مجمع اللغة العربية بمكة يطلق عضوياته الجديدة
لطلب العضوية:
اضغط هنا

لمتابعة قناة المجمع على اليوتيوب اضغط هنا

 


الانتقال للخلف   منتدى مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية > من أعلام اللغة العربية > شخصية الشهر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )
الصورة الرمزية إدارة المجمع
 
إدارة المجمع
مشرف عام

إدارة المجمع غير موجود حالياً

       
رقم العضوية : 21
تاريخ التسجيل : Feb 2012
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 2,875
عدد النقاط : 10
قوة التقييم :
جهات الاتصال :
Post شخصية الشهر (8) - أ.د. عبدالرحمن بودرع

كُتب : [ 11-22-2015 - 11:32 AM ]




شخصية الشهر
تهدف زاوية (شخصية الشهر) إلى إلقاء الضوء على أحد أعلام العربية في الوطن العربي، سواء أكان ذلك بالحوار أم بالكتابة عنه؛ وذلك بهدف إبراز الوجه التنويري والتثقيفي لهؤلاء العلماء، وتقريب مؤلفاتهم للمثقف العربي، وهذا غيض من فيض نحو حق هؤلاء العلماء علينا.


8- الأستاذ الدكتور عبد الرحمن بو درع


عبد الرحمن بو درع: نائب رئيس مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية، أستاذ اللغويات العربية، ولسانيات النص وتحليل الخطاب بجامعة عبد المالك السعدي بالمغرب. وُلد بالمملكة المغربية. حصل على شهادة اللّيسانس في الآداب من جامعة فاس عام1980م، ودبلوم الدراسات العليا (دكتوراه السلك الثالث) في علوم العربية واللسانيات من جامعة محمد بن عبد الله بفاس عام 1987م، وشهادة دكتوراه الدولة في علوم العربية واللسانيات من جامعة محمد الخامس بالرباط عام 1999م. وهو رئيس مسلك ماستر (ماجستير)، ومنسِّق تكوين الدكتوراه، ورئيس فريق البحث الأدبي والسيميائي بجامعة عبد المالك السعدي، ومؤسس ومدير لمنتدى اللسانيات على شبكة الإنترنت، ومدير منتدى مجالس الفصحى على شبكة الإنترنت. حصل على جائزة الشرف المتميز للبحث العلمي من جامعة عبد المالك السعدي لثلاث سنوات متتالية (2009/2010/2011م). من مؤلفاته: "الأساس المعرفي للغويات العربية"، و"منهج السياق في فهم النص"، و"الخطاب القرآني ومناهج التأويل"، و"في اللسانيات واللغة العربية"، و"الإيجاز وبلاغة الإشارة في البيان النبوي".

• أهمّ مَن يصنعُ الرّجالَ هم الرّجالُ.
• نأملُ أن تدخلَ اللغة العربيّة في حوارٍ مَع اللغات الحيّةِ الأخرى الأكثرِ استعمالاً في المجالِ التّداوليّ الفكريّ والعلميّ العالَميّ.
• الاختزالُ شرطٌ حاسمٌ من شُروطِ إدماجِ اللغاتِ في سياق التّطوّرِ والتواصُل السريع.
• على العربيّة أن تخوضَ غمارَ الانتشار على الشبكَة، وأن يكونَ لها محتوى علميّ مفيدٌ.
• تَحبيبُ النحو لا يقفُ عند محاولات التّجديد، ولكنّه يتعدّى ذلكَ إلى الدّعوة إليْه في سائر الوسائل الإعلامية والتّعليميّة، وجعله مُتاحًا رهنَ إشارَة عامّة النّاس.
• إذا انقَطَعَ الشعب من نَسَبِ لُغتِه انقطَع من نَسَبِ ماضيه، ورجَعَت هويتُه رَسْمًا مَحفوظًا في التّاريخِ.
• ما ذلَّت لُغةُ شعبٍ إلاّ ذلَّ، ولا انحطَّت إلاّ كان أمرُه إلى اضمحلالٍ وزَوالٍ.
• لَيْسَ في العالَم أمّةٌ عَزيزةُ الجانبِ تُقدِّمُ لغةَ غيرِها على لغةِ نفسِها.
• يتعيّنَ اعتمادُ العربيّةِ لغة السيادَة الرسميّة في كلّ سياسةٍ وكلّ تخطيط وتَدبيرٍ لشؤون البلادِ العربيّة.
كل هذا وغيره كثير... فإلى تفاصيل الحوار:

• في البداية نود إلقاء الضوء على الشخصيات والمحطات المؤثرة في تكوينكم العلمي، وكذا آخر مشاريعكم البحثية ومؤلفاتكم العلمية.
- أولاً أشكُر سعادَتَكم على إتاحة هذه الفرصة العلميّة الإعلاميّة، وأجيبُ بأنّ أهمّ مَن يصنعُ الرّجالَ هم الرّجالُ، وحُقّ لي في هذا المقام أن أذكرَ بعضَهم إن لم يتيسّرْ لي الإحاطةُ بذكرِ جميعِهم، فمنهم مُربّي الأجيالِ ومؤدّبُهِم فَضيلَةُ الأسْتاذ فَخْر الدّين قباوة، عَلَمُ النّحوِ والأدبِ والعربيّةِ والتَّحقيقِ، من أعلامِ حَلَب السوريّة، كان درَّسَ بجامِعاتٍ عربيّةٍ كَثيرةٍ، ومنها جامعةُ فاس، فكانَ مِنْ نَصيبي أن تلمذتُ عليْه. ومنهم الأستاذُ عبدُ الله الطّيّب المجذوب رَحمه الله تعالى، صاحبُ كتابِ "المرشد إلى فَهم أشعارِ العَرب وصناعتِها"، وهو من علماء الأدب واللغة الكِبارِ الذينَ تُضرَبُ لطَلَبِ عِلمِهم أكبادُ الإبلِ، وكان له تأثيرٌ كبير في دَرْسِ عُلومِ الأدَب في الجامِعاتِ العربيّة، ومنهم الأستاذُ مُحمّد الكَتّاني شَيخُ الأجيالِ في الجامِعاتِ المغربيّةِ، وصاحبُ منهج دَقيق ورؤيَةٍ سديدٍ في قضايا النّقد الأدبيّ والفكر الإسلاميّ الحَديثَيْنِ، كانتْ له قُدرةٌ جيّدَةٌ على استنباطِ الأفكار والمعاني منَ النُّصوصِ، وحُسْن استشرافِ الآفاقِ ومُواكبةِ التّطوّر، ولم تمنعْه أشغالُ العِمادةِ المرهقةُ من النُّبوغ في مَيدانِه ومُواصلَةِ البَحثِ والتّنقير، والإشرافِ على الأطاريحِ الرّصينَةِ، وقد تعلّمنا منه مَسالكَ الحِجاجِ المنطقيّ في قَضايا الفكرِ الإسلاميّ ومنهجَ النّقدِ الدّقيق لقَضايا الأدَبِ القَديم والحَديثِ.
- و من شُيوخِنا المُباشرينَ الأستاذُ الشّاهدُ البوشيخيّ المُحقّق المُدقّقُ، المُربّي المُرْشِدُ النّاقدُ الثّبتُ، الذي تَدينُ له الجامعَةُ المغربيّةُ بل العَربيّةُ، بالسَّدادِ والإحكامِ في التّربيّة والتّعليمِ، وفي العَملِ المنهجيّ، فقد أسَّسَ مَدرسةً علميّة ثَقافيّةً مَبنيةً على ضَبطِ المُصطلَح والإرشادِ إلى مَفاتيحِ العُلوم قبلَ تلقّي العُلوم، وتَحقّقتْ هذِه المَدرَسَةُ في مُؤسَّسَتيْن عِلْمِيّتَيْن بالعاصمةِ العلميّةِ فاس: معهد الدّراسات المُصطلحيّة، ومؤسسة البُحوث والدّراسات العلميّة، وفي إصدارات كثيرةٍ وحَوْليات ونَدواتٍ ومُناظراتٍ، وللمَدرَسَة التي أسّسَها فروعٌ وأتباعٌ في الدّاخل والخارِج.
لا أستطيعُ أن أحصيَ الشيوخَ والأساتيذَ الذين تعلمتُ على يديهم وأُجِزْتُ من قِبَلِهم، من داخلِ الوطَن ومن خارِجه. ولو خُصّصَ مؤلَّفٌ لتَعدادِ فضائلِهم لَما أحاطَ بالمُبْتَغى؛ فقَد نذروا حياتَهم لخدمةِ الإسلامِ واللسان العربيّ.
ولا يَفوتني في هذه المناسَبَة أن أَرْجِعَ الفَضلَ إلى أهلِه، بشُكرِ مَن أعانوا على إخراجِ أعمالي ومؤلَّفاتي وأبحاثي في صورَتِها التي خرَجتْ عليْها. فَما مِنْ تَقييدٍ من تقْييداتِ العلمِ وفائدةٍ من فَوائدِ المعرفَة إلاّ وحَرَصتُ عَلى استفادَتها منهم رحمةُ الله عليْهم جَميعًا .
أمّا عن الأعمال العلميّة والمَشاريع، فأهمّ مشروع نشتغلُ فيه خدمةُ اللغة العربيّة من الجانب العلميّ المتخصّص، وأقصدُ بذلك التواصُل مع الباحثين والطلاب وأهل العلم لتوحيد الجهود وترتيب العَمَل العلميّ، وقد يسَّر الله إنجازَ مشاريعَ لخدمة كتاب الله ولسان العَرَب، منها كتبٌ في المنهَج وأخرى في نص القرآن الكريم وخطابه وأخرى في بلاغة القرآن الكريم وبلاغة الحديث النبويّ، في قضايا اللغة العربية وظواهرها، ثم أبحاثٌ منشورَةٌ في مجلاّت محكّمة تدور حول المحاور نفسها. وما زالَ العَمَلُ متواصلاً.
أمّا المَسالكُ التي سُلكَت لإنجاز بعض هذه المَشاريع، فبالإضافَة إلى التأليف، لوحظَ أن أهمّ المَسالك المتداولَة اليومَ: نشرُ البُحوث على الشبَكَة العالَمية والمدوَّنات الرّقميّة والمواقع الإلكترونية اللغوية المتخصصة التي تصدرُ عَن مجامعَ لغوية على الشبكَة أو عن مَراكز بحث لغوية متخصصة.

• المتابع لنشاطكم في الآونة الأخيرة يجد اهتمامًا واضحًا منكم بنشر اللغة والمعرفة من خلال شبكة الإنترنت. إلى أي مدى ترون ضرورة التواصل المعرفي من خلال هذه الشبكة؟
- أجل، لوحظ في السنين الأخيرَة أنّ طلاّب العلم والمعرفَة يفضّلون التفاعلَ عبرَ الوسائل الحديثَة والتعامُل مع الوسائط الإلكترونيّة في طلَب المعرفَة وتبليغها، وفي السؤال والجواب وفي التواصل العلميّ عامَّةً، وهذا يدلّ على حاجة اللغة العربيّة وما يَدور حولَها من معارفَ إلى مواكَبَة العصر في الوسائل والأدوات والمناهج لكي يكونَ لها حضور مؤثّر وانتشار واسع في العالَم. والحقيقَة أنّ تبليغَ العلم بهذه الوسائل الحديثَة يضمنُ سرعةَ وصول المعلوماتِ وحلّ المُشكلاتِ واختصارَ المسافاتِ والأزمنَة. ولا يَعني ذلك أننا استغنينا عن تبليغ العلم بالكتاب، كلاّ، فالكتابُ هو الأصلُ في نقل المعرفة الأكاديميّة الرّصينَة؛ وهو المَرجعُ المُعتَمَد عند الاختلاف، ولكن حانَ الوقتُ لاستعمال هذه الوسائل، والذي لاحظتُه من قوّة استعمال الوسائل الحديثَة أنّ اللغة اللعربيةَ استفادَت من هذا الوضع الجديدِ، استفادَت طرُقًا وأساليبَ جديدةً في الصياغة والتركيب، كانَ لها أثرٌ بليغٌ في النّهوضِ باللغةِ العربيّة في العُلوم والإعلام والتّواصُل –في عالَم كَثيفٍ مُتغيّر سريعِ التّطوّر وفي ظلِّ الفجوة الرّقميّة- وما زلنا نأملُ أن تدخلَ اللغة العربيّة في حوارٍ مَع اللغات الحيّةِ الأخرى الأكثرِ استعمالاً في المجالِ التّداوليّ الفكريّ والعلميّ العالَميّ، وأخصُّ بالذّكرِ اللغةَ الإنجليزيّةَ التي تفوّقَت في مَيدان ابْتكارِ البَرمجيّات وفي ميدان الاختزالِ، والاختزالُ شرطٌ حاسمٌ من شُروطِ إدماجِ اللغاتِ في سياق التّطوّرِ والتواصُل السريع، لأنّه يُتيحُ ابتكارَ الاصطلاحاتِ والرموزِ والصّيغِ المختصِرَة.
أقولُ على العربيّة أن تخوضَ غمارَ الانتشار على الشبكَة وأن يكونَ لها محتوى علميّ مفيدٌ؛ إذْ لم يَعُد من المناسِبِ النّظرُ إلى اللّغاتِ على أنّها نَسَقٌ مُغلقٌ ونظامٌ مكتملٌ لا يقبلُ التطورَ ولا التّغييرَ، بل ينبغي التّسليمُ بأنّ عصرَ الإعلامياتِ فرضَ على اللغاتِ –ومنها اللغة العربيّة- مواكبَةَ العصر، والتّوافُقَ مع شروطِ توليدِ المعرفَة الجديدَة أو نَقْلها من ثقافاتٍ أخرى، وتقوية النّظامِ الرّمزيّ للغةِ الذي يسمحُ بتوليدِ علاقاتٍ جديدةٍ بينَ الدّالّ والمدلول، وهو ما يُسميه الباحثونَ بــ: « تَرميز قَواعد الوُلوج في عَوالم التقنيّات الجَديدَة، في المعلوماتِ والمعرفَة » ، وبإنتاج الرموز وتداولها. فتأثرَ نظامُ القراءَة والبَحث عن المَعلومَة، وآنَ الأوانُ لتنشئةِ الجيل العربيّ الجديد على هذا الوضع العلمي الإعلامي القرائي الجَديد.

• "منهج السياق في فهم النص" عنوان لأحد كتبكم. برأيكم ما الدور الذي يؤديه السياق في فهم النص؟ وما المنهج الذي ترونه للسياق في فهم النص؟
- منهَج السياق في فَهم النص كتابٌ يُجيبُ عن سؤال منهجيّ أو إشكال منهجي، هل تصلح علوم الآلَة الحديثَة وهي اللسانيات والسيميائيات ولسانيات النص وتحليل الخطاب مناهجَ للنظر في الخطاب القرآنيّ ؟
والجواب: لَيسَ العيبُ في مَناهجِ العُلومِ الإنْسانيّةِ، فَما العُلومُ الإنسانيّةُ إلاّ عُلومُ آلةٍ حديثةٌ، ولكنّ العيبَ في سوءِ الاسْتخدامِ وفي التّوظيفِ المُغرضِ، ذلك أنّ هذه العُلومَ بمناهجِها – خاصّةً اللسانيات والسيميائيات والتّداوليّات والتّأويليّة ولسانيات النّصّ وتحليل الخِطاب- يُمكن أن تُسهمَ في فَهم نُصوص القُرآن الكَريم فَهما متكاملاً يضعُه في سياقه الصحيح .
فائدةُ اعتماد منهج السياق في اتّخاذِ اللّغةُ التي كانت مُتداوَلةً في عصر التّنزيل المَرْجِعَ في تفسيرِ القرآن الكريم واستنباط الأحكام منه، دون الالتفات إلى اللّغة الحادثة وما طرأ عليها في العصور التالية من تطوّر في دلالات الألفاظ، ممّا لا ينبغي تحكيمه في فهم القرآن الكريم، وبعيدًا عن الرّواسب الفكريّة التي يحملها المفسِّر فيُسقِطها على القرآن الكريم، بِما يُخرِج النّصّ عن بلاغته وأصالته، ومعنى ذلك أن لغة التنزيل تُرافق سياق التنزيل وتُلازمها ولا تحيد عنها، فلا ينبغي إخراج المصطلح الشّرعي عن مدلوله الأصلي وإلا فسيصير لفظُ الشّارع غير مُطابقٍ لمسمّاه الأصلي».
لقد تنبه العلماء إلى قيمة السياق وحساسيته، فكانوا يرون أن منهج التفسير اللغوي السّياقي يقتضي ألا يقتصر المفسِّر على دلالة الكلمة بل يُجاوزها إلى تركيب الكلام؛ فَعَن عَبدِ الله بنِ مُسلم بنِ يسار، عَن أبيه مُسلمٍ قالَ: «إذا حَدّثْتَ عن الله حَديثًا فقِفْ حَتى تَنظرَ ما قَبلَه وما بَعْدَه» (1) ومن منهج السياق أيضًا تتبعُ الكلمة القرآنية في مواردها المختلفة من القرآن الكريم واستقراؤها في مواضعها المختلفة، حتى يتبيَّنَ السياقُ الدلاليّ الصحيح الذي وردَت فيه.

• بُذلت محاولات عديدة لتجديد النحو العربي بهدف تحبيبه إلى الدارسين وتسهيل تعلمه. ما رأيكم في مثل هذه المحاولات؟ وهل المشكلة ترجع إلى طريقة التدريس ذاتها، أم إلى ضعف المتلقّين أنفسهم؟
- تجديد النحو أو تيسيره أو تبسيطه.....
في العَصرِ الحَديثِ ألِّفَت كُتبٌ كثيرةٌ في فنِّ الإعرابِ وتلْقينِ مَبادئه مع سُلوكِ سبيلِ التيْسيرِ، على أيدي كثيرٍ من عُلَماءِ اللّغةِ والباحثينَ المُنادينَ بتجديدِ بنيةِ النّحوِ العربِيّ وتبسيطِ الإعْرابِ ومُراجعَةِ القَواعِدِ وتَصحيحِ طريقةِ التّلْقينِ، مِثْل أحمد بن سليمان بن كمال باشا شمس الدين، ورفاعَةُ الطّهطاوي، وعَلِيّ الجارِم، ومُصطفى أمين، وإبراهيم مصطفى، وأمين الخولي، وشَوقي ضَيف، وسَعيد الأفغاني، وإبْراهيم أنيس، وعَبّاس حَسَن، وتَمّام حَسان و غيْرِهم..
لكل تصنيفٍ غاية، ولمؤلفات النحو الميسَّر غاياتٌ تناسب تطوّرَ العصر، فلم يَعُدْ عَرضُ القَواعد في الجامِعاتِ دونَ مُناقشَةِ ما تَستَنِدُ إليه منْ شَواهدَ مَقبولاً؛ لأنّ الشواهدَ روحُ تلكَ القَواعدِ تُضفي عَليها حَياةً ومتعةً وأصالةً. وعَلى هذه المادّةِ في الجامِعاتِ أن تَكونَ ثَقافةَ شَواهدَ أكثَر ممّا هي ثَقافةُ قَواعِدَ . وهذه الشواهد تحوّل النحو إلى دروس تطبيقية نافعَة، ككتاب د.عبده الراجحي "التَّطْبيق النّحوِيّ" لِتَدْريبِ الطّلاّبِ على دَرسِ النَّحْوِ دَرْسًا تطبيقيًّا ومُعالَجَةِ أبوابِه و نُصوصِه مُعالَجَةً عَمَليّةً، يُمكن أيضًا أن نضربَ مثلاً بكتاب د. عَبدُ العال سالِم مكرم "تَطْبيقات نَحْوِيّة وبَلاغيّة" وهو كِتابُ قواعِدَ وتَطبيقٍ نَهَجَ فيه صاحبُه مَنْهجًا تَعليميًّا بإيرادِ الأمثلةِ المُخْتارَةِ لاستنباطِ القَواعدِ مِنها، وحُسنِ اخْتيارِ النَّماذِجِ التي ترْشِدُ الطّالِبَ إلى مَعرِفةِ قَواعدِ العربيّةِ بنفْسِه، وقد صَنَّفَ كِتابَه بطريقةِ عَرضِ أبوابِ النَّحْوِ عَرْضًا مُيَسَّرًا واسْتخراجِ القاعدةِ النّحويّةِ بأسلوبٍ حَديثٍ مُيَسَّرٍ، وقد دَفَعَه إلى وَضعِ كِتابِه ما لاحَظَه من صِراعٍ حَولَ النّحوِ وتَعليمِه، واضْطِرابٍ في تَقْسيمِ المَوضوعاتِ، فقدّمَ كِتابًا يَجمَعُ بَينَ القَواعدِ الأصيلةِ و الشّواهدِ البَليغةِ و التّمارينِ التّطبيقيّةِ الكثيرةِ.
هذه وغيرُها محاولاتٌ جادّةٌ في طريق بناء نحو ميسَّر أو تيسير النّحو المَوروث، ويبدو أنّ الغايةَ المرجوّةَ لم تتحققْ بعدُ من الوضع الجديد؛ لأنّ تَحبيبَ النحو لا يقفُ عند محاولات التّجديد، ولكنّه يتعدّى ذلكَ إلى الدّعوة إليْه في سائر الوسائل الإعلامية والتّعليميّة وجعله مُتاحًا رهنَ إشارَة عامّة النّاس.

• هناك تراجع واضح في إقبال الناشئة على تعلم العربية. برأيكم ما أسباب هذا التراجع؟ وكيف للأفراد والمؤسسات مقاومته؟
- تراجُع إقبال الناشئة على تعلّم العربيّة واضحٌ جدًّا، ولا يشكّ أحدٌ في أنّ من أهمّ الأسباب: التّمكينُ للثقافَة الجديدة ونشرُها بأحدث الوسائل وأشدّ الطّرق إغراءً، ولا يشكّ أحدٌ أيضاً أنّ وسائلَ الإعلام والدعايَة وما تبثّه من إشهارات بلغة دارجة أو لغة أجنبية، له أثر كبير في تغذية اهتمام الشباب وتزويدهم بألفاظ أو معجم ملفق لا يستقيم له نظام، ويكون ذلك كلّه على حساب تعلّمهم العربيّةَ وتلقينهم طرُقَها المتكاملةَ السليمَة في التعبير والتواصل وقدرتَها على مواكبة الأحداث، وهذا العَطَبُ الذي حلّ بالأمّة فجَعَلها تُعرضُ بصورة من الصور عن العنايَة بلغتها والحرص عليْها واتخاذِها عنوانًا لهويتها وشعارًا لحضارتها، لا يُمكن أن يُعالَجَ إلاّ بوضع سياسَة لغوية أو تخطيط لغوي شامل متكامل يُبوِّئُ اللغةَ العربيّةَ مكانتَها، ولا نتصورُ مصدرًا قرارات سياسيّة حازمةٍ تعتمد رؤى علماء اللغة والتربية وتوصياتهم، وتُدخِلُها إلى حيّز التنفيذ.


يتبع..



التعديل الأخير تم بواسطة شمس ; 11-22-2015 الساعة 09:12 PM
رد مع اقتباس
 
 رقم المشاركة : ( 2 )
إدارة المجمع
مشرف عام
الصورة الرمزية إدارة المجمع
رقم العضوية : 21
تاريخ التسجيل : Feb 2012
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 2,875
عدد النقاط : 10
جهات الاتصال :

إدارة المجمع غير موجود حالياً

   

افتراضي

كُتب : [ 11-22-2015 - 11:33 AM ]




• هناك حالة من الشعور بالدونية تتمثل في تفرنج الشعوب العربية، واستخدام رطانات أعجمية سواء في الحديث، أو الإعلانات واللافتات، أو الكتابة ذاتها. كيف لنا أن نعزز الانتماء بالعربية والاعتزاز بها لغة للحديث والكتابة والإعلان...إلخ.
- لا شكّ في أنّ اللغةُ العربيّةُ مؤلِّف رئيس من مُؤلِّفاتِ الهويةِ العربيّةِ ومن مقومات الذّات؛ لأنّها تُوحّدُ النّاطقينَ بِها اجتماعيًّا وسياسيًّا وثقافيًّا، ولَقَد اكتَسَبَت اللغةُ العربيّةُ مَكانَتها من السُّلطة الرّمزية التي حَظِيَت بِها داخلَ نَسَقِ التراث الفكري والثّقافيي، وظلّتْ كذلكَ بضعَةَ قُرونٍ تُراوحُ بينَ الازدهارِ والانحِسارِ، وتَعكسُ صورةَ الأحوالِ السّياسيّة التي كانَت تضطَرِبُ بينَ مدٍّ وجَزْر، وصُعودٍ حَضاريّ وهُبوطٍ ثَقافيّ مُفاجئ. ولا جَرَمَ كانَت اللغةُ العربيّةُ هدفَ المُستعمِرِ الأوَّلَ، فلَن يتحوّلَ الشّعبُ -إذا ما تَحوّلَ- إلاّ من لُغتِه، ففي تحوُّلِه من لُغته تحوُّلٌ من أفكارِه وعَواطفِه وثقافتِه، وهو إذا انقَطَعَ من نَسَبِ لُغتِه انقطَع من نَسَبِ ماضيه، ورجَعَت هويتُه رَسْمًا مَحفوظًا في التّاريخِ، لا صورةً محقَّقةً في الوُجودِ. وما ذلَّت لُغةُ شعبٍ إلاّ ذلَّ، ولا انحطَّت إلاّ كان أمرُه إلى اضمحلالٍ وزَوالٍ، ومن هذا فرَضَ الاستعمارُ لُغتَه على الأمّةِ المُستعمَرَةِ فرضًا، ورَكِبَهُم بِها وأشعرَهُم عَظمَتَه فيها واسْتلْحَقَهُم من ناحيَتِها، فَسَجَنَ لُغتَهُم في لُغتهِ سَجْنًا مُؤبَّدًا، وأعدَمَ ماضِيَهُم بالمَحْوِ والنّسيانِ، وقيّدَ مُستقْبَلَهُم بالأغلالِ حتّى يَكونَ سيْرُهُم تبعًا لسيْرِه ويَكونوا رهنَ أمرِه. فلَيْسَ في العالَم أمّةٌ عَزيزةُ الجانبِ تُقدِّمُ لغةَ غيرِها على لغةِ نفسِها؛ إذ اللُّغاتُ تتنازعُ القوميةَ، وإذا هانَت لُغةُ القومِ على القومِ جَرّ ذلك إيثارًا للغةِ الأجنبيّةِ في الخُلُقِ القوميّ، أمّا إذا قوِيَت لُغةُ القومِ في نُفوسهِم فإنّها تَعِزُّ هُويتُهم ويرتَفعُ شأنُهم ويُخْشى جانبُهم.
وإذا كان ذلكَ كذلكَ تعيّنَ على الناطقين بالعربيّة الحاملين هويتَها وعقيدَتَها وثقافتَها أن يُعيدوا لَها الاعتبارَ ويُمكّنوا لها في حياتهم العلمية والعَمَليّة، بل يتعيّنَ اعتمادُ العربيّةِ لغة السيادَة الرسميّةَ في كلّ سياسةٍ وكلّ تخطيط وتَدبيرٍ لشؤون البلادِ العربيّة، ففي ذلك استردادٌ للهوية السليبَة وانتشالٌ للحقّ الطبيعيّ الذي هو لسانُ القومِ.

• كيف ترون المد الأجنبي؛ أقصد: التعليم بغير العربية، والإعلاء من شأن اللغات الأجنبية على ثقافة الأمة العربية وهويتها؟ وعلى من تقع المسئولية؟
- سبقَ أن ذكرتُ أنّ اللغةَ الأجنبيّةَ التي خلّفَها الاستعمارُ في أكثر البلاد العربيّة والإسلاميّةِ ثَبتَتْ على ألسنةِ المواطِنينَ، بقوة السلاح ثم بقوة الإغراء والهيمَنة الاقتصاديّة والتربوية والتعليمية، وباتَ مُستعْمِرُ الأمسِ شَريكَ اليومِ، وأصبحَت لغتُه وسيلةً من وَسائلِ التّفتُّحِ والانخراطِ في الحداثةِ. وقد آن الأوانُ لتغيير هذا الوضعِ المقلوب، وتقديم اللغة العربية الأم في البلاد العربيةِ على رأس قائمة اللغات واللهجات المُتداوَلة، وآن الأوان لتدبير الشأن اللغوي وما يتبعه من شؤون الثقافَة والفكر والإعلام والتعليم والاقتصاد وسائر نشاطات المجتمَع.
المدّ الأجنبيّ لا يزدادُ إلاّ اتساعًا وابتلاعًا، وليسَ تقديمُ الموادّ التعليمية والإعلاميّة بلغة الأجنبيّ إلاّ إتاحةَ الفرص لفتح أسواق جديدة للأجنبيّ أو لتوسيع مستعمراتِه القَديمَة بآليات وطرقٍ جديدَة تسمحُ له بطول العُمُر وبالاقتيات على الأجساد، فالتمكين للغة الأجنبيّ تمديد لهيمنته وتمكين لمناهجه وآلاته وتوسيع لأحيازه الفكرية والثقافية والاقتصادية والسياسية، وقَد آن الأوانُ لعودَة بناء الذّات باعتماد مقوّمات الذّات وعلى رأسها اللسان العربيّ الأمّ.

• هناك انتقادات لمجامع اللغة العربية في العالم العربي أنها لا تنتج، وأنها منكفئة على الماضي، ولا تلتفت إلى مسايرة ركب الحياة المعاصرة. ما تعليقكم؟
- أجَل، تعرَّضَت المجامعُ اللغويّة العربيّة لنقد شديد واتهام بأنها لا تُنتجُ علمًا ولا تصدر توصياتٍ ولا تؤثر في الحركة الثقافية والمشهد اللغوي العربي، والحقيقَة أن المجامعَ المعروفَة المنتشرَة في بعض العواصم العربيّة ما فتئت تُعْنى بقضايا اللغة العربيّة وعلومها وتُصدرُ الدورياتِ والمطبوعات التي تُعبّر عن النتاج العلميّ وعن التوصيات المرفوعَة إلى أصحاب القرار السياسيّ؛ لكنّ المأسوفَ عليْه أنّ جهودَ المجامع الأرضيّة لا تُعتَمَد ولا تُخرَج إلى حيّز التنفيذ، وهي مطبوعة بالبطء الشديد في التواصل والإعلام والتبليغ، وتركّز على التّراث ولا تحرصُ على مواكبَة الجديد والانفتاح على العصر، وتعتمد في مخاطَبَة المَعنيين بالشأن اللّغويّ بواسطة أدوات الخطاب المألوفَة كالكتاب والدوريّة والمجلّة المحكّمة وغيرها من الوسائل الورَقيّة. ولو أنّها اعتمَدَت التواصل المباشر بوساطة وسائل التواصل الإلكترونية والشبكة العالَميّة لكانت النتائجُ أسرعَ وأنفذَ. ولكن ظلّت كثير من المَجامع عبارَةً عن مراجعَ علمية لغوية متخصصة شديدة التخصص لمَن يطلبُ رأيًا أو استشارَة في تعريب أو قياس.
ولا ينبغي أن نغمط المَجامعَ حقها؛ فقد كانَ فيها أمناءُ مُخلصونَ وعُلماءُ مَهَرَةٌ متخصصونَ يهتمّون بواقع العربيّة وسُبُلِ النّهوضِ بِها، ويهتمون بقضايا الترجمة والتعريب وأهميتهما في التنمية اللغوية والحضارية، وقضايا تعليم اللغة للناطقينَ بِها وبغيْرِها، وإنجاز المعاجم المناسبَة للقطاعات المختلفة في المجتمع، ويعقدون النّدوات والمؤتمرات لمدارَسَة تطوير أسلوب عمل المجامع عبر التعاون مع الوزارات والمؤسسات والمنظمات لخدمة اللغة العربية يشعر المجمعيّونَ بمخاطرَ كثيرة، ويضعونَ الخطط لمواجهتها.

• لا شك أن تجربة مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية جديرة بالمتابعة والتقدير، وقد أصبح للمجمع الوليد تأثير ملحوظ. بعد مُضِيّ أكثر من ثلاثة أعوام ما تقييمكم لما تم إنجازه من أهداف، وما الطموحات التي تسعون لتحقيقها على المدى القريب والمدى البعيد؟
- نشوء مجمع اللغة العربية على الشبكة العالَمية مبادرة جادّة أنشِئَت لتقويةِ المحتوى العَربيّ الرقميّ ولدَعْمِ التّنمية والتّحوُّل من مستوى المجتمع التقليدي إلى مُسْتَوى المجتمع المعرفي، وَقَد أتت مبادرةُ إنشاء مجمَعٍ للغة العربيّة على الشّبكَة العالَميّة الذي مقرُّه ومَركزُه مكّةُ المكرّمةُ، خطوةً سديدةً وواعدةً، في طريقِ إسنادِ العربيّةِ ودعمها وتقويَةِ وجودِها بين اللغاتِ وفي وسطِ عَواصفِ التّحدّياتِ، وتثبيتِ أركانِها وذلِك بتصحيحِ أوضاعِها وإحياءِ رَصيدِها وتطويرِ قدراتِها وتقريبِها إلى متناولِ متعلّميها وتيسيرِ سُبُل التّواصُلِ بها.
والملحوظُ أنّه في وقتٍ وَجيزٍ استَطاعَ المجْمعُ اللغويّ على الشّبكةِ العالميّةِ أن يُؤتي ثمارَه من المنجَزاتِ العلميّةِ الكثيرةِ، وذلِك بفضلِ إنشاءِ موقعٍ خاصّ ومنتدًى للتّحاوُر والتّواصُل والأسئلَة والأجوبَة، وتَستوعبُ أركانُه مَقالاتِ الأعضاءِ، وتُجيبُ عن أسئلةِ السائلينَ في قَضايا اللغةِ العربيّةِ وعُلومها، وتُصدرُ القراراتِ والتّنبيهاتِ والتوصياتِ، وتُشجّعُ على المناقَشاتِ والمشارَكاتِ المختلفَة… ناهيكَ عن إحداثِ مَجلّةٍ أكاديميّةٍ للمَجمَعِ ناطقةٍ بلسانه وناشرةٍ لعُلومه وفُنونه ومُنجَزاتِه وأخبارِه ومسطّرةٍ لأهدافِه ومَقاصدِه، ومُستشرفةٍ لآفاقِه وتطلّعاتِه، وتَنزيلِ عشراتِ المؤلّفاتِ والكتُبِ القَديمَةِ والحَديثَةِ في فُنونِ المعرِفَةِ وأصنافِ الثّقافَةِ اللغويّةِ واللّسانيّةِ، ممّا لا يجدُ منه المتخصّصُ بدًّا، وينتفعُ منها غيرُ المتخصّص أيضًا، وناهيكَ عن ارتياد وسائلَ اتصال شبكية أخرى تتيح التواصُل السريع وبلوغَ المعلومَة على الوجه الأتمّ الأدقّ.
ويُتوقَّع أن يعلو شأن المَجمع إذا حافَظ على المَكاسب التي كَسَبَها، ثمّ سَعى في تطويرها وتنميتها وذلِك بالاستماع إلى مطالب المهتمين والمَعنيين بالشأن اللغوي في العالَم العربي والإسلاميّ، وتغطية حاجات المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، إلى تعريب أو وضع مصطلَح أو تقرير قرار أو إصدار تنبيه.
ونسعى بإذن الله وعونه وتوفيقه إلى جَعل اللغة العربيّة قضيةَ الأمة كلّها وشاغلاً رئيسًا من بين مَشاغلها، بل نطمح إلى جعل العربية شأنًا عالَميًّا كلّما تقدَّمت في المراتب لتُصبح ذاتَ وضع متميز من بين اللغات المتداوَلَة الكبرى.

• عُنيتم بدراسة الإعجاز في لغة الحديث النبوي. برأيكم أين تكمن جوانب بلاغة الحديث النبوي؟ - - وكيف لعلماء العربية أن يوظفوا بلاغة الحديث النبوي في الدعوة إلى الله عز وجل؟
يأتي تأليف كتاب في البلاغة النبوية،عنوانه: الإيجاز وبلاغة الإشارَة في البيان النبوي، في سِياقِ صِياغَةِ مَعْرِفَةٍ لُغوِيّةٍ عَرَبيّةٍ، تُجاوِزُ ما دَرَجَ عَلَيه عُلَماءُ الشّريعةِ من اتّخاذِ عُلومِ العَربيّةِ مُجَرَّدَ عُلومِ آلَةٍ، إلى اتِّخاذِها آلياتٍ لتَجْديدِ النّظرِ في نُصوصِ الحَديثِ الصَّحيحِ، ووَسائِطَ لاسْتكشافِ الجَوانِبِ النّفسيّةِ والاجْتماعيّةِ والواقعيّةِ التي تَنطَوي عَليْها هذِه النُّصوصُ، ورَبْطِ هذِه النُّصوصِ بِواقِعِ حَياةِ النّاسِ وبالمَقاصِدِ العُلْيا التي مِنْ أجلِها كانَ الوُرودُ، وذلِكَ للتَّوَصُّلِ إلى الاسْتِفادَةِ مِنْ مِشْكاةِ النُّبُوَّةِ في مِنْهاجِ الإيجازِ، في الأقْوالِ والأفْعالِ عَلى السَّواء؛ ففي الاقْتِداءِ بِهذا المِنْهاجِ الكَريمِ [مِنْهاج الإيجاز] كَسْبٌ كَبيرٌ للأوقاتِ، ورِبْحٌ للفُرَصِ، وتَوْفيرٌ للطّاقاتِ، و سَدادٌ في القَوْلِ و الفِعْلِ و الفِكْرِ ؛ لأنّ بَلاغَةَ الإيجازِ مِنْهاجُ حَياةٍ ، قبلَ أنْ تَكونَ سُلوكًا في القَوْلِ أو الفِعْلِ .
مِنْهاجُ الإيجازِ طَريقُ بابِ الانْتِفاعِ بأدَبِ الكَلامِ و أدبِ السُّلوكِ النَّبَوِيَّيْنِ، يُشْبِه أَدَبَ الاقْتِباسِ مِنْ مِشْكاةِ القُرْآنِ الكَريمِ، يَسْتَوي في ذلِك انْتِفاعُ الأديبِ في إنْشاءِ كَلامِه بِجَوامِعِ الكَلِمِ النَّبَوِيَّةِ، بِانْتِفاعِ غيْرِه، مَعَ تَبايُنٍ في دَرَجاتِ هذا الانْتِفاع. لَقَدْ استوعَبَ الحَديثُ النَّبَوِيّ – في نُصوصِه البَليغَةِ – كُلَّ ما يَخُصُّ الإنْسانَ المُسْلِمَ في حَياتِه وبَعدَ مَوتِه، وفي صِلاتِه بِرَبِّه ونَبِيّه، وذَويه، وسائرِ البَشَرِ مِنْ حَوْلِه... ورَسَمَ لِلخُطباءِ والكُتّابِ والشُّعَراءِ وعُمومِ المُثَقَّفينَ المُسْلِمينَ مَسالِكَ رَفيعَةً في اسْتِثْمارِ نُصوصِ الحَديثِ النَّبَوِيّ و الاقْتِباسِ مِنْها.

• تفتقر المكتبة العربية لمعاجم حديثة بتقنيات حاسوبية تواكب عصر الإنترنت، كمعجم للطفل العربي، ومعاجم متخصصة في مصطلحات البلاغة والنحو والصرف، ومعاجم للحرف والمهن، ومعاجم للناطقين بغير العربية... إلخ. برأيكم ما الرسائل التي يمكن أن توجهها لرجال الأعمال/ المسئولين/ المجامع/ متخصصي الصناعة المعجمية؟
- المعاجمُ المتخصصة مشاريعُ ذاتُ شأن كبير وتأثير نافذ في التمكين للعربية وتطويرها؛ وهذه من المهام الملقاة على عاتق المَجمَع الذي ينبغي أن يفكّر في فتح المجال أمام المبادَرات العلمية الجماعية لوضع معاجم متخصصة في ميادين مختلفَة، تدعو الحاجاتُ التداولية إلى وضعها، ولكنها لا يُشرَعُ فيها إلاّ بعد استقراء منجَزات المجامع الأرضيّة التي سَبَقَ لَها أن أصدرَت مئات الكتب والدوريات.
أهم الأعمال العلمية التي ينبغي أن تُؤلفَ في عصرنا إصدار موسوعات جماعية لسدّ الحاجة إلى المصطلحات والمفردات المتخصصة، وإغناء المتكلم والقارئ والمثقف عن الرجوع إلى اللغات الأجنبية .

• وأخيرًا هل تود سيادتكم إضافة شيء لم يتطرق الحوار إليه؟
- أشكر هذه الجهةَ الإعلاميةَ الكريمَة التي نظمَت الحوار، وأرجو أن يكثر تنظيم هذه المحاورات العلمية الإعلامية لتبليغ صوت العربية إلى العالَم الإسلامي والعربيّ، ففي ذلك تمكين للعربية وخدمةٌ لها وجعلُها في مصاف اللغات العالَمية ذات الوضع المتميّز
شكر الله لكم وجزاكم خيرًا.

__________________
(1) فَضائلُ القُرآن، لأبي عُبيْد القاسِم بن سلاّم الهَرَويّ، تحقيق: وَهبي سُليْمان غاوجي، دار الكُتُب العلميّة، بيروت، 1991م، باب تأول القرآن بالرأي، وما في ذلك من الكراهة والتغليظ.


مصطفى يوسف: مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية


رد مع اقتباس
 
 رقم المشاركة : ( 3 )
أبوعبدالرحمن الحضرميّ
عضو جديد
رقم العضوية : 4287
تاريخ التسجيل : Aug 2016
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 17
عدد النقاط : 10
جهات الاتصال :

أبوعبدالرحمن الحضرميّ غير موجود حالياً

   

افتراضي

كُتب : [ 09-04-2016 - 10:03 PM ]


الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بودرع شخصيّةٌ لغويّةٌ فريدة،وأنا متابعٌ لما يخطُّه على صفحاتِ أعمدة المجمع على الشبكة العالمية.
حفظَ الله الدكتور عبدالرحمن،ونفعنا بعلومه ومقالاته.


توقيع : أبوعبدالرحمن الحضرميّ

وقلَّ مَنْ جدَّ في أمرٍ يحاولُهُ * * * واستصحبَ الصّبرَ إلّا فازَ بالظّفرِ

رد مع اقتباس
 
 رقم المشاركة : ( 4 )
لهفة صبيح
عضو جديد
رقم العضوية : 5958
تاريخ التسجيل : Dec 2017
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 10
عدد النقاط : 10
جهات الاتصال :

لهفة صبيح غير موجود حالياً

   

افتراضي

كُتب : [ 12-26-2017 - 08:39 PM ]


رائع جدااا بارك الله فيك


توقيع : لهفة صبيح

اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ ، عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ ، وَأَنْتَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ
http://al3abcarsracing.com/

رد مع اقتباس
 
 رقم المشاركة : ( 5 )
عمر محمد عبد الله
عضو جديد
رقم العضوية : 6403
تاريخ التسجيل : Mar 2018
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 1
عدد النقاط : 10
جهات الاتصال :

عمر محمد عبد الله غير موجود حالياً

   

افتراضي

كُتب : [ 03-13-2018 - 05:50 PM ]


العاب فلاش مجانيه يمكنك لعبها اون لاين وبدون تحميل من خلال منصه العاب طرقع
العاب بقهر هي العاب تابعه لموقع فرايف الشهير والذي يحتوي علي مجموعة متنوعة من العاب الاكشن والمغامرات.
العاب عربيات هي العاب سباق تقوم فيها بالتسابق مع باقي المنافسين للوصول الي خط النهايه اولا والحصول علي الكأس
العاب 250 هي مجموعة رائعه تم اختيارها من موقع Friv العالمي وتضم المجموعة العديد من العاب الفلاش الرائعه جربوها الآن
لعبة الفراخ اذا كنت من محبي العاب التصويب فهذه اللعبه تمكنك من التصويب علي الفراخ باستخدام البندقيه وكلما قم باقتناص اهداف اكثر كلما حصلت علي نقاط اكثر.


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على الموضوعات
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الموضوعات المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
شخصية الشهر (13) - أ.د. أبو أوس إبراهيم الشمسان إدارة المجمع شخصية الشهر 2 03-17-2017 12:34 PM
شخصية الشهر (17) - أ.د. عبدالرحمن السليمان إدارة المجمع شخصية الشهر 2 08-28-2016 10:56 AM
شخصية الشهر (12) - أ.د. محمد جمال صقر إدارة المجمع شخصية الشهر 5 04-15-2016 03:34 PM
شخصية الشهر (3) - أ.د. كـمـال بـشـر إدارة المجمع شخصية الشهر 2 12-02-2015 05:21 PM
شخصية الشهر (1) - أ.د. حسن بشير إدارة المجمع شخصية الشهر 3 11-20-2015 12:57 AM


الساعة الآن 01:42 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2023, vBulletin Solutions, Inc. Trans by