.
زُر يــا خـيـالُ فـفـي الـزِّيـارةِ جُـودُ *** وصِــل الـمُـحِبَّ ولـو عـليكَ قُـيُودُ
بَـخِلَ الـوصالُ وأنـتَ ومضٌ خاذلٌ *** وعـلـى الـمَزارِ مِـنَ الـعُيونِ شَـرودُ
بــيـنـي وبـيـنَـهُـم مَــفَــالٍ شُــسَّـعٌ *** ومِــــنَ الـصَّـحَـاري بـلـقـعٌ ونُــفُـودُ
ومـهـامـهٌ تـــذرُ الـقـلـوبَ صـواديـاً *** آلافُ أمـــيــالٍ نَـــحَــت وحــــدُودُ
أتَــرَاكَ تـلـمحُ نـارَهُـم قــد أُوقِــدَت *** ولـهـا مِــنَ اشْــواقِ الـمُحِبِّ وقُـودُ
بـيـنَ الـضُّـلوعِ تـلـهَّبَت وتـأجَّـجَت *** وهــمُ الَّـذيـنَ عـلـى الـفـؤادِ قُـعُودُ
لم يُخفَ ما بالقلب عنهم من أسى *** وهُـــمُ عـلـى مــا يـفـعلونَ شـهُـودُ
مـــا لـلـضـباءِ الـسـانـحاتِ رمـيـنَنا *** وجـعـلـنَنا صــيـداً ونــحـنُ أُسُــودُ
الــوصــلُ والإقــبــالُ مِــنَّـا مــاثـلٌ *** ولـــهــنَّ عـــنَّــا نـــفــرةٌ وصــــدودُ
ومــــنَ الــوفـا ألَّا يـفـيـنَ بـحـاجـةٍ *** فـوفـاؤهـنَّ مـــع الـمـحبِّ جُـحُـودُ
ولـعـلَ جَـفـنَكَ سـاهـرٌ مـن بـعدِ ذا *** وجُــفُـونُـهـنَّ لــقــبـلَ ذاكَ رُقُـــــودُ
ولـخـيرُ مــا يـنـفي الـهمُومَ هِـزَبرَةٌ *** تـعـلـو الإكــامَ لـهـا مـخـالبُ سُــودُ
أوصـافُـها قُــدَّت لـهـا مِــن جَـسرةٍ *** ومـــن الـحـديـدِ تـفـتَّـقت قـيـدُودُ
لا تُــسـتـرابُ ولا تُـجـفَّـلُ، طـبـعُـها *** حِــلـمُ الـجـبـالِ، وقـلـبُـها الـبـالُـودُ
ذئـــبٌ إذا مـاشـئـتَ فــي إبـرامِـها *** جـــمــلٌ لِــكُـثـبـانِ الــرِّمــالِ ودُودُ
وهـي الَّـتي فـي الـبيدِ مِن أسيادِهِ *** وبـــذاك يـشـهـدُ سَـبـسَبٌ ونُـجـودُ
وعــلـى رمـــالِ الــبـرِّ مِــن جُــلادِهِ *** والـــبــرُّ مــنــهـا راغــــمٌ و كــنُــودُ
وطـــأتْ أنـــوفَ جـبـالِـهِ ومِــهـادِهِ *** وبــظـهـرهِ مـــن بـطـشـهِا أُخـــدُودُ
عَـدلٌ عـلى جَونِ الطريقِ تلهذَمَت *** وبـــكــلِّ هــامــةِ فــدفــدٍ نَــمــرُودُ
كـالرعدِ بـل كـالبرقِ بـل كـرصاصةٍ *** ويــلـمِّ مَـــن فــي دَربِـهـا مـوجُـودُ
الــشَّــرُ فــيـهـا خَــطــرَةٌ وأنــامــلٌ *** والـخـيـرُ فـيـهـا بـالـنُّـهى مـعـقُـودُ
وهــي الَّـتـي كَـنَسَت خـيولاً عُـرَّباً *** وسـفـى عـليـهِم عـزمُـها الـمـحمُودُ
مـنـها الـجِـمالُ حـلائـبٌ وجـلائـبٌ *** ومُـــزايــنٌ وقـــــتَ الــربـيـعِ وذَودُ
وتـــراثُ آثـــارٍ لِــنَـاسٍ قــد مـضـوا *** إرثٌ جــمــيــلٌ بـــكـــرةٌ وقَـــعُــودُ
عَـــزِّي لـطـرفةَ حـيـنَ قــالَ لِـنـاقةٍ *** قـــصــرٌ مــنــيـفٌ بــابُــه مــمــرُودُ
لـو هـو وإمـرُالقيسِ جـوفَ غَمارِةٍ *** مـــا شـاعـت الـعـوجاءُ والـجـلمُودُ
ولَــعــادَ كــــلُّ مِـنـهُـمـا لـقـصـيـدهِ *** وأقــــالـــهُ وتــغــيــرَ الــمــقـصُـودُ
إذ أغـتـدي والـشَّمسُ تـعرُكُ عـينَها *** أطــوي الـفـلاةَ ومـوتـري الـمعهُودُ
كـالصقرِ في الصحراءِ بَل أسطورةٌ *** كـالـغـولِ والـعـنـقاءِ حــيـنَ يـمُـودُ
وبـــدا لــنـا ســـربٌ كـــأن طـيـورَه *** حــيـنَ انـحـطـاطهِ لـؤلـؤٌ مـنـضودُ
وإذ الـمـطـايـا خُــتَّــلٌ فـــي إثـــرِهِ *** بــزحــافِــهـنَّ كـــأنَّــهُــنَّ فُــــهُـــودُ
وبــدت عـلـى حَــرِّ الـلـقاءِ سَـحابةٌ *** ودوى الــرَّجــادُ ولَــعـلَـعَ الــبــارودُ
لـتـرى الـطـيورَ بــلا حِــراكٍ سُـجَّداً *** وكـــأنَّ لـــم يــعـرف لـهُـنَّ وجُــودُ
والـمـركباتُ تـواثـبت فــوق الـربى *** إن الــحــديـدَ بــبــأسِـه مــشــهـودُ
شعر : بندر الدعجاني -مكة المكرمة