الكاتب/د.عبد العزيز بن علي الحربي, جريدة المدينة, ملحق الرسالة, الجمعة6/ 6/ 1433هـ.
السؤال الكبير
كتب إليَّ الأستاذ: حسين حمزة السُّليمانيّ مسرورًا بمجمع اللّغة الشَّبكيّ، مُهديًا إليه وإليَّ كتابًا كريمًا داعيًا فيه إلى البرِّ بلغة القرآن، ساعيًا إلى المشاركة في ذلك بما آتاه الله من قُدرة، ناعيًا فيه على من أعرض عنها ونسي ما تعلَّم.
وفي خطابه وكتابه سؤال كامن: ما سبب الجفوة الحاصلة بين اللّغة العربية وأهلها؟
الجواب : سبب تلك الجَفوة غفوة قوم ظلموا أنفسهم، اغترّوا بحضارة آخرين يعلمون ظاهرًا من الحياة الدُّنيا، وملكوا مفاتيح زخرفها، ولمّا كانت اللّغات وسيلة تعايش بين الخلق وكانت مقوّمات العيش في كمالياته وبعض ضرورياته بيد القويّ قويت لغته، وقدّم لنا حضارته وما نحتاج إليه من صنعته وعلمه بلسانه، وحُقَّ له أن يفخر ويشمخ. ونحن لم نقصِّر - ولا نظلم أنفسنا - في المفاخرة بلغتنا، ولنا في ذلك حداء ونداء ودعاوى، وفينا من يفاخر بأنّ العربيَّة لغة أهل الجنّة، هذا ما نجيده نحن العرب أحسن إجادة، ولنا من دون ذلك مؤتمرات وندوات وصرخات صدّاحة، غير أنّها لا تتجاوز ساعتها ساحتها.
ولستُ بميّال إلى المبالغة في اللّوم وعذل الذّات، ولكنها الحقيقة المُرَّة بالمَرَّة. وما كان لأبناء أمِّ العلوم وسيَّدة اللّغات أن يخدع بصائرهم ما خدع أبصارهم، وأن يعقدوا خيوطًا من إيجاد تلازم بين شرف اللّغة والقُوَّة العارضة، فقد كُنَّا أقومَ قيلاً وأقوى قبيلاً، وأشدَّ بأسًا وأشدَّ تنكيلاً. ولقد عهدنا إلى أنفسنا في مجمع اللّغة الذي أُسس على الشبكة أن نجمع ما أوصت به المؤتمرات ونعمد إلى أهمِّ ذلك، وندعو إليه دعوة عمل ونصح وتوجيه وتطبيق وإصلاح وترغيب.
ولك يا حُسينُ شُكري الحسَن.