اللغة العربية في نيجيريا
بقلم: سيد علي عبدالرشيد
تكمن أهمية اللغة العربية في نيجيريا في كونها لغة الإسلام، وكما يجب تعلمها على الخاصة يجب كذلك على العامة، فلماذا يتعلمها العامة؟
قراءة القرآن
لقراءة القرآن بها للعبادة إذ قراءة القرآن ما كانت بفرض كفاية، بل هي فرض عين؛ لأن الفرد يصلي.
فلا تصح الصلاة إلا بقراءة سورة الفاتحة وجوباً كما نص عليه الحديث والفقه، وقد يوجد من لا يتقن قراءة سورة الفاتحة من النيجيريين في بيئتنا، ومن المستحسن تعلم العربية على النظام القديم والحديث أيضاً.
لقراءة القرآن ورداً: فقد اتفق العلماء أن أهل القرآن أهل الله وخاصته، فمن داوم على قراءة القرآن يكون مع الملائكة بمهارته، ومن كان يقرؤه دون مهارة حصل له أجران، ولكن الأفضل أن يكون كل فرد يقرأ القرآن بالمهارة.
اقرأ أيضاً*أثر التعلم الذاتي في تعلم اللغة العربية في نيجيريا
المهارات في علم التجويد
فمهارة القرآن لا تتعدى علم التجويد وهو إعطاء كل حرف حقه ومستحقه، فلا يفعل هذا إلا من عرف مخارج الحروف والمدود والوقف.
وأفضل ما يعمله الإنسان في حياته أن يطلع على كتاب ربه ليناجيه؛ وذلك كما قال العلماء: "إن من يريد أن ينادي ربه فليقرأ القرآن"؟
لمعرفة بعض الأحكام الدينية: وذلك أن يستأنس العامي بالعالم في حلقته، ويستمع إلى درس كتاب من كتب الأحكام الشرعية، وقد قيل: "على الأقل أن يكون كتاب الفقه الميسر في بيت كل مسلم".
لأنه لا بد للمسلم أن يعرف كيف يغتسل من الجنابة، وكيف يغتسل للجمعة، وفوائد بعض العبادات مثل الصوم وغيره، ولقد كثرت الفتنة في نيجيريا بسبب بعدهم عن مجالس العلماء، فشاع ما شاع من الأفكار النابية.
اقرأ أيضاً*أثر العقاب والثواب في تعليم اللغة العربية في نيجيريا
العلم الشرعي والعقيدة الصحيحة
فلو دنا الناس من العلماء تعلموا العلم الشرعي والعقيدة الصحيحة، وقد يوجد من العلماء اليورباويين من يتعلم العامة على أيديهم في المساجد، فلننظر إلى الحرم المكي والمدني وبعض الدول الأوروبية.
يأتي العامة إلى العلماء في المساجد ويتعلمون العربية والشريعة، بل يوجد من العلماء من أدرج تعليم كتاب الآجرومية في جدول دروسه المسجدية ليتقن الناس العربية.
لأداء الفرائض: يوجد من الناس من يحج إلى الكعبة، فهو عامي يعرف أداء فريضة الحج؛ لأنه جالس العلماء واستمع إلى الدروس التي يلقونها.
وقد نجد من الناس من لا يعرف مبطلات الصلاة ومبطلات الحج، فيتوهم فيذهب عنه أجر العبادة؛ ولذلك يجب أن يتعلم الناس العربية وصولاً بها إلى بوابات العبادات الصحيحة.
اللغة العربية في نيجيريا
1- تقوى الله: إن العربية خرجت عن كونها لغة قوم، ودخلت في أنها لغة دين، ولغة عبادة وتقرب إلى الله تعالى، فمن يتعلمها ليتقنها فعليه أن يتقي الله فيها، فلا يتعلمها ليقال: إنه شيطاني في العربية.
2- لتعليم الناس: إن علماء العربية القدامى علموها الناس؛ لذلك سهل تعلمها على الناس في هذا اليوم، فمنهم من صنف فيها، ومنهم من شرحها وبينها وسهّل صعوبتها، ووسّع ضيقَها، ويوجد من العلماء اليورباويين من أنشأ مدارس وعلم فيها الطلاب، وخرّج رجالاً مرموقين في نيجيريا.
3- للوظيفة: العربية كغيرها من اللغات العالمية يتقاضى مدرسوها رواتب شهرية على المستوى الحكومي والمستوى الأهلي، ولكن التدريس ليس فقط ما يمكن أن يعمل به متعلموها، فإنك تجد مجالات يستطيع المتعلمون أن يعلموا فيها داخل نيجيريا وخارجها، منها:
4- الشركات: الشركات التي يمكن للناطق بالعربية أن يعمل في نيجيريا هي الشركات التي تتعامل مع الثنائية اللغوية داخل نيجيريا مثل (الشفرون)، هذه الشركة توظف من يتقن العربية لترجمة ما يُكتَب على المنتجات إلى العربية.
وشركات الاتصالات، لو أرادت توسعة شبكتها حتى خارج نيجيريا مثل (م ت ن)، هي شركة إفريقية غير عربية، وتوجد في بلد عربي، ومثل شركة (دنغوتي) لتصفية النفط في (لاغوس) لو أرادت الشراكة مع بعض الدول العربية.
5- المطارات: تفتقر المطارات إلى من يتقن العربية بغض النظر عن إتقان العرب الذين يعملون في الطيران للغة الإنجليزية، وهناك معاملات تحتاج إلى الماهر في العربية لتُعْطى حقها داخل هذه المطارات.
6- السفارات: لولا السياسة لما مُنِع من العمل في السفارات في البلدان العربية، فلننظر إلى سفير نيجيري في المملكة العربية السعودية، إنه لا يتقن اللغة العربية نطقاً وكتابة وقراءة، وغيره كثير من النيجيريين الذين طلاقتهم في العربية فوق كل تصور، وهكذا في بعض الدول العربية وفي نيجيريا، يعمل في السفارة العربية من لا يجيد العربية.
7- الوزارات الإسلامية: الشؤون الإسلامية في نيجيريا في الوزارة الإسلامية بأيدي من هو عن العربية بعيد، فلو أن الماهرين في العربية يعملون فيها لكان أحسن؛ لأن بعض سوء التفاهم المتسرب إلى الناس عن طريق إلقاء الضوء عليه من قبل الشؤون الإسلامية.
8- الشؤون الخارجية: هناك عشرات النيجيريين خارج نيجيريا تحت وطأة عذاب العرب، ولم تتسارع الخارجية لحل بعض المشكلات التي هم فيها بسبب عدم فهم اللغة العربية، وأيضاً لم تحلل الخارجية قضايا العمالة النيجيرية التي قد تصلها ملفاتها بالعربية، فلم تكترث بها لهذا السبب.
9- الحدود: قد يكون الماهر بالعربية على الحدود العربية لحل بعض الأزمات السياسية بين نيجيريا وبعض الدول العربية.
10- الموانئ: البضائع المستوردة من البلدان العربية ملفاتها في الموانئ غير محللة بسبب كتابتها بالعربية، وهذا عمل الناطقين بالعربية في نيجيريا.
11- الجامعات: الأقسام العربية في الجامعات النيجيرية بحاجة إلى دارسي اللغة العربية في البلدان العربية، ويشتكي بعض الطلبة من ضعف مستوى بعض المحاضرين الذين بضاعتهم في العربية مزجاة؛ والسبب هو أنهم درسوا في نيجيريا دراساتهم، وأيضاً البحوث والأطاريح العلمية في الأقسام العربية ينصب اهتمامها في الأدب والبلاغة فقط مع إغفال جوانب أخرى.
12- وزارة التعليم: نصّ بعض الباحثين النيجيريين على أن تكون للعربية وزارة خاصة، تهتم بتطوير مناهج تدريس العربية في نيجيريا، وأقيمت دورة بعنوان "حوكمة العربية في نيجيريا" تطرق فيها المحاضرون إلى هذه الأهمية.
13- العمل الذاتي: يستطيع الماهر بالعربية أن يستقل بنفسه ويعمل ذاتياً في:
14- الحوسبة: اللغة العربية من اللغات المُدْخلة في الأجهزة الرقمية، ويستطيع أي أحد أن يفتح مطبعة عربية، ليطبع إنجازات المؤسسات والأفراد، ويمكنه تطوير موقع خاص للبيع والشراء.
15- التعليم الافتراضي: من الفوائد التي جلبتها التكنولوجيا التعليم عن بعد، فيمكن للماهر بالعربية أن يطور تطبيقاً لتعليم اللغة العربية، ويشترك الناس الراغبون في الأنحاء سواء على الفيسبوك واليوتيوب وتيك توك، فلا يكون دون توظيف حكومي سبهللاً أو باهلاً.
16-العلاقات الدولية: المبعوثون خارج نيجيريا في الدول العربية معظمهم لا علاقة لهم بالعربية أصلاً، فالذي يفهم العربية يستطيع أن يعمل في هذه الأماكن.
17- الحج والعمرة: الرسائل المتداولة هنا مكتوبة بالعربية، وإذا شغل من لا يتقن العربية هذا المنصب كان وبالاً على الحجاج والمعتمرين؛ فلذلك يقع بعضهم في فخٍّ في المطارات قبل السفر.
18- الرحلات: يحدث سوء التفاهم عند تعامل من لا يتقن العربية مع بعض العرب عند الوصول إلى دولهم.
ماذا تتطلب العربية من متعلميها في نيجيريا؟
قد انتقلت العربية من مرحلة الضعف في نيجيريا إلى مرحلة القوة؛ فقد صارت اهتمام كل الطبقات؛ طبقة الأغنياء، وطبقة الفقراء، وطبقة المتوسطين، فأبناء الأغنياء يتعلمون العربية كما يتعلمها أبناء الفقراء.
ولكن هناك فارق ليس قاسماً مشتركاً بين الطبقتين في المجتمع النيجيري، وهو أن المدارس التي يتعلم فيها أبناء الأغنياء مدارس ذات منهاج قوي وخطط جميلة، ومزودة بكل الأدوات التي تعين على التعلم الجيد، ومستقبل العربية الغامضُ من قبلُ صار واضحاً بسبب اقتحام الأغنياء هذا المجال.
لأنهم لا يفعلون شيئا اعتباطياً، بل لا بد أن يكون هناك دافع دفعهم إلى ذلك، وهو توفير الفرص التي تمكّن أبناءهم من العمل بهذه اللغة.
العربية من النيجيريين
1- المهارات: هذه المهارات تختصر الطريق على الدارسين، وتعبّد لهم الطريق إلى الإتقان والفهم، وقد نجد من لا يهتم بهذه المهارات، فلا يجد فرصة استخدامها لضعفٍ قد يعتريه.
2- القناعة: بعض الدارسين لا يقتنعون بما يدرسون من العلوم العربية، فلم يستفيدوا ولم يفيدوا، وهم الذين نقلوا الأخطاء إلى أذهان التلاميذ، فضعُفوا وضعُفوا، وقد يوجد من درس العربية فلم يستطع قراءة القرآن، وقد عدُّوا الأيام التي قضوها في حجرات المدرسة ضياعاً للوقت.
3- الثقة: عدم ثقة بعض الدارسين حيّرهم كثيراً بعد تخرجهم، فالدارس الذي يفقد الثقة لا يطالب بحقوقه؛ لأن مسيرات حياته الدراسية مليئة بالإخفاق والحِيَر.
حاجات نيجيريا إلى معاهد العربية
كثر عدد مدارس العربية في نيجيريا، ومحتوياتها غير كافية لسد الثغرات؛ لأن الهدف من تعليم العربية غير معروف حتى الآن، وهذا الهدف وراءه:
1- استصعاب تعلم اللغة العربية في نيجيريا، إذ فقدان الهدف لا يعطي الحرية لاختيار أدوات تسهيل التعليم والتخطيط الجيد.
2- تقديم المحتويات المناسبة فبعض الدارسين تعلموا خطأ بسبب شح المحتويات، فالعربية التي معظم ما فيها الحفظ دون الفهم والتطبيق يصعب على الدارسين تعلمها.
3- عدم التدقيق في المُدخلات والمُخْرجات، فصحيح أن الدافع الوحيد وراء تعلم اللغة العربية هو الدين، ولكن يتجاوز بعض المناهج هذا، فيكون الدارسون مربوطين بما لا ينفعهم في الدين، إلا أن بعض المؤسسات التعليمية تأخذ أطرافاً دون أخرى من هذه المدخلات والمخرجات، مثل: إعداد الدعاة؛ فإعداد الدعاة تكون جُل ركائزه الدين وما يتعلق بالدعوة.
وتحتاج العربية في نيجيريا إلى:
إعداد رجال الصناعة.
إعداد التجار.
إعداد التكنولوجيين.
إعداد المهندسين.
كل هذه المخرجات مدخلاتها تكون بالعربية، ليعرف الدارس مصيره في مجال العربية الذي قد أمضى فيه حياته.
اللغة العربية وخطب الجمعة
إن الخطبة مقام يستدعي الجودة والإتقان للعربية، فإذا لم يكن الخطيب غير متقن، فهو غير مؤهل لإلقاء الخطبة؛ لأنه لا يقرأ القرآن جيداً، ولا الحديث جيداً، ولا يفهم ما يقال لو اقتبس كلام عالم من العلماء.
إن سوء فهم العربية يؤدي إلى سوء إلقاءٍ وسوء قراءةٍ وسوء أداءٍ، ومن المستحسن أن يبذل الخطيب جهداً قبل ارتقاء المنبر يوم الجمعة.
ولا بد من تدريب على إعداد الخطبة الجيدة والإلقاء الجيد، ولو استمر الخطيب على هذا التدريب لاستفاد كثير من الخطباء.
ومن الأخطاء التي يرتكبها بعض الخطباء الاعتماد على نص مجهَّز، فيكون بعيداً عن هدف الخطبة، والبعض منهم يغمز المهتمين بالعربية في بيئته.
وقد أُنشِئتْ بعض المعاهد لتعليم أئمة المساجد في مدينة أبيوكوتا، الدوام فيها مسائي، وهناك أخرى في مدينة إجيبو، وفي لاغوس لتعليم الكبار اللغة العربية.
العربية في نيجيريا ضياع وقت أو شغل؟
إن النظر القديم إلى متعلمي اللغة العربية جعل بعض أولياء الأمور يظنون أن أبناءهم سيكونون في مؤخر المجالس، ولا يشار إليهم بالبنان في المجتمع النيجيري؛ لذلك بحث المحدثون عن الحل، فظنوا أنه لا بد من الجمع بين الشهادتين العربية والإنجليزية، وفي نظرهم من لم يدرس الإنجليزية فهو يضيع عمره ووقته.
لقد حاز متعلمو العربية فوائد بسبب هذه العربية؛ إذ إن الحاجات إلى العربية من قبل المؤسسات والأفراد في المجتمع ملحّة.
المصدر