لا يمتنع تقدير نائب الفاعل في الحديث الذي ذكر ، ويجوز ذكره ظاهرا وتقديره ، مضمرا ، والكلام المنقول غير صحيح ،
ونودّ منك أن تعزوه لنعود إليه ونعرف قائله ، ونصَّه ونزِنَه .
وليس في الحديث إشكال ، ولا لبس ، فليس في اللغة ما يمنع من عَود الضمير إلى القبر نفسه ، ويحمل على أحد وجهين ، كلاهما صحيح :
الأول : أن يكون المرادُ القبَر ؛ لأن الدّفن تغطية ، كما يقال : دفنت الحفرة ، وكما يقال للبئر إذا ملئت بالتراب : دفينة ، أي مدفونة .
الثاني : أن يكون من باب التوسع في اللغة ، أطلق المحلّ وأريد من حلّ به ، ولهذا نظائر كثيرة ، ويسمّى بالمجاز المرسل .
وفي هذين الوجهين لا يقدّر الحذف .. ويحتمل وجها ثالثا ، وهو :
أن يكون المراد : بعدما دفن صاحبُه ، وينشقّ عنه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يقدّر حذف المضاف في الجملة الأولى "صلى على قبر" أي : صاحب القبر
الثاني : أن لا يقدّر أصلا ، كما تقول : دخلت المسجد بعدما سلَّم ، أي : الإمام . عاد الضمير إلى ما هو معروف من الأفهام ، معهود في الأذهان ،
كقول الرحيم الرحمان ، في سورة الرحمن :

[الرحمن: 26 ] " أي : على الأرض ، ولم تذكر في السياق القريب .
الوجه الثالث - وهو استطراديّ - : يجوز في الكلام أن يقال : صلى على قبر بعدما دفن صاحبه ، سواء قدِّر في الجملة الأولى مضاف ، أي : صاحب قبرٍ ، أم لم يقدّر .. ويبقى في هذه المسألة فرع آخر ،
وهو : هل يجوز أن يقال : صلى على صاحب قبر بعدما دفن صاحبه ؟ والجواب نعم ، ولا يكون بليغا إلا إذا كان لمعنى كامنٍ ،
وأذكر له ثلاثة أمثلة من القرآن أشكلت على كثير من المفسرين :
