مستعربون في خدمة العربية
تهدف هذه السلسة إلى بيان دور المستعربين في خدمة اللغة العربية بما قدموه من مؤلفات وبحوث، وتعريفهم للقارئ العربي سواء أكان بالحوار المباشر معهم إن أمكن ذلك أم بالكتابة عنهم، فهؤلاء المستعربون رغم أن لسانهم الأول ليس العربية، فإنهم مع ذلك أحبوا العربية وألَّفوا بها.
الحلقة السابعة عشرة:
ألبرت اسخولتنز
ALBERT SCHULTENS
(1097-1389هـ =1686 -1163م)
مستعرب هولندي. وُلد في خروننخن (شمالي هولندا). أراد أن يكون قسيسًا إنجيليًّا، فدرس أولاً اللاهوت، واللغة اليونانية، واللغة العبرية؛ ثم درس بعد ذلك اللغة الكلدانية واللغة السريانية؛ وبعد ذلك درس العربية. وسافر إلى ليدن وأوترخت ليتلقى النصيحة من ريلند وعُيَّن راعيًا (قسيسًا إنجيليًّا) في فاسنار (بين ليدن ولاهاي) في عام 1711م. وفي عام 1713 أصبح أستاذًا في كرسي اللغات الشرقية في جامعة فرانكر، وفي عام 1729م صار أستاذًا للغات الشرقية في جامعة ليدن، وجمع بعد ذلك بين هذا الكرسي وكرسي دراسات العهد القديم في عام 1740م، وظل محتفظًا بكلا الكرسيين حتى وفاته.
أما عن سيرته العلمية فإن رسالته للحصول على الدكتوراه الأولى من جامعة خروننخن 1706م كانت بعنوان: "رسالة لاهوتية فيلولوجية (لغوية) في فائدة اللغة العربية في فهم اللغة المقدسة (العبرية)" (وقد أُعيد نشرها في "مؤلفاته الصغرى" عام 1764م). وفيها يقرر أن اللغات: العربية والكلدانية والسريانية والحبشية هي لغات أخوات أو لهجات أخوات للغة العبرية، ومنزلتها من العبرية كمنزلة اللهجات: الأيولية، والأيونية، والأتيكية بالنسبة إلى اللغة اليونانية؛ ولهذا دعا إلى الاستفادة من كنز اللغة العربية الهائل من تحديد معاني الألفاظ العبرية، وقدَّم شواهد على ذلك ثلاثة وعشرين موضعًا غامضًا في العهد القديم من الكتاب المقدس يمكن إيضاحها عن طريق اللغة العربية. وعاد فاستخدم نفس المنهج لإيضاح مواضع غامضة في سفر أيوب، وأخرى في سفر الأمثال لسليمان – وذلك في كتابين: الأول بعنوان: "سفر أيوب مع ترجمة (لاتينية) جديدة قائمة على الأصل العبري مع شرح مستمر" (ليدن، 1737م). والثاني بعنوان: "أمثال سليمان: ترجمة كاملة قائمة على الأصل العبري، مع شرح" (ليدن 1748م). فإذا اعترض أحد قائلاً: إن أقدم الشواهد الكتابية العربية أحدث جدًّا من العهد القديم، لَرَدَّ اسخولتنز قائلاً: إن ثَمَّ قصائد عربية ترجع إلى زمان سليمان بل وإلى زمان موسى، وأكد أن لغة يرح بن يقطان = يعرب بن قحطان، أي لغة يعرب بن قحطان (ومعنى هذا أن يرح بن يقطان = يعرب بن قحطان) – التي نشأت عن اللغة العبرية في صفائها الأول كما كان يتكلمها إسماعيل أبو القبائل العربية الشمالية. وعرض اسخولتنز رأيه هذا في أبحاث مختلفة، خاصةً في كتاب بعنوان: "أقدم الشواهد على اللغة العربية، أو نماذج توضح الذكرى واللغة القديمة: مأخوذة من مخطوطات لمؤلفات للنويري، والمسعودي، وأبي الفداء والحماسة"، ...إلخ – استخلصها ونشرها أ . اسخولتنز (ليدن عام 1740م). فقام بعض العلماء اللغويين بهجوم شديد على نظرية اسخولتنز هذه، ومنهم جوسيه، ووقع بينهم وبينه مساجلات عنيفة. فرد عليهم اسخولتنز في كتاب ضخم بعنوان "الأصول العبرية" (فرانكر 1724 – 1738م في جزأين من حجم الربع)، وبيَّن أن اللغة العبرية ليست من وضع إلهي كما كان يُزْعَم آنذاك، بل هي قريبة النسب باللغات السامية الأخرى.
وإلى جانب هذه المؤلفات المتعلقة بالصلات الوثيقة بين العبرية وسائر اللغات السامية، وضرورة الإفادة من العربية – بحكم ثروتها الهائلة في المفردات – من أجل فهم كثير من المواضع الغامضة في عبرية الكتاب المقدس، أصدر اسخولتنز المؤلفات التالية:
1- قام بإعادة طبع كتاب "النحو العربي" تأليف توماس إرينيوس (1733 – 1748م)، وأضاف إليه مختارات من الأمثال وقصائد من "حماسة" أبي تمام. وقد أعيدت طبعته هذه بعد وفاته ثلاث مرات في السنوات: 1766م، 1767م، 1770م.
2- ترجم إلى اللاتينية المقامات الثلاث الأولى من "مقامات الحريري" (فرانكر، 1731م) ثم الثلاث التالية لها (في ليدن، 1740م).
3- وترجم "حياة صلاح الدين" لبهاء الدين (1733م).
4- "شرح على سفر أيوب" (ليدن، 1737م، في مجلدين)، وقد ذكرناه من قبل.
5- "أقدم الشواهد على اللغة العربية" (1740م)، وقد ذكرناه من قبل.
6- "أمثال سليمان" (1748م)، وقد ذكرناه من قبل.
7- "المؤلفات الصغرى" (1769م).
8- "النظم الآرامية"، نُشر بعد وفاته.
وقد توفي اسخولتنز في ليدن.
المصدر: موسوعة المستشرقين للدكتور عبد الرحمن بدوي، ص 23، 24. (بتصرف).
إعداد: مصطفى يوسف
الموضوعات المتشابهه
مستعربون في خدمة العربية (17) - ألبرت اسخولتنز
العرض العادي
