أصل قول العامة: إزَّيَّك.
أشكل هذا الاستعمال على الناس وذهبوا في تحليله مذاهب، منها:
1- يقال: ( فلان زَيّ فلان ) أي مثله، وأصل هذه الكلمة - فيما أرى - هو ( زِيّ ) بكسر الزاي، وهو في اللغة الهيئة ويطلق على ما يلبس من الثياب، ثم استعاره العوام للمثيل أو الشبيه؛ لأن هيئة الإنسان ملازمة له، فقولهم ( فلان زي فلان ) أي كأنه لباسه من كثرة المشابهة والملازمة.
ثم استعير أيضا للحال فصاروا يسألون عن الحال بقولهم: ( إيش زَيَّك ) أي كيف حالك، ثم تحرفت مع كثرة الاستعمال إلى ( إِزَّيَّك )
واستعمل أيضا في السؤال عن الحال أو الكيف، فقيل: ( إيش زي ) التي حرفت إلى ( إِزَّي ) ثم ( إِزَّاي )
2- أن يكون أصلها ( إيش ذا )، فـ(ذا) للإشارة، والعوام ينطقون الذال زايا أصلا، فصارت ( إيش زا ) ثم حرفت إلى ( إِزَّا ) ومنها إلى ( إِزَّاي ).
قلتُ: وقد ذهبتُ فيها مذهبًا ردَّها عندي إلى فصيح صحيح من كلام العرب وهو أن يكون أصل الأسلوب: "أيٌّ إِزاءك؟"
فـ"أي" هي الاستفهامية ويمكن عدُّها (أيش)، و(إزاءك): إزاء: في اللغة بمعنى: المحاذي. قال ابن دريد: رجل إزاء مَال إِذا كَانَ حسن الْقيام عَلَيْهِ. وَفُلَان بِإِزَاءِ فلَان إِذا حاذاه.
ويقال للقيم بالأمر-كما جاء في مجمل اللغة لابن فارس-: (هو) إزاؤه.
وفلان إزاء مال.
قال:
لقد علم الشعب أنا لهم.....إزاءٌ وأنا لهم معقلُ
ويأتي بمعنى الوِكاء المماثل لفتحة البئر أو الحوض والمحاذي له، فيقال: إِزَاءُ الحوض
؛ لأنه مُحاذٍ لما يقابله ويُماثله في الشكل.
ويأتي بمعنى (المُقارن) وهو المقصود هنا-في رأيي-
قال ابن سيده: وبَنُو فُلاَنٍ إزَاءُ بَنِي فُلاَنِ، أي: أَقْرَانُهُم.
وعليه يكون المعنى: أيش إزاءك؟ يعني: مَنْ يُقارنُك في فضلك؟ ومَنْ مِثْلُكَ؟ ثم حدث ما حدث من تغيير في حركات(إزاءك) فقلبوا الألف ياءً وكذلك الهمزة بعدها فأُدغمتا معًا فصارت: إِزَّيَّكْ؟
ودخلها التغير من حيث الاستعمال فصارت يُسال بها عن الحال والكيف.
وعليه يكون قول العامة: (فلانٌ زَي فلان) بمعنى مثله..يكون(زَيْ) هي في الأصل (إزاء)..وهو أقرب توجيه في نظري.
والله أعلم.