مجمعيون خارج دائرة الضوء
تهدف هذه السلسلة إلى إلقاء الضوء على بعض أعضاء مجمع اللغة العربية بالقاهرة؛ ممن خدموا العربية وأثروها بالعديد من البحوث والمؤلفات، وفي الوقت نفسه لم يأخذوا المكانة اللائقة بهم من الشهرة والذيوع؛ بهدف تقريبهم لشداة العربية ومحبيها، وإعادة بعض الاعتبار لهولاء الأعلام.
سلسلة "مجمعيون خارج دائرة الضوء"
الحلقة الثامنة عشرة:
سعيد الأفغاني (1326- 1418هـ= 1909 -1997م):
نحوي، لغوي، محقق. وُلد بدمشق في أواخر أيام الدولة العثمانية في بلاد الشام، وكان والده من الصالحين، هاجر من كشمير إلى بلاد الشام، وسكن دمشق، فدعاه الناس بالأفغاني، وتزوج من دمشق وأنجب سعيدًا الأفغاني، ثم تُوفيت زوجته، وكان عمر سعيد ثلاث سنوات، فوقف الوالد حياته على تربية ولديه (سعيد وأخته). التحق بالدراسة الابتدائية (1918 – 1923م)، وأتم الدراسة الثانوية (1923 – 1928م)، ثم درس في مدرسة الآداب العليا بدمشق (1929 – 1932م). مارس التعليم متنقلاً في كل مراحله: بدأ معلمًا بالمدارس الابتدائية سنة (1928م)، فمدرسًا في المتوسطة التجارية بين سنتي (1929 – 1940م)، فمدرسًا بالمدارس الثانوية بين سنتي (1940 – 1946م)، ثم أصبح مدرسًا في قسم اللغة العربية بكلية الآداب بجامعة دمشق منذ عام (1948م). أُوفد لزيارة أقسام اللغة العربية ودور الكتب في بلاد أوربية وعربية مختلفة، وفي سنة 1957م أصبح أستاذًا في قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة دمشق، ثم أصبح رئيس القسم في عام 1958م، ثم صار عميدًا لهذه الكلية نفسها. انتخبه المجمع العلمي العراقي عضوًا مؤازرًا في سنة 1960م، ثم انتخبه مجمع اللغة العربية بالقاهرة عضوًا مراسلاً في سنة 1970م، ومنذ هذا التاريخ أخذ الأستاذ الأفغاني يشارك في أكثر المؤتمرات ببحوث نُشرت في مجلة المجمع. وفي سنة 1976م دعته وزارة الثقافة في الجمهورية التونسية إلى ملتقى ابن منظور المعقود في قفصة بتونس فلبَّى مشاركًا ببحث. عمل مدرسًا بالجامعة اللبنانية وجامعة بيروت العربية منذ سنة 1968م إلى سنة 1971م، ثم عمل مدرسًا بالجامعة الأردنية سنة 1980م، ثم بجامعة الملك سعود سنة 1984م. وفي سنة 1991م انتُخب عضوًا عاملاً بمجمع اللغة العربية بالقاهرة ضمن خمسة أعضاء، وقد شغل الكرسي الذي خلا بوفاة الدكتور حسني سبح. وألقى كلمة المجمع في حفل استقبالهم الأستاذ الدكتور شوقي ضيف-الأمين العام للمجمع آنذاك- وألقى كلمة الأعضاء الخمسة الأستاذ سعيد الأفغاني، والكلمتان منشورتان في العدد الثاني والسَّبعين من مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة.
من مؤلفاته في النحو: "الموجز في قواعد اللغة العربية وشواهدها"، وتحدّث فيه عن قواعد الاحتجاج بالشواهد، و"في أصول النحو"، ودرس فيه موضوعات الإجماع، والقياس، والاشتقاق، والخلاف، و"من تاريخ النحو"، و"مذكرات في قواعد اللغة العربية"، وهي أمالٍ تُعَوِّدُ الطلاب طريق البحث والرجوع إلى المصادر.
ومن مؤلفاته في غير النحو: "أسواق العرب في الجاهلية والإسلام"، و"الإسلام والمرأة"، و"عائشة والسياسة"، و"حاضر اللغة العربية في الشام"، و"ابن حزم ورسالته في المفاضلة بين الصحابة"، و"نظرات في اللغة عند ابن حزم".
ومن تحقيقاته: "الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة"، والجزء الخاص بترجمة السيدة عائشة من كتاب "سير النبلاء"، للذهبي (1945م)، وقد أفاد من تحقيق هذين الكتابين في تأليف كتابه "عائشة والسياسة"، و"تاريخ داريا، للقاضي عبد الجبار الخولاني"، و(داريا) كانت أعظم قرى أهل اليمن بغوطة دمشق، و"الإغراب في جدل الإعراب، لابن الأنباري"، و"لمع الأدلة، لابن الأنباري"، و"في المفاضلة بين الصحابة، للإمام ابن حزم"، و" في ملخص إبطال القياس والرأي"، والجزء الخاص بترجمة ابن حزم من كتاب "سير النبلاء للذهبي"، و"الإفصاح في شرح أبيات مشكلة الإعراب للفارقي"، و"حجة القراءات، لأبي زرعة عبد الرحمن بن محمد بن زنجلة من رجال المئة الرابعة"، والمشاركة والإشراف على تحقيق كتاب "المغني" لابن هشام.
ونشر مقالات وبحوثًا في مجلة "المجمع العلمي العربي" بدمشق، ومجلة "مجمع اللغة العربية" بالقاهرة، ومجلة "الرسالة" و"الثقافة" المصريتين القديمتين ومجلة "العربي" و"البيان" الكويتيتين، ومجلة "الآداب" في جامعة بنغازي، ومجلة "رابطة العالم الإسلامي" العراقية، ومجلة "دعوة الحق" المغربية.
ومن بحوثه المنشورة في مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة: "الاحتجاج للقراءات"، ج 34، و"جهود المجمع العلمي الأول في خدمة العربية في الشام"، ج 39، و"من قصة العامية في الشام"، ج 41، و"آخر ساجع في الشام"، ج 43، و"معاني القرآن للأخفش الأوسط -تعريف ونقد"، ج 46، و"لغة الخبر الصحفي"، ج 51، و"مزاعم الصعوبة في لغتنا"، ج 53، و"ثلاث كلمات للاستعمال العام"، ج 54، و"كلمة "إلا" في القرآن الكريم"، ج 56، و"حياة كلمة"، ج 74.
ومما نُشر له في كتاب البحوث والمحاضرات بالمجمع: "تصحيح الأصول"، دورة 40، و"العمل فيما له روايتان من شواهد اللغة"، دورة 42، و"محنة إلى زوال"، دورة 43.
قال عنه الدكتور شاكر الفحام عضو المجمع ورئيس مجمع دمشق في حفل تأبينه: "لقد كان الكتاب صديقه المجيب وجليسه، رافقه طوال حياته، ولازمه ملازمة ظله، فأطل على رياض من العلم مؤنقة، وفاض قلمه بكتب عالج فيها موضوعات شتى، تستمد أصالتها من التراث العربي، وتتصف بالجدة والطرافة".
انظر: المجمعيون في خمسة وسبعين عامًا: 306-309 (بتصرف).
إعداد: مصطفى يوسف