نشرت جريدة الزمان العراقية اليوم في العدد4420 الأربعاء 25 / ربيع الأول/1434هـ
عن مجمعكم ( مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية )
المَجْمَعُ اللغَوِيُّ العَنْكَبُوتيّ
(فَرْحَة ُالوِلادَة )
(كَيْفَ يَنْبَغي للنَّاسِ أَن يُمْسِكوا بالتكنولوجيا الجديدة لِكَي يَمْنَحُوا أَنْفُسَهُم القُوَّةَ وَلِكَي يَظَلُّوا عَلَى عِلمٍ بحقيقةِ ظروفهم الاقتصاديَّة ِوالسياسيَّةِ والثقافيَّةِ وَلكَي يُعطوا أَنْفسَهُم صوتًا يُمكنُ للعالَمِ بأَسرِه أَن يَسْمَعَهُ ؟) رئيس جنوب أفريقيا /ثابو مبيكي .
الذي يؤرِّخُ للحَضَارَة ِالإنسانيَّةِ يَقِفُ علَى ثلاثِ وسائطَ لنقلِ اللغةِ : كانَ الطينُ أَوَّلَهَا شاهدًا علَى أَنَّهُ الوسيط ُالحاضنُ لشتَّى أَنواع ِالمعرفةِ ، ثُمَّ كانَ الورقُ شاهدًا علَى مرحلةٍ من مراحلِ الإنسانيَّةِ يَضُمُّ علَى أَسطُرِهِ ماشَاء َالإنسانُ أَن يحفظَهُ مِن علومٍ وفنونٍ ، حَتى إذا كانَ عصُرنا كانَت الشاشةُ فيه شاهدًا علَى تَواصُلٍ إنسانيٍّ كونيٍّ ،إنّهُ عصرُ الإليكترون ،عصرٌ يُسَمَّى( عصر الأَنفوميديا ) بَزَغَ فيه الحاسبُ الآليُّ وسيطًا يَضُمُّ مجاميعَ بشريَّةً مختلفةَ الحاجاتِ والاتجاهاتِ والخلفيّاتِ المَعْرِفيَّة واللغويَّة ، وَسُرعانَ مااستثمَرَ الإنسانُ هذهِ الطاقةَ حَتَّى أَصبحَ العالمُ قريةً واحدةً ، وَلَعَلَّ مفردةَ (قرية ) رُبَّما تَحْمِلُ في مفهومها وحدةً اجتماعيةً قائمةً على الترابطِ في النسبِ ، وَرُبَّما تَحْمِلهُ في اللغة ، وَذَلكَ ماتَسْعَى إليهِ اليومَ وَهي تؤسِّسُ للغةٍ صوريَّةٍ قادرةٍ لأن تكونَ مشروعَ تواصلٍ وتعارفٍ لتغدو مصداقًا من مصاديقِ قَوْلِهِ تَعَالى : (( ياأَيُّها النَّاسُ إنَّا خَلَقناكُم مِن ذكرٍ وَأُنثَى وَجَعَلنَاكُم شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنّ أَكْرَمَكُم عِنْدَ اللهِ اتْقاَكُم )) سورة الحجرات /الآية 13 . إنَّنَا نَعيشُ في عَصرِ ثَورةِ المعلوماتِيَّة؛ تلكَ الثورةُ التي انضَمَّت إليها مُختلَفُ الأنشطةِ والفعالياتِ لِتَجِدَ لِنفسِها في ذلك الفضاءِ مَوضِعَ قَدَمٍ يجعلُها علَى مَقرُبةٍ مِن متناولِ اليدِ ويجعلُها جزءًا مِنَ القريةِ العالميَّة ، وشأنُ اللغةِ شأنُ مختلفِ منَاحي الحَياة سَعَى القائمونَ علَيها أن يطوّعوها لتَجدَ مكانَها عَلَى الشَاشَة ِالزرقاءِ، وَهُم في الوقتِ نَفْسِهِ يَسْعَونَ لاستِثمَارِ عَصْرِ المَعلُومَاتِ والتَّقنياتِ الحَديثَةِ والبَرامجيَّاتِِ التي تُيَسِّرُ تعَاطي مُعَلِّمِيها وَمُتَعَلِّميها سعيًا إلى ترويجها والوقوفِ علَى أسرارِها ، وَسَارَت بهذا الركبِ عشراتُ الأبحاثِ بل مِئاتٌ منها، حَتَّى صارَ الإطّلاعُ عَليهَا يَتَطّلَبُ دليًلا إلى الدراساتِ اللسانيَّةِ الحاسوبيَّةِ واليومَ يَسعَى سَدَنَةُ اللغَةِ لأن يَتَوافَرُوا عَلَى شَبَكَةِ الاتصالاتِ العالميَّة مُؤَسِّسينَ مِن ( مكَّة َ المكرَّمة ) (( مَجْمَع اللغَةِ العربيَّة عَلَى الشَّبَكَة العَالميَّة )) يَرعَاه رَجُلٌ مِن رجَالاتِ المملكةِ العربيَّةِ السعوديَّة هو الشيخ : مِشْعَل بِن سُرور الزَّايدي تَدفَعُه إلى ذلكَ غَيْرَتُهُ عَلَى لُغَةِ القُرآنِ الكَريم ، وَيَشْتَغِلُ في ذلكَ الَمجْمَعِ نُخْبَةٌ مِن أَسَاتيذِ العَرَبيَّة ِوَسَدَنتِها بإدارة الأُستاذ الدِّكتُور : عَبد العَزيز بِن عَلي الحَربي مُتوَاجِدينَ عَلَى المَوقِع :
رَاصِدينَ مُشكِلاتِ اللغَةِ ، يُتابِعُونَهَا بالدِّراسَةِ والتَّحليل ، يَسعَون في ذلكَ كُلِّهِ إلى تَذليلها وَتيسيرِها .
وفي الحق أَنَّ المجَامِعَ اللغويّةَ في وطننا العربيِّ كثيرةٌ وكبيرةٌ وعريقةٌ ، وكثيرٌ ماصَدَرَ منهَا ، وأكثرٌ من ذلك تقدٌيرنا لتلكَ الجهودِ الخيّرةِ كُلَِّها التي بَذَلَها أعضاءُ تلكَ الَمجَامعِ اللغويّةِ ، وماكانَ لها من تأثيرٍ في الوعيِّ العربيِّ والإسلاميِّ فَضلا عَن الوعيِّ المعرفيّ . وليسَت الكثرةُ التي نعنيها كثرةً كميّةً ،بَل هي كثرةٌ نوعيّةٌ ، وَقَد اختَلَفَت أَسَاليبُ الَمجَامِع اللغويَّةِ في التَّعاطي مع المشكلاتِ اللغويّة ، واختلفت في التعاطي مع جُمهُورِها المتلقِّي المرَاقِبِ لما يَصْدُرُ منهَا ، فكانت تلك الجُهُود مرّةً في مقالاتِ الصُحُفِ ، وَأُخرَى في أبحَاثِ مَجَلاتٍ عِلميّةٍ ، وجَاءَت غَيرَ مرّةٍ في كتبٍ خاصَّةٍ . كُلُّ ذلكَ تَتَلقّاهُ الَمحَافِلُ العِلميَّةُ بِعَينِ الرِّضَا ، وَسُرعَانَ مايكون مائِدةً للحُوارِ والنِّقاشِ والبَحْثِ ، كُلٌّ يَتَفاعَلُ مَعَهُ عَلَى وفقِ مايراهُ مناسبًا ، ولاأَدَلَّ عَلَى ذلكَ مِن أدبيّاتِ مَجْمَعِ اللغةِ العَربيَّةِ في القاهرة ، وَمِن قَبلِهِ مَجْمَع ُاللغةِ العربيَّةِ في دمَشق ، ثُم َّ المَجْمَعُ العلميُّ في بغدادَ ،وما أثارَتهُ تلكَ الَمجَامِعُ مِن سَجالاتٍ ومعاركَ أدبيّةٍ ولغويّةٍ لانزالُ نَقِفُ عليها مُستَظرِفينَ ماجاءَ فيها ومُكبِِرينَ حمَاسَةَ أبناءِ العربيَّةِ عَلَى لغتِهِم وَهُم يتحاورونَ مقالةً وبحثًا وكتابًا ؛ كل ٌّ يجودُ بِما يَحفَظُ للعربيّةِ بهاءَهَا ، وَيَحفَظُ للسانِ العرَبيِ ّ سلامتَهُ لينطقَ أهلُ العربيَّةِ بلسانٍ عربيٍّ مُبينٍ . غَيرَ أن َّ تلكَ المَجَامعَ كُلَّها لاتزالُ تشهدُ في تعاطيها مع الوسائط ِالحاضنةِ للغِة على الوسيطِ الورقي ّ, فما أحوَجنا اليومَ إلى مَجْمَعٍ يضع مكانًا لعشّاقِ العربيَّةِ في القريَةِ العالميَّة ! لذلكَ فإنَّنا نراقبُ بإعجابٍ وإكبارٍ هذهِ الولادةَ المجمعيّةَ الجديدةَ لتشهد عَلَى أنَّ المجامعَ اللغويّةَ دخلَت اليومَ عَصرَ (الأنفوميديا) لتلبي طموحَ مرحلةٍ حضاريّةٍ وإنسانيّةٍ ومعرفيّةٍ ...
الأستاذ المساعد:
محمد حسين علي زعيّن
أكاديمي ّعراقيّ
.