إعراب لفظ الجَلالَة في قوله تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا)
أ.د. عبد الرحمن بودرع
سؤال: ما إعراب لفظ الجَلالَة في قوله تعالى: ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) (22)الأنبياء
المرادُ من الاستثناء في الآيَة إخراجُ الكَلام مخرَج الشّكّ للمُبالَغَة في العَدل، والأصلُ في إلاّ أن تدلَّ على الاستثناء؛ وفي "غَيْر" أن تَكون صفةً، وقد تنوبُ إحداهُما عن الأخرى فقَد يُستثنى بغَيْر وقَد يوصَفُ بإلاّ لِما لَها من مَعْنى غَيْر، أي يُوصَفُ ما قبلَها بما يُغايِرُ ما بعدَها؛ فإلاّ وما بعدَها صفةٌ لآلهة، لأن المرادَ نفيُ الآلهة المتعدّدة، وإثباتُ الإله الواحد سُبْحانَه وتعالى، ولا يَصحُّ أن تدلَّ على الاستثناءِ ولا أن يُنصَبَ المُستثنى؛ لأنّه لو جُعِلَ لفظُ الجَلالَة مُستثنىً منه لفَسَدَ المعنى؛ والمَعْنى الفاسدُ هو: لو كانَ فيهما آلهةٌ ليسَ فيهم الله لَفَسَدتا، ولا يَصحُّ أن يُعرَبَ لفظُ الجلالَةِ بدلاً من آلهَة؛ لأنّه حيثُ لا يصحُّ الاستثناءُ لا تصحُّ البَدَليّةُ، فليسَ لفظُ الجلالة بدلاً ولا مُستثنىً، ولكنّه مع الأداةِ قبلَه «إلاّ الله» برُمَّتِها صفةٌ لآلهة، والتقديرُ: لو كانَ فيهما آلهةٌ متعدّدَةٌ لَفَسَدَتا.
ما سبب العدول عن الاصل والتعبير (بغير) إلى الاستثناء (بإلا).
لأنّ الأصلَ في الاستثناء أن يَكونَ بإلا، والاستثناء في الآيَة هو مِن أحد طرفي القضية وليس الاستثناءُ مِن نسبة الحُكم، أي الاستثناءُ استثناءٌ من المَحكوم عليه لا من الحكم. كما يقول أهل التفسير، فالاستثناء هو الإخراج من المستثنى منه، ويغلبُ أن يكون هذا الإخراج من المستثنى باعتبار لزوم الحكم له قبلَ الاستثناء، أي: لو كان فيهما آلهةٌ لفَسَدَتا، هذا هو الحكم اللازم، فالمراد نفي تعدد الآلهة، وإثبات التوحيد، وليس في العبارَة استثناء من الآلهة مُطلقًا.
المصدر