" لغةُ الوحيِ" احدى روائع العلامة محمد بهجة الأثريّ
شعشعت كأسُها ورَفّ الضياءُ **** وعلاها من السّنــا لألاءُ
وصفا ماؤها كمـا شَفّ ماسٌ ** ألقت في الضحى عليه ذُكاءُ
لذةُ الطعم ما الشِهادُ لـديها ؟ ** ما رُضابُ العذراءِ ما الصهباءُ ؟
كلّ لطفٍ مُفَرَّقٍ في سـواها*****هـو فيها وكلّ حسـنٍ رداءُ
مثل وَشْي الربيع زانتْ يدُ اللـــه ****حِلاهُ وأبدعت ما تشاءُ
لغةٌ أم مَزاهرٌ أم مناجـــــاةُ******** عذارى فواتنٍ أم غنــاءُ ؟
* * *
هي (ليلايَ) في الليالي، وتِرْبي* *** للياليه (ليلياتٌ) ظباءُ
و(لليلى) عهد مع العمر باقٍ** *** والغواني عهودُهنّ هواءُ
لا يَلُمْني اللُّوّام إن جهلوني*** **كلُّ نفسٍ لها هوىً وصَباءُ
قد تعلقتُ مذ صبايَ "بـ(ليلاي)**** *وصحَّ الهوى ودام الولاء
****
نَعَر الناعرون لكن إليهــم ***** وحدَهم عادَ ما فَروا وأساؤوا
هي في أُفقها الرفيعِ ، وهم في*** غائطِ الأرض رُكّـعٌ وقِـماءُ
خلّهم عنك قرقروا أو أصاتوا ***** أيّ حسناءَ ما لـها أعــداءُ
جهِلوها وهم مِراضُ قـلوبٍ *** ***نخر الحـقدُ لبّـهم والــداءُ
انقلابُ الـزمـان أغرى الزرا ****زير فصالوا واستوقـح الأدعياءُ
لغةُ المرءِ ذاتُه إن تهُـنْ هــانَ *** **وأضـوى وذلّت الكبريــاءُ
الحِفاظَ الحِفاظَ ، يغلي به الصدرُ ** وتُحمى ببـأسـه الحَوبــاءُ
لا يماري إلا جهول تساوت****** في غَباه اللسناء والبَلماءُ
ودعيٌّ مُزَنَّم متغاضٍ************ عنده دعوةُ الحِفاظ هُراءُ
كثُرَ العائثون فيها فساداً*********** وغلا بادّعائها الجهلاءُ
****
" لغةُ الوحيِ" جلّ ذا النعتُ نعتاً * أين لِلُّسنِ هذه السيــماءُ ؟
شرف في السماء والأرض سامى * كلّ عليـاءَ من ذُراه عـلاءُ
اصطفاها لِـ(وحيهِ) وهو نورٌ*** ******يتلالا بها، ونِعم الوعاءً
يا لغاتُ.. اسجُدي، ويا ناعق**** اصمُتْ وحُدَيّاك أيُّها الإِدِّعاءُ!
تتعالى من بَعدِ أفق رفيع********* نحوَ أُفق، ودأبها الارتقاءُ
غذّتِ العلمَ ما تفرّع بالزاد********* كريماً وما ابتغى العلماءُ
ونمى من نِطافها الأدب العالي******** ورفَّت أفنانُه والزُّهاءُ
يخصب الجدب بالغيوثِ رِواءً****** وبها تخصب النهى والذكاءُ
رَوِيت من سلسالها العذب (مصر) مثلما (النيل) منه تروَى الظِماءُ
****
وحمت ذخرَها تليداً أصيلاً******* وكذا تحرسُ العُلى الأصلاءُ
نِعْمتْ (الدار) هذه الدار، أوفت* فوق (نيل الجنات) منها سماءُ
هي (دار الفصحى) وللدار ربٌّ**قد أعز (الفصحى) ومنه الرِعاءُ
رمزُ (مصر).. فكلُّ قلب بـ(مصرٍ**** هي فيه الحبيبة السمراءُ
شمخ (المجمع العظيم) وأعلى****(لغةَ الوحي) جهدُه البنّاءُ
****
جمع العِلْيَةَ الفِصاح، ********* وعاشت بين جنبيه أمّة أُمناءُ
أوسعوها تجلّةً واحتراماً ********** وقياماً، وما عراهم وناءُ
نحن نبغي من (الفصاحة) أن*** **تُفـصحَ منّا الأفعال والأنباءُ
قرّع (الله) من يقول ولا يفــعلُ*** ******فالقولُ شأنُه الإِيفاءُ
****
يا لقومي! وبعض حالات قومي ** شفّ داءً، والمصلحون الدواءُ
وطنُ العُرب) سُرّةُ الأرض و(العُرُبُ) على الناس حولهم شهداءُ
وعلى الأمة (الرسولُ) شهيدٌ *****كيف تُهدَى بهديهِ الأحياءُ
جهلت نفسَها الخلائف، فاستعــلَتْ..****** ذئابٌ عليهمُ نُزّاءُ
صاح فيها الفناء، فليصدُقِ الذود***** لديهم، وليقدم الشرفاءً
إن (عهد الحِفاظ) للوحدة الكبـرى***** ضمانٌ، وللحياة سماءُ
يفرض العِزُّ أن يُوَثَّق بالصد.ق************* ويقتضيه البقاءُ
[/color]