البحث السِّيرْذاتي - الروايَة السِّيرذاتية - الرؤية السيرذاتية - الإبداع السِّيرْذاتي...
أ.د عبد الرحمن بودرع
ليسَ هذا مُصطلحًا صريحًا واضحًا مُفضيًا إلى مَعْنى اصطلاحيّ مُعجميٍّ ومَفهوم واضح من تلقاء نَفْسِه، ولكنّه رُكامٌ من الحُروف المَكتوبَة والأصوات المَسموعَة، لا يَفهمُ منها مَن سمعَها أولَ مرةٍ معْنىً إلا إذا عَرَضَ الرُّكامَ على اللفظ الأجنبيّ.
سيقولُ مُرْتَضِي هذه التلفيقاتِ إنّ الأمرَ لا يَعدو أن يَكونَ اصطلاحاً اتفقَ عليه القومُ المُتداوِلونَ له ولِمَا حَمَلَه من مَفْهوم، ويقولُ آخَرون إنّه نَحتٌ وطريقةٌ مألوفةٌ عند العرَب من طُرُق تَوليد الكلمات عندَ الحاجَة، ويَقولُ آخَرون غير هذا من أوجه التماسِ الأعذارِ للتلفيق الغَريب.
السِّيرْ لا تَعني عندي إلا مَعانيَ مَعلومةً عند خاصةِ الناسِ وعامَّتهِم؛ فهو لَقَبٌ تَشريفيٌّ من ألقابِ الثّقافةِ الأنجليزية الساكسونية، والسَّيْر ما يُربَط به الحذاءُ من خيطٍ ونَحوِه، والسَّيرُ مصدر الفعل سارَ...
ماذا كان يَضيرُهم لو قالوا: هذا بحثُ في السيرة الذّاتية أو منهج في البحث في السيرَة الذّاتية أو رؤيةٌ في السيرَة الذّاتيّة أو إبداع في السيرة الذّاتيّة، أو نحو ذلك ممّا إذا سمعَه السامعُ استقرّ فهمُه على المَعْنى المراد، استقْراراً واتجه إليه اتجاهاً مُباشراً، من غير تيه بين رُكام الحُروف...
المشكل راجع إلى الجهل بالقواعد الصحيحة في استخراج المصطلح الصحيح الذي يليق بهذا المعنى أو ذاك. إننا نحتاج إلى احترام قواعد الاشتقاق الصرفي السليمة لنحصل على سلامة المعنى والمبنى. المشكل راجع إلى فقر الواضع الذي اقترح هذه الكلمات الغريبة أو قلة زاده من علوم العربية التي تمكنه من حسن التوليد الاصطلاحي. لا بد من استشارة المجامع والمراكز لوضع المصطلحات وعدم تجاهلها أو الاستخفاف بجهودها. وإلا فسنظل ندور في حلقة ضيقة ونضع مصطلحات قُطرية لا ترتضيها إلا جماعة دون أخرى.