(مستعربون في خدمة العربية)
تهدف هذه السلسة إلى بيان دور المستعربين في خدمة اللغة العربية بما قدموه من مؤلفات وبحوث، وتعريفهم للقارئ العربي سواء أكان بالحوار المباشر معهم إن أمكن ذلك أم بالكتابة عنهم، فهؤلاء المستعربون رغم أن لسانهم الأول ليس العربية، فإنهم مع ذلك أحبوا العربية وألَّفوا بها.
الحلقة الخامسة:
جِبْ، السير هَمِلْتون ألكسندر Gibb, Sir Hamilton A. R.
(1302- 1391هـ= 1885 – 1971م)
السير هاملتون ألكسندر روسكن جِبْ: مستعرب إنجليزي. وُلد في مدينة الإسكندرية (مصر) لوالدين أسكتلنديين. وحصَّل العلم في مدينة إدنبره عاصمة أسكتلنده، إلى أن نشبت الحرب العالمية الأولى سنة 1914م فالتحق بالجيش ولبث فيه أربع سنوات. وفور انتهائها دخل جامعة إدنبره وحصل منها على شهادة الماجستير (M.A) سنة 1919م، ثم التحق بمدرسة الدراسات الشرقية التابعة لجامعة لندن، وكان فيها أستاذ ذو مكانة عالية هو السير توماس أرنولد، فتعهده بالرعاية ووجهه إلى العناية بالنصوص العربية والرجوع إلى مصادر التاريخ الإسلامي الأول. ونال سنة 1921م شهادة الماجستير من هذه المدرسة. وكان موضوع رسالته "الفتوحات العربية في وسط آسيا" وطبعت الرسالة سنة 1923م. وعُيِّن عقب تخرجه سنة 1921م مدرسًا مساعدًا في المدرسة، فمدرسًا سنة 1929م. وجاء إلى القاهرة سنة 1927م لدرس الأدب العربي المعاصر، ونشر خلاصة درسه في مجلة مدرسة الدراسات الشرقية، وتُرجِم طرف منها في جريدة السياسة الأسبوعية فاسترعت النظر بما فيها من إحاطة ودقة. وفي سنة 1930م تُوفي أستاذه توماس أرنولد، فخلفه أستاذًا ورئيسًا لقسم الدراسات العربية، ولبث إلى سنة 1937م، حين تولى رياسة قسم الدراسات العربية في جامعة أكسفورد مدة ثمانية عشر عامًا، خلفًا للأستاذ مَرْجوليوث. وفي أثناء المنصبين السابقين ألف عددًا من الكتب ذات الطابع الأصيل. وعُيِّن عضوًا في عدد من الجمعيات والمجامع العلمية، منها مجمع اللغة العربية في القاهرة سنة 1933م، وكتب عددًا من الأبحاث في اللغة والأدب والتاريخ في المجلات، وأسهم في تحرير دائرة المعارف الإسلامية. وحاضر في مختلف البلدان العربية والأوربية، ومُنح سنة 1954م رتبة فارس (سير).
ومن مؤلفاته وترجماته: مقدمة في الأدب العربي، وترجمة كتاب (تركستان إلى زمن فتح المغول) لبارتولد، وترجمة مختارات من رحلة ابن بطوطة، وترجمة مختارات من تاريخ ابن قلانس خاصة بالحروب الصليبية، ووجهة الإسلام (بالاشتراك)، والاتجاهات الإسلامية الحديثة، وقد تُرجم إلى الفرنسية والعربية، والمحمدية، والمجتمع الإسلامي والغرب (بالاشتراك)، واشترك في إخراج موجز دائرة المعارف الإسلامية، ودراسات حضارة الإسلام، مقالات متفرقة نشرها اثنان من طلابه عام1962م، كما اشترك في الإشراف على دائرة المعارف الإسلامية، وكتب ثلاثين مقالة فيها. وفي سنة 1955م دعته جامعة هارفارد، في الولايات المتحدة الأمريكية، لتأسيس مركز لدراسات الشرق الأوسط تابع لها، فأسسه وتولى رياسته وظل يكتب الأبحاث في عدد من المجلات الأمريكية والأوربية ويشترك في المؤتمرات العلمية حتى وفاته.
نشاطه في مجمع اللغة العربية بالقاهرة:
وفي أثناء عضويته في مجمع اللغة العربية أسهم في عدد من اللجان بنصيب وافر كلجنة رسم الحروف، ولجنة المنهج العلمي لإنشاء معجم القرآن الكريم، ولجنة الأصول والإملاء، ولجنة معجم فيشر، ولجنة الأعلام الجغرافية، ولجنة اللهجات، ولجنة علوم الحياة والطب. وكتب عن قاموس شرف، وعن "إحياء النحو" للأستاذ إبراهيم مصطفى، وعن "قرية ظالمة" للدكتور محمد كامل حسين. وكان يتقدم بآراء يحلها المجمع محل التقدير.
قال عنه الدكتور مهدي علام يوم تأبينه:
"لقد عاش هذا المستشرق العظيم دارسًا ومعلمًا في هذا الإطار الشامل للدراسات الإسلامية. وما أبعدني عن انتقاص قدره في يوم تكريم ذكراه إذا لاحظت أنَّ أَوْجَزَ أعمالِهِ وأصغرَها حجمًا هو أجلُّها شأنًا. ذلك هو كتابه "الأدب العربي: مقدمة" "ArabicLiterature: An Introduction" كما يدل على ذلك هذا العدد الكبير من البحوث التي كتبها والتي تميزت، إلى جانب تعمقها، بتنوعها وتعددها، فكانت هذه الكتب بمثابة روضة يانعة مترامية الأطراف، متنوعة الثمار، وكان بين أشجارها شجرة صغيرة جميلة، هي شجرة (الأدب العربي)".
المصادر:
مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ج 29، والمجمعيون في خمسة وسبعين عامًا/ 240- 242.
إعداد:
مصطفى يوسف
الموضوعات المتشابهه
مستعربون في خدمة العربية (5) - السير هَمِلْتون ألكسندر
العرض الشجري