الخطوات التي يجب اتباعها في الإعراب
لا أحد ينكر أن الإعراب صعب ، وقد أكد القدماء على صعوبته وقرروا أنه لابد من مران وممارسة وتدريب، لقد ذكر السخاوي في الضوء اللامع (8/4)،
أنه تدرب على الإعراب من سورة الأعلى إلى سورة الناس على البرهان بن خضر وتدرب على الشهاب ابن العباس الحناوي في إعراب مواضع من صحيح البخاري وذكر -أيضاً- في (5/68) أن عبد الله القرافي عمل مقدمة لطيفة يتوصل بها إلى معرفة الإعراب بأسهل طريق، والكلام حول ذلك طويل وكثير لو أردنا استيفاء هذا الموضوع .
ولعل الكتب المؤلفة في إعراب القرآن الكريم كإعراب القرآن للنحاس، وثلاثين سورة لابن خالويه والمشكل لمكي والبيان للأنباري والتبيان للعكبري، تعد وسائل لفهم النص القرآني فهماً دقيقاً وهي -في الوقت نفسه- باكورات في هذا الفرع من النحو إذ تمثل تطبيق القواعد النظرية على النصوص اللغوية، يضاف إليها إعراب القصائد الشعرية والمتون النحوية، كإعراب مقصورة ابن دريد وإعراب الكافية والشافية والألفية وغير ذلك من المتون، ولا ننسى جهود شارحي الأحاديث النبوية،
فقد أعربوا كثيراً من ألفاظ الأحاديث لبيان معناها وكل ذلك يدفعنا إلى القول: إن الإعراب بهذا المفهوم الذي ذكرناه مرافق للنحو في سيرته التاريخية.
والمهم أنه يجب على المعرب اتباع الخطوات الآتية لكي يصل إلى الإعراب الصحيح -إن شاء الله تعالى-:
1-أن يحدد نوع الكلمة أهي اسم أم فعل أم حرف؟ فإذا غمض عليه نوعها قام ذهنياً بتطبيق ما حفظه من علامات كل نوع على الكلمة حتى يصل بذلك إلى تحديدها تماماً.
أ-فإن كانت فعلاً فيجب عليه أن يتذكر أنواع الفعل في لغتنا العربية، ويتذكر أحوال كل نوع حتى يصيب الغرض، ثم عليه حينئذ أن ينتبه إلى نوع الفعل فهل هو لازم أم متعد؟ وهل هو جامد أم متصرف؟ وهل هو تام أو ناقص؟ لأن معرفة الفعل من كل جهاته تفيد المعرب في الإعراب، فاللازم مثلاً يكتفي بمرفوعه، والمتعدي قد يكون متعدياً إلى واحد أو اثنين أو ثلاثة والجامد مثل عسى وليس ونعم وبئس، يذكره أن معمولاتها مثلاً لا يجوز أن تتقدم عليها، والناقص لابد له من اسم وخبر، فيعيش المعرب وسط هذه المعلومات النحوية التي تخص الفعل حتى يقف على حقيقته تماماً.
ب-وإن كانت اسماً فعليه أن يحدد نوعه فهل هو مذكر أم مؤنث؟ وهل هو نكرة أم معرفة؟ وهل هو معرب أم مبني؟ فإن كان مبنياً مثلاً فعليه أن يستذكر المبنيات، وإن كان معرباً فعليه أن ينظر إلى حركة الاسم أهي الرفع أم النصب أم الجر؟
فإن كان مرفوعاً عليه أن يستدعي إلى ذهنه المرفوعات (المبتدأ أو الخبر أو اسم كان.... إلخ، وإن كان منصوباً فعليه أن يتذكر المنصوبات وهي كثيرة، وإن كان مجروراً فعليه أن يتذكر المجرورات وهي: حروف الجر وباب الإضافة، وعليه أيضاً الانتباه إلى تقسيم حروف الجر فمنه الأصلي والزائد والشبيه بالزائد، فإن لم يكن الاسم مسبوقاً بحرف من حروف الجر فعليه التفكير في باب الإضافة لأن المجرورات الأصلية في العربية لا تخلو من هذين البابين، أما التوابع المجرورة فجرها عرضي لا أساسي وعلى الطالب أن ينتبه إلى ذلك.
بعد هذه العمليات الذهنية يكون المعرب قد قطع شوطاً كبيراً للوصول إلى هدفه الحقيقي وهو الإعراب الصحيح.
2-بعد ذلك على المعرب أن ينظر إلى العامل الذي أثر على حركة آخر الكلمة فمثلاً: إن كانت الكلمة التي أمامه مرفوعة فعليه أن ينظر إلى الكلمة التي قبلها فربما سبقت بفعل تام أو ناقص أو أنها فعل مضارع وربما كان لازماً أو مبنياً للمجهول وإن كانت الكلمة منصوبة فعليه أن يدقق أيضاً فربما سبقت بإن أو أخواتها أو ظن أو أخواتها.... إلخ، ولاشك أن النظر إلى ما سبق الكلمة مهم جداً في الوصول إلى الإعراب الصحيح.
3-بعد ذلك على المعرب أن يدقق كثيراً في بنية الكلمة فربما أفادته أيضاً في الوصول إلى الغاية فمثلاً لو نظر إلى كلمة (ضاحكاً) في قولنا: (جاء زيد ضاحكاً) لرآها معربةً منصوبةً وهي متنقلة غير ثابتة، وسبقت بالفعل جاء والفاعل زيد، ولو دقق النظر في الكلمة المنصوبة ضاحكاً لوجدها على وزن اسم الفاعل، فعليه حينئذ أن يتذكر أن من شروط الحال كونه وصفاً لا جامداً فإذا وصل إلى هذا التحديد يكون الطالب شارف على الوصول إلى النهاية، وحينئذ تبرق في ذهنه وظيفة الحال،
فهو يبين وظيفة هذا الفاعل، ويرى أمامه العامل وهو جاء وصاحب الحال معرفة وهو زيد، فيدرك أن أركان الجملة الحالية وشروط الحال قد تحققت فيحكم على كلمة ضاحكاً بأنها حال فلو كانت الجملة (جاء زيد الضاحك) لرأينا أن الضاحك معرفة وزيد أيضاً معرفة والضاحك على وزن اسم الفاعل فهو مشتق، وحركات الإعراب متشابهة فتبرق في الذهن فكرة النعت، أما لو كانت الجملة (جاء زيد أبوك) فإننا نرى أن لفظة أبوك هنا مرفوعة وجامدة غير مشتقة فالمفروض أن استبعد فكرة النعت، لأن من شروط النعت أن يكون مشتقاً، والمفروض أن استبعد فكرة أنها عطف النسق لأنه لا يوجد حرف عطف، والمفروض أن استبعد أن يكون توكيداً لأنها ليست من قسميه اللفظي والمعنوي فلم يبق أمام المعرب إلا البدل أو عطف البيان وكلاهما صواب.
وللحديث بقية ,,,