مجمع اللغة العربية بمكة يطلق عضوياته الجديدة
لطلب العضوية:
اضغط هنا

لمتابعة قناة المجمع على اليوتيوب اضغط هنا

 


الانتقال للخلف   منتدى مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية > القسم العام > البحوث و المقالات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )
 
مصطفى شعبان
عضو نشيط

مصطفى شعبان غير موجود حالياً

       
رقم العضوية : 3451
تاريخ التسجيل : Feb 2016
مكان الإقامة : الصين
عدد المشاركات : 12,782
عدد النقاط : 10
قوة التقييم :
جهات الاتصال : إرسال رسالة عبر Skype إلى مصطفى شعبان
افتراضي التنبيه في اللغة العربية

كُتب : [ 04-28-2017 - 04:40 AM ]


التنبيه في اللغة العربية
د. عبدالفتاح محمد
جامعة البعث- حمص

مقدمة:
لا ريب في أن حال السامع أو الملتقط أو المستقبِل أو المخاطَب لا تجري على وتِيرة واحدة إزاء تلقي الرسالة، فربما اعتراه ما يجعله لا يتلقاها كما ينبغي، كأن يكون نائماً مستثقلاً أو ساهياً أو متراخياً، أو مُعرِضاً، أو غافلاً، أو بعيداً أو غير هذا.
ومن هنا يعمد المرسِل إلى ما من شأنه أن يجعل المخاطَب مُقبلاً متيقظاً، منتبهاً، ليكون التواصل على أتمّه ويحقق المرسلُ الغاية من الرسالة ويبلغ المراد.
وهذه الأمور الداعية إلى التنبه تندرج ضمن ما يسمى بوظائف اللغة، ويعود الفضل في الكشف عنها، وتبيانها إلى العالم المعاصر جاكبسون (Jakobson).
والحق أن المصطلح الدال على الوظيفة موضوع البحث لم يستقر على حال بَعْدُ، ذلك أن الكتب التي عُنيت بالحديث عن وظائف اللغة تذكر في مقابل (Conative) مصطلحات ثلاثة في العربية هي:
- الوظيفة الندائية- ووظيفة إقامة الاتصال- ووظيفة التنبيه (1).
وبصرف النظر عن مدى شيوع هذا المصطلح أو ذاك، وبصرف النظر عمّا في تلك الكتب من تناقض وتعارض في انتقاء الكلمة التي تترجم المصطلح عن لغته الأصلية، فإنني أميل إلى استعمال "وظيفة التنبيه" لأسباب منها: أن كلمة "التنبيه" كلمة كثيرة الدوران في العربية، وهذا ما سوف تدل عليه النصوص الواردة في هذا البحث مما نطق به أهل العلم بالعربية، ومنها أن "النداء" في العربية مشغول، فالكلمة تطلق ويفهم منها أسلوب معروف في العربية وهو جزء من "التنبيه" وعلاقته بالتنبيه علاقة الخاص بالعام، ومنها أن ما يفهم من التنبيه أعمق كثيراً مما يُفهم من إقامة الاتصال.
وما بين أيدينا من دراسات يدل على أن وظيفة التنبيه لا تمتلك حدوداً حاصرة، أو بنية مستقلة، بل إنها تتداخل مع الوظائف الأخرى للغة مثل التعبيرية، والمرجعية، والشعرية،… وغيرها وهذه كلها تَنْدَغِمْ بدورها في وظيفة أساسية تؤديها اللغة، فغايتها إنما هي التواصل في إطار المجتمع الذي تنتمي إليه.
وإذا ما أردنا أن نستطلع بعض ما قيل عن وظيفة التنبيه في كتابات المعاصرين نجد أنهم يقولون إنها تظهر في المرسلات التي تتوجه إلى الملتقِط لإثارة انتباهه، أو للطلب إليه القيام بعمل معين، ويجعلون جملة الطلب ضمن نطاق الوظيفة. (2)
وربما فصّلوا القول فذكروا أن هذه الوظيفة تتجلى في العبارات الدالة على تأكيد الاتصال، أو إبقائه ، أو إيقافه…… وربما أكدوا أن هذه الوظيفة تؤدي دوراً مهماً في الخطاب الديني، والسياسي، وفي الأحاديث العائلية والغرامية فيصبح الوجود في أماكن تلك الخطابات والأحاديث، مع الاندماج في الآخرين هَدَفَ الاتصال وغايتَهُ (3).
ولا يخفى أن ما ذُكِرَ عن هذه الوظيفة لا يتعدى الإشارات.
ولمّا كان الحديث عن وظيفة التنبيه علماً معاصراً، فإن هذا يَفْتَرِضُ أن تكون الدراسات التي تتناول هذه الوظيفة في العربية نادرةً أو معدومة، لكن – والحق يقال- إن للمتقدمين من أهل التفسير والبلاغة والنحو واللغة، شذرات مفيدة، ولمحات صائبة غير أنها لم تكن مقصودة لذاتها. هذا في القديم أما في الحديث فقد أفرد بعض الدارسين بحثاً تناول فيه الأدوات المفيدة للتنبيه (4).
والبحث على أهميته ليس كلَّ ما يقال عن التنبيه في العربية، بل هو حلقة أولى من حلقات أحسب أنها ليست قليلة، وإني لآمل أن يكون هذا البحث الذي أعده إحدى تلك الحلقات.
دل التقصي على أن للتنبيه في العربية صلة بأساليب كثيرة، لعل أبرزها النداء، والدعاء، والتوكيد، والإشارة، والاستفهام، وأمور أخرى كثيرة، ويهدف البحث إلى دراسة كل أسلوب على حدة بغية كشف جوانب التنبيه فيه، وأكثر ما يجري هذا في ضوء ما ورد في القرآن الكريم، يدفع إلى اتبّاع هذا المنهج، أمور منها أن الدراسات التي تتناول القرآن الكريم تفسيرا، وتأويلاً، وبلاغة، ولغةً، وأساليبَ، هي مادة ثرة يمكن الإفادة منها إلى حد بعيد، ومنها التدقيقُ في صحة ما يذهبون إليه من أن وظيفة التنبيه تتجلى تجلياً واضحاً في الخطاب الديني. ومنها أن تتبع التنبيه ضمن السياقات هو أكثر جدوى، وأشدّ حيوية، وأوصل إلى الغرض، وأبين للمراد.
النداء والتنبيه:
النداء لغةً الصوت، أو الدعاء بأرفع صوت، يقال، ندوتُ القوم أندوهم إذ جمعتهم في النادي فتشاوروا وتحدثوا، ومنه قيل للموضع الذي يُفعل فيه ذلك نَدِيٌّ ونادٍ (5). ويمكن التدليل على صلة النداء بالتنبيه من وجوه: منها أن المخاطب كثيراً ما يحتاج إلى تنبيه. ومنها أن تعريف النداء فيه ذكر للتنبيه، فالنداء "تنبيه المدعو، ودعاؤه بأحرف مخصوصة" (6)، بل إن كلمة التنبيه كثيرة الدوران على ألسنة النحويين عند حديثهم عن النداء وأدواته، من ذلك مثلاً قول سيبويه: "فأما الاسم غير المندوب فينبه بخمسة أشياء"(7)، وينص في موضع آخر على تسمية حروف النداء بحروف التنبيه فيقول: "…… ولا يكون مكان "يا" سواها من حروف التنبيه نحو أيْ، وهَيَا، وأيا"(8) كذلك يُشير ابن جني إلى معنى التنبيه في بعض هذه الحروف فيقول: "يا في النداء تنبيهاً ونداء، في نحو يازيدُ، ويا عبدَالله" (9). ثم جاء ابن يعيش ليقول" أصل النداء تنبيه المدعو ليُقبل عليك"(10) وهذه الأقوال تؤول إلى نتيجة واحدة، وهي أن النداء يحمل في طياته التنبيه، وربما دار في الأذهان أن هذه الأقوال جاءت في مرحلة مبكرة نسبيا، ولم تكن فيها المصطلحات مستقرة، فكان هذا التداخل بين النداء والتنبيه، وهذا إنْ صح إلى حد ما، فإنه لا يصح عندما تأتي (يا) خالصة للتنبيه دون النداء عندما يليها ما ليس بمنادى، كالحرف، والفعل، والجملة.
بعد هذا لا بد من أن نقف عند أدوات النداء لنبيّن مدى إفادتها للتنبيه، مسترشدين بأقوال بعض أهل اللغة والنحو:
يا: أصل أدوات النداء، وقد أشار إلى التنبيه فيها غير واحد، قال سيبويه:
"وأما يا، فتنبيه، ألا تراها في النداء وفي الأمر، كأنك تنبه المأمور" (11) ولا يخفى أن سيبويه يُلحّ على معنى التنبيه في "يا" ويجعله بها ألصق، في حين نجد ابن جني يؤاخي بين التنبيه والنداء فيها فيرى أنها تكون تنبيهاً ونداء، لكنه يرى أنها تخلص أحياناً، وتتعين لمجرد التنبيه، يقول: "يا: في النداء تكون تنبيهاً ونداء……. وقد تجردها من النداء للتنبيه البتة"(12) وأكثر ما يجري الحديث عن دلالة (يا) على التنبيه، فيما يأتي:
عندما تدخل على فعل الأمر، كقوله تعالى: "ألاَّ يَسْجُدوا (13) " ويقرر ابن جني أنها جُعلت خالصة للتنبيه في هذا الموضع،، يقول:
"….. كأنه قال: هيا اسجدوا (14) فهو يفسر (يا) بـ (ها) التنبيهية.
عندما تدخل على الحروف كما في قوله تعالى: " ياليتني كنتُ معهم فأفوزَ فوزاً عظيماً" (15)، ويكثر ورود مثل هذا في القرآن الكريم (16). كما تدخل

على (رُبَّ) كقوله صلى الله عليه وسلم: يارُبَّ كاسيةٍ في الدنيا، عاريةٌ يوم القيامة." (17)، وكقول جميل:
يارُبَّ عارضةٍ علينا وَصْلَها
بالجِدّ تْخُلُطه بقولِ الهازلِ(18)

 وعندما تدخل على الفعل الماضي، كقول الشاعر:
يا حبّذا جبلُ الريانِ مِنْ جَبَل
وحبذا ساكنُ الريانِ مَنْ كانا(19)

- وعندما تدخل على المبتدأ، كقول الشاعر:
يا لعنةُ اللَّهِ والأقوامِ كلّهم
والصالحينَ على سِمْعانَ مِنْ جارِ(20)
والنحاة مختلفون في دلالة (يا) في مثل هذه المواضع كونها للنداء أو للتنبيه، ولو عرضنا لجميع أقوالهم، لضاق بنا المجال (21)، وما يعنينا أن بعضهم يرى أنها تدل على مجرد التنبيه، ومنهم ابن جني، يقول: "… فجاء بيا ولا منادى معها، قيل: يا في هذه الأماكن جُرِّدَتْ من معنى النداء، وخلَصَتْ تنبيهاً. (22)، ومنهم أبو حيان (ت 754 هـ) الذي يدلل على كون يا للتنبيه بقوله: والأصحُّ أن يا في قوله يا ليتنا حرف تنبيه لا حرف نداء والمنادى محذوف، لأنَّ في هذا حذفَ جملة النداء، وحذف متعلقه، وذلك إجحاف كثير". (23) فأبو حيان يرفض أن يُحذَفَ من جملة النداء الفعلُ الذي يُقدَّر بـ (أنادي) أو (أدعو) أو (أُنبِّهُ) وأنْ يُحّذَفَ المنادى، ولمّا كان ذلك ممتنعاً عنده رأى أن يا خلصَتْ تنبيهاً.


أما باقي أدوات النداء التي لها صلة بالتنبيه فمنها أَيَا ومعناها التنبيه ويُنادى بها، وتُستخدم لنداء البعيد والقريب…. والمبالغ في تنبيهه وندائه، ولا يجوز حذفها وإبقاء المنادى، ومنها هيا: ومعناها التنبيه، وقيل هي يا أُدخِلَ عليها هاء التنبيه مبالغة (24)، وليس ببعيد أن تكون أيا وهيا لغتين، مثل قولهم: أراقَ وهَرَاق. ومنها الهمزة وتكون تنبيهاً وينادى بها القريب(25). وقد تُمَدُّ فيقال: آ وتكون تنبيهاً ونداء، ولا يخفى ما بين القيمة الصوتية لهذه الأدوات وأوجه استعمالها من مناسبة، فلا يمتد الصوتُ إلا بالمقدار الذي يتنبه معه المنادى (26). وبناء على ما تقدم يمكن القول: إن لأسلوب النداء صلة بالتنبيه، وندرك أهمية التنبيه في النداء إذا علمنا أن النداء شيء من لوازم العربية الأصيلة، وهو ألصق ما يكون بالأدب الوجداني، تقرؤه في الرثاء والنسيب، ومواطن أخرى (27).
كذلك، إن مَنْ يبحث عن أسلوب النداء في القرآن الكريم يجد أنه يكثر كثرةً لافتة، من ذلك قوله: " يابنيَّ اركبْ معنا"(28). وقوله: "يوسف أيُّها الصِّديقُ أَفْتِنا" (29) وقوله "يا أبتِ لا تعبدِ الشيطان"(30) ولا ريب في أنّ هذه الكثرة تفتح الباب لقول مستفيض، يضيق المجال عن الخوض فيه، غير أنني سوف أشير إلى بعض طرق النداء، بغية الكشف عن جوانب التنبيه فيها.
يذكر الزمخشري بإسناد إلى عبدالله بن مسعود أن قوله تعالى: "أيها الناس" منبهة على المكي من الآيات، وأن قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا" منبهة على المدني منها (31).
كما يتصف النداء بـ "يا أيها الذين آمنوا " بخصوصية، وهذه الخصوصية آتية من جهتين، أما الأولى فإن التنبيه في هذا النهج، هو تنبيه مؤكد، وقد أشار الزمخشري إلى ذلك بقوله " وكلمة التنبيه { يريد: (ها) } المقحمة بين الصفة وموصوفها لفائدتين؛ معاضدة حرف النداء، ومكانفته بتأكيد معناه، ووقوعها عوضاً مما يستحقه أيُّ من الإضافة". (32) كذلك يشير الشيخ خالد الأزهري (ت 905) إلى التوكيد في ها (يا أيها) بقوله:
" ….. وفي ها التنبيهية مبالغة وتأكيد"(33) وأما الجهة الثانية فإن هذا النهج من النداء يأتي لينبِّهَ على أمور عظيمة تلي، وهذا أما أشار إليه بعض أهل العلم، روي عن الحسن البصري (ت 110هـ) قوله:
"إذ سمعتَ الله يقول: يا أيها الذين آمنوا فأرعِ لها سمعَك، فإنها لأمر تُؤْمَرُ به، أو لنهي تُنهى عنه"(34)، ثم جاء الزمخشري ليفصّل القول في هذا فيقول: "فإن قلت : لَم كثر في كتاب الله النداءُ على هذه الطريقة ما لم يكثر في غيره؟ قلتُ: لاستقلاله بأوجه من التأكيد وأسباب المبالغة، لأن كل ما نادى الله له عباده – مِنْ أوامره، ونواهيه، وزواجره، ووعده، ووعيده، واقتصاص أخبار الأمم الدارجة عليهم، مما أنطق الله به كتابه – أمورٌ عظامٌ وخطوب جسام، ومعان عليهم أن يتيقظوا لها، ويميلوا بقلوبهم وبصائرهم إليها، وهم عنها غافلون، فاقتضت أن ينادوا بالآكد الأبلغ."(35).
وصفوة القول في هذه الطريقة من النداء أن درجة التنبيه فيها عالية تتناسب وأهمية ما يليها من ذكر لأمور لا ينبغي للإنسان أن يغفل عنها. ولكن ليس معنى هذا أن النداء يجيَّرُ للتنبيه فحسب، بل إن فيه أموراً أخرى لا تقل أهمية عن التنبيه، منها ما أدركه جعفر الصادق (ت 148 هـ) حين قال: "لذَّةُ ما في النداء، إزالة تعب العبادة والعناء." (36).

رد مع اقتباس
 
 رقم المشاركة : ( 2 )
مصطفى شعبان
عضو نشيط
رقم العضوية : 3451
تاريخ التسجيل : Feb 2016
مكان الإقامة : الصين
عدد المشاركات : 12,782
عدد النقاط : 10
جهات الاتصال : إرسال رسالة عبر Skype إلى مصطفى شعبان

مصطفى شعبان غير موجود حالياً

   

افتراضي

كُتب : [ 04-28-2017 - 04:42 AM ]


التنبيه في الدعاء:
يأتي الدعاء بمعنى توحيد الله والثناء عليه، ومسألة الله العفو والرحمة، ومسألة الحظ من الدنيا، وهو بمعنى آخر استغاثة وعبادة، وصلته بالتنبيه تُلاحظ في كثرة وجود أدوات التنبيه فيه، سواء أكانت حروف نداء أم غير ذلك من أدوات التنبيه من مثل (أَلا)، كما تُلاحظ في أنّ المتكلم ينبه بعبارات الدعاء إلى فضل المذكور.
وعبارات الدعاء المشتملة على التنبيه منها ما يدعو بخير، نحو: ربنَّا لك الحمد، اللهم اغفر لنا، وضمن هذا تأتي ألفاظ التصلية والتسليم والرضوان على النبيين والأولياء، وسائر الصالحين.(37) ومنها ما يدعو بشرٍّ كقوله تعالى: "ألا بُعْداً لثمودَ" (38).
وإذا كان يصح القول: إن التنبيه يفترض وجود الغفلة في المنبَّه، فإن هذا لا يصح في الأدعية التي نتوجه بها إلى الخالق، من مثل: يالله أعنا، ويا مالك الملك أعزنا، وياربّ اغفر لنا، فلا يجوز أن يقال في هذا إنه تنبيه للمدعو كما تقدم "ولكنه أُخرج مخرج التنبيه، ومعناه الدعاء لله عز وجل ليُقبل عليك بالخير الذي تطلبه منه، والذي حسَّنَ إخراجه مخرج التنبيه، البيانُ عن حاجة الداعي إلى إقبال المدعو بما يطلبه، فقد وقف في ذلك موقف مَنْ كأنّه مغفول عنه، وإنْ لم يكن المدعو غافلاً."(39).
مما تقدم نستنتج أن للدعاء صلة بالتنبيه، ففيه تنبيه على فضل المذكور أو تنبيه على شرّه، كما تكثر في عباراته حروف التنبيه من نداء وغيرها، وأنّ بعض عبارات الدعاء لا يصح أن يقال إنّ فيها تنبيهاً، لكن الصحيح أن يقال: إنها أُخرجت مُخرج التنبيه.
التنبيه والإشارة:
يؤتى باسم الإشارة لدواع كثيرة، منها أنْ يقصد به التنبيه على أن المشار إليه المعقب بأوصاف جدير من أجل تلك الأوصاف بما يُذكر بعد اسم الإشارة، كقوله تعالى: "إنّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقومُ."(40) فاسم الإشارة (هذا) الذي يشار به إلى القريب، ينبه على عظمة القرآن، ويُؤذن بقربه قُرباً لا يحول من دون الانتفاع به، فالهادي قريب، وطرقه أقوم الطرق(41).
ويرى بعض النحويين أن (ها) التنبيهية أثَّرت تأثيراً حاسماً في أسماء الإشارة، فغدتْ من المعارف بعد أنْ كانت من النكرات، "ذلك أن اسم الإشارة في أصل وضعه، إنما هو اسم مبهم لوقوعه على كل شيء من حيوان أو جماد، وهذا يفسِّر وجود حرف التنبيه في أسماء الإشارة، كي ينبه المتكلم المخاطَبَ حتى يلتفت إليه ، وينظر إلى أي شيء من الأشياء الحاضرة يشير، فغدت بذلك أسماء الإشارة معرفة، ولم تك كذلك قبل دخول حرف التنبيه ها" (42).
ومعلوم أن أداة التنبيه (ها) تدخل على هذا، وهذه، وهذان، وهاتان، وهؤلاء من أسماء الإشارة، ويلاحظ أن دخولها يختص بالذي يدل على القريب من أسماء الإشارة دون الذي يشار به إلى البعيد، وبالتالي هذا يفسر خلو اسم الإشارة من (ها) إن اتصلت به لام البعد كما في قوله تعالى: "ذلك الكتابُ لا ريب فيه هُدىً للمتقين". (43) وقد أومأ ابن هشام إلى شيء من هذا حين قال: "ها التنبيهية تدخل على الإشارة غير المختصة بالبعيد، بخلاف ثَمَّ، وهَنّا، بالتشديد، وهنالك"(44).
وتدخل (ها) على ضمير الرفع المخبر عنه باسم الإشارة، كقوله: "ها أنتم أُولاء " (45)، فالضمير (أنتم) فصل بين (ها) واسم الإشارة، كما يجوز الفصل بـ إنْ الزائدة كقول النابغة:
ها إنْ تا عُذْرَةٌ إنْ لم تكن نفَعَت
فإنَّ صاحبها قَدْ تَاه في البَلَدِ (46)

وتدخل أيضاً على أيّ في النداء نحو: يا أيها الرجل، ولو حُذف حرف التنبيه فقلت: أي الرجل، لأوهم أنك مستفهم. وتدخل على اسم الله في القسم عند حذف الحرف، يقال: ها اللّه، بقطع الهمزة ووصلها. وتدخل على أول الكلام نحو: ها إنّ أخاك قادم.
ما تقدم يدل على أن التنبيه ذو صلة وثيقة بأسماء الإشارة الدالة على القريب وقد اعتلوا لخلو أسماء الإشارة الدالة على البعيد من (ها) التنبيهية بتفادي كثرة الزيادات، ففي (ذلك) و (تلك) اللام والكاف زائدتان، فلو جاز وجودهما مع زيادة الهاء في أول الكلمة لكثرت الزيادات كثرة تثقل الكلمة (47)، ولا أدري كيف يصح هذا الاعتلال في ثَمَّ التي يقول فيها إبن هشام: ثَمَّ اسم يشار به إلى المكان البعيد، نحو: (وأزلفنا ثَمّ الآخرين)" (48). وهو ظرف لا يتصرف … ولا يتقدمه حرف تنبيه"(49) فلا يخفى أنْ لا زيادة فيه، ولعل أغرب من هذا ما ذهب إليه الجوهري من أنهم جعلوا اللام في نحو (ذلك) عوضاً عن (ها) التنبيهية (50).
التنبيه في التوكيد:
يفيد التوكيد معاني متعددة، منها التقرير ودفع الشك أو الغفلة….. كذلك تتعدد الطرق التي تشتمل على التوكيد، يعنينا من هذه وتلك ما يكشف عما في التوكيد من تنبيه، وأبرز ما استوقفنا: اجتماع حرفي تنبيه أو أكثر، والتكرير.
إن دخول حرف التنبيه على مماثله في معناه، هو نوع من توكيد التنبيه وكلام العرب ينطوي على جمل من هذا القبيل، كما في اجتماع (يا) و (ها) في نحو: يا أيها الرجل، وقد لاحظ سيبويه هذا فقال: "….. ولا يكون هذا في غير النداء، لأنهم جعلوها تنبيهاً بمنزلة (يا) وأكدوا التنبيه بـ (ها)ً (51) إذن التنبيه مؤكد لاجتماع حرفين، أو لنقل بعبارة أخرى إن (ها) تعضد حرف النداء وتؤكد معناه. (52).
ودخول (ألا) على (يا) هو من هذا القبيل أيضاً، وهذه الطريقة تكثر في كلام العرب، كقوله:
ألا يا ابن الذين فَنوُا وبادوا
أما والله ما ذهبوا لتبقى (53)

وقول الآخر:
ألا يا صَبَا نَجْدٍ متى هجتَ مِنْ نَجْدِ
فقد زادني مسراكَ وَجْداً على وَجْدِ (54)
وقد فسر أبو حيان (ت 574هـ) هذه الطريقة مشيراً إلى التنبيه والتوكيد فيها بقوله: "ويا في تلك التراكيب السابقة حرف تنبيه أكدته ألا التي للتنبيه، جاز ذلك لاختلاف الحرفين ولقصد المبالغة في التأكيد"(55). كما وردت في تمثيل العلماء (ألا يا هؤلاء)(56) وفيه اجتمعت ثلاث أدوات تنبيه هي: (ألا) و (يا) و (ها).
والتكرير يراد به أن تزيل عن السامع كلّ غفلة، ليكون منتبهاً للذي تكرر، ويكثر في أسلوب الإغراء والتحذير، وقد اشتمل القرآن الكريم على أساليب من التكرير نعرض لبعضها فيما يأتي:
 كُرِّرَ في سورة الرحمن قوله تعالى "فبأيِّ آلاء ربكما تكذبان" وهذه الآية من أبرز ما في القرآن من التكرير الدال على التنبيه، وقد جاء هذا التكرير مراعياً لمقتضى أحوال المخاطبين، ذلك أن هذه الآية عُنيت بخطاب المكذبين من الثقلين، ولا شك في أنهم بحاجة إلى شدة في درجة التنبيه تتناسب وما هم فيه من غفلة.
 معروف أن القرآن الكريم ذكر في فواتح السور حروفاً مقطعة مثل (الم، الر، كهيعص)، ولم يقتصر ذكرها على سورة واحدة، بل جاءت مفرقة في غير موضع، وقد أُوِّل تكريرها على أنه تنبيه على غرض معين، وهو إعادة التنبيه على أن القرآن المعجز مؤلف منها لا غير، وذكرها في غير موضع واحد، أوصل إلى الغرض، وأقرُّ في الأسماع والقلوب"(57).
 وكُرر في سورة القمر قوله تعالى: "فذوقوا عَذابي ونُذُرِ" وهذا التكرير أُوِّل على أن فيه تنبيهاً، ذلك أن الآية التي يُجدَّدُ ذكرُها عند استماع كل نبأ من أنباء الأولين يُهدف منها إلى استئناف التنبيه والتيقظ لدى المتلقي، ودفع الغفلة، واستبعاد السهو. (58).
 كذلك إن من التكرير الدال على التنبيه قوله تعالى: "كلا سوف تعلمون، ثم كلا سوف تعلمون، كلا لو تعلمون علم اليقين…"(59) فقد جاءت كلا لتفيد الردع والتنبيه على أنه لا ينبغي للمرء أن تكون الدنيا جميع همه، وقوله: (سوف تعلمون) إنذار ليخافوا فيتنبهوا من غفلتهم، وقوله " ثم كلا سوف تعلمون" تكرير لتأكيد الردع والإنذار، وأهل البلاغة يقولون: إنّ وجود (ثم) يدل على أن الإنذار الثاني أبلغ من الأول وأشد، كما يقال للمنصوح: أقول لك ثم أقول لك: لا تفعل (60) كذلك إن في قوله "كلا لو تعلمون… "تكريراً للتنبيه أيضاً. وإن تنبيه القرآن يتصف بأنه إنذاري، وقائي، ظاهره الهدى، وباطنه الرحمة، فهو يسبق اليوم الذي يجعل الولدان شِيباً.
 وقد يأتي التكرير لخبر لا يجهله المخاطب، ولا يدفع صحته، أو لما ينزِّل هذه المنزلة وتكون غاية المرسِل تنبيه المخاطَب على أمر معين، من ذلك قوله تعالى: "لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة، أصحاب الجنة هم الفائزون"(61)، فـ" هذا تنبيه للناس، وإيذان للناس لفرط غفلتهم، وقلة فكرهم في العاقبة، وتهالكهم على إيثار العاجلة، واتّباع الشهوات كأنهم لا يعرفون الفرق بين الجنة والنار، والبونَ العظيم بين أصحابهما، وأنّ الفوز مع أصحاب الجنة، فمن حقهم أن يعلموا ذلك وينبهوا عليه، كما تقول لمن يعقُّ أباه: هو أبوك، تجعله بمنزلة مَنْ لا يعرفه، فتنبهه بذلك على حق الأبوة الذي يقتضي البرَّ والتعطُّف".(62).
 فغاية التكرار في مثل هذا التنبيه على خطأ أو غفلة بتذكير المخاطَب بأمر ثابت معلوم. ولعل مما يدخل في باب التوكيد والتنبيه ، الأساليب التي نلمح فيها زيادة الإيضاح كما في قوله تعالى: " هوَ اللهُ الذي لا إله إلا هو عالمُ الغيبِ والشهادة هو الرحمنُ الرحيمُ، هو الله لا اله إلا هو الملكُ القُدوسُ السلامُ المؤمنُ المهيمنُ العزيزُ الجبارُ المتكبِّرُ، سبحان الله عمّا يُشركون، هو الله الخالقُ البارئُ المصوِّرُ له الأسماءُ الحسنى."(63) فيمكن في غير القرآن أن يُستغنى عن الضمير (هو) ولكنه صُرِّح بذكره في الآية في عدة مواضع توكيداً وتنبيهاً وزيادة في الإيضاح، ليستقر في النفس مرتبطاً بخبره. (64)
وهكذا نرى أن التنبيه يبتدي في التوكيد الناتج عن اجتماع حرفي تنبيه أو أكثر، أو الناتج عن التكرير.
التنبيه والاستفهام:
لم يختلف أهل اللغة في دلالة (ألا) و (أما) على التنبيه في أحوال مخصوصة، لكنهم اختلفوا في كونها بسيطة أو مركبة، وممن قال بأنها بسيطة ابن مالك(65) وممن قال بأنها مركبة الزمخشري(66)، وابن يعيش (67)، وابن هشام(68) وهؤلاء يرون أن (ألا) مكونة من همزة الاستفهام ولا النافية، كذلك أمَا، فهي مكونة من استفهام ونفي.
وإذا كان من الصعوبة بمكان القطع ببساطتها أو تركبها، فإنني أميل إلى التركيب، في (ألا) و (أما) لأنهما تشبهان (أليس) و (ألم) ولا خلاف في كون هاتين الأداتين مركبتين.
ويبدو أن التركيب يكسب الأداة – غالبا – معنى جديداً مستفاداً، فهذا ما يفهم مما ذُكر عن الخليل، قال سيبويه: "سألته عن "ألم تر أنَّ اللهَ أنزلَ من السماءِ ماءً فتصبح الأرضُ مخضرةً(69)، فقال: هذا واجب، وهو تنبيه، كأنّك

قلتَ: أتسمع أن الله أنزل من السماء، فكان كذا وكذا." (70) فما أفهمه من هذا النص أن اجتماع الاستفهام والنفي جعل الأداة (ألم) تدل على التحقيق، وقد عبر عنه الخليل بكلمة (واجب)، وتدل على التنبيه، ومثل هذا أشار إليه الزمخشري بقوله:
"ألا مركبة من همزة الاستفهام، وحرف النفي لإعطاء معنى التنبيه على تحقق ما بعدها، والاستفهام إذا دخل على النفي أفاد تحقيقاً."(71)
ومهما يكن من أمر فإنّ لـ (ألا) و (أمَا) اللتين تدلان على التنبيه بعض الخصائص، ورأيتُ من المناسب أن أشير إليها:
 تأتي ألا في صدر الكلام شأن حروف التنبيه ما عدا (ها) التي تأتي في الصدر والحشو.
 وتُكْسَرُ إنّ بعد ألا وجوباً
 ولا تدخل إلا على الجمل، ومثلها أدوات التنبيه عدا (ها)، والجمل بعدها تكون مصدرة بما يُتلقى به القسم من مثل: إنّ، واللام، وحرف النفي، ومثل هذا يقال في أَمَا، غير أن (أَمَا) تأتي للحال، و (أَلاَ) تأتي للاستقبال، و(أَمَا) تكثر قبل القسم في حين تكثر (أَلا) قبل النداء.
وخلاصة القول:
قد نتحصّل من اجتماع الاستفهام والنفي على أدوات يستفاد منها التنبيه والتحقيق. هذا ويمكن أن يكون السؤال بما فيه من استفهام فاتحة التنبيه على الغرض المراد، وما يستشهد به على هذا قوله تعالى: "وما تلك بيمينك يا موسى؟(72) وإنما سأله ليريه عظم ما يخترعه من الخشبة اليابسة من قلبها إلى حية نضناضة(73)، وفي هذا تنبيه على قدرة الله الباهرة، وليقرر في نفسه المباينة البعيدة بين المقلوب والمقلوب إليه (74).
كذلك إن في قوله تعالى: "هل أتاك.(75) تفخيماً للحديث، وتنبيهاً على أنه ليس من علم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وإنما عرفه بالوحي (76).

رد مع اقتباس
 
 رقم المشاركة : ( 3 )
مصطفى شعبان
عضو نشيط
رقم العضوية : 3451
تاريخ التسجيل : Feb 2016
مكان الإقامة : الصين
عدد المشاركات : 12,782
عدد النقاط : 10
جهات الاتصال : إرسال رسالة عبر Skype إلى مصطفى شعبان

مصطفى شعبان غير موجود حالياً

   

افتراضي

كُتب : [ 04-28-2017 - 04:43 AM ]


التنبيه في أمور أخرى:
يصعب على المرء أن يجعل التنبيه وأساليبه ضمن حدود حاصرة، ونعرض فيما يأتي لأمور تتصل بالتنبيه للتدليل على كثرة أساليب التنبيه وطرقه، كثرة تصعب الإحاطة بها:
1. يجري التنبيه في العربية بعبارات كثيرة، فنحن نقول: أعرني سمعك، وانتبه إلي، وافهم ما أقول، وعِ ما تسمع…….. ولما كان القرآن الكريم يحفل بما يثير انتباه السامع، فقد آثرت أن أقف عند مفردات مادتين هما (غفل) و (نذر).
مادة (غفل):
وردت في التنزيل مفردات كثيرة من مادة (غفل)، وهي في سياقاتها تدل على معان متعدد، نقف عند اثنين منها لاعتقادنا أنهما يتصلان بالتنبيه على نحو ما:
أما الأول: فإن العربية تدل على المعنى ليس بمفرداته المخصوصة فحسب، بل تدل أيضاً بكلمات ضدية نُفِيَ عنها معناها الأصلي، ودلت في وضعها الجديد على النقيض تماماً، فإذا أراد الخالق عز وجل أن يبيّن أنه متنبه للأعمال الخبيثة التي تصدر عمن حاد عن جادة الصواب من بني البشر، وأنه محص لها، وحافظها عليهم حتى يجازيهم في الآخرة، ويخزيهم في الدنيا، فإنه يعبر عن ذلك بقول: "وما اللهً بغافلٍ عما تعملون" أو بقوله: "وما ربك بغافل عما يعملون"، ودلالة مفردات مادة (غفل) على التنبيه، ليست لأنها مسبوقة بنفي فحسب، بل لأنّ الباء الزائدة في الخبر المنفي (بغافل) تفيد توكيد المعنى وتقويته، ولأن هذه العبارات كررت – بعينها- في مواضع كثيرة من التنزيل (77)، وقد سبق أن عرفنا ما في التكرير من تنبيه وتوكيد.
وهذه المفردات أكثر ما تأتي بعد إخباره تعالى عما يرتكب الإنسان من شرور، وعما يقترف من آثام، كالقتل، والعدوان، والظلم، والإخراج من البيوت، واتّباع الهوى، والصد عن سبيل الله…كقوله تعالى واصفاً بني إسرائيل: "ثُمَّ أنتم هؤلاءِ تقتلون أنفسَكم، وتُخْرجون فريقاً منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثمِ والعُدوانِ، وإنْ يأتوكم أُسارى تُفادوهم وهو مُحرمٌ عليكم إخراجُهم، أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض، فما جزاء مَنْ يَفْعلُ ذلك منكم إلا خزيٌ في الحياة الدنيا ويومَ القيامة يُرَدُّون إلى أشدِّ العذابِ، وما اللهُ بغافل عمّا تعملون."(78)، كما تأتي هذه المفردات بعد ما يدل على أن مقاليد الأمور هي بيد الحي القيوم، كقوله في ختام سورة هو: "وللهِ غيبُ السمواتِ والأرض، وإليه يُرْجَعُ الأمرُ كُّله، فاعبدْهُ وتوكل عليه وما ربُّك بغافلٍ عمّا يعملون."(79) ولعله لا يخفى ما في هذا الخطاب من بنية عميقة للتنبيه؛ فأكثر الناس هم في غفلة، فهم بحاجة إلى تنبيه، وهم يخوضون في بحور من الآثام والشرور، وهم لهذا أحوج ما يكونون إلى التنبيه أيضاً وهم بذلك مقبلون على الجحيم معرضون عن النعيم، وهم جاهلون أو متجاهلون بأن الله متنبه لعباده تنبهاً لا تخفى معه عليه خافية، ثم إنه الرقيب الحسيب.
وأما المعنى الثاني:- فهو يتعلق بالإنس ويصح بالجن لأنهم مشمولون بالخطاب القرآني أيضاً، وما تظهره بعض الآيات أن كِفة الغفلة راجحة على كفة الانتباه، فهذا ما يفهم من قوله تعالى: "ولقد ذرأنا لجهنمَ كثيراً من الجن والإنس، لهم قلوب لا يفقهون بها، ولهم أعينٌ لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها، أولئك كالأنعام، بل هم أضلّ، أولئك هم الغافلون"(80) وإذا كانت بعض كتب اللغة تقول: "غفل الشيء: تركه، وسها عنه"(81) وإذا كانت بعض كتب التفسير تقول: "أصل الغفلة عن الشيء: تركه على وجه السهو عنه والنسيان له" (82) فإن صورة الغافل ضمن السياق القرآني تتجاوز ما سبق ذكره، فهي صورة حية نابضة، تنزل الغافل منزلة هو أهل لها، وتتجاوز منه الظَاهر إلى الباطن، والمادي إلى المعنوي، فغدا الغافل – وقد عطّل حواسه ومداركه- مغايراً لبني جنسه من البشر، بل إنه ينحدر عنهم، ليشبه الأنعام، ويزيدها ضلالة، بجعله نفسه لغير ما خلقت له، أضف إلى هذا أن السياقات الأخرى التي ورد فيها ذكر الغافل تبرزه مكذباً، ظالماً، متكبراً، معرضاً عن آيات الله ومعجزاته، قصير النظر لأنّ علمه مقتصر على ظواهر الدنيا ـ راضياً بالدنيا، مشغولاً بها…..(83) وهكذا يتبين مما تقدم أن مفردات مادة (غفل) في القرآن تدل على التنبيه، ولا سيما عندما تكون مسبوقة بنفي، وعندما تصور الغافل على حال يغدو معها أحوج ما يكون إلى التنبيه، وإن كان ذلك لا يجدي فيه نفعاً لأّنه عطل حواسه ومداركه.
مادة (نذر):
يرد الفعل أنذر بمعنى خوّف، وحذّر، والإنذار، الإبلاغ ولا يكون إلا في التخويف، والمنذِرُ: المُعْلِم والمُخَوِّف والمُحَذِّر. (84) وأعتقد أن الدارس لا يحتاج إلى كبير عناء ليدلل على الصلة ما بين الإنذار والانتباه، بل إنّ الإنذار يتطلب أن يكون الانتباه في أعلى درجاته، وخاصة عندما يتعلق بجلائل الأمور وعظامها.
وتأتي مفردات هذه المادة لتدل على صحة ما سبق ذكره من أن وظيفة التنبيه تتجلى بوضوح في الخطاب الديني ولا سيما في لغة التنزيل، بل إن للتنبيه في القرآن دوراً مهماً، وليس مصادفة أن يكون في أول سورة "الفرقان" قوله تعالى: "تبارك الذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً"، ويسترعي الاهتمام، ويلفت الانتباه وفرة مفردات هذه المادة في لغة التنزيل، فقد ذكرت فيما يقرب من خمسين سورة (85) وتلك المفردات منها ما يؤكد أنّ الإنذار هو هدف القرآن وغايته وسداه ولحمته، كقوله تعالى على لسان نبيه: "وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به"(86)، "ومنها ما يبين أن الإنذار مهمة أولى للأنبياء، كقوله تعالى على لسان نبيه محمد، صلى الله عليه وسلم: "وما أنا إلا نذير مبين." (87)، ومنها ما يبين أن الأنبياء والرسل كانوا منذرين في الأمم السابقة، ولكل نذيرها، فهذا ما يفهم من قوله تعالى: "إنا أرسلناكَ بالحقِّ بشيراً ونذيراً، وإن منْ أمةٍِ إلا خلا فيها نذِير" (88) لهذا يذهب بعضهم إلى أنّ آثار النذارة باقية في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام.(89) وتفيد بعض الآيات بأن من الأمم مَنْ كانَ يلح في طلب النذير، لأنّ هدايتهم مقرونة بوجوده، قال تعالى: "وأقسَموا بالله جَهْدَ أيمانهم لئن جاءهم نذيرٌ ليكوننَّ أهدى مِنْ إِحدى الأُممِ، فلّما جاءَهم نذيرٌ ما زادهم إلا نفوراً"(90) فهؤلاء الذين اشترطوا لهدايتهم وجود المنذر بالغوا في إعراضهم وصدّهم عندما تحقق لهم ما أرادوا.
مما تقدم يبين أن انتباه الناس إزاء الإنذار والمنذر ليس واحداً، ذلك أن الكثرة منهم لا يجدي فيهم إنذار، ولا ينفع فيهم نذير، وهذا ما يدل عليه أيضاً قوله تعالى: " لَقَد حَقَّ القولُ على أكثرهم فهم لا يؤمنون"(91) وعدم إيمانهم ناتج عن أن النذر لم تُجْدِ فيهم نفعاً": "وسواءٌ عليهم أأنذرتهم أم لم تُنْذرهم لايؤمنون".(92)
أما صفات مَنْ يتلقى الإنذار بالقبول والرضى- وهم القلة – فهم أولئك الذين تملأ الخشية قلوبهم، فضلاً عن أنهم يسترشدون بنور القرآن "إنما تُنْذِرُ الذين يخشون ربَّهم بالغيب، وأقاموا الصلاة، وَمَن تزكّى فإنما يتزكى لنفسه، وإلى الله المصير"(93).
وأولئك الذين لم ينفع فيهم الإنذار هم أنفسهم الغافلون، وهذا يفسِّر أن تكون الكثرة صفة في هؤلاء وأولئك ، فإذا كنا قد عرفنا أن الغافل مَنْ عطّل مداركه وحواسه، فإن الذين أعرضوا عن الإنذار قد عطلوا أجهزة الاستقبال فيهم، قال تعالى: "قُلْ إنما أُنذرُ بالوحي، ولا يسمعُ الصمُّ الدعاءَ إذا ما يُنذرون". (94).
ولعل مما يجعل الانتباه المرافق للإنذار أشدَّ، اقتران الإنذار بشيء مخوف، كما في قوله تعالى: فإن أعرضوا فقُلْ أنذرتكم صاعقةً مثلَ صاعقةِ عادٍ وثمودَ" (95) وقوله: "فأنذرتكم ناراً تلظى"(96)، وقوله:
"إنا أنذرناكم عذاباً قريباً". (97)، فالعذاب ليس كله آجلاً، بل منه العاجل، ومنه ما أصاب بعض الأمم الخالية التي لم تكن تأبه بالإنذار، لم تكن تبالي بما يمكن أن يحيط بها، والتي كانت تكذب بآيات الله، وتُعْرِض عنها، فقوم نوحٍ أغرقوا بماء منهمر، وعاد أخذت بريح صرصر عاتية، وثمود أهلكت بالصيحة، وهي صوت مهلك من السماء، وقوم لوط بادوا بريح عاصفة ترميهم بالحصباء(98)، ويلاحظ تكرار قوله تعالى: "فكيف كان عذابي ونّذرِ "بعد ذكره لما أحاق بكل أمة، وقد سبق أن بينا ما في هذا التكرير من تنبيه.
وهكذا يتبين لنا أن مفردات مادة (نذر) ذات صلة بالتنبيه، لأن المنذَر يفترض أن يكون في أعلى درجات انتباهه، لاقتران الإنذار بالخوف، كما أن مفردات هذه المادة كثرتْ كثرةً لافتة استدلّ بها على أن وظيفة التنبيه تضطلع بدور هام في الخطاب الديني.
2- الالتفات:
هو الانتقال بالأسلوب من صيغة المتكلم، أو الخطاب، أو الغيبة إلى صيغة أخرى من هذه الصيغ، وهي بمجموعها ست حالات، ولعلّ الأصمعيّ َ هو الذي أطلق عليه الاسم الاصطلاحي " (99). غير أن بعض أهل العلم يطلق عليه اسم "الاعتراض"، وهو عند آخرين "الاستدراك"(100)، ومما يعد من الالتفات قول زهير:
سئمتُ تكاليفَ الحياةِ ومَنْ يَعِشْ
ثمانينَ حولاً – لا أبالكَ – يسأم (101)
فزهير بالتفاته (لا أبالك)، وهو انتقال من المتكلم إلى المخاطب، أراد أن يجعل السامع متعاطفاً معه، منتبهاً لما يقول، فالكلام الذي يخصُ إنساناً يلقى العناية منه.
والالتفات تلوين في الأسلوب، يشبه وجود وردة حمراء بين ورود صفر، فإنها بتميزها عما سواها تسترعي الاهتمام، وتلفت الانتباه. ولعل الزمخشري من أبرز مَنْ عني بالحديث عن التنبيه الكامن في الالتفات، فهو يرى أن الالتفات: "فَنٌّ من الكلام جَزْلٌ، فيه هَزٌّ وتحريك من السامع"(102)، ويوفق الزمخشري عندما يجد في الانتقال من الغيبة إلى الخطاب درجة عاليةً من تنبيه المخاطب فضلاً عن المشاركة الوجدانية الناتجة عن الاهتمام بأحوال المخاطب، وقد عبَّر عن ذلك بقوله: "… كما أنَّك إذا قلت لصاحبك حاكياً عن ثالث لكما إن فلاناً من قصته كيت وكيت، فقصصتَ عليه ما فرط منه، ثم عدلت بخطابك إلى الثالث، فقلتَ: يا فلان من حقك أن تلزم الطريقة الحميدة في مجاري أمورك، وتستوي على جادة السداد في مصادرك ومواردك، نبهتَهُ بالتفاتك نحوه فضل تنبيه، واستدعيت إصغاءه إلى إرشادك زيادة استدعاء، وأوجدتَهُ بالانتقال من الغيبة إلى المواجهة هازاً من طبعه ما لا يجده إذا استمررت على لفظ الغيبة "(103) ويخلص الزمخشري إلى القول في الالتفات إنه "يستفتح الآذان للاستماع، ويهش الأنفس للقَبول. (104) ومما ورد في لغة التنزيل من الالتفات قوله تعالى: "إنما هو إله واحد، فإياي فارهبون"(105)، بدأ الخطاب بالغيبة (هو) وانتقل إلى التكلم (إياي) فهذا أبلغ في التنبيه على الترهيب من فإياه فارهبون. ومنه قوله تعالى: "وقالوا: اتخذ الرحمن ولداً، لقد جئتم شيئاً إداً"(106). بدأ بالغيبة، ثم انتقل إلى المخاطبة، وفي ذلك"زيادة تسجيل عليهم بالجراءة على الله، والتعرض لسخطه، وتنبيه على عظم ما قالوا"(107)، ويورد أهل البلاغة والتفسير من شواهد الالتفات التي وردت في لغة التنزيل، وفي الشعر العربي ما يحتاج البحث فيه إلى مقام أرحب.(108).
صفوة القول : إن الالتفاب هو الانتقال بالأسلوب من صيغة إلى أخرى ويهدف – في جملة ما يهدف – إلى إثارة انتباه السامع، ودفع الغفلة عنه.
3- التقديم والتأخير:
يستفاد من التقديم أحياناً معنى التنبيه، فهذا ما يُلاحظ في قوله تعالى:"فَقُلْ تعالوا ندعُ أبناءنا وأبناءكم، ونساءنا ونساءكم، وأنفسَنا وأنفسَكم، ثم نبتهل فنجعلْ لعنةَ الله على الكاذبين."(109)، فقد قدم الأبناء والنساء على الأنفس في الذكر لينبه على لطف مكانتهم،وقرب منزلتهم، وليعْلَمْ أنهم مقدمون على الأنفس مفدون بها.(110).
4- الكناية:
قد يعمد المتكلم إلى التلميح من دون التصريح، وقد يُطلق الخطاب، ويكون له مدلولان، قريب وبعيد، والثاني منهما هو بيت القصيد، وربما جاء مثلُ هذا الكلام أوقعَ في النفس، وأشد تمكناً من القلب، وأدعى إلى التنبيه، واللجوء إلى هذا الأسلوب له ما يفسِّره، كأنْ يكون نص الخطابُ في أمور يُستحيْا من كشفها مثلاً.
ويرى بعض المفسرين أن مما يؤوّل هذا التأويل قوله تعالى: "إن هذا أخي له تسعٌ وتسعون نعجةً، ولي نعجةٌ واحدةٌ، فقال أكفِلْنيها وَعَزَّني في الخطاب."(111) فالمعنى البعيد للآية- وهو المقصود- هو التحاكم بين داوود عليه السلام، وبين أخيه لا في نعجة، ولكن في امرأة، فتحاكمهم كناية، وكلامهم كناية، وهذا "للتنبيه على أمر يستحيا من كشفه، فيُكنى عنه كما يكنى عما يستسمج الإفصاحُ به، وللستر على داوود عليه السلام، والاحتفاظ بحرمته"(112).
كذلك إن من المواضع التي استعملت فيها الكناية وغرضها التنبيه، قوله تعالى: " ليشهدوا منافعَ لهم ويذكرُوا اسمَ اللهِ في أيامٍ معلوماتٍ على ما رزقَهم من بهيمةِ الأنعامِ، فكلُوا منها وأَطعِموُا البائسَ الفقير."(113) فقد كنّى عن النحر والذبح بذكر اسم الله، لأن أهل الإسلام لا ينفكون عن ذكر اسمه إذا نحروا أو ذبحوا، "وفيه تنبيه على أن الغرض الأصليَّ فيما يُتقَّرَّبُ به إلى الله أنْ يذكر اسمه."(114) ولعل مما يقرب من هذا الذي سبق، الانتباه بشيء على شيء آخر، فقد ذُكر في قصة زكريا عليه السلام أنه كان يجد عند مريم فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء(115)،" وقيل لما رأى الفاكهة في غير وقتها انتبه على جواز ولادة العاقر(116)." وفي ذلك محرِّضٌ له أن يدعو الله كي يهب له ذريةً طيبة من زوجه العاقر.
5- الفاصلة والتنبيه:

رد مع اقتباس
 
 رقم المشاركة : ( 4 )
مصطفى شعبان
عضو نشيط
رقم العضوية : 3451
تاريخ التسجيل : Feb 2016
مكان الإقامة : الصين
عدد المشاركات : 12,782
عدد النقاط : 10
جهات الاتصال : إرسال رسالة عبر Skype إلى مصطفى شعبان

مصطفى شعبان غير موجود حالياً

   

افتراضي

كُتب : [ 04-28-2017 - 04:44 AM ]


تأتي الفاصلة القرآنية، أو يأتي ختام الآية وفيهما تنبيه على شيء معين أحياناً، فقوله تعالى: " وكذلك نجزي المحسنين" (117) تنبيه على أن يوسف كان محسناً في عمله متقيَّاً في عنفوان أمره، وأن الله آتاه الحكم والعلم على إحسانه.(118)
وندرك التنبيه في قوله تعالى. "إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب"(119) ولا سيما أنه به ختم قوله تعالى: "ألم تر أنّ الله أنزل من السماء ماءً فَسَلكهُ ينابيع في الأرض، ثم يُخْرِجُ به زرعاً مختلفاً ألوانُه،ثم يَهيج فتراه مصفراً، ثم يجعله حطاماً "فالآية بدأت بـ (ألم) وفيه تنبيه على ما بينا من قبل، وختمت بالتذكير والتنبيه على أنه لا بدّ من صانع حكيم، وأن ذلك كائن عن تقدير وتدبير لا عن تعطيل وإهمال. (120).
6- الاسم والضمير والتنبيه:
يستعمل الاسم الصريح أحياناً بدلاً من الضمير، ويكون في ذلك تنبيه على شيء معين كما في قوله تعالى: "الذي خلق سبعَ سمواتٍ طباقاً ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت. "(121) فوضع مكان الضمير قوله (خلقِ الرحمن) تعظيماً لخلقهن، وتنبيهاً على سبب سلامتهن من التفاوت…، وأنه بباهر قدرته هو الذي يخلق مثل ذلك الخلق المتناسب.(122).
وعلى العكس من هذا، فربما استعمل الضمير بدلاً من الاسم الظاهر لأغراض منها التنبيه، كما في قوله تعالى: "إِنّا أنزلناه في ليلة القدر"(123) فجاء بضمير القرآن دون اسمه الظاهر شهادة له بالنباهة، والاستغناء عن التنبيه عليه.(124).
7- كلاّ والتنبيه:
وتدخل كلا على بعض الجمل فتفيد بدخولها – فضلا عن الردع – التنبيه على شيء معين، وفي لغة التنزيل مواضع متعددة من هذا القبيل، منها قوله تعالى: "كلا إنها لظى" (125)، فقد ذكر أن فيها ردعاً وتنبيهاً على أنه لا ينفع المجرم يوم القيامة الافتداء، ولا ينجيه من العذاب (126) ومنها قوله: "كلا إذا بلغت التراقي"(127) ففيه ردع عن إيثار الدنيا، وتنبيه على أنّ ما بين أيدينا من الموت الذي تنقطع عنده العاجلة .(128) ومنها قوله: "كلا سنكتب ما يقول ونمدُّ له من العذاب مدّاً". (129) ففي كلا "ردع وتنبيه عن الخطأ أي هو مخطئ فيما يصوره لنفسه ويتمناه فليرتدع عنه"(130) ولهذا نظائر (131).
8- النعت المقطوع:
هو أسلوب استعملته العرب في كلامها، ومنه قولك: أعِنْ جارَك الفقيرُ، فالفقيرُ (بالضم) كانت قبل أن تقطع نعتاً للاسم قبلها، توافقه في الحركة الإعرابية، غير أن العرب أرادت أن تنبه إلى خطر هذه الصفة وتلفت الأنظار إليها، فقطعوها عن النعتية، وجعلوها في جملة جديدة.
إن هذه الطرق والأساليب تدل على أن التنبيه في العربية عميق الغور، بعيد المرمى، وليس من اليسير أن يُجعل ضمن حدود حاصرة. وبعد:
فإنني تناولت في هذا البحث بعض القضايا التي يمكن أن تندرج ضمن وظيفة التنبيه، وكان ذلك في ضوء من لغة التنزيل، وذكرت أن الحديث عن وظائف اللغة شاع بتأثير اللسانيات المعاصرة. ورجّحْتُ أن يكون مصطلح التنبيه أكثر دقة من مصطلح "الندائية" أو مصطلح "إقامة الاتصال"، كما دللت على أن للمتقدمين من أهل العلم بالعربية إشارات مبكرة، غير أنها قليلة، ولم تكن مقصودة ذاتها، وهي مع هذا مفيدة ومهمة، وقد بينتُ أن للتنبيه صلة وثيقة بالنداء ، والدعاء وأسماء الإشارة، وأمور أخرى كثيرة،منها استعمال مفردات ذات صلة، ومنا الالتفات والتقديم والتأخير، والكناية.. ونخلص بعد هذا إلى النتائج التالية:
1. جرى التعبير عن التنبيه بكلمات ضدية مسبوقة بنفي، ففي لغة التنزيل وجدنا أن مفردات مادة (غفل) تدل على التنبيه مثلما تدل عليها المفردات التي تتصل بهذا المعنى، وربما كانت أكثر دلالة.
2. للتنبيه في العربية مستويان، أحدهما ينصرف إلى التأثير في الحواس من سمع وإبصار… وثانيها ينصرف إلى التأثير في المدارك والقلوب.
3. تضطلع وظيفة التنبيه بدور مهم في الخطاب الديني، ولا سيما في القرآن الكريم.


الحواشي

(1) انظر: علم اللغة في القرن العشرين (150-151)، والألسنية علم اللغة الحديث المبادئ والأعلام (53-54)، ومدخل إلى اللسانيات (45-46)، وعلم الإشارة (33).
(2) ألسنية علم اللغة الحديث (53)
(3) السيمياء: (12-13)
(4) هو الدكتور فتح الله صالح المصري.
(5) اللسان 15/316 (ندي).
(6) الأدوات المفيدة للتنبيه (19)
(7) الكتاب 2/329
(8) الكتاب:2/218
(9) الخصائص:2/196
(10) شرح المفصّل:8/120.
(11) الكتاب 4/224
(12) الخصائص 2/196
(13) سورة النمل (25)
(14) الخصائص 2/196
(15) سورة النساء (73).
(16) انظر : الأدوات المفيدة للتنبيه (41-42)
(17) صحيح البخاري، كتاب التهجد. والمغني (488).
(18) انظر: الأدوات المفيدة للتنبيه (41)
(19) انظر: الأدوات المفيدة للتنبيه(46)
(20) المغني (488).
(21) تفصيل ذلك في الأدوات المفيدة للتنبيه (46-47).
(22) الخصائص 2/278- 279.
(23) البحر 4/103.
(24) شرح المفصّل 2/4.
(25) شرح المفصل 2/4.
(26) مباحث في علم المعاني (208-209).
(27) من أساليب القرآن (43).
(28) سورة هود (42).
(29) سورة يوسف (46).
(30) سورة مريم (44).
(31) الكشاف 1/89، وانظر الحاشية (1) فيه.
(32) الكشاف 1/89 –90.
(33) شرح العوامل المائة (95).
(34) الغنية 2/3.
(35) الكشاف 1/89 –90
(36) الغنية 2/3.
(37) من أساليب القرآن (11-12).
(38) سورة ثمود (68).
(39) شرح المفصل 8/120
(40) سورة الإسراء (9).
(41) مباحث في علم المعاني (42).
(42) شرح الكافية للرضى 2/33، وانظر: شرح المفصل 1/161.
(43) سورة البقرة (2).
(44) المغني 456، وانظر: ص 162 منه.
(45) سورة آل عمران (119).
(46) شرح المفصل 8/114.
(47) الأدوات المفيدة للتنبيه (151).
(48) سورة الشعراء (64).
(49) المغني (162).
(50) الصحاح: ذا – تا.
(51) الكتاب 2/212
(52) انظر: الكشاف 1/89-90
(53) انظر: الأدوات المفيدة للتنبيه (26).
(54) الخصائص 2/278-279.
(55) البحر 7/69.
(56) الصحاح: (ها)، واللسان(ها)
(57) الكشاف 1/30.
(58) الكشاف 4/39.
(59) سورة التكاثر (3-4-5).
(60) الكشاف 4/792.
(61) سورة الحشر: (20)
(62) الكشاف 4/508.
(63) الحشر (22-24).
(64) المعاني في ضوء أساليب القرآن (172).
(65) شرح الكافية لابن مالك 2/1655.
(66) الكشاف 1/180.
(67) شرح المفصّل 8/15.
(68) المغني: (ألا).
(69) سورة الحج (63).
(70) الكتاب 3/40.
(71) الكشاف 1/62-63
(72) سورة طه (17)
(73) نضناضة: التي لا تثبتُ في مكانها لشرتّها، ونشاطتها.
(74) الكشاف 3-57.
(75) سورة الذاريات (24).
(76) الكشاف 4/104
(77) انظر: سورة البقرة (74-140-144-149)،وسورة آل عمران (99)، وسورة الأنعام (132)، وسورة هود (123)، وسورة النمل (93) .
(78) سورة البقرة (85).
(79) سورة هود (123).
(80) سورة الأعراف (179).
(81) اللسان (غفل)
(82) تفسير الطبري: 1/366.
(83) انظر: سورة البقرة (74-85)، وسورة الأنعام (132)، وسورة يونس (10)، وسورة الروم (30).
(84) اللسان: (نذر).
(85) انظر: المعجم المفهرس: (نذر).
(86) سورة الأنعام (19).
(87) سورة الأحقاف (9).
(88) سورة فاطر (24).
(89) الكشاف 3/608.
(90) سورة فاطر (42).
(91) سورة يس (7)
(92) سورة يس (10).
(93) سورة فاطر (18).
(94) سورة الأنبياء (45)
(95) سورة فصلت (13).
(96) سورة الليل (14).
(97) سورة النبأ (40).
(98) انظر: سورة القمر الآية (14) وما بعدها.
(99) المعاني في ضوء أساليب القرآن (217).
(100) العمدة (336).
(101) ديوانه (34)
(102) الكشاف 1/88-89
(103) الكشاف 1/89
(104) الكشاف 1/89
(105) سورة النحل (51).
(106) سورة مريم (88-89).
(107) الكشاف 3/45.
(108) انظر: العمدة 638، والكشاف 2/610،3/45،250،4/15،325.
(109) سورة آل عمران (61).
(110) الكشاف 1/369-370.
(111) سورة ص (23).
(112) الكشاف 1/83.
(113) سورة الحج (28).
(114) الكشاف 3/153.
(115) الكشاف 1/358.
(116) الكشاف 1 /359.
(117) سورة يوسف (22).
(118) الكشاف 2/454.
(119) سورة الزمر (21).
(120) الكشاف 4/112
(121) سورة الملك (3).
(122) الكشاف 4/576.
(123) سورة القدر (1).
(124) الكشاف 4/780
(125) سورة المعارج (25)
(126) الكشاف 4/663
(127) سورة القيامة(26)
(128) الكشاف 4/663
(129) سورة مريم (79)
(130) الكشاف 3/40
(131) الكشاف 3/381، 582-583،4/721.

المراجع

1- القرآن الكريم.
2- الأدوات المفيدة للتنبيه في كلام العرب، للدكتور فتح الله صالح المصري.
3- الألسنية علم اللغة الحديث، المبادئ والأعلام، للدكتور ميشال زكريا – بيروت 1983م.
4- البحر المحيط، لأبي حيان الأندلسي – الرياض (بلا تاريخ).
5- تفسير الطبري – جامع البيان في تأويل القرآن، لأبي جعفر بن جرير الطبري، طبعة البابي الحلبي.
6- الخصائص، لأبي الفتح عثمان بن جني، تحقيق محمد علي النجار-بيروت، الطبعة الثانية.
7- ديوان زهير بن أبي سلمى، صنعة أبي العباس ثعلب، تحقيق الدكتور فخر الدين قباوة-بيروت/1982.
8- السيمياء، لبيير جيرو، ترجمة أنطون أبي زيد- بيروت.
9- شرح العوامل المائة لخالد الأزهري، تحقيق بدراوي زهران- دار المعارف
10- شرح الكافية، للرضي الأستراباذي، طبعة مصورة.
11- شرح الكافية لابن مالك، تحقيق الدكتور عبدالمنعم هريدي- دمشق 1982م.
12- شرح المفصّل، لموفق الدين بن يعيش- بيروت والقاهرة.
13- الصحاح= تاج اللغة وصحاح العربية، لإسماعيل بن حماد الجوهري، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار- بيروت 1979.
14- صحيح البخاري= فتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي- القاهرة 1390هـ.
15- علم الإشارة، لبيير جيرو، ترجمة د. منذر عياشي- دمشق 1988م.
16- علم اللغة في القرن العشرين، لجورج مونان، ترجمة الدكتور محمد نجيب غزاوي- دمشق.
17- العمدة لأبي الحسن بن رشيق القيرواني، تحقيق الدكتور محمد قزقزان- دمشق 1994.
18- الغنية، للشيخ عبدالقادر الجيلاني-دمشق (بلا تاريخ).
19- الكتاب، لسيبويه، أبي بشر عمرو بن عثمان بن قنبر، تحقيق عبدالسلام هارون – بيروت .
20- الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل، ووجوه التأويل ، لمحمود الزمخشري- إيران.
21- اللسان – لسان العرب لابن منظور جمال الدين محمد بن جلال الدين- بيروت .
22- مباحث في علم المعاني للدكتور طاهر الحمصي – حمص 1991م.
23- مدخل إلى اللسانيات، للدكتور رضوان قضماني- حمص 1988م.
24- المعاني في ضوء أساليب القرآن، للدكتور عبدالفتاح لاشين- القاهرة 1976م.
25- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، لمحمد حسن الحمصي- دمشق 1984م.
26- من أساليب القرآن، للدكتور إبراهيم السامرائي- بيروت 1987م.


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على الموضوعات
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الموضوعات المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
التنبيه الثاني لمجمعنا ( مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية ) إدارة المجمع تنبيهات المجمع 9 08-25-2023 09:18 PM
التنبيه الخامس لمجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية إدارة المجمع تنبيهات المجمع 6 08-25-2023 09:17 PM
التنبيه الأول لمجمعنا ( مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية ) إدارة المجمع تنبيهات المجمع 6 04-14-2018 12:18 PM
التنبيه الثالث لمجمعنا ( مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية ) إدارة المجمع تنبيهات المجمع 1 06-02-2014 09:25 PM
التنبيه الرابع لمجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية إدارة المجمع تنبيهات المجمع 2 06-01-2014 04:16 PM


الساعة الآن 11:30 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2023, vBulletin Solutions, Inc. Trans by