعية الخيرية الإسلامية الابتدائية، وحفظ جانبًا من القرآن الكريم، والتحق بالمدرسة الثانوية الملكية، وقد تتلمذ على يد الأستاذ عبد الله عفيفي الذي زاد حبه للغة العربية، وقرأ شعر شوقي وحافظ ومطران وغيرهم من المحدثين، وكذلك البحتري والمتنبي وأبي تمام وابن المعتز وغيرهم، من القدامى. وتعلم على كتابات المنفلوطي والمويلحي والزيات وأحمد أمين. والتحق بكلية الطب، ولكنه بعد نجاحه في السنة الأولى انتقل إلى كلية العلوم في أول إنشائها؛ وتخرج فيها بمرتبة الشرف الأولى ضمن أول دفعة في سنة 1929م، وبعد تخرجه في كلية العلوم عمل معيدًا بها، وحصل على الماجستير في فسيولوجيا الحيوان، وفتنته كائنات البحر الأحمر فتحول إليها ولم يتحول عنها، وحصل على الدكتوراه في العلوم (D.Sc.) في سنة 1940م. وكان أول من حصل عليها من خريجي الجامعة، وتولى أمر محطة الأحياء البحرية بالغردقة منذ نشأتها وطيلة أربعين عامًا، وانتخبته أكاديمية العلوم في واشنطن عضوًا رسميًّا في المؤتمر الدولي لمعاهد الأحياء البحرية سنة 1955م، واختارته الأمم المتحدة في سنة 1957م مستشارًا للسكرتير العام في علوم البحار للاشتراك في مراجعة قانون مقترح للبحار، وفي الإعداد للمؤتمر الدولي الأول لقانون البحار في جنيف سنة 1958م، وانتُخب عضوًا مراسلاً للمجمع الهندي للأحياء البحرية، ورأس جمعية علم الحيوان بمصر منذ إنشائها في سنة 1958م، كما رأس الجمعية المصرية لعلوم البحار، وكان زميل الأكاديمية المصرية للعلوم منذ سنة 1948م، وعضوًا بالاتحاد العلمي المصري، والمجمع المصري للثقافة العلمية، وزميل أكاديمية علم الحيوان الدولية بالهند، وعضوًا بلجان ومجالس علمية كثيرة. وقد انتُخب عضوًا بمجمع اللغة العربية في سنة 1973م في المكان الذي خلا بوفاة المرحوم الأستاذ عبد الفتاح الصعيدي.
النشاط العلمي: كان للدكتور حامد جوهر نشاط علمي وافر ومتنوع، بين نشاط علمي تطبيقي، ونشاط نظري تأليفي، فهو يُعدُّ رائد النشاط العلمي في مجال علوم البحار، وقد أنشأ متحفًا بحريًّا رائعًا يحوي مجموعات من حيوان البحر الأحمر ونباته، وأنشأ معهد الأحياء المائية بعتاقة بالسويس، وأنشأ متحفًا آخر، وكثيرًا من معامل البحث المائية. أما بحوثه في هذا المجال فمتنوعة وكثيرة، وقد نشر بحوث محطة الأحياء المائية وتبادلها مع المعاهد العالمية المناظرة، وقد كسب ببحوثه وجهوده، شهرة عالمية، فدُعي إلى الاشتراك في المؤتمرات الدولية في علم الحيوان، وعلوم البحار، والمصائد، والبيولوجيا الإشعاعية، وأسهم فيها ببحوثه المبتكرة. وزار عددًا من الجامعات والمعاهد الخاصة بعلوم البحار. وكان له برنامج تليفزيوني متخصِّص في مصر باسم "عالم البحار" يتطلع إليه المشاهدون المثقفون وطلاب الثقافة. وقد حصل على جائزة الدولة في العلوم سنة 1953م، وعلى جائزة الدولة التقديرية في العلوم سنة 1973م.
النشاط المجمعي: ومنذ أن انضم الدكتور حامد جوهر إلى ركب المجمعيين، وهو يشارك مشاركة فعالة في نشاط المجمع وإنتاجه العلمي في لجانه ومجلسه ومؤتمره حتى وافته المنية، فقد كان عضوًا بلجان علوم الأحياء والزراعة، والكيمياء والصيدلة، والجيولوجيا، والنفط. ولعل خير شاهد على هذا الجهد، المعجم الجيولوجي في طبعته الثانية، وقد أسهم فيه الدكتور حامد جوهر مساهمة كبيرة، كما أسهم في معجم مصطلحات علوم الأحياء.
وقد قال عنه الدكتور عبد الحليم منتصر في حفل استقباله: "وكذلك أمضى الدكتور جوهر زهرة شبابه، وسِني كهولته باحثًا دارسًا للبحر حتى غدا خبيرًا عالميًّا مرموقًا من خبرائه، فخرج على الناس بعشرات البحوث المنشورة في أرقى المجلات العلمية."
انظر: المجمعيون في خمسة وسبعين عامًا: 243-245
إعداد: مصطفى يوسف