مجمع اللغة العربية بمكة يطلق عضوياته الجديدة
لطلب العضوية:
اضغط هنا

لمتابعة قناة المجمع على اليوتيوب اضغط هنا

 


الانتقال للخلف   منتدى مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية > القسم العام > البحوث و المقالات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )
 
شمس
مشرفة

شمس غير موجود حالياً

       
رقم العضوية : 2246
تاريخ التسجيل : Dec 2014
مكان الإقامة : القاهرة - مصر
عدد المشاركات : 7,097
عدد النقاط : 10
قوة التقييم :
جهات الاتصال :
افتراضي فن المدائح النبوية بعد شوقي

كُتب : [ 11-26-2017 - 08:29 AM ]


فن المدائح النبوية بعد شوقي


بقلم: ناجي عبداللطيف


ديوان الشعر العربي حافل بالمدائح النبوية، التي أضاءت بنورها قلوب العاشقين والعارفين، وأصبحت على مدار السنين والأعوام نورا يُستضاء به.

تَجَلَّىْ مَوْلِدُ الهَادِىْ وَعَمَّتْ ** بَشَائِرُهُ البَوَادِيَ والقِصَايَا


تعتبر المدائح النبوية فناً من فنون الشعر التي أذاعها التصوف؛ فهي لونٌ من ألوان التعبير عن العواطف الدينية؛ وباب من أبواب الأدب الرفيع؛ لأنها لا تصدر إلاَّ عن قلوب مفعمة بالصدق والإخلاص، والحب الصادق لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قلوب تجردت من هوى النفس ولاذت بحب الله ورسوله.

وديوان الشعر العربي حافل بهذا اللون الرائع من الشعر ألا وهو المدائح النبوية، التي أضاءت بنورها قلوب العاشقين والعارفين، وأصبحت على مدار السنين والأعوام نورا يُستضاء به في ظلمات الدهر، وزادا للطريق إلى الله الواحد الأحد.

ورغم أن أكثر المدائح النبوية قيلت بعد وفاة النبي، إلا أنها لا تسمى في حق الرسول الكريم رثاءً كما يحدث لغيره من البشر، ولكنها تسمى مدحاً لأنه صلى الله عليه وسلم موصول الحياة، فالمادحون يخاطبونه كما يخاطبون الأحياء.

والذين أرَّخوا للمديح النبوي انشغلوا كثيرا بقصائد الماضي منذ كعب بن زهير والأعشى وحسان بن ثابت مرورا بالفرذدق والشريف الرضي وغيرهم، حتى توقفوا طويلا أمام الأمام البوصيري المادح الأعظم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي أضاء القلوب بأنوار الحضرة المحمدية، وظل الأمر كذلك لفترات طويلة، لم يكن هناك من الشعراء من يمكنه أن يتخطى ذلك الهرم الأكبر في المدح النبوي الشريف، حتى جاء الشاعر الكبير أحمد شوقي والذي أعاد للقصيدة العربية قامتها وفتح أمام الشعراء العرب في العصر الحديث باب التجديد والأزدهار من جديد.

ومن الموضوعات التي طرحها أمير الشعراء في شعره المديح النبوي الشريف، حيث عاد به إلى نقطة ازدهاره عند الأمام البوصيري ليقفز به قفزة عالية الى آفاق العصر الحديث ليواكب ذلك التطور مع ويحفاظ على روح القصيدة وحداثتها في القرن العشرين. لقد شرب من روح البوصيري حتى الثمالة، وأفاض علينا بقصائده التي عارض فيها أمام المادحين البوصيري، حتى توقف المؤرخون عندها طويلا ولم يذكر أحد منهم مادحي الحضرة المحمدية بعد شوقي.

من هنا أردت أن أتتبع خطاهم لنقف معا أمام قصائد المديح النبوي في العصر الحديث. فعلى سبيل المثال لا الحصر، يقول شوقي في ذكرى المولد النبوي الشريف:

تَجَلَّىْ مَوْلِدُ الهَادِىْ وَعَمَّتْ ** بَشَائِرُهُ البَوَادِيَ والقِصَايَا

وَأسْدَتْ لِلْبَرِيَّةِ بنْتُ وَهْبٍ ** يَدًا بَيْضَاءَ طَوَّقَتِ الرِقَابَا

لقَدْ وَضَعَتْهُ وَهَّاجًا مُنِيرًا ** كَمَا تَلِدُ السَّمَاواتُ الشَّهَابَأ

فقَامَ على سَمَاءِ البيْتِ نُورًا ** يُضِيئُ جِبَالَ مَكَّةَ والنِقَابَا

وَضَاعَتْ يَثْرِبُ الفَيْحَاءُ مِسْكًا ** وَفَاحَ القَاعُ أرْجَاءً وَطَابَا

أبَا الزهْرَاءِ قدْ جَاوَزْتُ قَدْرِيْ ** بِمَدْحِكَ بَيْدَ أنَّ لَيَ انْتَسَابَا

فَمَا عَرَفَ البلاغَةَ ذُو بَيَانٍ ** إذا لمْ يَتَّخِذْكَ لَهُ كِتَابَا

مَدَحْتُ المَالكِيْنَ فَزِدْتُ قَدْرًا ** وَحينَ مَدَحْتُكَ اقْتَدْتُ السَحَابَا

سَالْتُ اللهَ في أبْنَاءِ دِينِيْ ** فَإنْ تَكُنِ الوَسِيلَةَ لِيْ أجَابَا

وَمَا للمُسْلمِينَ سِوَاكَ حِصْنٌ ** إذا مَا الضُّرُ مَسَّهُمُو ونَابَا

وجاء بعد شوقي الشاعر الكبير محمد عبدالمطلب ابن (باصونة) إحدي قرى مديرية جرجا بصعيد مصر والذي تعلم بالأزهر ثم انتظم في سلك طلبة دار العلوم ثم أصبح مدرسا بالمدارس الإبتدائية بسوهاج حتى ذاع صيته، فانتقل إلى القاهرة وعمل بها حتى انتهى به الأمر أستاذا وعالما بدار العلوم.

يقول الشيخ محمد عبدالمطلب في قصيدة له بعنوان "في حضرة سيد المرسلين" سنة 1899:

إليْك َأجلَّ المرسلينَ مَدائحُ ** تُوافيكَ ماغَنَّى على الأيْكِ صائحُ

مَدائحُ يُهدِيها أمْرؤٌ عَبَرَاته ** على ما مَضىْ منهُ غَوَّادٍ روائحُ

ولا عُذْرَ يا خيْرَ النبيينَ عنْدَهُ ** سوىْ أنَّهُ قدْ أخْجَلتْهُ القبائحُ

أتفْضحهُ يومَ الحسابِ ذنوبُهُ ** وقد رُفعَتْ عنْ تابِعَيْكَ الفضائحُ

فكُنْ يا شفيعَ المُذْنبينَ شَفِيعَهُ ** إذا شَهِدَتْ يوماً عليهِ الجوارحُ

فأنتَ لنا يا أكرَمَ الرُسْلِ عُدَّةٌ ** إذا هالنا يومٌ من الحشْرِ فادحُ

وضاقتْ بنا الأرضُ الفضاءُ وحَلَّقَتْ ** بنا زَفَرَاتٌ للجحيمِ لوافحُ

ومن السادة الأشراف نجد الأمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزايم أستاذ الشريعة الأسلامية بجامعة الخرطوم وشيخ آل العزايم، وأمامهم والمتوفى عام 1937 يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا:

عَلىْ قدْرِيْ أصُوعُ لكَ المَدِيحَا ** وَمَدْحُكَ صَاغَهُ ربِيْ صَريحَا

وَمَنْ أنا يا أمامَ الرُسْلِ حتىْ ** أُوَفِّيْ قَدْرَكَ السَّامِيْ شُرُوحَا

ولكنِّي أحبُّكَ مِلْئَ قلبي ** فأسْعِدْ بالوِصالِ فتىً جَريحَا

وَدَاوِ بالوِصَالِ فَتىً مُعَنىً ** يرُومُ القُرْبَ مِنْكَ ليَسْتَرِيحَا

فَمُوسىْ رُدَّ بَعْدَ سؤالِ ربِّي ** وأنتَ رأيْتَهُ كَشْفاً صَحيحَا

ألمْ نشْرَحْ، وربِّى اشْرَحْ بيانِيْ ** لِقَدْرِكَ سيِّدِيْ أضحىْ مُبِيحَا

ويقول أيضا في محبة المصطفى صلى الله عليه وسلم ومودة آل بيته:

سِرُّ الوصولِ إلى الجنابِ العاليْ ** حُبُّ النبيِّ مُحمَّدٍ والآلِ

تُعْطىْ القبولَ وَتُرْفَعَنْ لجَنابهِ ** وَتنالُ ما ترجوهُ منْ آمالِ

والفضلُ فضلُ اللهِ يُعطىْ مِنَّةً ** بالحُبِّ في طهَ العزيزِ الغاليْ

بُشرىْ لمَنْ عَشِقوا جَمالَ مُحمَّدٍ ** نالوا القبولَ من الوَلِيِّ الواليْ

أنا يا حبيبيْ في هواكَ مُتَيَّمٌ ** وشُهُودُ وَجْهِكَ بُغْيَتِيْ وَنَوَاليْ

كذلك العارف بالله الشيخ صالح الجعفري رضي الله تعالى عنه وأرضاه، والذي يقول في مدحه للمصطفى صلى الله عليه وسلم:

مَدْحُ النبيِّ هوَ الوسيلةُ يا فتىْ ** أقْبلْ عليْهِ وكُنْ بهِ مُتَصبَّبَا

واسْمَعْ مديحَ المادحينَ لأحمدٍ ** ولآلهِ، أهلُ الطهارةِ والعبا

مَتَّعْ لقلْبِكَ في رياضِ مَدِيحِهِ ** إنَّ المديحَ عن المحبةِ أعْرَبَا

واشرَبْ شرابَ العارفينَ بمَدْحِهِ ** فيه الوصولُ لمنْ يكونَ يكونُ مُهذبا

فمديحُ خيرِ الخلقِ خيرٌ كلهُ ** للسامعينَ ومنْ تلاهُ فأطرَبَا

قلْ يارسولَ اللهِ إني مُذْنبُ ** والجاهُ منكَ يَعُمُّ منْ قدْ أذنَبَا

ياربِّ مَتّعْنا بخيْرِ مديحِهِ ** وافتحْ لنا بابَ الوصولِ لنشرَبَا

كذلك الشاعر التلقائي والقطب الرباني صاحب الفيوضات الصمدانية، والعلوم اللدنية، والإلهام العالي صاحب ديوان الإلهام الشيخ علي عقل المتوفى بالأسكندرية عام 1948 حيث يقول:

المصطفى مازالَ يعْلُوا قَدْرَهُ ** فَسَمَا الزمانَ أَوائِلاً وأواخِراً

طَهِّرْ فؤادَكَ منْ شوائِبِ غَيِّهِ ** حتى تقابلهُ فؤادًا طاهراً

واللهِ ما طرأَ العناءُ وَسَاءَنِيْ ** إلا وأذْكُرُهُ فأصْبِحُ ظافِراً

... ... ... ... ... ...

نورُ النبيِّ إذا تمَكَّنَ منْ فَتىً ** ألْفَيْتَهُ بينَ البرِيَّةِ ظاهراً

فإذا رُزِقْتُ مَحبَّةً فبفضلهِ ** وإذا كَسَبْتُ فقدْ كَسَبْتُ جواهِراً

مازال فضلُكَ في البريَّةِ سائراً ** يَسْمُو ويزْكُو بالنفوسِ ضمائِراً

وَلَكَمْ أراهُ في العوالمِ صاعِداً ** حتى غدا في الكونِ مسْكاً عاطِراً

كذلك الشاعر الكبير السيد عبدالحميد الخطيب أحد رجال الحجاز الأعلام، معروف بالأدب وولع به وله عدة مؤلفات وتم تعيينه مدرسا بالمسجد الحرام ثم وزيرا مفوضا من قبل المملكة السعودية لدى دولة الباكستان الإسلامية في أربعينيات القرن الماضي. يقول في مدح المصطفى صلى الله عليه وسلم:

نَبِيُّنا خَيْرُ منْ يَهْدِيْ إليْكَ بما ** آتَيْتَهُ مِنْ بليغِ القَوْلِ والحِكَمِ

هُوَ البشيرُ بجَنَّاتٍ وَمَرْحَمَةٍ **هُوَ النذيرُ بما أعْدَّتَ مِنْ نِعَمِ

طابَتْ أرُومَتُهُ عَزَّتْ سُلالَتُهُ ** عَفَّتْ أمومَتُهُ عنْ سائِرِ الحُرَمِ

سَمَتْ مَنَازِلُهُ سَادَتْ عَشِيرَتُهُ ** في كلِّ وقْتٍ هُمُو مِنْ سَادةِ الأمَمِ

بَيْتُ الزعامَةِ والإحسانُ طَبْعُهُمُ ** والمَجْدُ والنُبْلُ منْ أجْلَىْ صِفاتِهِمِ

رَبَّيْتَهُ أنتَ يا رَبَّاهُ مَنْ صِغَرٍ ** على الفضائِلِ والإخْلاصِ والكَرَمِ

فكان سَيِّدَ أهْلِيهِ وأرْحَمَهُمْ ** بالناسِ بَلْ هُوَ زَيْنُ الخلْقِ كُلِّهِمِ

كذلك الشاعر الصوفي السكندري المطبوع محمد زكي عبدالسلام الحلواني حيث يقول في مولد الرسول عليه الصلاة والسلام:

يا نفحةَ الرحمنِ في هذا الوَرىْ ** وأجَلَّ مَنْ فيهِ يَسُودُ نَشِيدُ

مَا الشِّعرُ يَبْلُغُ بي مَداكَ وإنَّما ** هاجَ الحنينُ فَرَدَّدَتْهُ قَصِيدُ

كالدُّرِ إلا أنَّهَا مَقْرُوءَةٌ ** والجوْهَرُ المكْنُونُ مِنْهُ عُقُودُ

مِنِّي التحيةُ مَاتَبَلَّجَ مَوْلدٌ ** لِزَمَانِهِ التعْظِيْمُ والتمْجِيدُ

وله أيضا في ذكر مولد المختار صلوات الله تعالى عليه وتسليماته حيث يقول:

في يَوْمِ مَوْلِدِكَ المُبارَكِ أخْصَبَتْ ** أرْضٌ وَسَالَتْ رَبْوَةٌ وَنُجُودُ

لَوْ بَاتَ يَحْسِبُ في صفاتِكَ حاسِبٌ ** أعْيَتْهُ أعْدَادٌ وَعزَّ رَصِيدُ

يمشيْ الزَمَانُ ومنْ شِرَاعِكَ مَنْهَجٌ ** ضَافٍ على هَامِ الزمانِ جَدِيدُ

ومن الشعراء المعاصرين الذين تغنوا بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بشكل حُداثي يواكب ما تحياه الأمة الأسلامية من صراعات وانقسامات في الوقت الحاضر الشاعر الكبير فاروق شوشة والذي كتب من وحي زيارته للمدينة ومن أروع كتاباته وعيون شعره قصيدة بعنوان (مُحمَّدٌ صلى اللهُ عليهِ وسلم) والتي يقول فيها:

للهوىْ أنْ يُحِيلَنِي كيفَ شاءَ ** وأنا عابرٌ إليْكَ الضياءَ

صاعدا، والفضاءُ عندي مسافا ** تٌ سماءٌ تطوي إليكَ سماءَ

وأديرُ البشرىْ التي تملأ الدنيا ** وأرويْ بها القلوبَ الظماءَ

قاصداً ساحَكَ الطهور المرجّىْ ** ذائباً خشيَةً لهُ وحياءَ

تلك مشكاتُكَ التي تتجلى ** تجتليهَا عُيونُنا لألاءَ

سجدَ الضوءُ عندَ بابِكَ واهْتزَّتْ ** قلوبٌ تَلَهَّفَتْ إصْغَاءَ

لهفةٌ تسبقُ الخطىْ وارتعاشٌ ** حينَ أدنو وألمَحُ الأضواءَ

أيُّ نجْمٍ لهُ كمثلِكَ أفْقٌ ** حينَ أشرَقْتَ تُدْحَضُ الظلمَاءَ

فيغطي شِعابَ مكةَ سَمْتٌ ** من شُعاعاتِكَ التي تتراءىْ

وتميسُ الهضابُ نشوَىْ من البشْـ ** رِ خِفَافَاً تُعانقُ البيْدَاءَ

وتفيضُ الوديانُ منْ بعدِ جَدْبٍ ** سلْسَبِيلاً يَنْثَالُ طِيبَاً وماءَ

وَتنادتْ أسماعُ مكةَ هيَّا ** إنهُ المصطفى من الخلقِ جاءَ

للهوىْ موعدٌ فيا عينُ بُشرَا ** كِ ..، ويا شمسُ قبَّلِي البطْحَاءَ

.... .... .... ... ...... .... ..... ......

ما الذي غيَّرَ الزمانَ فصارتْ ** أمةُ الحقِ أمةً عسراءَ؟!

أمةٌ .. غالها المرابونَ في الأرْ ** ضِ وَوَدُّوا ابتلاعها أشلاءَ

بَعُدَتْ عَنْكَ حينَ ضاقتْ عقولاً ** واسْتشَاطَتْ قلوبُها أهْوَاءَ

وكأنيْ بصوتِكَ اليومَ يعلوْ ** أيها الناسُ قد خلقتُمْ سواءَ

يا نبيَ الأسلامِ إنَّا على عهْـــ ** دِكَ نسعى جنودَكَ الأوفياءَ

نرفعُ اليومَ مِشْعَلاً منْ سجايَا ** كَ مُضيئاً وَعَزْمَةً وَمَضَاءَ

ونصونُ الأرضَ التي كرَّمَتْهَا ** صَنْعَةُ اللهِ نَفحَةً ورُواءَ

ونَرىْ ساحةَ النضالِ على الدرْ ** بِ طريقاً بالتضحياتِ مُضَاءَ

في فلسطينَ كلُّ حبَّةِ رمْلٍ ** كَبَّرَتْ عزَّةً وَصلَّتْ إباءَ

إنْ نكنْ للسلامِ سِرْنَا فإنَّا ** قدْ حَمَلْنَا لواءَهُ أقوياءَ

فالسلامُ العظيمُ لا يعرفُ الذلَّ ** ولا نرْتضِيْ إليهِ انحناءَ!

كذلك من الشعراء المعاصرين الذين مدحوا النبي الكريم صلوات الله وتسليماته عليه الشاعر الكبير محجوب موسى شيخ شعراء الأسكندرية ومعلم الأجيال حيث تناول الموضوع برؤية جديدة وسياق جديد يتفق مع المعاصرة والواقع المعاش، فنجده يتحدث إلى محبوبه ويصفه وكأنه سر غامض دفين في سويداء قلبه، فلا يعرف أحد من هو ذلك الحبيب حتى نهاية القصيدة، فنجده في البيت الأخير يبوح بحبه من وراء ستائر كثيفة، ومن غير ان يذكر أسمه صراحة ليعرف القارئ ان محبوبه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول:

هُنا فوقَ هذا مُذْ تَرَنَّمْتُ باسمِهِ ** عليهِ سلامُ اللهِ مارَفَّ طائرُ

يقول الشاعر في قصيدة له بعنوان "وفوق هذا" !

هُنا الصمتُ أنغامٌ، هُنا الليلُ دوحةٌ ** منَ النورِ ترجُوهَا الشموسُ الزواهرُ

وشلالُ أشذاءٍ ..، ولا زهْرَةٌ هُنا ** فكيْفَ إذا جاءَتْ عليْنا الأزَاهرُ

إذا سَارَ أعمَىْ، فاقدُ السمْعِ يَهْتَدِيْ ** وَيلْثُمُ سَمْعَيْهِ النشيدُ المُسامرُ

وَكمْ منْ دَفينٍ لمْ يَعُدْ غَيْرَ هيْكَلٍ ** سَعَىْ وَهْوَ مَوْفورُ البشاشاتِ ناضرُ

وكَمْ راحَت الذُئْبَانُ تَحْنو بلا نَدَمٍ ** وَعادت الحمْلانُ منها تُحاذَرُ

وسَبَّحَ باسمِ اللهِ منْ كانَ مُلْحَدَاً ** وَأوْرَقَ بَخَّالٌ وأنْسَلَ عاقرُ

وأثْمَرَت البغْضاءُ حُبَّاً قليلهُ ** يُغطي الدُنَىْ حتى تُحبُ الكوَاسِرُ

وعَزَّ ذليلُ النفسِ حتى كأنما ** غذاهُ لبانَ العزِّ، والعُمرُ بَاكرُ

وعَفَّ فسُوقٌ، والذي طالَ جُبْنُهُ ** غدَا فارسا تخشى لقاهُ العساكَرُ

هُنا فوقَ هذا مُذْ تَرَنَّمْتُ باسمِهِ ** عليهِ سلامُ اللهِ مارَفَّ طائرُ

كذلك من الشعراء المعاصرين الذين مدحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الشاعر الإسلامي الكبير أحمد محمود مبارك الذي يقول في قصيدة له بعنوان: "شقَّ غيْمَ الدجىْ بمكة نورُ":

شقَّ غَيْمَ الدُجىْ بمكةِ نُورُ ** وسَرَىْ يُنْعَشُ الربوعَ عبيرُ

يا بنيْ هاشمٍ رُزقْتُمْ ببدْرٍ ** تسْتَقِيْ النورَ منْ ضِياهِ البدورُ

يَكْتَسِيْ سَمْتُهُ بآياتِ يُمْنٍ ** وعلى الحقِّ والهُدَىْ مَفْطُورُ

ما هَفا قلبثهُ لدعْوَةِ لهْوٍ ** وَهْوَ شابٌ ذو عُنْفوَانٍ يَمُورُ

يعْبدُ اللهَ، يَقتَفِيْ الخيْرَ دَرْباً ** كلُّ شرٍ منْ خطْوِهِ مَهْجُورُ

أشرَقَ الدينُ فانْطَوَتْ ظلماتُ ** وبنورِ الهُدَىْ أضيئَتْ صُدُورُ

وَسَرَىْ يفتَحُ البلادَ أذانُ ** رَاحَ يَحْمِيْ مَنْ آمنُوا ويُجِيرُ

كلُّ سيْفٍ سَلَلْتَهُ كانَ عدْلاً ** لسْتَ بالمُعْتَدِيْ، وَلسْتَ تَجُورُ

رَحْمَةٌ منكَ ظلَّلَتْ كلَّ طاغٍ ** وَهْوَ في ساحةِ الوَغىْ مقْهُورُ

إنها سيرةٌ مُضَمَّخَةٌ بالــــــْـــــــــــــــــــــــــفَخْرِ تزْهُو بها، وَتزْكو السطورُ

وأخيرا وليس بآخر الشاعر الدكتورمحمد شحاتة أستاذ الشريعة الأسلامية بجامعة الإسكندرية والذي يقول في مدحه للحبيب "محمد" في قصيدة له بعنوان العلم والإيمان:

طَهَ الحبيبُ المُصطفىْ أمْسَىْ علىْ ** أرضٍ غَدَا مِسْكَاً وطِيباً رِيْحُهَا

مِنْ مَوْلِدٍ للمُصْطَفىْ منْ سِرِّهَا ** باتَ الضِيَا في آيةٍ في باحِهَا

خَيْرٌ وَمِدْرَارٌ جرَىْ منْ رَاحِهَا ** تَرْوِيْ حَيارىْ الخلقِ تهْدِيْ سَبْحَهَا

منْ مكةَ النورُ ارْتَقَىْ القصْواءَ يَـبْـــــــــــــــــــــــــــــــــنِــيْ دولةً للعَدْلِ يُعْلِيْ قوْلَهَا

والصدْقُ والإيمانُ صاغوا أمَّةً ** بنْتَ الهُدَىْ تَهْدِيْ الوَرَىْ منْ سَهْلِهَا

هذيْ لُبَيْنَاتُ الحبيبِ المصطفىْ ** بَثَّ التُّقىْ روحاً ودِيناً شدَّهَا

وبعد .. فتلك كانت سياحة على ضفاف المديح النبوي، ذلك المعين الذي لا ينضب أبدا إلى قيام الساعة، جعلنا الله من مادحي الحضرة المحمدية، وجازى عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خير ما جازى نبي عن أمته، ورسول عن رسالته. آمين.


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على الموضوعات
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الموضوعات المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
طلب نسخه الكترونية لكتاب المدائح النبوية رؤى الايام كتب مطبوعة 0 10-26-2019 10:44 AM
البلاغة النبوية الجوري دراسات وبحوث لغوية 0 03-28-2013 05:06 PM


الساعة الآن 04:51 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2023, vBulletin Solutions, Inc. Trans by