تحية طيبة رواد مجمع اللغة العربية الأفاضل
ديوان العرب زاخر بروائع ودرر من الأشعار التي نظمها أصحابها في كل فن ولون ، وارتأيت أن أعرض لكم روائع من أجمل ما قيل من شعر عن الحب اشتكى أصحابها من لوع الهوى وما يفعله بالعشاق .
قال العباس بن الأحنف :
قَد كُنتُ أَرجُـو وَصلَكُم * فَظَلَلتُ مُنقَطِعَ الـرَّجاءِ
أَنتِ الَّتِي وَكَّلتِ عَيـنِي * بالسُّهادِ وَبِالبُكاءِ
إِنَّ الهَوَى لَو كَانَ يَنفُذُ * فِيهِ حُكمِي أَو قَضائِي
لَطَلَبتُهُ وَجَمَعتُهُ * مِن كُلِّ أَرض أَو سَماءِ
فَقَـسَمتُهُ بَينِي وَبَينَ * حَبيبِ نَفسِي بِالسَّواءِ
فَنَعيشَ مَا عِشنا عَلَى * مَحضِ المَوَدَةِ وَالصَّفاءِ
حَتَّى إِذَا مُتنَا جَميعا * والأُمورُ إلى فَناءِ
مَاتَ الهَوَى مِن بَعدِنا * أَو عَاشَ فِي أَهل الوَفاءِ
قال عنترة بن شداد :
إِذا الريحُ هَبَّت مِن رُبَى العَلَمَ السَّعدي * طَفا بَردُها حَـرَّ الصَّبَابَـةِ وَالوَجـدِ
وَذَكَّرَنِي قَوماً حَفِظـتُ عُهودَهُـم * فَما عَرِفوا قَدري وَلا حَفِظوا عَهدي
وَلَولا فَتـاةٌ فِـي الخِيـامِ مُقيمَـةٌ * لَمَا اختَرتُ قُربَ الدار يَوماً عَلى البعد
مُهَفهَفَةٌ وَ السحر مِـن لَحَظاتِهـا * إِذا كَلَّمَت مَيتاً يَقـومُ مِـنَ اللَّحـدِ
أَشارَت إِلَيها الشَّمسُ عِنـدَ غُروبِهـا * تَقولُ إِذا اِسوَدَّ الدُّجَى فَاطلِعِي بَعدي
وَقالَ لَها البَدرُ المُنيـرُ ألا اسفِـري * فَإِنَّكِ مِثلِي فِي الكَمالِ وَفِي السَّعـدِ
فَوَلَّت حَيـاءً ثُـمَّ أَرخَـت لِثامَهـا * وَقَد نَثَرَت مِن خَدِّها رَطِـبَ الـوَردِ
وَسَلَّت حُساماً مِن سَواجي جُفونِهـا * كَسَيفِ أَبيها القاطِعِ المُرهَـفِ الحَـدِّ
تُقاتِلُ عَيناها بِهِ وَهوَ مُغمَـدٌ وَمِـن * عَجَبٍ أَن يَقطَعَ السيفُ فِي الغِمـدِ
قال مجنون بثينة :
أَرَى كُلّ مَعشُوقَينِ ، غَيرِي وَغيرَهَا * يَلَـذّانِ فِـي الدنيا ويَغْتَبِطَـانِ
وَأَمشِي ، وَتَمشِي فِي البِلاَدِ ، كَأنّنَـا * أَسِيـرَان ، للأَعـدَاءِ ، مُـرتَهَنَـانِ
أُصَلِّي فَأَبكِي فِي الصَّـلاةِ لذِكرِهَـا * لِيَ الوَّيـلُ مِمَّـا يَكتُـبُ المَلَكَـانِ
ضَمِنْتُ لَهَـا أَنْ لاَ أَهِيـمَ بِغَيرِهَـا * وَقَدْ وَثِقَـتْ مِنِّـي بِغَيـرِ ضَمَـانِ
أَلاَ ، يَا عِبادَ الله ، قُومُـوا لِتَسمَعُـوا * خُصومـةَ مَعشُوقَيـنِ يَختَصِـمَانِ
وَفِي كُلّ عَـامٍ يَستَجِـدّانِ ، مَـرّةً * عِتَاباً وَهَجـراً ، ثُـمّ يَصطلِحَـانِ
يَعِيشانِ فِي الدنيا غَرِيبَيـنِ ، أَينَـمَا * أَقَامَـا ، وَفِـي الأَعـوَامِ يَلتَقِيَـانِ
قال امرؤ القيس :
أغرك مني أن حبك قاتلي * وأنك مهما تأمري القلب يفعل
وما ذرفت عيناك إلا لتضربي * بسهميك في أعشار قلب مقتل
قال الشريف المرتضى :
وفي النّفرِ الغادين وجهٌ أُحبّه * وما كلّ وَجهٍ في الرِّفاق حبيبُ
يَنوبُ مَنابَ البدرِ ليلةَ تمّهِ * وَيُغني غناءَ الشّمسِ حين تغيبُ
وَلمّا دَعاني للغرامِ أَجبتُه * وَما كانَ قَلبي للغرامِ يجيبُ
وَما كنتُ إِلّا فيهِ للحُبِّ طائِعا * وَما لِسواهُ في الفؤادِ نَصيبُ