إلى مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية
أفاض على المجمع من سَيب شِعره عضو المجمع المؤازر، الشاعر، الدكتور عبدالناصر بدري أمين، بهذه القصيدة الحسناء، والمجمع يشكر له شعره العذب، وشعوره الفياض.
تَبـَسَّمَ وجْـهُ الأرْضِ إذْ نَزَلَ القَطْرُ *** وهلَّلَ خَدُّ الوَرْدِ وانتعَشَ الـزَّهْرُ
إِذا مَــا أَرادَ اللهُ خَـيْرًا بـــأُمَّــــة *** أتَاهَا بِحُرّاسٍ بـهِمْ يَحْـتمِي الثَّغْرُ
وذَا صَـقرُنَا الهَــاوِي أتانَا بصَيـْدِهِ *** فعَـمَّ بِـه نَفعٌ وشـاعَ بِـه البِـشْـرُ
لــهُ مَـجْمَـعٌ آتى الـثمارَ مُبــَاركـا *** تَعَـاوَنَ فـيه العِلمُ والفِقْهُ والفِكْرُ
تَمُدُّ لَـهُ أُمُّ الْقُرَى حَبْـلَ وَصْلِهَــا *** وَمَنْ يَنْتَسِبْ لِلْبَدْرِ حُقَّ لَـهُ الْفَخْرُ
وَكَــانَ بِـــهَا بَـرًّا وَعَــزَّ مَكـَانُــهُ *** وَتَاهَ بِـهَا فَـخْرًا وَلَانَ لَـهُ الصَّـخْرُ
فَـمَكَّةُ مِنْهَا الْوَحْـيُ أَشْـرَقَ وَابَتَدَا *** بِهَا الْكَعْبَةُ الْفَيْحَاءُ يَعْلُو بِهَا الذِّكْرُ
ويحْرُسُ ثَغْرَ الضَّادِ منْ وخْزَةِ الْعِدَا *** فَــمَيَّزَهَـا يـُسْرٌ وَفَـارَقَـهَا العُسْـرُ
فَصـَحَّحَ أغـلاطًـا وجَــاءَ بِحُـجَّـة *** لِمَـا صَحَّ من لفظٍ وفي قولِــهِ يُسْرُ
وَأَيْقَظَ فِي اللَّـهَجَـاتِ مـَا كَانَ نَائِمَا *** وَأَحْيَـا تُرَاثًـا فِـي عَبـَاءَتِـهِ الطُّـهْـرُ
أَطَلَّ عَلَى الدُّنْيَا مِنَ "النِّتِّ" وَارْتَقَى *** فَتِلْكَ الَّتِي قَالُوا:هِيَ الضَّرْبَةُ الْبِكْرُ
ولمَّـا بَدَا للقَـوْمِ قَالَ أُولُو النُّهَى: *** قَـرَائِحُ أَعْـلَامٍ يَـطِيـرُ بِهَـــا الصَّقْرُ
إِلَـى لـغَةِ الـتَّنْزِيـلِ يَرْنُـو بِوَجْهِـهِ *** فَــمَا حَدَّهُ حَــدٌّ ومَا نَالَــهُ حَظْـرُ
وحَـرَّكَ فِـي الْبَحْـرِ الْخِضَـمِّ لَآلِئَـا *** لَهَا الشِّعْرُ غَنَّى واسْتَقَامَ بِهَا الـنَّثـْرُ
فمـُدَّتْ أَيَادِ الفَضْلِ بِالْخَيْرِ وَالنُّهَى *** وَكَانَ لِأَيْدِ الْخَيْرِ- مَا بَذَلَتْ- شُكْرُ
وَخِيـرَةُ أَهْلِ الْعِلْـمِ يُعْلُونَ صَـرحَهُ *** فَيَرْنُو لَــهُ العُشَّاقُ عَضَّـدَهُ النَّشـْرُ
فبَـعْضُهُمُ يَرْنُو إلَى الْبَحْـرِ فَاحِصًـا *** وَبَعْضُهُمُ الْغَـوَّاصُ هَـشَّ لَهُ الْبَحْرُ
تُعَانِــي لَـيَالِيهِـمْ لِتُدْرِكَ مَـا انْتَهَـى *** إِلَيْهِ نُجُومُ الشَّرْقِ كَيْ يُشْرِقَ الْفَجْرُ
سِبَاحَـتُهُمْ تَمْحُو الْجَهَالَةَ فِي الْوَرَى *** فمَدُّوا حِبَال النُّورِ لَيْـسَ لَهَا حَصْرُ
وَغَــاصَ رِجَالَاتُ الْعُلُومِ بِـبَحْرِهَـا *** لِصَـيْدِ لَآلِـيـهَـا يُـرَصِّـعُهَـا الـدُّرُّ
أتَـاحُوا لِـدُنْيَـانَا جَـوَاهِـرَ عِلْـمِهِـمْ *** فَأَشْرَقَ فينَا الصّـُبْحُ وانْبَلَجَ الفَجْرُ
بِفَـصْلِيَّــةٍ نَـادَوْا فَــكَانَـتْ مَـجَلَّـةٌ *** بِهَا الْبَـحثُ يَـزْهُو وَالْمَقَالُ لَهُ قَدْرُ
لَهُـمْ فِي عُـكَاظٍ أُسْـوَةٌ فِي قُضَاتِـهِ *** فَمَا اعْـتَلَّ مِنْ قَـوْلٍ لَهُ عِنْدَهُمْ جَبْرُ
فَنَابِغَــةٌ يَقْضــِي وَيَقْبَــلُ حُـكْمَـهُ *** إِذَا مَا قَضَى عَمْرٌو وَيَرْضى بهِ صَخْرُ
كَأَنَّا نَـرَى الْخَنْســَاءَ أَوْ أُمَّ جُنْدُبٍ *** تُحَكَّمُ فِي قَوْلٍ وَفِي حُكْـمِهَا النَّصْرُ
فَطَبـَّبَ لَـيْلَـى مِنْ سُقَـامٍ أَصَـابَـهَا *** وَعَــادَ إِلَيْهَـا بَعْـدَ عِلَّتِهَـا السِّـحْرُ
وَوَسَّـعَ شـرْيَـانًا يَضـِيـقُ بِنَبْضِـهَـا *** وَكَحَّــلَ عَيْـنَيْهَـا فَـغَازَلَـهَا الْبـَدْرُ
فَصـَارَتْ كَـمِثْـلِ الرِّئْمِ تَلْهُو بِرَبْوَةٍ *** وَتَأْرِنُ فِي زَهْـوٍ كَـمَـا يَـأرِنُ الْمُهْرُ
جَزَى اللهُ رَبُّ النَّـاسِ خَـيْـرَ جَـزَائِهِ *** جُـهُـودًا لِأَخْيَـارٍ يُسَابِقُهَا الْـبَحْـرُ
شعر الدكتور/ عبد الناصر بدري أمين
معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي
جامعة أم القرى
مكة المكرمة