السائل (محمد العجمي): هل الأفصح ملحوظة، أم ملاحظة ؟
الفتوى 20: الملحوظة: اسم مفعول من (لَحَظ)، والملاحظة مصدر (لاحظ)، وما كان فعله على هذا الوزن فمصدره القياسي الفِعال والمفاعلة.
وأصل معنى (لحظ) في لغة العرب: النظر بمؤخر العينين، قال في (القاموس): هو أشدّ التفاتًا من الشّزْر. ولو فُرِّق بينه وبين الشّزر بأنه - أي الشّزر - لا يكون عن رضًا، وأمّا اللّحظان فيكون عن رضًا أو غيره، فهو أعمّ منه.
وسؤالك عن الأفصح منهما يشير إلى صحة استعمال كلّ منهما، مع أنّ قوانين العربية الظاهرة لا تنصر إلاّ واحدًا منهما حين يكون المراد النظر من واحد، فإن كان النظر من اثنين فأكثر، كلّ منهما يلحظ فهو ملاحظة، وإلاّ فهو ملحوظة، غير أنّ هذا جمودٌ لا يليق بعبقرية اللّغة، وتحجير لواسعها؛ لأن باب المفاعلة من الأبواب التي تتسع وتضيق بحسب ما صدقت عليه، ألا ترى أنّه يقال: قاتله مقاتلة، ولم يكن من أحدهما قتالٌ أصلاً، لملاحظة استعداد المقاتَل للقتال، بل يكون ما هو أقلّ معنًى من ذلك، نحو: سافر مسافرة، وجُعِل منه قوله تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: 142]، وكثيرٌ من النحاة يجعل هذا ونحوه من الخروج عن باب المفاعلة، وإن جاء بصيغتها، والصحيح هو ما تقدّم، وأنّ التعدّد في صيغة (فَاعَل) ملحوظٌ، حتى في نحو (سافر)، لما في السفر من مجاهدة وتنازع إرادات النفس، أو باعتبار الأرض؛ لأنها تسفر له في سفره عن أشياء تكشفها له ولغيره، وهو سببٌ في انكشافها له، وكذلك المواعدة في الآية، فإنّ استجابة موسى للمواعدة مشاركة في الوعد، وقراءة البصريين {وَوَعَدْنَا مُوسَى}، من غير ألف.
وكذلك الملاحظة إذا أطلقت على أمرٍ مستدركٍ بالمعنى الشائع اليوم، هي باعتبار تعدّد اللاّحظ، أو باعتبار تعدّد اللّحظ؛ لأنه يكون بمؤخر العينين كما سبق، أو باعتبار تعدّده مرة بعد مرة. وأمّا الملحوظة فهو وصفٌ لما لحظه اللاحظ في صيغة اسم المفعول وحسب.