(مستعربون في خدمة العربية)
تهدف هذه السلسة إلى بيان دور المستعربين في خدمة اللغة العربية بما قدموه من مؤلفات وبحوث، وتعريفهم للقارئ العربي سواء أكان بالحوار المباشر معهم إن أمكن ذلك أم بالكتابة عنهم، فهؤلاء المستعربون رغم أن لسانهم الأول ليس العربية، فإنهم مع ذلك أحبوا العربية وألَّفوا بها.
الحلقة التاسعة:
نلينو، كارلو ألفونسو
C. A. NALLINO
(1872 – 1938م):
عالم من كبار المستعربين الإيطاليين. كان غزير العلم بالجغرافيا والفلك عند العرب. وُلد في مدينة تورينو من أعمال بيمونت بإيطاليا، ونشأ في أوذنة من أعمال البندقية. ثم درس في تورينو، وحصل في سنة 1893م على درجة دكتور في الآداب. ودرس بعض اللغات الشرقية كالعربية والعبرية. وقد بعث في سنة 1893م، كما بعث في السنة التالية من مرصد ميلانو إلى الإسكوريال لدراسة المخطوطات العربية فيها، وعين في سنة 1894م مدرسًا للغة العربية في المعهد الشرقي بنابولي، ثم أستاذًا مساعدًا به. وفي سنة 1902م نقل إلى الجامعة الملكية في بَلِرْمو أستاذًا مساعدًا ثم أستاذًا للغة العربية بها.
وجاء إلى مصر ليدرس بالجامعة المصرية القديمة، فدرس بها مدة ثلاث سنوات من 1909 – 1912م، وكانت محاضراته في علم الفلك عند العرب، وفي تاريخ الآداب العربية. وقد أكسبته أسفاره الكثيرة خبرة واسعة. وأسندت إليه حكومته بعد الحرب، التي نشبت بين إيطاليا وتركيا، تنظيم ما بقي من الأوراق الرسمية التركية السياسية، وتأسيس مكتب للترجمة، وكان ذلك في أواخر سنة 1912م. وقد وصل الأستاذ نلينو إلى منصب مدير للمعهد الشرقي بجامعة روما سنة 1921م. وقد ظل في هذا المنصب حتى وافته المنية. وفي أثناء قيامه بإدارة المعهد أسس "مجلة الشرق العصري" وأُسندت إليه إدارة القسم الشرقي من دائرة المعارف الإيطالية، والنيابة عن رئيس المجمع العلمي في روما. وقد عُيِّن في مجمع اللغة العربية بالقاهرة في 6 أكتوبر 1933م، وكان أحد الخمسة المستعربين الذين كانوا ضمن العشرين الذين صدر المرسوم بتعيينهم، ليكونوا الأعضاء المؤسسين للمجمع.
ولقد ملك الأستاذ نلينو زمام الفصحى، فقد أخرج بعض مؤلفاته بالعربية، وألقى بها محاضراته. وكثيرًا ما كان ينوب في المجمع عن المستعربين في الكلام. وقد كتبت عنه إحدى الصحف المصرية تقول: "إنه يعرف العربية كأنها لغة آبائه" وآثاره العلمية مفرقة بين مقالات في المجلات ومؤلفاتِه. وكثير منها في علوم اللغة العربية والشريعة الإسلامية، ومنها: "رواد اليمن من الأوربيين" (مقالة نشرت في المجلد الثالث من مجلة الزهراء)، و"الشعر الصوفي لابن الفارض" (مجلة الدروس الشرقية سنة 1919م)، و"تاريخ الآداب العربية" (دار المعارف بمصر).
قال المرحوم الأستاذ علي الجارم عنه في حفل تأبينه:
ولم أنسَ نلينو، وقد جاء فيصلاً *** بحجةِ بحّاثٍ ورأي محقق
وفكر له من فطرة الروم دقة *** ومن نفحات العرب حسن تألق
ينسق علم الأولين مجاهدًا*** ولا خير في علم إذا لم ينسق
تقاسمه غرب وشرق، فألفت*** مناقبه ما بين غرب ومشرق
وقد اشترك في لجنة الرياضيات، لجنة المعجم (د1)، لجنة كلمات الشؤون العامة، لجنة لدراسة معجم فيشر، لجنة الأعلام الجغرافية. ومن البحوث التي قدمها: "الغرض من دراسة اللهجات" (د 1 جلسة 21 – محاضر الجلسات)، و"اللهجات وعلاقة علم الأصوات بها"(د 1 – محاضر الجلسات)، وقائمة تصحيح الأعلام الجغرافية المحرفة الواردة في "المصور الجغرافي"، للشيخ محمد فخر الدين. (د 5 جلسة 34 – محاضر الجلسات).
ومن اقتراحاته:1-أن تشمل المجلة قسمًا رسميًّا وقسمًا غير رسمي؛ فأما القسم الرسمي فينشر فيه ما يصدر عن المجمع من القرارات، وأما غير الرسمي فيفتح للأعضاء وللجمهور، تنشر فيه البحوث ذات العلاقة بأغراض المجمع. (د 1 جلسة 7 – محاضر الجلسات). 2-طبع قائمة بأغلاط "المصور الجغرافي"، للشيخ محمد فخر الدين وتصحيحها وتوزيعها. (د 5 جلسة 31 – محاضر الجلسات).
انظر: المجمعيون في خمسة وسبعين عامًا/ 904- 906
إعداد: مصطفى يوسف