شخصية الشهر
تهدف زاوية (شخصية الشهر) إلى إلقاء الضوء على أحد أعلام العربية في الوطن العربي، سواء أكان ذلك بالحوار أم بالكتابة عنه؛ وذلك بهدف إبراز الوجه التنويري والتثقيفي لهؤلاء العلماء، وتقريب مؤلفاتهم للمثقف العربي، وهذا غيض من فيض نحو حق هؤلاء العلماء علينا.
9- معالي الشيخ الأستاذ الدكتور صالح بن حميد
إمام وخطيب المسجد الحرام
رئيس مجلس أمناء المجمع
صالح بن عبد الله بن حميد: إمام المسجد الحرام وخطيبه، وعضو هيئة كبار العلماء، المستشار في الديوان الملكي، ورئيس مجلس الشورى سابقًا، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، ورئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي، وعميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى، وأستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة أم القرى، ورئيس مجلس أمناء مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية. وُلد في بريدة في المملكة العربية السعودية عام 1369هـ. حصل على بكالوريوس الشريعة من مكة المكرمة عام 1392هـ، والماجستير في الفقه وأصوله عام 1396هـ، والدكتوراه في الفقه وأصوله عام 1402هـ. تدرج في وظائف أعضاء هيئة التدريس حتى عُيِّن رئيسًا لقسم الاقتصاد الإسلامي بجامعة أم القرى عام 1402هـ، وعميدًا لكلية الشريعة عام 1406هـ، ونائبًا للرئيس لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي عام 1411هـ، وهو عضو بمجلس الشورى منذ عام 1414هـ، ورئيسًا له عام 1422هـ حتى عام 1430هـ، ورئيسًا للمجلس الأعلى للقضاء في السعودية عام 1430هـ حتى أُعفي بناء على طلبه عام 1433ه، وهو إمام وخطيب المسجد الحرام منذ 1404 هـ، وعضو هيئة كبار العلماء السعودية منذ 1421 هـ، وعضو في المجلس الأعلى العالمي للمساجد في رابطة العالم الإسلامي، وعضو في اللجنة الشرعية بهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، ومدرس ومُفْتٍ بالمسجد الحرام، ورئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي منذ عام 1428 هـ، وأستاذ بالمعهد العالي للقضاء منذ عام 1425 هـ. شارك في العديد من المؤتمرات العلمية والعالمية. من مؤلفاته: "رفع الحرج في الشريعة الإسلامية ضوابطه وتحقيقاته"، و"أدب الخلاف"، و"مفهوم الحكمة في الدعوة"، و"التوجيه غير المباشر في التربية وتغير السلوك"، و"نظرة تأصيلية في الخلاف بين أهل العلم"، و"تاريخ أمة في سير أئمة/ تراجم لأئمة الحرمين الشريفين منذ عهد النبوة إلى الوقت الحاضر" يقع في خمسة مجلدات، وديوان خطب ثمانية مجلدات، والجامع في فقه النوازل.
• المسجد الحرام بيئة تحفها السكينة وتطوف بأروقته الرحمة، وهو مهوى الأفئدة.
• الفقه ليس مخرجًا نظريًّا لا علاقة له بالواقع وأحوال الناس، بل هو علم يُعنى بأفعال المكلَّف وما يحدثه من أقضية ووقائع .
• لئن كان الاجتماع ووحدة الصف ضرورة في كل وقت وحين، فالعالم الإسلامي اليوم أحوج إليه من أي وقت مضى.
• بقدر ما تحتفي النخب وأصحاب القرار بتوصيات المؤتمرات والعناية بها يكون النجاح والفاعلية والثمرة.
• المجتمع المعاصر يُعنى كثير من أفراده بالحوار، ولكن البعض قد يغيب عنه بعض أدبيات الحوار.
• القرآن الكريم بما فيه من معاني وأصول وقيم، لا يمكن أن يُستوعب إلا بمعرفة اللغة ودلالاتها ومعاني مفرداتها وتراكيبها.
• الدعوة إلى العامية دعوة للفناء والاضمحلال.
كل هذا وغيره كثير... فإلى تفاصيل الحوار:
• إن المتأمل لمسيرة فضيلتكم العلمية والدعوية ليجد أبرز ما فيها هو ارتباط ذكركم العطر بالمسجد الحرام مدرسًا ومفتيًا وإمامًا. نود من فضيلتكم تعريف قرائنا بتلك العلاقة الحميمية بين شخصكم الكريم وأول بيت وُضع للناس في الأرض.
- بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين: وبعد
أشكركم على هذه الاستضافة الكريمة وجوابًا على سؤالكم: لا شك أن المسجد الحرام بيئة تحفها السكينة وتطوف بأروقته الرحمة، وهو مهوى الأفئدة، فقد توالت عليه قوافل العلم والعمل، فهو مكتظ بالطائفين، والعاكفين، والقائمين، والركع السجود، فهذه المشاهد وما تحمل من الانعكاسات على نفس من يرتاد المسجد الحرم تجعله متعلقًا بجوه الإيماني، وينهل من معين العلم وحلقاته، ولك أن تتصور حال من ينعم الله عليه ويعينه فيترعرع في هذه الأجواء التي تعزز تزكية النفس، والترقي في مدارج العلم والمعرفة.
إن الارتباط بالمسجد الحرام ليس ارتباط مُصَلٍّ بمُصَلَّاه فقط، أو طالب بمعلمه ولكن ذلك كله وفوق ذلك كله، بل هو ارتباط المتعلم بالمعلم، والمتربي بالمربي، والمدعو بالداعية، والمتعبد والعاكف بكل هذه المشاعر المقدسة.
ويرجو العبد الفقير إن يكون حصَّل شيئًا من ذلك في المسجد الحرام، حيث أكرمني المولى عز وجل بالمجاورة في بيته منذ أوائل الشباب، وهداني إلى تلمس حلقات الذكر والعلم، وملازمة العلماء، والحرص على تهذيب النفس بمواعظهم وبيانهم، وتعلم آداب الطلب التعلم والتعليم. سائلاً المولى أن يغفر الزلة وأن يرزقنا الإخلاص، وينفعنا بما علمنا وأن يزدنا علمًا، ويوفقنا لصالح العمل. فقد كان تيسير الله لحفظ كتابه في موقع بين الركنين اليماني والحجر الأسود. وكانت جُل مذاكرتي في المرحلة الثانوية والجامعية بين أروقة المسجد الحرام. مع ما يسَّر الله من تكرار الحج والعمرة والطواف بالبيت العتيق وكذا ما أكرم الله وبه وتفضَّل من الإمامة والخطابة والتدريس.
• من حين لآخر تطفو على الساحة دعوات تتنادى بضرورة التجديد في الفقه الإسلامي؛ بعضها يتسم بالمحافظة على الثوابت، ويميل بعضها إلى ضرورة إعمال العقل بما يتفق مع تغير الظروف الزمانية والمكانية، بل يتطرف البعض ويقرر أن فقهاء المسلمين الأوائل كانوا رجالاً، ونحن أيضًا رجال، فلنا أن نجتهد كما اجتهدوا...إلخ. برأيكم هل من ضرورة لتجديد الفقه الإسلامي؟ وإذا كانت ثمة ضرورة فما الضوابط لذلك؟
- إن تجديد الفقه الإسلامي تعددت الاجتهادات في مفهومه وفق المدارس الفقهية المعاصرة، والتوجهات الفكرية، وهذا التعدد في المفهوم نتج عنه نظر في التجديد في الفقه الإسلامي من حيث أصول الاجتهاد أو نتائج الفقه المدونة في مراجعه، وقد شذ من طالب بتجاوز أصول الاستدلال ومصادره، وهذا الموضوع ناقشه كثير من الباحثين والمختصين، ولكن ثمة تنبيه في هذا السياق وهو أنه لابد أن يدرك كل مسلم أن الفقه الإسلامي له قيمته وعمقه وشموله وجزالة أصوله وثباتها، وأن هذا الفقه ليس مخرجًا نظريًّا لا علاقة له بالواقع وأحوال الناس، بل هو علم يُعنى بأفعال المكلَّف وما يحدثه من أقضية ووقائع، فهو علم يتجدد، وأصوله قادرة على معالجة النوازل والوقائع، وفق أصول استدلال وإجراءات ضابطة للحراك الاجتهادي، وبه وشقيقاته من علوم الشريعة من العقيدة والحديث والتفسير يتجلى كمال هذا الدين وصلاحيته لكل زمان ومكان.
وعليه فيجب أن يسير الفقهاء في هذا العصر كما سار فقهاؤنا الأوائل إلى السعي في تقريب الفقه وتعزيز حضوره في جوانب الحياة، من خلال تعدد صياغاته، وتنوع مدوناته، وشمول مشاركته لبيان أحكام النوازل، تعزيزًا للتنظيمات ذات العلاقة، فهو مظلة للسياسي وللمالي وللاقتصادي وكل المناشط والفعاليات.
وأما الحديث عن ضوابط التجديد فيمكن إجمالها في الآتي: أولاً: أن تكون منهجية التجديد وفق الأصول المعتبرة عند فقهاء الإسلام، فعلى سبيل المثال: تدريج دراسة النوازل وفق الخطوات الآتية: أ- التصور للواقعة. ب- تكييف الواقعة. ج- إعمال قواعد الاستدلال المناسبة. د- تنزيل الحكم على الواقعة. ثانيًا: استيعاب نصوص الشرع وعدم مصادمتها أو إخضاعها بالفهم العقلي المجرد أو الذوق الوجداني المبتور. ثالثًا: التبصر بحاجات المجتمع وإدراك آراء الفقهاء. رابعًا: مراعاة الحال والمآل، والمقاصد.
وإن كان لي استدراك على بعض ما جاء في صيغة السؤال، فهو أنه لا تعارض بين تجديد الفقه على نحو ما أوضحت ومن إعمال العقل بالضوابط المشار إليها، والتطلع إلى بلوغ درجة الاجتهاد ليس تطرفًا ولكن احترام السلف وآرائهم وحسن التأسي بهم من أهم الضوابط.
• يفتقد المسلمون في الدول المستقلة عن الاتحاد السوفييتي سابقًا- معرفة حقيقية باللغة العربية وعلومها. ما الدور المنوط بعلماء المسلمين في البلاد العربية والإسلامية نحو القيام بواجبهم تجاه المسلمين في هذه البلاد؟
- مما لاشك فيه بأن اللغة العربية تحتل مكانة مهمة بين وسائل توحيد الأمة ؛ ولذلك عُدّ أن المدخل الصحيح لكل أنواع التقريب بين المسلمين هو تعميم العربية بين الشعوب الإسلامية التي لا تنطق بها باعتبارها لغة أولى ؛ إذ إن اللغة ليست وعاء فقط ، لكنها وعاء ومضمون وقوالب للتفكير في آن واحد؛ وينظر المسلمون في بقاع الأرض إلى العربية نظرة إجلال وتقدير لكونها لغة كتابهم ونبيهم -صلى الله عليه وسلم- وتراثهم الروحي والثقافي ، وهذا يساعد كثيرًا في الإقبال على تعلمها ونشرها ، ومن مسؤوليات المجامع والمؤسسات والهيئات الإسلامية المختلفة أن تسعى لإدخال العربية إلى مناهج تلك الشعوب باعتبارها لغة ثانية، كما أن من مسؤولياتها فتح المعاهد والمراكز التي تعلم العربية .
فتدافع المسؤولية نحو العناية بالأقليات الإسلامية ليس مسلكًا رشيدًا، كما لا يتحقق معه النجاح واجتماع الكلمة، فنحن الأمة الإسلامية أمة الوحدة والتراحم والتعاطف، ففي الصحيحين من حديث النعمان بن بشير:( مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمَّى)، وهذا التلاحم والتكامل ليس قاصرًا على الجوانب الإغاثية، بل هذا يعم كل ما فيه نفع ورعاية وصيانة للمسلمين سواء في دينهم أو عقولهم أو أبدانهم أو أجيالهم أو أموالهم، وما يتعلق بتعليم اللغة العربية يُعد من أهم الوسائل لتحقيق غاية عظيمة وهو فهم الوحي واستيعاب معناه وما يتعلق بالإرث العلمي للمسلمين من المدونات والأسفار التي لا يستغني عنها مسلم.
ومسؤولية هذا التبليغ ليست قاصرة على العلماء بل لابد من تعاون الجهود، وبذل الأموال، وتبادل الخبرات بين المهتمين والمتخصصين المعنيين باللغة العربية وبناء مناهجها، والفنيين المتقنين بتأسيس مراكز علمية ومؤسسات تعليمية.
فبهذا التكامل بإذن الله يتحقق للأمة الارتقاء بأفرادها فيما من شأنه أن يشارك في تمركز أهل الإسلام حول وحي ربهم، فيتحقق من ذلك وحدة في ظل التوحيد.
ولعل مما أنعم الله به على أهل هذا العصر من وسائل التواصل وقنوات الاتصال من خير ما يعين على تحقيق هذه الغايات النبيلة فيحسن توظيف هذه الوسائل مما يوفر ويسرع على تحقيق هذه المقاصد الشرعية.
• يعيش العالم الإسلامي حالة من التفكك والتشرذم وغياب الرؤى والأهداف. برأيكم ما الذي يجب على المنظمات والروابط الإسلامية نحو التجميع والتوحيد وتنسيق الجهود والأهداف؟
- لئن كان الاجتماع ووحدة الصف ضرورة في كل وقت وحين، فالعالم الإسلامي اليوم أحوج إليه من أي وقت مضى. فإن ضعف الطاقات ومحدودية الإمكانات، والافتراق والخلاف إضاعة للجهود، وتشتيت للطاقات، كما أن في تآمر المفسدين وكيدهم، وفي إشاعة الاختلاف والفرقة خدمة لإعداء الأمة، وخذلانًا للعاملين فيها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-: «وهذا التفريق الذي حصل من الأمة علمائها ومشايخها، وأمرائها وكبرائها هو الذي أوجب تسلط الأعداء عليها. وذلك بتركهم العمل بطاعة الله ورسوله كما قال تعالى: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}. فمتى ترك الناس بعض ما أمرهم الله به وقعت بينهم العداوة والبغضاء، وإذا تفرق القوم فسدوا وهلكوا، وإذا اجتمعوا صلحوا وملكوا؛ فإن الجماعة رحمة، والفرقة عذاب».
وحين تريد الأمة الإسلامية تقديم مشروعات عامة نحو البناء وتحلية الواقع بالخير وتخليته من الشر، فإن ذلك كله لن يتأتى مع التفرق والصراع والتشاحن، بل سيُؤدَّي بطائفة من الناس إلى قصد مخالفة من لا يتفقون معه، ولو أدى ببعضهم إلى الوقوف في صف أهل الفساد أو تسويغ باطلهم، والهوى يصنع العجائب.
ولذلك على النخب في الأمة الإسلامية إدراك أهمية وحدة الصف وأهميته، وإشاعة الحديث حول ذلك حتى يتأكد هذا المعنى ويستقر، كما أن امتناع النخب والمقتدَى بهم عن بعض ما يُطلب منهم رغبة في وحدة الصف، وتنازلهم عن كثير من حقوقهم الشخصية من أجل ذلك، كل هذا يربي الأجيال على الاعتناء بهذا الأصل، ويؤكده لديهم.
وعليه فإن تقوية الأواصر والصلات بين الأفراد والكيانات في العالم الإسلامي أضحى ضرورة، ويمكن إقامة المشروعات المشتركة، والتعاون على الأعمال التي ترتقي بالأوطان نحو التنمية وتأهل الأجيال نحو بناء إيمانهم وواقعهم.
ومع ما في ذلك من تحقيق للمحبة والمودة فإنه يفتح المجال للنقاش حول أمور الخلاف حين يوجد الخلاف، فتكون هناك جسور مفتوحة يمكن التواصل من خلالها، أما حين لا يتم التواصل إلا عند الخلاف والنقاش فالغالب أنه يصعب أن يتحقق المراد. وأختم بالوصية النبوية العظيمة للصحابيين الجليليين معاذ وأبي موسى -رضي الله عنهما- حين بعثهما إلى اليمن، ورسم لهما منهج الاجتماع، وسبل معالجته الاختلاف حين قال عليه الصلاة والسلام:" يسِّرا ولا تعسِّرا، وبشِّرا ولا تنفِّرا، وتطاوعا ولا تختلفا".
• ظهرت تجربة وليدة لمجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية، وشرف المجمع الوليد بشرف رئاستكم لمجلس أمنائه. كيف تقيِّمون هذه التجربة الناشئة؟ وما الآمال التي تأملون تحقيقها على المدى القريب والمدى البعيد؟
- جميل أن يكون ثمة آمال لكل من يعمل ويشارك في المشاريع الرائدة في الجوانب المعرفية أو التنموية، ولكن لابد أن تكون تلك الآمال في مستوى الطموحات والنجاحات، وأن تقوم على إستراتيجيات تُنفذ برجال متخصصين يصبون نحو التطوير والترقي في الهدف والبناء.
وأما ما يتعلق بما يُؤمل من مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية فهو تحقيق الخطة المرسومة له بأهدافها وأبعادها، وأن يُلمس ذلك من خلال الجهود والعمل الدؤوب على الساحة وفي الحراك اللغوي في كافة الميادين، وأن تنطلق مشاريعه في العالم كله.
وأحسب أن المتابع للمجمع من خلال موقعه وتنوع بواباته، وفعالية المتابعين يزيد من همة القائمين عليه، ويشعرهم بمسؤوليتهم كما يشعرهم بمدى القبول الذي يحظى به هذا الوليد، ويسر المتابع كذلك أن يرى اللغة العربية لغة القرآن تحظى بهذا التفاعل مما يزيد من المسؤولية، وفي ذات الوقت يبهج ويشجع لمزيد من العمل والعطاء.
• شاركتم في العديد من المؤتمرات العلمية والعالمية في العديد من دول العالم. برأيكم هل تسفر هذه المؤتمرات بما تطرحه من رؤى وأفكار عن نتائج ملموسة في حياة الشعوب والأوطان؟
- إن الاجتماع والتداول بين المختصين والنخب في أي مجال وحول أي موضوع لا شك أنه بذاته ثمرة، وما يحدثه من حراك وبناء للوعي ثمرة أخرى، فكثير من المؤتمرات ينبثق عنها تكوين رؤى حول بعض القضايا التي تعود على المجتمعات على مستوى الشعوب والأوطان بالخير، ومما يحسن بيانه في هذا السياق هو: العناية بإقامة المؤتمرات وما يندرج في ظلها من فعاليات عملية أو علمية أو تدريبية أو حلقات نقاش أو ورش عمل وإقامة المعارض التعريفية ونحوها، والتي تعود على المشاركين بالبناء الفكري والنضج في الرأي، كما أن تمريض وتضعيف أثر مثل تلك المؤتمرات وغيره يجعلنا لا نثق في عطاءات نخبنا في أي مجال، وهذا يكرس جلد الذات والهزيمة النفسية في صفوف المجتمعات، وأنت تلاحظ كيف يعتني المتخصصون في الدول المتقدمة والحية بما يعقدون من ملتقيات ومؤتمرات سواء كانت في جوانب عملية أو معرفية أو استشرافية، وكيف يسعون لتوثيقها، والحديث حولها، بل كبار الإعلاميين والمفكرين قد يعقدون اللقاءات التلفزيونية ويكتبون المقالات احتفاء بمحاور المؤتمرات، والسعي لتوظيف مخرجاتها لتأخذ طريقها في بناء الوعي أو تكريس الفكرة في صفوف المجتمع. وأقولها بصدق ومصادقة بقدر ما تحتفي النخب وأصحاب القرار بتوصيات المؤتمرات والعناية بها يكون النجاح والفاعلية والثمرة، ولهذا فأغلب الشكوى هي من عدم الاحتفاء بالتوصيات والقرارات أو كما يقال تبقى حبيسة الأدراج والرفوف.
يتبع..