من تجليات البيان القرآني: الفرق بين ( إنا رسول ) بالإفراد، و( إنا رسولا) بالتثنية في القرآن؟
أ.د أحمد محمود عبد القادر
سألني حبيب مهتم بلغة القرآن : ما الفرق بين ﴿فَأتِيا فِرعَونَ فَقولا إِنّا رَسولُ رَبِّ العالَمينَ﴾ بإفراد ( رسول) ، وبين ﴿فَأتِياهُ فَقولا إِنّا رَسولا رَبِّكَ ﴾ بتثنية ( رسولا) ؟
قلت : الإفراد هنا واش باتحاد المنهج ، اتحاد الفكرة ، اتحاد الدعوة ، وكأن الاثنين يقولان : نحن فرد واحد لا فردان ...
وقد وجدت هذا المعنى عند الزمخشري ( ت : ٥٣٨ه) عندما قال : "ﻭﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻮﺣﺪ( أي يقول (رسول) بدلا من ( رسولا) ... لاﺗﻔﺎﻗﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻳﻌﺔ ﻭاﺣﺪﺓ ... ﻓﻜﺄﻧﻬﻤﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﻭاﺣﺪ" ...
لكنه عاود قائلا : كيف نخرّج التثنية ( رسولا) في قوله ﴿فَأتِياهُ فَقولا إِنّا (رَسولا) رَبِّكَ ... [طه: ٤٧]؟ ؟
قلت : لذلك أسباب منها :
أولا : حتى يكون لهارون صفة ، فقد يقابله فرعون بقوله : وما صفتك يا هارون ؟ فيأتي الجواب ( إنا رسولا ) فكما أن أخي موسى رسول فأنا مثله رسول ...
ثانيا : قد يكون هارون هنا هو المتحدث لأن موسى طلبه ردءا ومعينا قائلا ( وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني ) فقال هارون لفرعون ( إنا رسولا ) ...
ثالثا: جاءت التثنية لبعث الطمأنينة والثقة في قلبيهما واقتلاع جذور الخوف من نفسيهما ، فكان الأجدى أن تذكر لفظة رسولا بالتثنية بدلا من الإفراد ، قال الله ﴿قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَن يَفرُطَ عَلَينا أَو أَن يَطغىقالَ لا تَخافا إِنَّني مَعَكُما أَسمَعُ وَأَرىفَأتِياهُ فَقولا إِنّا رَسولا رَبِّكَ فَأَرسِل مَعَنا بَني إِسرائيلَ وَلا تُعَذِّبهُم قَد جِئناكَ بِآيَةٍ مِن رَبِّكَ وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الهُدى﴾[طه: ٤٥-٤٧]...
فعبر القرآن عن كل بما يناسبه ... والعلم عند الله
اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا ...