للعلوم مصطلحات عدة تستخدم في سياقاتها العلمية المختلفة، وكذلك قد تستخدم مفردة واحدة يختلف المقصود بها من علم إلى علم، وبين أبوابواب العلم ذاته، كالمفرد في النحو مثلا الذي يطلق على العدد وعلى نوع الخبر، قسيم الجملة وشبه الجملة. ومن ذلك الخبر، فهو يرد في النحو بمعناه الاصطلاحي الجزء المتمم لفائدة الجملة. ويبحث الخبر في البلاغة ويقصد به قسيم الإنشاء..
وحقيقة كما في كتب البلاغة الخبر: كلام يحتمل الصدق والكذب لذاته.١
وإن شئت فقل: «الخبر هو ما يتحقق مدلوله في الخارج بدون النطق به» نحو: العلم نافع؛ فقد أثبتنا صفة النفع للعلم، وتلك الصفة ثابتة له (سواء تلفظت بالجملة السابقة أم لم تتلفظ)؛ لأن نفع العلم أمر حاصل في الحقيقة والواقع، وإنما أنت تحكي ما اتفق عليه الناس قاطبة، وقضت به الشرائع، وهدت إليه العقول، بدون نظر إلى إثبات جديد.
والمراد بصدق الخبر مطابقته للواقع ونفس الأمر.
والمراد بكذبه عدم مطابقته له.
فجملة «العلم نافع» إن كانت نسبتها الكلامية (وهي ثبوت النفع للعلم) المفهومة من تلك الجملة مطابقة للنسبة الخارجية — أي موافقة لما في الخارج والواقع — «فصدق» وإلا «فكذب» نحو: «الجهل نافع» فنسبته الكلامية ليست مطابقة وموافقة للنسبة الخارجية.٢
(١-١) المقاصد والأغراض التي من أجلها يُلقى الخبر
الأصل في الخبر أن يُلقَى لأحد غرضين:
(أ)إما إفادة المخاطب الحكم الذي تضمنته الجملة، إذا كان جاهلًا له، ويسمى هذا النوع «فائدة الخبر» نحو: «الدين المعاملة».
(ب)وإما إفادة المخاطب أن المتكلم عالم أيضًا بأنه يعلم الخبر، كما تقول لتلميذ أخفى عليك نجاحه في الامتحان وعلمته من طريق آخر: أنت نجحت في الامتحان. ويُسمى هذا النوع: «لازم الفائدة»؛ لأنه يلزمُ في كل خبر أن يكون المخبر به عنده علم أو ظنٌّ به.
وقد يخرج الخبر عن الغرضين السابقين إلى أغراض أخرى تُستفاد بالقرائن ومن سياق الكلام، أهمُّها:
(١)الاسترحام والاستعطاف، نحو: إني فقير إلى عفو ربي.٣
(٢)وتحريك الهمة إلى ما يلزم تحصيله، نحو: ليس سواء عالم وجهول.
(٣)وإظهار الضَّعف والخشوع، نحو: رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي.
(٤)وإظهار التحسُّر على شيء محبوب، نحو: إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى.
(٥)وإظهار الفرح بمُقْبِل والشماتة بمُدبِر، نحو: جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ.
(٦)والتوبيخ كقولك للعاثر: «الشمس طالعة».
(٧)والتذكير بما بين المراتب من التفاوت، نحو: «لا يستوي كسلان ونشيط».
(٨)والتحذير، نحو: «أبغض الحلال إلى الله الطلاق».
(٩)والفخر، نحو: «إن الله اصطفاني من قريش».
(١٠)والمدح كقوله:
فإنك شمسٌ والملوك كواكبإذا طلعْتَ لم يَبْدُ منهن كوكبُ
وقد يجيء لأغراض أخرى، والمرجع في معرفة ذلك إلى الذوق والعقل السليم