(مستعربون في خدمة العربية)
تهدف هذه السلسة إلى بيان دور المستعربين في خدمة اللغة العربية بما قدموه من مؤلفات وبحوث، وتعريفهم للقارئ العربي سواء أكان بالحوار المباشر معهم إن أمكن ذلك أم بالكتابة عنهم، فهؤلاء المستعربون رغم أن لسانهم الأول ليس العربية، فإنهم مع ذلك أحبوا العربية وألَّفوا بها.
الحلقة الثالثة عشرة:
سيلفستر دي ساسي
(1172 -1253 هـ = 1758 -1838م):
مستعرب فرنسي، لقبه عبد الرحمن بدوي بـشيخ المستشرقين الفرنسيين. حاول أن يجعل من باريس مركزًا للدراسات الإسلامية والعربية والفارسية والشرقية، وتنافس في تلك الفترة مع المستشرقين الإنجليز حيث كانت الدولتان تتنافسان بشكل مكثف في السيطرة على مناطق نفوذ واستعمار في العالم خارج أوروبا.
وُلد دي ساسي في العاصمة باريس، ثم درس على بعض القساوسة منهم القس مور والأب بارتارو، وتعلم اللاتينية واليونانية وآدابهما، ثم تخصص في اللغتين العربية والفارسية، وعرف التركية والعبرية والسريانية والكلدانية. عمل في نشر المخطوطات الشرقية في مكتبة باريس الوطنية، وعاصر أحداث الثورة الفرنسية. عُيِّن أستاذًا للغة العربية في مدرسة اللغات الشرقية في الكلية الفرنسية الحية في باريس عام 1795م، وتم تعيينه بعد ذلك رئيسًا لمعهد الآداب وأمينًا للمخطوطات الشرقية في المكتبة الملكية في باريس، بادر إلى تأسيس الجمعية الآسيوية في فرنسا عام 1832م، وانتُخب أول رئيس لها، وهي من أقدم الجمعيات الأوروبية الشرقية وأهمها. منحته السلطات الفرنسية لقب بارون لبحوثه القيمة. ترجم عدة كتب عربية للفرنسية منها كتاب "كليلة ودمنة"، وكتاب "حياة الحيوان الكبرى" للدميري، كما شرح كتب النحو العربي، وحاول دراسة أوراق البردي المصرية. تعمق في دراسة كتاب "ألف ليلة وليلة"، وقام بالتحقيق في أصله ووصل إلى نتيجة أنه كُتب من قِبل مجموعة من المؤلفين على مراحل، وأنه نتيجة التقاء الثقافات العربية والفارسية والهندية. درس "المقدمة" لابن خلدون. أصبحت فرنسا في عهده قبلة المستشرقين، وتوافد إليها بصورة خاصة المستشرقون الألمان. عمل دي ساسي مع الحكومة الفرنسية، وهو الذي ترجم البيانات التي نُشرت عند احتلال الجزائر، وكذلك عند احتلال مصر من قبل حملة نابليون عام 1797م. اهتم دي ساسي كثيرًا بدراسة المذهب الدرزي ومحاولة فهمه وتفسيره. حقق: "مقامات الحريري" وزوّدها بشرح بالعربية، و"الإفادة والاعتبار بما في مصر من الآثار" تأليف موفق الدين عبد اللطيف البغدادي، و"بند نامه" مع ترجمة فرنسية، كما ترجم فصولاً من كتاب "روضة الصفاء" تأليف ميرخاوند بن برهان الدين خاوند شاه.
المصدر: موسوعة المستشرقين للدكتور عبد الرحمن بدوي، والدرر السنية-موسوعة الأديان، ومجلة العمامة، العدد 88. (بتصرف).
إعداد: مصطفى يوسف